صدر العدد الأول من مجلة فصول فى أول أكتوبر 1980 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب التى كان يرأسها الشاعر المُبدع صلاح عبد الصبور. وكان الهدف الأساسى لمجلة فصول ورئيس تحريرها الدكتور عز الدين إسماعيل، مواصلة التجديد العميق والتأصيل المنهجى لكل التيارات الحداثية وما بعد الحداثية فى الأدب والنقد الأدبى. واستمرت المجلة لسنوات عدة إلى أن توقفت ثم عاودت الصدور لتؤدى مهمتها الأساسية. وكان صدورها الثانى فى 1992 عندما توليتُ رئاسة تحريرها فى مرحلة مختلفة غير مغايرة كثيرًا للمرحلة الأولى، واستمرت هذه المرحلة الثانية إلى 1999، وواصلت فصول طريقها فى المرحلة الثالثة ابتداء من 1999 إلى 2011 تحت رئاسة الدكتورة هدى وصفى، وتوالى رؤساء تحريرها من الدكتور محمد بدوى، مرورًا بالدكتور محمد فكرى الجزار إلى أن بدأت المرحلة الأخيرة بهذا العدد الجديد من إصدارها (العدد 106- خريف 2021) الذى يحمل عنوان: النقد الحاضر.. النقد الغائب. وقد تكرَّم كل من الدكتور هيثم الحاج على، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب والدكتور حسين حمودة، رئيس تحرير المجلة الحالى، بإرسال العدد إلىَّ، والعدد الجديد يحاول أن يمضى فى النهج الذى حددته الأعداد السابقة التى مضى عليها ما يقرب من أربعين عامًا على وجه التحديد أو نصف قرن على وجه التقريب.
والحقيقة أننى عندما حاولتُ أن أستعيد بدايات هذا الرقم فوجئتُ بمضى العمر، وتحولى إلى أستاذ عجوز مُسن بلغ من العمر أكثر من الخامسة والسبعين. لكنى هأنذا ما زال الله يطيل فى عمرى – له الشكر والحمد - إلى أن أشهد الصدور الرابع لفصول الذى يحمل عنوان: النقد الحاضر.. النقد الغائب، وذلك بعد توقفها لبعض الوقت. ويبدأ العدد الجديد بمفتتح لرئيس التحرير الدكتور حسين حمودة، جاء فيه: آثرنا أن ترتبط البداية بما هو مثار، على مستويات عدة، من تصورات حول العلاقة بين النقد والإبداع الراهنين، سواء فى المشهد العربى الآن أو فيما يمكن أن يترامى خارج المشهد فى نطاق أوسع، فخصصنا مقالات محور هذا العدد لمقاربات تتصل بما يصفه كثيرون بــ النقد الحاضر.. النقد الغائب. وبجانب هذه المقالات اهتممنا بتقديم تمثيلات متنوعة من شهادات لعددٍ من المبدعين والمبدعات، وأصحاب وصاحبات تجارب تنوس بين ممارسة النقد وممارسة الإبداع، آملين أن تتكامل هذه المقالات والشهادات معًا، وأن تستكشفا معًا، بوضوحٍ أكبر، أبعادًا أخرى لهذا المشهد، وسُبلًا أخرى للتعامل معه.
والحق أننى بعد أن قرأتُ العدد القراءة الأولى، استغرقتُ فى تذكر الماضى والزمن الذى ظلت فيه فصول رائدة للتجديد والتأصيل والمُساءلة فى الوقت نفسه، وكان لها من الإنجاز ما جعل لها مكانة رغم قصر عُمرها بين المجلات التى لا ينسى أحد تاريخها إلى عامنا الحالى. والحق أننى أدين لـ فصول بالكثير مما قرأته فيها من مقالات لا تخلو من تميز فى هذا العدد الجديد؛ فأفكارها تمضى فى الأفق الذى كانت تمضى فيه الأعداد السابقة، وقد قرأتُ عن روايات أشهد أنى لم أقرأها، وأن الكتابة عنها قد أضافت إلىَّ معرفة واستنارة وخبرة، ولذلك أرى بحق أن هذا العدد لا يقل فى مستواه عن بعض الأعداد السابقة، لكنى لاحظتُ – للأسف - تفاوتًا كبيرًا بين المقالات؛ فشتان بين كتابة شاكر عبد الحميد الأصيلة، وأحمد درويش المؤصلة، وكتابة سلوى سعداوى وأمانى فؤاد. ولذا أعتقد أن نقطة الضعف الأولى فى هذا العدد، تتمثل فى التفاوت الكبير فى المستوى العلمى للمقالات.
وهنا لا بد من أتوقف قليلًا لمناقشة العودة إلى إصدار فصول دون مجاملة منى لتلامذتى، فما يعلو على الحق هو الواجب الذى يفرض البدء بالوضع الحالى المعاصر للزمن الذى صدر فيه هذا العدد. لقد وضع له رقم (106) هذا صحيح، لكن انطباعى العام أنه ليس للعدد موضوع خاص ولا زمن معاصر، وإنما هى مجموعة متناثرة من المقالات، فهل يعنى هذا، التغيير العام فى نظام تحرير فصول الذى كان يخصص لكل عدد من الأعداد موضوعًا خاصًّا لقضية من القضايا الأدبية أو النقدية أو لموضوع من الموضوعات التى تتصل بالأدب والنقد فى علاقتهما الوثيقة بالمجتمع الأدبى والحياة الثقافية بوجهٍ عام، ولكن يستثنى من ذلك الموضوعات الأكثر أهمية، فكان فى هذه الحالة يصدر العدد الخاص بها فى أكثر من جزء، كما حدث مع عدد الأدب والحرية وعدد ألف ليلة وليلة وأبى حيان التوحيدى. وإن لم تخنى الذاكرة، فقد كان موضوع العدد الأول من مجلة فصول عن مشكلات التراث أول أكتوبر 1980، وموضوع العدد الثانى عن مناهج النقد الأدبى المعاصر- الجزء الأول يناير1981، والثالث عن مناهج النقد الأدبى المعاصر- الجزء الثانى أبريل 1981، وموضوع العدد الرابع عن قضايا الشعر العربى يوليو 1981 إلى أن وصلنا إلى العدد الذى أحدث ضجة كما أصبح وثيقة مشهورة وهو الأدب والحرية.
وقد عوَّدتنا فصول مع رؤساء التحرير المتأخرين على أن يكون لكل عددٍ موضوع خاص. والحق أننى أميل لهذا النوع؛ ذلك لأن فصول هى مجلة تهدف منذ تأسيسها إلى التأصيل والتجديد والمساءلة كما سبق أن ذكرتُ. وقد أصدرت المجلة نماذج كثيرة من أعداد هذه الأنواع، ربما كانت هى الغالبة على أعداد المجلة، أما هذه المرة فقد فوجئنا بأن مستويات كتابة المقالات أقل حتى من الأعداد الأولى، والمستوى الخاص بالكيفية يلفت الانتباه على نحوٍ يجعل العدد نفسه موضوعًا للمُساءلة السلبية، حتى بالقياس إلى الأعداد الأولى من المجلة.
مؤكد أننا ينبغى أن نشكر جميع القائمين على فصول والذين أسهموا فى إخراجها على إعادتهم الحياة لهذه المجلة الأصيلة المهمة فى حياتنا النقدية. ولكننا لا نزال ننتظر منهم أن يعيدوا لنا وجه فصول الأصيل أو يقدِّموه لنا بصورةٍ جديدةٍ تمامًا من تصميمهم هم، وعلى حسب القواعد السائدة فى عصرنا، وعلى امتداد كوكبنا الأرضى.
والحقيقة أننى عندما حاولتُ أن أستعيد بدايات هذا الرقم فوجئتُ بمضى العمر، وتحولى إلى أستاذ عجوز مُسن بلغ من العمر أكثر من الخامسة والسبعين. لكنى هأنذا ما زال الله يطيل فى عمرى – له الشكر والحمد - إلى أن أشهد الصدور الرابع لفصول الذى يحمل عنوان: النقد الحاضر.. النقد الغائب، وذلك بعد توقفها لبعض الوقت. ويبدأ العدد الجديد بمفتتح لرئيس التحرير الدكتور حسين حمودة، جاء فيه: آثرنا أن ترتبط البداية بما هو مثار، على مستويات عدة، من تصورات حول العلاقة بين النقد والإبداع الراهنين، سواء فى المشهد العربى الآن أو فيما يمكن أن يترامى خارج المشهد فى نطاق أوسع، فخصصنا مقالات محور هذا العدد لمقاربات تتصل بما يصفه كثيرون بــ النقد الحاضر.. النقد الغائب. وبجانب هذه المقالات اهتممنا بتقديم تمثيلات متنوعة من شهادات لعددٍ من المبدعين والمبدعات، وأصحاب وصاحبات تجارب تنوس بين ممارسة النقد وممارسة الإبداع، آملين أن تتكامل هذه المقالات والشهادات معًا، وأن تستكشفا معًا، بوضوحٍ أكبر، أبعادًا أخرى لهذا المشهد، وسُبلًا أخرى للتعامل معه.
والحق أننى بعد أن قرأتُ العدد القراءة الأولى، استغرقتُ فى تذكر الماضى والزمن الذى ظلت فيه فصول رائدة للتجديد والتأصيل والمُساءلة فى الوقت نفسه، وكان لها من الإنجاز ما جعل لها مكانة رغم قصر عُمرها بين المجلات التى لا ينسى أحد تاريخها إلى عامنا الحالى. والحق أننى أدين لـ فصول بالكثير مما قرأته فيها من مقالات لا تخلو من تميز فى هذا العدد الجديد؛ فأفكارها تمضى فى الأفق الذى كانت تمضى فيه الأعداد السابقة، وقد قرأتُ عن روايات أشهد أنى لم أقرأها، وأن الكتابة عنها قد أضافت إلىَّ معرفة واستنارة وخبرة، ولذلك أرى بحق أن هذا العدد لا يقل فى مستواه عن بعض الأعداد السابقة، لكنى لاحظتُ – للأسف - تفاوتًا كبيرًا بين المقالات؛ فشتان بين كتابة شاكر عبد الحميد الأصيلة، وأحمد درويش المؤصلة، وكتابة سلوى سعداوى وأمانى فؤاد. ولذا أعتقد أن نقطة الضعف الأولى فى هذا العدد، تتمثل فى التفاوت الكبير فى المستوى العلمى للمقالات.
وهنا لا بد من أتوقف قليلًا لمناقشة العودة إلى إصدار فصول دون مجاملة منى لتلامذتى، فما يعلو على الحق هو الواجب الذى يفرض البدء بالوضع الحالى المعاصر للزمن الذى صدر فيه هذا العدد. لقد وضع له رقم (106) هذا صحيح، لكن انطباعى العام أنه ليس للعدد موضوع خاص ولا زمن معاصر، وإنما هى مجموعة متناثرة من المقالات، فهل يعنى هذا، التغيير العام فى نظام تحرير فصول الذى كان يخصص لكل عدد من الأعداد موضوعًا خاصًّا لقضية من القضايا الأدبية أو النقدية أو لموضوع من الموضوعات التى تتصل بالأدب والنقد فى علاقتهما الوثيقة بالمجتمع الأدبى والحياة الثقافية بوجهٍ عام، ولكن يستثنى من ذلك الموضوعات الأكثر أهمية، فكان فى هذه الحالة يصدر العدد الخاص بها فى أكثر من جزء، كما حدث مع عدد الأدب والحرية وعدد ألف ليلة وليلة وأبى حيان التوحيدى. وإن لم تخنى الذاكرة، فقد كان موضوع العدد الأول من مجلة فصول عن مشكلات التراث أول أكتوبر 1980، وموضوع العدد الثانى عن مناهج النقد الأدبى المعاصر- الجزء الأول يناير1981، والثالث عن مناهج النقد الأدبى المعاصر- الجزء الثانى أبريل 1981، وموضوع العدد الرابع عن قضايا الشعر العربى يوليو 1981 إلى أن وصلنا إلى العدد الذى أحدث ضجة كما أصبح وثيقة مشهورة وهو الأدب والحرية.
وقد عوَّدتنا فصول مع رؤساء التحرير المتأخرين على أن يكون لكل عددٍ موضوع خاص. والحق أننى أميل لهذا النوع؛ ذلك لأن فصول هى مجلة تهدف منذ تأسيسها إلى التأصيل والتجديد والمساءلة كما سبق أن ذكرتُ. وقد أصدرت المجلة نماذج كثيرة من أعداد هذه الأنواع، ربما كانت هى الغالبة على أعداد المجلة، أما هذه المرة فقد فوجئنا بأن مستويات كتابة المقالات أقل حتى من الأعداد الأولى، والمستوى الخاص بالكيفية يلفت الانتباه على نحوٍ يجعل العدد نفسه موضوعًا للمُساءلة السلبية، حتى بالقياس إلى الأعداد الأولى من المجلة.
مؤكد أننا ينبغى أن نشكر جميع القائمين على فصول والذين أسهموا فى إخراجها على إعادتهم الحياة لهذه المجلة الأصيلة المهمة فى حياتنا النقدية. ولكننا لا نزال ننتظر منهم أن يعيدوا لنا وجه فصول الأصيل أو يقدِّموه لنا بصورةٍ جديدةٍ تمامًا من تصميمهم هم، وعلى حسب القواعد السائدة فى عصرنا، وعلى امتداد كوكبنا الأرضى.