لعل من الضرورة وجود معايير وضوابط لفن الرواية؛ فهي من أكثر الأجناس الأدبية انتشارًا في هذه الأيام، فقد كثر كتّابها وقراؤها. كما لا بد من تقدير الجهود النقدية التي بذلت من أجل تمييز الروايات الجيدة من الرديئة، والإنجازات المتميزة التي شهدتها الرواية منذ ظهورها في القرن الثامن عشر حتى الآن. فقد تكوّن من خلال انتشار الرواية والإقبال على قراءتها ونقدها مجموعة من الخصائص التي اتصفت بها الروايات المتميزة، وتبلورت في معايير يمكن على ضوئها الحكم على الرواية وتقييمها.
هكذا علينا القبول بوجود معايير للرواية لا بمعيار واحد؛ لأن كلمة المعيار تشير إلى النموذج أو التصور المثالي الذي يجب أن تكون عليه الرواية، إنها كلمة تدل على الثبات المطلق تمامًا كما في القوانين الطبيعية. لهذا لا يوجد معيار مطلق ونهائي للحكم على الرواية بل مجموعة معايير نسبية، وغير ثابتة. منها المعايير العامة كالتي يجب أن تتوافر في كل فن، مثل: الجدة والابتكار والتماسك والنظام والابداع الفني. ومعايير خاصة بتوافر أركان الرواية من أحداث وشخصيات وزمان ومكان وحبكة فضلا عن المعايير الفنية الأخرى التي تتصل بالتشويق والأساليب اللغوية والتقنيات الفنية وغيرها.
لا شك أن نسبية هذه المعايير وعدم ثباتها يعود إلى أن الرواية شأنها شأن الأجناس الأدبية تتصف بالمرونة، وتقبلها للقراءات المتعددة من النقاد والقراء على اختلاف ثقافاتهم وآرائهم. من هنا كان الاختلاف في الحكم على الروايات من قارئ إلى آخر، ومن عصر إلى عصر، فعلى سبيل المثال كان اختلاف المعايير السبب في أن رواية " البحث عن الزمن الضائع" للكاتب الفرنسي مارسيل بروست لم تحظ بالاهتمام في حياة مؤلفها بل إن بعض دور النشر رفضت نشرها مع أنها أعظم رواية في القرن العشرين، فقد نشرت بين الأعوام 1913-1927 وجاءت في سبعة أجزاء وفي أربعة آلاف صفحة. وقال الأديب الفرنسي أندريه جيد: "لا بدّ من أن يعتذر كل الذين رفضوا نشر الرواية لبروست وتهنئته".
ومثل رواية بروست كانت روايتا "موبي ديك" 1851 للكاتب الأمريكي هرمان ملفيل ورواية "غاتسبي العظيم" 1925 للروائي الأمريكي إف سكوت فتزجيرالد فلم يهتم بها النقاد والباحثون إلا في القرن العشرين حيث تبوأت مكانة مرموقة بين الروايات العالمية. أما رواية "غاتسبي العظيم" فلم يهتم بها وقت صدورها حتى السبعينيات من القرن الماضي حيث عدّت الرواية الثانية من بين أفضل مئة رواية أمريكية.
ومن الوقائع التي توضح نسبية معايير الرواية ما صرّح به الدكتور جلال أمين الذي تولى رئاسة لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية البوكر لعام 2013؛ بأنه اكتشف خلال تقييمه الروايات المشاركة في دورة الجائزة أن ليس بالإمكان الاتفاق العام على جودة رواية من جانب كل القراء، وأن معايير النقد الأدبي ليست معايير قاطعة أو واضحة في أذهان الجميع؛ وحقيقة الاختلاف في تقييم الرواية ينشأ من أن كل قارئ أو ناقد يعطي دون غيره أهمية نسبية لعنصر روائي ما على حساب عنصر آخر.
هكذا لا توجد معايير مقدسة أو ثابتة للرواية بل إن تغيير هذه المعايير والثورة عليها من وقت لآخر سنّة من سنن الحياة وتطور الرواية؛ فالتقيد بالمعايير وثباتها المطلق يصل بالرواية إلى حالة من الجمود؛ فلابد من مراجعة هذه المعايير والتمرد عليها، كما شهدنا تغير كثير من المعايير بنشوء الرواية الجديدة في فرنسا التي نظر لها آلان روب غريبه في كتابه " بحوث في الرواية الجديدة" وكذلك ظهور الرواية الحداثية في عالمنا العربي على يد تيسير سبول وغالب هلسا والخراط وغيرهم..
في النهاية يحسن التنبيه إلى أن القول بعدم وجود معايير ثابتة في الرواية لا يعنى فسح المجال لفوضى الكتابة تحت مسمى التنوع الروائي، ودخول عالم الكتابة الروائية المتطفلون وغير القادرين على الإبداع.
هكذا علينا القبول بوجود معايير للرواية لا بمعيار واحد؛ لأن كلمة المعيار تشير إلى النموذج أو التصور المثالي الذي يجب أن تكون عليه الرواية، إنها كلمة تدل على الثبات المطلق تمامًا كما في القوانين الطبيعية. لهذا لا يوجد معيار مطلق ونهائي للحكم على الرواية بل مجموعة معايير نسبية، وغير ثابتة. منها المعايير العامة كالتي يجب أن تتوافر في كل فن، مثل: الجدة والابتكار والتماسك والنظام والابداع الفني. ومعايير خاصة بتوافر أركان الرواية من أحداث وشخصيات وزمان ومكان وحبكة فضلا عن المعايير الفنية الأخرى التي تتصل بالتشويق والأساليب اللغوية والتقنيات الفنية وغيرها.
لا شك أن نسبية هذه المعايير وعدم ثباتها يعود إلى أن الرواية شأنها شأن الأجناس الأدبية تتصف بالمرونة، وتقبلها للقراءات المتعددة من النقاد والقراء على اختلاف ثقافاتهم وآرائهم. من هنا كان الاختلاف في الحكم على الروايات من قارئ إلى آخر، ومن عصر إلى عصر، فعلى سبيل المثال كان اختلاف المعايير السبب في أن رواية " البحث عن الزمن الضائع" للكاتب الفرنسي مارسيل بروست لم تحظ بالاهتمام في حياة مؤلفها بل إن بعض دور النشر رفضت نشرها مع أنها أعظم رواية في القرن العشرين، فقد نشرت بين الأعوام 1913-1927 وجاءت في سبعة أجزاء وفي أربعة آلاف صفحة. وقال الأديب الفرنسي أندريه جيد: "لا بدّ من أن يعتذر كل الذين رفضوا نشر الرواية لبروست وتهنئته".
ومثل رواية بروست كانت روايتا "موبي ديك" 1851 للكاتب الأمريكي هرمان ملفيل ورواية "غاتسبي العظيم" 1925 للروائي الأمريكي إف سكوت فتزجيرالد فلم يهتم بها النقاد والباحثون إلا في القرن العشرين حيث تبوأت مكانة مرموقة بين الروايات العالمية. أما رواية "غاتسبي العظيم" فلم يهتم بها وقت صدورها حتى السبعينيات من القرن الماضي حيث عدّت الرواية الثانية من بين أفضل مئة رواية أمريكية.
ومن الوقائع التي توضح نسبية معايير الرواية ما صرّح به الدكتور جلال أمين الذي تولى رئاسة لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية البوكر لعام 2013؛ بأنه اكتشف خلال تقييمه الروايات المشاركة في دورة الجائزة أن ليس بالإمكان الاتفاق العام على جودة رواية من جانب كل القراء، وأن معايير النقد الأدبي ليست معايير قاطعة أو واضحة في أذهان الجميع؛ وحقيقة الاختلاف في تقييم الرواية ينشأ من أن كل قارئ أو ناقد يعطي دون غيره أهمية نسبية لعنصر روائي ما على حساب عنصر آخر.
هكذا لا توجد معايير مقدسة أو ثابتة للرواية بل إن تغيير هذه المعايير والثورة عليها من وقت لآخر سنّة من سنن الحياة وتطور الرواية؛ فالتقيد بالمعايير وثباتها المطلق يصل بالرواية إلى حالة من الجمود؛ فلابد من مراجعة هذه المعايير والتمرد عليها، كما شهدنا تغير كثير من المعايير بنشوء الرواية الجديدة في فرنسا التي نظر لها آلان روب غريبه في كتابه " بحوث في الرواية الجديدة" وكذلك ظهور الرواية الحداثية في عالمنا العربي على يد تيسير سبول وغالب هلسا والخراط وغيرهم..
في النهاية يحسن التنبيه إلى أن القول بعدم وجود معايير ثابتة في الرواية لا يعنى فسح المجال لفوضى الكتابة تحت مسمى التنوع الروائي، ودخول عالم الكتابة الروائية المتطفلون وغير القادرين على الإبداع.