وأنا أقرأ عن ماجرى في تلك الليلة، أقول : مستحيل .. مستحيل، هل فعلا جرى الذي جرى! وفي ليلة واحدة!من يرجع لي سنتمتر واحد من أحداث تلك الليلة، من؟
لم ير يحيى الطاهر عبد الله قصته " الطوق و الأسورة "، وقد حولها المخرج خيري بشارة الى السينما، وبشير الديك كتب السيناريو، شاركه الشاعر عبد الرحمن الأبنودي في كتابة الحوار، وكان هذا عام 1986 ، لم ير يحيى الفيلم لأنه قبل هذا وبالتحديد في 9/4/1981 تعرض لحادث سيارة أدى الى وفاته، وكان بعمر 43 عاما. قصص يحيى المفعمة بالحياة، أبقته حيّا .
استلم يحيى الطاهر عبد الله، مكافأة عن نشر كتابه " الدف و الصندوق " ليلتها ذهبنا بالمكافأة معا الى " أتليه الفنانين "، القريب من ساحة طلعت حرب" و " جروبي" ليصرف أقل من ربع المكافأة على البيرة التي شربناها، وشربها اثنان غيرنا كانا على مائدتنا، وكان برفقتهما فتاة، قالت: انها تهوى الفن وأنها تحب قراءة قصص يحيى الطاهر، حين سمع يحيى منها هذا الكلام، أوصى العم نجيب، النادل، بالزجاجة الثانية له، وبعد أن أنهى الثالثة، أقنع الفتاة أن يُسمعها احدى قصصه، فانتحى بها أو معها، مكانا قصيّا، غير حسن الاضاءة، وجلسا متقابلين هناك، قرأ لها القصة، وكان يحفظها كما تحفظ القصائد، وبعدها قال كلاما، ضحكت الفتاة له، فانحنى بنصف قامته، وقبلها على خدها الأيسر، ورجع الى مكانه، حكى لها شيئا آخر، ضحكت له الفتاة، فقام وقبلها على خدها الأيمن، وعاد ليجلس، تكرر الأمر ثلاث أو أربع مرات، بعدها أراد أن يقبلها فوق شفتيها، فقالت : لأ ،إحنا اخوات ، بوس لكن بوس خوات. وخرجت .
في الحادية عشرة خرجنا من الاتليه، فقال يحيى : نأخذ تاكسي ونذهب الى ميدان الجيزة. وهناك نزلنا، وعند كشك في نهاية الميدان، سلّم يحيى على صاحب الكشك وقال : عندك " ستيلا " ؟ قال : عندي و لكن اجلسا خلف الكشك في الظلمة ، برضه الستر واجب.
جلسنا متقابلين، وبيننا " الستلا " باردة ، يلمع زجاجها المندّى، متى عكس عليه ضوء خاطف .
قبل ان ينهي كل منا زجاجتة الأولى، مر شخص فصاح يحيى : يا باشا !
التفت : أهلا يحيى .
قال يحيى: تعال، خذ لك واحد ستيلا معنا.
قدم الرجل نفسه لي قبل ان يجلس: اسمي نجيب سرور.
قلت: أعرفك ، قرأت لك " أه ياليل يا قمر ". حاجة مدهشة.
ما عاد تاريخ نجيب سرور خافيا، بعد تخرجه في المعهد العالي للفنون المسرحية وتعيينه ممثلاً ومخرجاً بالمسرح الشعبي، سافر نجيب فى العام نفسه الى موسكو للدراسة، وهناك تزوج ساشا كورساكوفا طالبة الاداب، وهناك فقد جواز سفره المصري ،لانتقاده علنا ممارسات السلطة القمعية فى مصر فى إحدى المؤتمرات التضامنية مع الشعب الكوبي .
ولولا مطالبة الناقد رجاء النقاش، على صفحات جريدة الجمهورية، بالسماح لنجيب سرور بالعودة، ما استطاع ذلك، هكذا يقال و الله اعلم .
بعد عودته عيّن استاذا بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وفقد الوظيفة عندما أودع قسرا "مستشفى الامراض العقلية" وخرج منها قبل اشهر من جلوسه معنا .
قال نجيب : أين أمل دنقل، مش معاكو ليه ؟
قال يحيى: تجده الان على القهوة، في ميدان التوفيقية، معه مجموعة من الجرائد، يحل ما فيها من الكلمات المتقاطعة.
قام نجيب، وهو يردد مقطعا لأمل في قصيدة " كلمات سبارتوكس الأخيرة ":
معلّق أنا على مشانق الصباح / وجبهتي بالموت محنيّة / لأنني لم أحنها . . حيّة . يا أخوتي الذين يعبرون في الميدان مطرقين / منحدرين في نهاية المساء/ في شارع الاسكندر الأكبر/لا تخجلوا، و لترفعوا عيونكم اليّ / لأنكم معلقون جانبي ، على مشانق القيصر .
عند الثانية أو أكثر كنا في التوفيقية ، على رأي يحيى ذهبنا الى تلك المقهى، لنساعد أمل دنقل، في حل الكلمات المتقاطعة .
من كتاب "مائة ليلة وليلة" أو " العراقي في قاهرة نجيب محفوظ".
لم ير يحيى الطاهر عبد الله قصته " الطوق و الأسورة "، وقد حولها المخرج خيري بشارة الى السينما، وبشير الديك كتب السيناريو، شاركه الشاعر عبد الرحمن الأبنودي في كتابة الحوار، وكان هذا عام 1986 ، لم ير يحيى الفيلم لأنه قبل هذا وبالتحديد في 9/4/1981 تعرض لحادث سيارة أدى الى وفاته، وكان بعمر 43 عاما. قصص يحيى المفعمة بالحياة، أبقته حيّا .
استلم يحيى الطاهر عبد الله، مكافأة عن نشر كتابه " الدف و الصندوق " ليلتها ذهبنا بالمكافأة معا الى " أتليه الفنانين "، القريب من ساحة طلعت حرب" و " جروبي" ليصرف أقل من ربع المكافأة على البيرة التي شربناها، وشربها اثنان غيرنا كانا على مائدتنا، وكان برفقتهما فتاة، قالت: انها تهوى الفن وأنها تحب قراءة قصص يحيى الطاهر، حين سمع يحيى منها هذا الكلام، أوصى العم نجيب، النادل، بالزجاجة الثانية له، وبعد أن أنهى الثالثة، أقنع الفتاة أن يُسمعها احدى قصصه، فانتحى بها أو معها، مكانا قصيّا، غير حسن الاضاءة، وجلسا متقابلين هناك، قرأ لها القصة، وكان يحفظها كما تحفظ القصائد، وبعدها قال كلاما، ضحكت الفتاة له، فانحنى بنصف قامته، وقبلها على خدها الأيسر، ورجع الى مكانه، حكى لها شيئا آخر، ضحكت له الفتاة، فقام وقبلها على خدها الأيمن، وعاد ليجلس، تكرر الأمر ثلاث أو أربع مرات، بعدها أراد أن يقبلها فوق شفتيها، فقالت : لأ ،إحنا اخوات ، بوس لكن بوس خوات. وخرجت .
في الحادية عشرة خرجنا من الاتليه، فقال يحيى : نأخذ تاكسي ونذهب الى ميدان الجيزة. وهناك نزلنا، وعند كشك في نهاية الميدان، سلّم يحيى على صاحب الكشك وقال : عندك " ستيلا " ؟ قال : عندي و لكن اجلسا خلف الكشك في الظلمة ، برضه الستر واجب.
جلسنا متقابلين، وبيننا " الستلا " باردة ، يلمع زجاجها المندّى، متى عكس عليه ضوء خاطف .
قبل ان ينهي كل منا زجاجتة الأولى، مر شخص فصاح يحيى : يا باشا !
التفت : أهلا يحيى .
قال يحيى: تعال، خذ لك واحد ستيلا معنا.
قدم الرجل نفسه لي قبل ان يجلس: اسمي نجيب سرور.
قلت: أعرفك ، قرأت لك " أه ياليل يا قمر ". حاجة مدهشة.
ما عاد تاريخ نجيب سرور خافيا، بعد تخرجه في المعهد العالي للفنون المسرحية وتعيينه ممثلاً ومخرجاً بالمسرح الشعبي، سافر نجيب فى العام نفسه الى موسكو للدراسة، وهناك تزوج ساشا كورساكوفا طالبة الاداب، وهناك فقد جواز سفره المصري ،لانتقاده علنا ممارسات السلطة القمعية فى مصر فى إحدى المؤتمرات التضامنية مع الشعب الكوبي .
ولولا مطالبة الناقد رجاء النقاش، على صفحات جريدة الجمهورية، بالسماح لنجيب سرور بالعودة، ما استطاع ذلك، هكذا يقال و الله اعلم .
بعد عودته عيّن استاذا بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وفقد الوظيفة عندما أودع قسرا "مستشفى الامراض العقلية" وخرج منها قبل اشهر من جلوسه معنا .
قال نجيب : أين أمل دنقل، مش معاكو ليه ؟
قال يحيى: تجده الان على القهوة، في ميدان التوفيقية، معه مجموعة من الجرائد، يحل ما فيها من الكلمات المتقاطعة.
قام نجيب، وهو يردد مقطعا لأمل في قصيدة " كلمات سبارتوكس الأخيرة ":
معلّق أنا على مشانق الصباح / وجبهتي بالموت محنيّة / لأنني لم أحنها . . حيّة . يا أخوتي الذين يعبرون في الميدان مطرقين / منحدرين في نهاية المساء/ في شارع الاسكندر الأكبر/لا تخجلوا، و لترفعوا عيونكم اليّ / لأنكم معلقون جانبي ، على مشانق القيصر .
عند الثانية أو أكثر كنا في التوفيقية ، على رأي يحيى ذهبنا الى تلك المقهى، لنساعد أمل دنقل، في حل الكلمات المتقاطعة .
من كتاب "مائة ليلة وليلة" أو " العراقي في قاهرة نجيب محفوظ".
Log into Facebook
Log into Facebook to start sharing and connecting with your friends, family, and people you know.
www.facebook.com