أ. د. عادل الأسطة - نصري حجاج يرحل ويترك شام التي أحببناها :

رحل أمس المخرج الفلسطيني ابن مخيم عين الحلوة نصري حجاج ومضى تاركا ابنته شام وأمها عبير حيدر وحيدتين ، وتركنا ننتظر آخر أخبار شام التي لن تصل إلينا بعد الآن .
قبل انتفاضة الأقصى بأشهر تقريبا زار نصري مخيم بلاطة ليتحدث عن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ، وقد أصغيت إليه ولم أتعرف عليه ، وبعد بضع سنوات صرنا صديقي فيس بوك يتابع كل منا ما يكتبه الآخر .
أحيانا كثيرة كانت وجهات نظرنا تلتقي وأحيانا قليلة كانت تختلف فيكتب هو بحدة لم تفسد للود قضية من ذلك مثلا غضبه مني يوم كتبت مطولا عن قصص الدكتور محمد اشتية رئيس الوزراء ورواية السيد يحيى السنوار .
عندما قرر نصري أن يزور فلسطين لإنتاج فيلم اتصل بي وأبلغني ، فاستقبلته في نابلس وكان معه الكاتب Hasan Albatal وشابة من فلسطين ، وتناولنا معا طعام الغداء في فندق الياسمين ، ثم زرنا معا بيت المحامية لينا عبد الهادي صديقة إحدى شقيقاته ، وأكلنا الكنافة و ... وافترقنا على أمل أن نلتقي ، وأظن أننا التقينا ثانية في رام الله ، وكان مدعوا لوجبة غداء من الملوخية في بيت صديقنا Muhanad Abd Elhamid .
ثمة مجموعة قصصية وحيدة كتبها نصري عنوانها " أعتقد أنني أحب الحكومة " ولم يكرر التجربة ، ولكنه صار نشيطا فيسبوكيا نشاطا لافتا ، فإذا ما غضب من شخص حسبت الناس كلهم غضابا ، ولم يتردد للحظة في إخراجه من جنة صفحته الفيسبوكية .
ربما كانت كتابته عن ابنته شام وسرد تفاصيل حياته اليومية معها أكثر ما لفت انتباهي وجعلني أتابع صفحته .
كان نصري في شبابه تزوج وأنجب طفلا وحيدا سماه نهاوند ، ثم انفصل عن زوجته وحرم من رؤية ابنه سنوات طوال ، ولكنهما ، هو وابنه ، في النهاية التقيا لقاء وديا أحب فيه الأب الابن حبا جما .
تزوج نصري ثانية من الشامية عبير حيدر وأنجبا شام التي سلبته عقله فأحبها حبا كبيرا ولم يقو على مفارقتها ، ولا أظن أنه مر عليه يوم لم يدون قصص طفولتها وحكاياتها وطرائفها وروضتها ومدرستها .
قبل عام وأكثر بدأ نصري يتعالج علاجا كيماويا وشارف على الشفاء ، ثم فجأة ، قبل أقل من أسبوع ، شكر كل من سأل عنه معلنا رغبته في الخلود مع أسرته إلى الراحة ، وأمس ...
أمس رحل نصري حجاج الذي أخرج العديد من الأفلام ومنها " كما قال الشاعر " عن محمود درويش ، ومنها فيلم عن مقابر الفلسطينيين في عالمنا المترامي الأطراف الذي أتى فيه على قبر ناجي العلي في لندن ...
ماذا أكتب عن رحيل نصري حجاج الذي اعتقد انه يحب الحكومة وترك لنا شام تربيها أمها عبير حيدر وشقيقها نهاوند ، شقيق شام .
لروح نصري حجاج الهدوء والسكينة ولشام وعبير ونهاوند خالص العزاء .
ماذا ستفعلين يا شام في يومك الأول حين تنهضين ولا تجدين نصري الذي كنت عالمه ، نصري الذي أحبك كما لم يحب أب ابنه او ابنته ؟!
ليس سوى الترحم على نصري حجاج الذي عبر عن آرائه دون مجاملة أو نفاق ، فكأنما كان لسان حاله لسان حال الشاعر الجاهلي الذي كتب :
" فإما أن تكون أخي بحق
فاعرف منك غثي أو سميني
وإلا فاطرحني واتخذني عدوا
اتقيك وتتقيني
صباح الخير
خربشات
١٢ أيلول ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى