في بداية سبعينيات القرن ٢٠ كتب محمود درويش :
" في كل يوم لنا جثة
وفي كل يوم لهم أوسمة "
ومنذ بدأت أخربش أخذت غالبا أستشهد بهذين السطرين ، فكثيرا ما ارتقى شبابنا شهداء .
لم تجلب اتفافيات السلام لنا السلام ولا المودة ولا الوئام ، فعلى ربى وطني وفي وديانه قتل السلام ، والكلام هذا قاله الشاعر سميح القاسم منذ منتصف ستينيات القرن ٢٠ ، وربما عد من أصدق ما كتب .
أمس صباحا مثلا استيقظ الفلسطينيون على خبر اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيم بلاطة واستشهاد الشاب عماد حشاش البالغ من العمر سبعة عشر عاما . شاب مثل الورد ذهب بشربة ماء . شاب قنصه جندي ربما كان يمزح مع جندي آخر ويراهنه أن الرصاصة لن تخطيء الهدف ، وأنها ستصطاد هنديا حنطي اللون من هنود فلسطين الحنطيين . هل ثمة مقولة في دولة أبناء العمومة ، أبناء السيدة سارة تنص " اقتل عربيا تكسب دولارا " ؟
في العام ١٩٥٦ أطلق الضابط الإسرائيلي شدمي صرخته :
- احصدوهم !
فلم يتردد الجنود وصوبوا نيران البنادق باتجاه مزارعي كفر قاسم العائدين إلى بيوتهم بسبب فرض منع التجول ، فقتل تسعة وأربعون مواطنا ، وحوكم الضابط بالسجن ثم أطلق صراحه بعد أن غرم بقرش واحد .
تسعة وأربعون فلسطينيا ارتقوا بلحظة واحدة وكان المقابل قرشا - أي نعم قرش واحد فقط ، لا تسعة وأربعون دولارا . صرنا أرخص من الهنود الحمر في أيام اكتشاف أميركا .
وسارت الحياة سيرها العادي . جلست على مقهى الميناوي أراقب المارة وأشرب السفن أب ، ولم أصغ إلى أي شخص يأتي على ما حدث . الرواد الأربعة الذين جلسوا مثلي على الرصيف ، وكانوا على يميني ، احتسوا الشاي وأرجل قسم منهم تمباكا عجميا وتحدثوا عن نابلس قبل أربعة وخمسين عاما ، إذ بدا لي أن أحدهم يزور المدينة لأول مرة منذ احتلالها في حزيران ١٩٦٧ ، فلقد تساءل عن عدد سكانها الآن . وأما الرجل الواقف على يساري ، وكان يحدث صاحب المقهى وأخويه ، فقد تحدث عن قريب له مصاب بالكورونا لم يعزل نفسه وإنما واصل عمله .
في العاشرة مساء عرجت الحافلة على مخيم بلاطة وكان هادئا ، فلا احتجاجات ولا إطارات سيارات تحترق ولا ما يحزنون ، وترحم الركاب على الشهيد وطلبوا له الرحمة ولأهله الصبر والسلوان ، وربما كان الجندي القاتل يشرب مع صديقته نخب انتصاره ويحدثها عن الوسام الذي سيناله جراء بطولته في اقتحام ( غيتو ) اللاجئين .
" في كل يوم لنا جثة
وفي كل يوم لهم أوسمة "
وما زال قسم منا يوزع شريط فيديو لأبو مازن رئيس السلطة الفلسطينية يناشد الشعب بالمقاومة السلمية " ولكم من شان الله . وينها المقاومة . بدنا مقاومة سلمية " .
صباح الخير
خربشات
٢٥ آب ٢٠٢١
" في كل يوم لنا جثة
وفي كل يوم لهم أوسمة "
ومنذ بدأت أخربش أخذت غالبا أستشهد بهذين السطرين ، فكثيرا ما ارتقى شبابنا شهداء .
لم تجلب اتفافيات السلام لنا السلام ولا المودة ولا الوئام ، فعلى ربى وطني وفي وديانه قتل السلام ، والكلام هذا قاله الشاعر سميح القاسم منذ منتصف ستينيات القرن ٢٠ ، وربما عد من أصدق ما كتب .
أمس صباحا مثلا استيقظ الفلسطينيون على خبر اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيم بلاطة واستشهاد الشاب عماد حشاش البالغ من العمر سبعة عشر عاما . شاب مثل الورد ذهب بشربة ماء . شاب قنصه جندي ربما كان يمزح مع جندي آخر ويراهنه أن الرصاصة لن تخطيء الهدف ، وأنها ستصطاد هنديا حنطي اللون من هنود فلسطين الحنطيين . هل ثمة مقولة في دولة أبناء العمومة ، أبناء السيدة سارة تنص " اقتل عربيا تكسب دولارا " ؟
في العام ١٩٥٦ أطلق الضابط الإسرائيلي شدمي صرخته :
- احصدوهم !
فلم يتردد الجنود وصوبوا نيران البنادق باتجاه مزارعي كفر قاسم العائدين إلى بيوتهم بسبب فرض منع التجول ، فقتل تسعة وأربعون مواطنا ، وحوكم الضابط بالسجن ثم أطلق صراحه بعد أن غرم بقرش واحد .
تسعة وأربعون فلسطينيا ارتقوا بلحظة واحدة وكان المقابل قرشا - أي نعم قرش واحد فقط ، لا تسعة وأربعون دولارا . صرنا أرخص من الهنود الحمر في أيام اكتشاف أميركا .
وسارت الحياة سيرها العادي . جلست على مقهى الميناوي أراقب المارة وأشرب السفن أب ، ولم أصغ إلى أي شخص يأتي على ما حدث . الرواد الأربعة الذين جلسوا مثلي على الرصيف ، وكانوا على يميني ، احتسوا الشاي وأرجل قسم منهم تمباكا عجميا وتحدثوا عن نابلس قبل أربعة وخمسين عاما ، إذ بدا لي أن أحدهم يزور المدينة لأول مرة منذ احتلالها في حزيران ١٩٦٧ ، فلقد تساءل عن عدد سكانها الآن . وأما الرجل الواقف على يساري ، وكان يحدث صاحب المقهى وأخويه ، فقد تحدث عن قريب له مصاب بالكورونا لم يعزل نفسه وإنما واصل عمله .
في العاشرة مساء عرجت الحافلة على مخيم بلاطة وكان هادئا ، فلا احتجاجات ولا إطارات سيارات تحترق ولا ما يحزنون ، وترحم الركاب على الشهيد وطلبوا له الرحمة ولأهله الصبر والسلوان ، وربما كان الجندي القاتل يشرب مع صديقته نخب انتصاره ويحدثها عن الوسام الذي سيناله جراء بطولته في اقتحام ( غيتو ) اللاجئين .
" في كل يوم لنا جثة
وفي كل يوم لهم أوسمة "
وما زال قسم منا يوزع شريط فيديو لأبو مازن رئيس السلطة الفلسطينية يناشد الشعب بالمقاومة السلمية " ولكم من شان الله . وينها المقاومة . بدنا مقاومة سلمية " .
صباح الخير
خربشات
٢٥ آب ٢٠٢١