تهامة رشيد - شوارع اللاذقية

هناك المدينة والقرى وسأبدأ
بشوارع المدينة:
كلّ المدن تشعركم بالغربة،
ماعدا شوارع اللاذقية
فهي ترحّب بكم بحفرها الموحلة شتاءً
والمغبرّة صيفاً.
هناك حفريات دائمة في اللاذقية،
ولم تُحسَب المصارف المطرية للمطرة الغزيرة
فالطوفان واردٌ من تشرين حتى
نهاية آذار.
بعد عودتنا من شوارع الرقة التي تنقّلنا في معظم ريفها..
وهربنا من أحداث الاخوان ..
كنا نحمل آلامنا لنرميها في بحر اللاذقية
فها هنا موطن الأجداد وذكريات الضيعة(
حسب رواية أبي وأمي)
وظننا نحن الأولاد أن هذا هو الفردوس المفقود
ولكثرة ماحدثتني أمي عن نهر الراهب في الضيعة والريف(كتف الجبل)..
والخضرة الرائعة،تمنيت رؤية ذلك الجمال حد الموت.
وحدثني أبي عن حارة البحر وجمالها حيث يسكن والداه.كل ذلك،ليزيلا خوفي من الأحداث المسلحة..
وكذلك ليوقفا بكائي على الكلب(بوش)..
كان عمري أربع سنوات ..وقليلا من الأشهر.
عندما انعطفت العربة نحو شارعٍ يشبه زقاقاً...
كانت تغطيه طبقة اسفلتية بسيطة ولا يوجد رصيف...
والبومات(فوهات الصرف الصحي)مفتوحات
كآكلات لحوم البشر الذين كتبت عنهم
في صباي..
لم تعجبني الحارة حتى اكتشفت ساقية في نهاية الشارع..
مليئة بالقاذورات والأولاد القذرين..
ورحت ألعب معهم..سعيدة جدا باكتشافي
كانت رائحة الساقية قاتلة ..ولهجة الاولاد عربية مكسرة(كانوا تركماناً..لكنني لم ادرك ذلك حينه)ا
وتحس بهذه الساقية ذات الشكل التقليدي(شبه منحرف مفتوح كأنها شارع جديد..
يقودك لبستان ليمون ولا أجمل..
كانت الساقية هي الجلجلة..
لكن شوارع اللاذقية الجميلة سأكتشفها خلال ثلاثين سنةً قادمة وسأذهل مع كل دخلةٍ أو منعطف.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى