أمس مررت على الصديق أبو حسين آخذ بنطالي المكوي ، وحين دعاني لأجلس اعتذرت ، فأنا مرتبط بعمل قرب مبنى جامعة النجاح الوطنية القديم .
تذكر أبو حسين جلستي الأخيرة في مصبغته وانسحابي بسبب حركة قام بها ضيف عنده ، وقال لي :
- تذكر أنك تعيش في العالم العربي ، وعليك أن تعتاد . ( وأبو حسين يعمل في الأجهزة الأمنية ) .
ابتسمت وقلت له :
- منذ ثلاثين عاما ونحن ندق الماء بالهون .
مشكلتي أنني أعي ما يحدث معي وأعرف أن الأجهزة الأمنية لم تترك شيئا يخصني إلا استباحته ، فالأوامر تصدر من مقاطعة رام الله منذ عودة المرحوم أبو عمار ، بل وقبل عودته - أي منذ كان في تونس .
أنا شخص مستباح من السلطة الفلسطينية وقبل تشكلها استباحتني الفصائل ، ولم تترك زاوية في مكان سكني لم تفتش فيه في غيابي ، ووصلت معي الأمور أنني أخذت أردد قصيدة مظفر النواب " براءة " لكي أعلن براءتي التامة من كل من حولي لتواطئهم في مراقبتي .
أمس مررت بالقرب من مبنى الجامعة ولم تراودني نفسي بالدخول إليه للسؤال عن مستحقات مالية لي تتلكأ إدارة الجامعة بصرفها ، إذ انتابني شعور غامض مر ضغط على قلبي ، ووجدتني أكرر بيت شعر يستشهد به في كتب النحو هو :
تمرون الديار ولم تعوجوا
كلامكم علي ، إذن ، حرام
ولقد مررت الديار ولم أعرج .
في المساء أرسل إلي ابن خالتي السيد Muneer Quqa شريط فيديو يتكلم فيه شيخ لبناني معمم عن قسوة التعامل مع الإنسان في العالم العربي قياسا إلى حسن التعامل معه في الغرب وكتب على الشريط " أتحدى أن يكمل المسلم الحقيقي الاستماع إلى الشريط " .
لطالما اقتبست قول مظفر النواب :
" فالعثة في بلد العسكر
تفقس بين الإنسان وثوب النوم وزوجته ،
وتقرر صنف المولود واين سيكوى ختم السلطان على إليته ،
فإذا آمن بالحزب الحاكم ،
فالجنة مأواه ، وويل للمارق
فالأنظمة العربية تعدمه قدام الدنيا قاطبة " .
هل كان مظفر النواب يبالغ ؟
أعتقد ، من خلال تجربتي ، أنه شخص الوضع جيدا ، وإلا كيف يجب على إنسان حاصل على الدكتوراه أن يذهب إلى مبنى المخابرات في بلده ، ليحصل على شهادة حسن سلوك ، يقدمها للجامعة التي يريد التوظف فيها ؟
لا تسأل عن علمك قدر ما تسأل عن ولائك ؟
شخصيا لست شخصا خطيرا كما يتخيلون ، فكل ما في الأمر أنني لم أضع يدي بيد هذا الفصيل أو ذاك ولم أعلن ولائي لرئيس المؤسسة ، وانني أكتب ، علما بأن الكتابة لن تحرر الشعب الفلسطيني من واقعه المر على شتى الأصعدة .
هل صدق المثل :
" إلا ما بقدر على ركوب الحمار بنط عالبردعة " ؟
وسلطتنا في رام الله ، والسلطة في غزة ، غير قادرتين على النط على حمار بلعام اليهودي ولا على حمار خوفو المصري ولا حتى على حمير الصحارى .
هل سأكتب براءتي في الأيام القادمة من كل من حولي من المتواطئين ؟
من يدري !!
وأعتقد أنه آن الأوان للتحرر من الكتابة اليومية ، وأتمنى السلامة والعافية للصديق الكاتب حسن البطل ، فقد علمت أنه يرقد في المشفى .
صباح الخير
خربشات
٣٠ آب ٢٠٢١ .
تذكر أبو حسين جلستي الأخيرة في مصبغته وانسحابي بسبب حركة قام بها ضيف عنده ، وقال لي :
- تذكر أنك تعيش في العالم العربي ، وعليك أن تعتاد . ( وأبو حسين يعمل في الأجهزة الأمنية ) .
ابتسمت وقلت له :
- منذ ثلاثين عاما ونحن ندق الماء بالهون .
مشكلتي أنني أعي ما يحدث معي وأعرف أن الأجهزة الأمنية لم تترك شيئا يخصني إلا استباحته ، فالأوامر تصدر من مقاطعة رام الله منذ عودة المرحوم أبو عمار ، بل وقبل عودته - أي منذ كان في تونس .
أنا شخص مستباح من السلطة الفلسطينية وقبل تشكلها استباحتني الفصائل ، ولم تترك زاوية في مكان سكني لم تفتش فيه في غيابي ، ووصلت معي الأمور أنني أخذت أردد قصيدة مظفر النواب " براءة " لكي أعلن براءتي التامة من كل من حولي لتواطئهم في مراقبتي .
أمس مررت بالقرب من مبنى الجامعة ولم تراودني نفسي بالدخول إليه للسؤال عن مستحقات مالية لي تتلكأ إدارة الجامعة بصرفها ، إذ انتابني شعور غامض مر ضغط على قلبي ، ووجدتني أكرر بيت شعر يستشهد به في كتب النحو هو :
تمرون الديار ولم تعوجوا
كلامكم علي ، إذن ، حرام
ولقد مررت الديار ولم أعرج .
في المساء أرسل إلي ابن خالتي السيد Muneer Quqa شريط فيديو يتكلم فيه شيخ لبناني معمم عن قسوة التعامل مع الإنسان في العالم العربي قياسا إلى حسن التعامل معه في الغرب وكتب على الشريط " أتحدى أن يكمل المسلم الحقيقي الاستماع إلى الشريط " .
لطالما اقتبست قول مظفر النواب :
" فالعثة في بلد العسكر
تفقس بين الإنسان وثوب النوم وزوجته ،
وتقرر صنف المولود واين سيكوى ختم السلطان على إليته ،
فإذا آمن بالحزب الحاكم ،
فالجنة مأواه ، وويل للمارق
فالأنظمة العربية تعدمه قدام الدنيا قاطبة " .
هل كان مظفر النواب يبالغ ؟
أعتقد ، من خلال تجربتي ، أنه شخص الوضع جيدا ، وإلا كيف يجب على إنسان حاصل على الدكتوراه أن يذهب إلى مبنى المخابرات في بلده ، ليحصل على شهادة حسن سلوك ، يقدمها للجامعة التي يريد التوظف فيها ؟
لا تسأل عن علمك قدر ما تسأل عن ولائك ؟
شخصيا لست شخصا خطيرا كما يتخيلون ، فكل ما في الأمر أنني لم أضع يدي بيد هذا الفصيل أو ذاك ولم أعلن ولائي لرئيس المؤسسة ، وانني أكتب ، علما بأن الكتابة لن تحرر الشعب الفلسطيني من واقعه المر على شتى الأصعدة .
هل صدق المثل :
" إلا ما بقدر على ركوب الحمار بنط عالبردعة " ؟
وسلطتنا في رام الله ، والسلطة في غزة ، غير قادرتين على النط على حمار بلعام اليهودي ولا على حمار خوفو المصري ولا حتى على حمير الصحارى .
هل سأكتب براءتي في الأيام القادمة من كل من حولي من المتواطئين ؟
من يدري !!
وأعتقد أنه آن الأوان للتحرر من الكتابة اليومية ، وأتمنى السلامة والعافية للصديق الكاتب حسن البطل ، فقد علمت أنه يرقد في المشفى .
صباح الخير
خربشات
٣٠ آب ٢٠٢١ .