من الرائع أن تلتقي "المقاومة" بمفهومها الإنساني الفطري المشترك بين البشر جميعا مع "الثقافة" التي تمثل في الأساس مجموع السلوكيات التي يمارسها الإنسان في مجتمعه، وتبرز ثقافة شعبٍ ما فيما يصدره من فنون، وما يمارسه في حياته اليومية وتعاملاته من أخلاق، والسويس مدينة مصرية عربية لا تقف بعيدًا عن المقاومة بل هي أهم ما يميز أهلها عن سائر كل الشعوب المقاوِمة لسمات اتصفوا بها، وعلى الرغم من أن المدينة تمثل أغلب سكان أقاليم مصر ومحافظاتها إلا أن من يسكنها أو يولد فيها، مع احتفاظه بأصوله، يكتسب صفات المقاومة بالتطبع والتنشئة والمعايشة والانصهار في بوتقتها.
تتنوع المقاومة ضد الغازي والمحتل في كل مجتمع عبر صور شتى ومنها المقاومة السلمية التي تتخذ المقاطعة سلاحا سواء مع منتجات العدو أو مع ثقافته، ومنها ما يتخذ صورة المقاومة المسلحة سواء على مستوى الجيوش أو الشعوب، ولم يكن غريبا على السويس أن تنتهج مقاومة العدو الإسرائيلي مقاومة شعبية مسلحة ولا ينبع ذلك المسلك من فقدانها الثقة في زعامتها السياسية أو قواتها المسلحة ولكن عن معادلة نفسية تخص المقاوم السويسي ذاته من التحامه الشعوري والنفسي بأرض مدينته والتي تلزمه رفض الجلوس في مقاعد المتفرجين، وترك الأمر برمته لأبناء الجيش المصري في خوض غمار المعارك وحدهم، ثم استرداد مدينتهم من عدوهم الغاصب ثم ردها إليهم وهو ما تأباه ثقافتهم المقاومة الأبية دائمًا أبدا.
إن السويس عرفت ثقافة المقاومة بالتنشئة والتربية والسلوك والممارسة عبر تاريخها الطويل، وعبر أجيال مازال يحكي التاريخ بطولاتهم، غير أن اللحظة التاريخية الفارقة في عمر السويس وأهلها بدأت مع نكسة يونيه 1967م والتي عرفت معها المدينة التنوع في أساليب المقاومة بين السلاح والفن، فأبطال المقاومة الشعبية في السويس يروون أنهم أنهوا تدريباتهم المتقدمة مع الجيش في أوائل شهر يوليه من نفس عام النكسة أي بعد أيام من وقوعها.
وقد استدعى الجيش أبناء المقاومة الشعبية من أهل السويس ليتصدوا في الرابع عشر من يوليو 1967م لأول محاولة يهودية لزرع علم دولتهم المحتلة في نصف مجرى القناة وهيمنتهم عليه والتي انتهت بأسر عددًا من جنودهم، ليتساقط على إثر ذلك الشهداء من المدنيين العُزَّل نتيجة للقصف الوحشي الإسرائيلي على المدينة التي صفعته أولى صفعات الانتصار الذي تحقق فيما بعد بأعوام.
وجاء الفن ليقوم بدوره جنبا إلى جنب مع السلاح تكريسًا لثقافة المقاومة التي يمارسها "السوايسة" سلوكا حياتيا نابعا من إيمانهم بحريتهم وقدسية مدينتهم باعتبارها أولى عتبات الرسول صلى الله عليه وسلم، لتختار ممارسة الغناء النضالي من داخلها وليس استيرادا من القاهرة لبعض أهل الفن المحترفين.
كان ميلاد الفرقة التي أسسها شاعر المقاومة الكابتن غزالي في أواخر عام 1967م الذي لم يجد أمامه سوى شباب المقاومة الشعبية ليكونها منهم باسمها الأول الذي عُرِفَتْ به وهو "فرقة البطانية"؛ فلم يكن أمام أعضاء الفرقة إلا البطانية الميري أي "العسكرية" ليفترشونها ويطلقون من فوقها نضالهم بالأغنية التي تصيب كالرصاصة قلب المعتدي، وتعطي الأمل لكل مصري.
لقد تبدل اسم الفرقة ليكون "فرقة ولاد الأرض" بحسب انتماء أعضائها إلى أرض السويس، كما كان الزي العسكري المعروف بـ "الكاكي" هو زي الفرقة الرسمي لأنه في الأساس زيهم النضالي؛ فقد كانوا من الماهرين بحمل السلاح دفاعا عن مدينتهم أثناء القصف الإسرائيلي المتكرر، ثم يحملون سلاحهم "السمسمية" في خندقهم ليلا يلهبون بغنائهم القلوب والحناجر والإرادة والتصميم على مواصلة الكفاح تعزيزًا لقيم ثقافة المقاومة التي نشأوا عليها، وذلك بشعرٍ نابع من تجربتهم وألحان ناطقة بحماستهم غير أن هذا الفن المقاوم الصادق خرج من قلوبهم الصادقة الطاهرة ليستقر في آذان وقلوب وأذهان المصريين والعرب في كل أرض.
إن الذين يظنون أن ثقافة المقاومة قد تراجعت أو تراخى دورها في عهدنا الحاضر بمدينتنا، عليهم أن يذهبوا إلى أي احتفالية يتجمع فيها أبناء السويس مهما تفاوتت أعمارهم وثقافاتهم ومناصبهم ودراساتهم ودياناتهم وسيجدون أن رافدا ثقافيا يجمعهم اليوم من ثقافة المقاومة وهو استدعاء الفن والشعر المقاوم لفرقة ولاد الأرض، نفس الجذوة مازالت ملتهبة في المشاعر والحناجر والقلوب، وهي الجذوة التي انتقلت من ثقافة مقاومة العدو الخارجي إلى ثقافة الثورة التي قادها أبناء هذا الشعب الوفي لمدينته الصامدة، ووطنه مصر، وأمته العربية في ثورتين مجيدتين، وهو ما يعني أن ثقافة المقاومة ممتدة تنتقل شعلتها عبر أجيال أهل السويس من الأجداد إلى الأبناء إلى الأحفاد في عملية استمرارية وتواصل لا ينتهي عبر الجينات المقاومة دومًا تجاه أي اعتداء على مدينتهم.
تتنوع المقاومة ضد الغازي والمحتل في كل مجتمع عبر صور شتى ومنها المقاومة السلمية التي تتخذ المقاطعة سلاحا سواء مع منتجات العدو أو مع ثقافته، ومنها ما يتخذ صورة المقاومة المسلحة سواء على مستوى الجيوش أو الشعوب، ولم يكن غريبا على السويس أن تنتهج مقاومة العدو الإسرائيلي مقاومة شعبية مسلحة ولا ينبع ذلك المسلك من فقدانها الثقة في زعامتها السياسية أو قواتها المسلحة ولكن عن معادلة نفسية تخص المقاوم السويسي ذاته من التحامه الشعوري والنفسي بأرض مدينته والتي تلزمه رفض الجلوس في مقاعد المتفرجين، وترك الأمر برمته لأبناء الجيش المصري في خوض غمار المعارك وحدهم، ثم استرداد مدينتهم من عدوهم الغاصب ثم ردها إليهم وهو ما تأباه ثقافتهم المقاومة الأبية دائمًا أبدا.
إن السويس عرفت ثقافة المقاومة بالتنشئة والتربية والسلوك والممارسة عبر تاريخها الطويل، وعبر أجيال مازال يحكي التاريخ بطولاتهم، غير أن اللحظة التاريخية الفارقة في عمر السويس وأهلها بدأت مع نكسة يونيه 1967م والتي عرفت معها المدينة التنوع في أساليب المقاومة بين السلاح والفن، فأبطال المقاومة الشعبية في السويس يروون أنهم أنهوا تدريباتهم المتقدمة مع الجيش في أوائل شهر يوليه من نفس عام النكسة أي بعد أيام من وقوعها.
وقد استدعى الجيش أبناء المقاومة الشعبية من أهل السويس ليتصدوا في الرابع عشر من يوليو 1967م لأول محاولة يهودية لزرع علم دولتهم المحتلة في نصف مجرى القناة وهيمنتهم عليه والتي انتهت بأسر عددًا من جنودهم، ليتساقط على إثر ذلك الشهداء من المدنيين العُزَّل نتيجة للقصف الوحشي الإسرائيلي على المدينة التي صفعته أولى صفعات الانتصار الذي تحقق فيما بعد بأعوام.
وجاء الفن ليقوم بدوره جنبا إلى جنب مع السلاح تكريسًا لثقافة المقاومة التي يمارسها "السوايسة" سلوكا حياتيا نابعا من إيمانهم بحريتهم وقدسية مدينتهم باعتبارها أولى عتبات الرسول صلى الله عليه وسلم، لتختار ممارسة الغناء النضالي من داخلها وليس استيرادا من القاهرة لبعض أهل الفن المحترفين.
كان ميلاد الفرقة التي أسسها شاعر المقاومة الكابتن غزالي في أواخر عام 1967م الذي لم يجد أمامه سوى شباب المقاومة الشعبية ليكونها منهم باسمها الأول الذي عُرِفَتْ به وهو "فرقة البطانية"؛ فلم يكن أمام أعضاء الفرقة إلا البطانية الميري أي "العسكرية" ليفترشونها ويطلقون من فوقها نضالهم بالأغنية التي تصيب كالرصاصة قلب المعتدي، وتعطي الأمل لكل مصري.
لقد تبدل اسم الفرقة ليكون "فرقة ولاد الأرض" بحسب انتماء أعضائها إلى أرض السويس، كما كان الزي العسكري المعروف بـ "الكاكي" هو زي الفرقة الرسمي لأنه في الأساس زيهم النضالي؛ فقد كانوا من الماهرين بحمل السلاح دفاعا عن مدينتهم أثناء القصف الإسرائيلي المتكرر، ثم يحملون سلاحهم "السمسمية" في خندقهم ليلا يلهبون بغنائهم القلوب والحناجر والإرادة والتصميم على مواصلة الكفاح تعزيزًا لقيم ثقافة المقاومة التي نشأوا عليها، وذلك بشعرٍ نابع من تجربتهم وألحان ناطقة بحماستهم غير أن هذا الفن المقاوم الصادق خرج من قلوبهم الصادقة الطاهرة ليستقر في آذان وقلوب وأذهان المصريين والعرب في كل أرض.
إن الذين يظنون أن ثقافة المقاومة قد تراجعت أو تراخى دورها في عهدنا الحاضر بمدينتنا، عليهم أن يذهبوا إلى أي احتفالية يتجمع فيها أبناء السويس مهما تفاوتت أعمارهم وثقافاتهم ومناصبهم ودراساتهم ودياناتهم وسيجدون أن رافدا ثقافيا يجمعهم اليوم من ثقافة المقاومة وهو استدعاء الفن والشعر المقاوم لفرقة ولاد الأرض، نفس الجذوة مازالت ملتهبة في المشاعر والحناجر والقلوب، وهي الجذوة التي انتقلت من ثقافة مقاومة العدو الخارجي إلى ثقافة الثورة التي قادها أبناء هذا الشعب الوفي لمدينته الصامدة، ووطنه مصر، وأمته العربية في ثورتين مجيدتين، وهو ما يعني أن ثقافة المقاومة ممتدة تنتقل شعلتها عبر أجيال أهل السويس من الأجداد إلى الأبناء إلى الأحفاد في عملية استمرارية وتواصل لا ينتهي عبر الجينات المقاومة دومًا تجاه أي اعتداء على مدينتهم.