مرة، زرت وابنتي غابة "الرميلات" بضواحي طنجة، (المغرب) وبالضبط المنطقة المسماة "غابة/ منتزه بيرديكاريس."
المكان جميل، لموقعه وخضرته وما يشتمل عليه من فضاءات للسياحة والاستجمام... غير أن أجمل ما في هذا المنتزه هو قصة إنشائه، وقصة الحب التي كان حُضْنا لها، والتي تحولت في إحدى محطاتها إلى كابوس...
القصة حكتها لي صديقة عزيزة من المنطقة، وتأكدت منها من أكثر من مصدر، تقول إن "إيون بيرديكاريس" (وهو ديبلوماسي ورجل أعمال أمريكي، شغل منصب قنصل عام لبلاده بطنجة، نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين الماضيين)، كان يحب زوجته حد الهيام، وأنه وعدها بأن يبني لها قصرا في أجمل مكان في العالم. وفعلا، وفى بوعده، وبنى لها قصرا في غابة حملت اسمه، بطنجة، على هضبة مرتفعة تطل على أوروبا، عبر مضيق جبل طارق، وكان قصر أحلامه وأمانيه مع زوجته، غير أن هذا القصر سرعان ما تحول إلى مسرح كابوس لم ينسه طوال حياته... إذ لم تمض فترة طويلة على استقرار الملياردير وزوجته في قصرهما الرومانسي بغابة "الرميلات"، حتى تم اختطاف الزوجة والابن.
ولم يكن الخاطف غير رجل اختلف حوله المؤرخون، بين من اعتبره قاطع طريق وصياد فدية، ومن اعتبره مقاوما حقيقيا مرغ أنف أعتى قوة كونية في التراب، إنه مولاي أحمد الريسوني، أو برّيسول، الملقب بـ"ثعلب جْبالة"، الذي ذاع صيته في شمال المغرب، نهاية القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين.
لم يكن الحدث سهلا على القنصل الأمريكي، لأن الأمر يتعلق باختطاف زوجته ومعشوقته، وبسببه فكرت واشنطن في شن حرب على المغرب.
للإشارة، ففي بداية القرن العشرين، كان المغرب يعيش على بركان التمردات، وبينما كان المتمرد بوحْمارة يبسط سيطرته على مناطق واسعة من وسط المغرب ومنطقة شمال وشرق الريف، كان مولاي أحمد الريسوني حاكما مطلقا في مناطق جْبالة، ولا أحد يمكن أن يقف في طريقه.
كانت ثورة الريسوني في حاجة إلى الدعم والمال، وكان قصر بيرديكاريس، في قلب غابة موحشة، صيدا ثمينا. كان الملياردير الأمريكي يعتقد أن ماله وجنسيته وشهرته وحصانته ستحميه من أي شيء، وكان الريسوني لا يعترف بأي شيء من كل هذا...
كاد بيرديكاريس يصاب بالجنون بعد اختطاف زوجته وابنه وكان يحبهما حد الجنون، فطلب حماية السلطان عبد العزيز، لكن الريسوني اشترط أن يؤدي السلطان وبيرديكاريس 70 ألف قطعة ذهبية، وأن يخرج المخزن من منطقة نفوذه للإفراج عن الرهينتين.
لم تنفع مع الريسوني كل تهديدات الأمريكيين، وكان يواجههم بكثير من الكبرياء والاعتزاز بالنفس، فأرسل الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت إلى سواحل طنجة فرقاطة بحرية ليرهبه، لكن هذا الأخير أرسل إلى روزفلت جوابا فيه الكثير من التحدي، وطلب منه أن يصعد بفرقاطته إلى الجبال، فقرر ساكن البيت الأبيض أن ينقل لعبته إلى السلطان المغربي، وضغط عليه لكي يفرج عن الرهينتين أو يقتل الريسوني...
وفي النهاية، تمت تلبية كل شروط الريسوني، فأفرج عن الرهائن، بل، سنة بعد ذلك، تم تنصيبه حاكما رسميا على فحص طنجة، وهي كل تلك المناطق المحيطة بالمدينة، بل أصبح الرجل يحمل لقب "سلطان الجبال"
للإشارة، فإن قصة الاختطاف هذه جسدها فيلم تحت عنوان «العاصفة والأسد»، قام بدور البطولة فيه الممثل الإنجليزي شين كونري، الذي لعب دور المختطف، غير أن النقاد عابوا على الفيلم أنه ركز على الوجه الآخر للاختطاف، وهو قصة حب المرأة لخاطفها بعد أن أعجبت بأخلاقه ونبله، حيث كان يحميها وابنها كما لو كانا أسرته، وقد اعتبرته مقاوما للوطن ضد الجبروت والطغيان... وتعاطفت معه ولم تندم أبدا على عملية الاختطاف تلك التي أبعدتها عن زوجها الملياردير الأمريكي...
المكان جميل، لموقعه وخضرته وما يشتمل عليه من فضاءات للسياحة والاستجمام... غير أن أجمل ما في هذا المنتزه هو قصة إنشائه، وقصة الحب التي كان حُضْنا لها، والتي تحولت في إحدى محطاتها إلى كابوس...
القصة حكتها لي صديقة عزيزة من المنطقة، وتأكدت منها من أكثر من مصدر، تقول إن "إيون بيرديكاريس" (وهو ديبلوماسي ورجل أعمال أمريكي، شغل منصب قنصل عام لبلاده بطنجة، نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين الماضيين)، كان يحب زوجته حد الهيام، وأنه وعدها بأن يبني لها قصرا في أجمل مكان في العالم. وفعلا، وفى بوعده، وبنى لها قصرا في غابة حملت اسمه، بطنجة، على هضبة مرتفعة تطل على أوروبا، عبر مضيق جبل طارق، وكان قصر أحلامه وأمانيه مع زوجته، غير أن هذا القصر سرعان ما تحول إلى مسرح كابوس لم ينسه طوال حياته... إذ لم تمض فترة طويلة على استقرار الملياردير وزوجته في قصرهما الرومانسي بغابة "الرميلات"، حتى تم اختطاف الزوجة والابن.
ولم يكن الخاطف غير رجل اختلف حوله المؤرخون، بين من اعتبره قاطع طريق وصياد فدية، ومن اعتبره مقاوما حقيقيا مرغ أنف أعتى قوة كونية في التراب، إنه مولاي أحمد الريسوني، أو برّيسول، الملقب بـ"ثعلب جْبالة"، الذي ذاع صيته في شمال المغرب، نهاية القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين.
لم يكن الحدث سهلا على القنصل الأمريكي، لأن الأمر يتعلق باختطاف زوجته ومعشوقته، وبسببه فكرت واشنطن في شن حرب على المغرب.
للإشارة، ففي بداية القرن العشرين، كان المغرب يعيش على بركان التمردات، وبينما كان المتمرد بوحْمارة يبسط سيطرته على مناطق واسعة من وسط المغرب ومنطقة شمال وشرق الريف، كان مولاي أحمد الريسوني حاكما مطلقا في مناطق جْبالة، ولا أحد يمكن أن يقف في طريقه.
كانت ثورة الريسوني في حاجة إلى الدعم والمال، وكان قصر بيرديكاريس، في قلب غابة موحشة، صيدا ثمينا. كان الملياردير الأمريكي يعتقد أن ماله وجنسيته وشهرته وحصانته ستحميه من أي شيء، وكان الريسوني لا يعترف بأي شيء من كل هذا...
كاد بيرديكاريس يصاب بالجنون بعد اختطاف زوجته وابنه وكان يحبهما حد الجنون، فطلب حماية السلطان عبد العزيز، لكن الريسوني اشترط أن يؤدي السلطان وبيرديكاريس 70 ألف قطعة ذهبية، وأن يخرج المخزن من منطقة نفوذه للإفراج عن الرهينتين.
لم تنفع مع الريسوني كل تهديدات الأمريكيين، وكان يواجههم بكثير من الكبرياء والاعتزاز بالنفس، فأرسل الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت إلى سواحل طنجة فرقاطة بحرية ليرهبه، لكن هذا الأخير أرسل إلى روزفلت جوابا فيه الكثير من التحدي، وطلب منه أن يصعد بفرقاطته إلى الجبال، فقرر ساكن البيت الأبيض أن ينقل لعبته إلى السلطان المغربي، وضغط عليه لكي يفرج عن الرهينتين أو يقتل الريسوني...
وفي النهاية، تمت تلبية كل شروط الريسوني، فأفرج عن الرهائن، بل، سنة بعد ذلك، تم تنصيبه حاكما رسميا على فحص طنجة، وهي كل تلك المناطق المحيطة بالمدينة، بل أصبح الرجل يحمل لقب "سلطان الجبال"
للإشارة، فإن قصة الاختطاف هذه جسدها فيلم تحت عنوان «العاصفة والأسد»، قام بدور البطولة فيه الممثل الإنجليزي شين كونري، الذي لعب دور المختطف، غير أن النقاد عابوا على الفيلم أنه ركز على الوجه الآخر للاختطاف، وهو قصة حب المرأة لخاطفها بعد أن أعجبت بأخلاقه ونبله، حيث كان يحميها وابنها كما لو كانا أسرته، وقد اعتبرته مقاوما للوطن ضد الجبروت والطغيان... وتعاطفت معه ولم تندم أبدا على عملية الاختطاف تلك التي أبعدتها عن زوجها الملياردير الأمريكي...