مصطفى نصر - كل الصيد في جوف الفرا

كان المرحوم المستشار فوزي عبد القادر الميلادي، يرد علي كثيرا في أي مسألة من المسائل، ببيت شعر مشهور أو مثل معروف.
فذكر لي بيت الشعر المعروف لآبي نواس:
لا أزود الطير عن شجر - بلوت المر من ثمره
يقصد إنه لن يدافع عن شخص سبق أن آذاه وأضره.
ويحدثني عن شخص كان يخالفه الرأي، وكانت بينهما عداوة، لكن هذا الشخص مات، فيذكر لي بيت أحمد شوقي في مصرع كليوباترا:
محا الموت أسباب العداوة بيننا
فلا الثأر ملحاح، ولا الحقد ثائر
وشكوت له يوما من اضطهاد من يشرفون على ندوة القصة لي، وكانت روايتي الجهيني قد حققت شهرة، وسعى مخرجي السينما لتحويلها لفيلم سينمائي فقال لي:
- كل الصيد في جوف الفرا.
وقد استشهد الرسول صلّى الله عليه وسلم بهذا المثل حينما فتح مكة، وأذن لأهلها بالدخول عليه، وكان من بينهم أبو سفيان، فجنبه الرسول قليلًا ولم يأذن له بالدخول مباشرة.
وعندما اعترض أبو سفيان على ذلك، أجابه الرسول قائلا:
- كل الصيد في جوف الفرا.
يعني أنت الأهم. والفرا هو الحمار الوحشي.
ويحكى أن ثلاثة من الرجال خرجوا للصيد ذات مرة، فاصطاد أحدهما أرنبًا، واصطاد الآخر ظبيًا، أما الثالث فقد اصطاد حمارًا وحشيًا، ففرح صاحب الأرنب وصاحب الظبي بما نالا، وسخرا من صاحب الحمار، واستخفا بصيده.
فأجابهما قائلا:
- كل الصيد في جوف الفرا.
يقصد أن كل ما اصطدتموه في جوف الحمار الوحشي، فبمقدوره ابتلاعهم، وكأنه يقول لهم: أن هذا الذي نلته قدره أكبر مما نلتما، وما نلتما صغير بالنسبة له، وهو من صغره يدخل في جوفه.



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى