أ. د. عادل الأسطة - ذاكرة الحرائق

أعادتني الإطارات المشتعلة على مدخل مخيم بلاطة أول أمس إلى ٧٠ القرن ٢٠ ، وتحديدا إلى آب ١٩٧٦ ، ففي ذلك الوقت كانت الإطارات المشتعلة في شوارع مدينة نابلس ومخيماتها ، بل وفي قطاع غزة والضفة الغربية كلها ، كانت ظاهرة شائعة صارت أقرب إلى العادة المألوفة في المناسبات الوطنية وفي حالات التوتر والصدام مع الاحتلال .
منذ الثلاثين من آذار ، وهو يوم الأرض ، اندلعت في الضفة المظاهرات التي قادها طلاب المدارس - ونعتت تلك المظاهرات بانتفاضة الطلاب - وصاحبتها ظاهرة إحراق الإطارات المطاطية في الشوارع ، ما كان يزعج سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي كانت تسير دورياتها لملاحقة المتظاهرين واعتقالهم .
في تلك الأيام لجأت الدوريات الإسرائيلية إلى معاقبة المواطنين بإجبارهم على إطفاء الحرائق بأنفسهم ، فكل من مر بالقرب من الإطارات المشتعلة أجبر على إزالتها وإطفائها وإلا اقتيد إلى مقر الحاكم العسكري وأوقف ، وحدث مرة الأمر معي ومع مدير المخيم السيد عدنان العبدالله ( أبو وضاح ) .
يومها كنا ذاهبين إلى مقهى السيد وكانت الإطارات المشتعلة قريبة منه ، وهات حلها !
هل تساءلت يومها عن جدوى إشعال الإطارات ؟
في أواخر انتفاضة ١٩٨٧ - تقريبا في أواخر ١٩٩١ وبداية ١٩٩٢ - صار إشعال الإطارات في الشارع الرئيس في مخيم عسكر القديم عادة يومية ، وصار سكان المخيم من كبار السن الذين يعانون من أمراض القلب والصدر وضيق التنفس يتضررون منه ، ما جعلهم يحتجون ، لأنهم لم يروا في إشعال الإطارات فعل مقاومة ، قدر ما رأوا فيه إلحاق أذى بالسكان . هل اقتنع الشباب برأي كبار السن ؟
وأنا أشاهد منظر الإطارات المشتعلة في الشارع الرئيس في مخيم بلاطة تداعت الذكريات واستحضرت تساؤلات كبار السن .
حقا ما الفائدة التي يجنيها المحتجون والمتظاهرون من وراء إحراق الإطارات ؟
هل كنت شابا أثير مثل هذا السؤال ؟
بعد عشرين سنة من اندلاع ثورة الطلاب في أوروبا وملاحظة ما آل إليه قادتها ترددت على الألسن المقولة الآتية :
" لا تثق بمن هم فوق الأربعين " وأنا أقارب السبعين من العمر .
خربشات
٢٠ آب ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى