كلّ حبلٍ ينقطع إلا حبلَ الأدب، إذ مهما شددناه عاد الى الارتخاء؛ ولا رخاءَ لحبلِ مَن تشتدُّ به الظنون وتوتِّر حسَّه الخطوب وتشغله مشكلاتُ الخطاب، من بين يديه، وعِبر نظَرِه، وخلفَه.
كيف لا، والأدبُ ممارسةُ حياة، وسبيلُ سَفَر، من الداخل للخارج، ومن الخارج للداخل؛ وكان هذا الحبلُ دليلاً في متاهة "ديدالوس" بيدِ "ثيسيوس"_ لكنّه في عصرنا هو حبلُ مئاتِ التائهين حول العالم الافتراضي ومتاهاته الشبكية. إنّه عصر المشدودين إلى حقيقة ضائعة، متبدِّلة باستمرار. ليس للحقيقة مكان، والحبلُ أنشوطةٌ تضيق بتُؤَدة وإحكام حول أعناق المشدودين.
أفكّرُ الآن ب"التائهين" في رواية أمين معلوف، وأشدُّ حبلَ الرواية من هذا الموقع، موقع متاهتي الداخلي، حيث الحبلُ ينشدُّ بيدي_ وبأيدي روائيين آخرين تهمُّهم قضية المبادلة السردية حسب قانون الخطاب_ الانشداد ل"هوية" ميلان كونديرا المتحقّقة من موقع متباعد، ببطء وتعقّل شديدين. وعلى طرف آخر تتحوّل عقدةُ الشدّ نحو الطاهر بن جلّون _ الآخذ بحبل المتاهة العربية نحو العالم المرصود بلغة هجينة_ متى تَهُن العُقَدُ وتتفرّق تندحر فرضيةُ السَّرد المحبوكة من وحداتٍ ووظائف مشتركة بين أدباء الحبل الأمميّ/ الأنساليّ/ المُنَصَّص من عُقَدٍ متفرّعة في الكلام السردي.
الهوية، النَّسل، التنصيص، التوارُث، التبادُل_ عُقَدٌ أوّلية في حبل الأدب. اليدُ_ اللسان محورُ هذه التماثلات الكبرى، حتى تصغر وتتواطأ مع امتثالاتٍ فرعية، نظرية وعملياتية، أقرب إلى أيدينا_ ألسنتِنا. تلوح في أفق الحبل المشدود أخيلةٌ واثبة وأخرى سائحة، وغيرها زاحفةٌ متسلّلة من جدران المتاهة السردية_ المنسوخة مئات المرّات على نماذج بلاغية_ استيطانية. وهذه حقيقة تقودنا الى فرضية "زمن الرواية" المدوّر من فرضية الشعر "الشعر ديوان العرب"_ حبلنا المُمدَّد بلا ارتخاء.
استجاب جابر عصفور لزمنيةٍ عربية للرواية، حين انشدَّ حبلُها وكاد يلتفّ على عنُق الشعر فيخنقَه، في موقع دثرَتْه الحروبُ أكثر من مرة، وتوالت عليه أقدامُ التسلّط والجبروت. متى ابتدأ زمنُ الرواية العربية ولمّا يتصل بتقليد قديم، من جهة ما؟ بل لم ينشأ على تبدلات واقعٍ مدنيّ، مشدودٍ لضرورة تاريخية_ بل صنعته متاهاتُ الحبال المشدودة؟ خرجت الرواية الأوربية من متاهة الحبال الصناعية الفولاذية_ السيطرة على العالم_ فاستجابت لفرضيتها متاهةُ الحبال المفتولة من روح الامتثال والتحدّي. هنا نشأت قضيةُ التسارع الشرقي_ التعاطفي إزاء طبيعة "البطء" الميتافيزيقي الأوربي، والحسّ التجريبي العقلاني. من عُمق الانهيارات العربية المتوالية، نشأ الشدُّ الروائي بحبالٍ أكثر قِصراً، بينما مدّده جابر عصفور وأسسّه على افتراضاتٍ راهية.
أكانَ على النقد العربي إنقاذ مؤسَّستِه وتنشيطها ابتداء من عقدة الترجمة والمقابسة الواسعة من متاهة "الآخر" المتقلّصة؟ أصبح ذلك مشروعاً لذوي الحسّ النقدي المشدود لحباله الشعرية، على جهتَي البحر المتوسط والخليج العربي. فإذا كان الزمن الروائيّ العربي قد بدأ حقاً_ من حبل الشِعر_ فهذا لأنّ الحبل الشعريّ كاد ينقطع أكثر من مرة، فعقَدَه الخطابُ الروائيُّ وشدَّه من جديد_ وهذا سببُ ما نلحظه من إسراف شعريّ في كتابة الرواية. وعلى أيّ نسقٍ وشدّ لغويّ، باتت ولادةُ عقدةٍ قوية لازمةً للمشدودين، تقودُهم لمخرجٍ متاح من متاهتهم. وفي مقدمة هؤلاء النقّاد المعاصرين افترض جابر عصفور خِططَه المتوترة كحبالٍ تشدُّ الى خارج المتاهة العربية..
كيف لا، والأدبُ ممارسةُ حياة، وسبيلُ سَفَر، من الداخل للخارج، ومن الخارج للداخل؛ وكان هذا الحبلُ دليلاً في متاهة "ديدالوس" بيدِ "ثيسيوس"_ لكنّه في عصرنا هو حبلُ مئاتِ التائهين حول العالم الافتراضي ومتاهاته الشبكية. إنّه عصر المشدودين إلى حقيقة ضائعة، متبدِّلة باستمرار. ليس للحقيقة مكان، والحبلُ أنشوطةٌ تضيق بتُؤَدة وإحكام حول أعناق المشدودين.
أفكّرُ الآن ب"التائهين" في رواية أمين معلوف، وأشدُّ حبلَ الرواية من هذا الموقع، موقع متاهتي الداخلي، حيث الحبلُ ينشدُّ بيدي_ وبأيدي روائيين آخرين تهمُّهم قضية المبادلة السردية حسب قانون الخطاب_ الانشداد ل"هوية" ميلان كونديرا المتحقّقة من موقع متباعد، ببطء وتعقّل شديدين. وعلى طرف آخر تتحوّل عقدةُ الشدّ نحو الطاهر بن جلّون _ الآخذ بحبل المتاهة العربية نحو العالم المرصود بلغة هجينة_ متى تَهُن العُقَدُ وتتفرّق تندحر فرضيةُ السَّرد المحبوكة من وحداتٍ ووظائف مشتركة بين أدباء الحبل الأمميّ/ الأنساليّ/ المُنَصَّص من عُقَدٍ متفرّعة في الكلام السردي.
الهوية، النَّسل، التنصيص، التوارُث، التبادُل_ عُقَدٌ أوّلية في حبل الأدب. اليدُ_ اللسان محورُ هذه التماثلات الكبرى، حتى تصغر وتتواطأ مع امتثالاتٍ فرعية، نظرية وعملياتية، أقرب إلى أيدينا_ ألسنتِنا. تلوح في أفق الحبل المشدود أخيلةٌ واثبة وأخرى سائحة، وغيرها زاحفةٌ متسلّلة من جدران المتاهة السردية_ المنسوخة مئات المرّات على نماذج بلاغية_ استيطانية. وهذه حقيقة تقودنا الى فرضية "زمن الرواية" المدوّر من فرضية الشعر "الشعر ديوان العرب"_ حبلنا المُمدَّد بلا ارتخاء.
استجاب جابر عصفور لزمنيةٍ عربية للرواية، حين انشدَّ حبلُها وكاد يلتفّ على عنُق الشعر فيخنقَه، في موقع دثرَتْه الحروبُ أكثر من مرة، وتوالت عليه أقدامُ التسلّط والجبروت. متى ابتدأ زمنُ الرواية العربية ولمّا يتصل بتقليد قديم، من جهة ما؟ بل لم ينشأ على تبدلات واقعٍ مدنيّ، مشدودٍ لضرورة تاريخية_ بل صنعته متاهاتُ الحبال المشدودة؟ خرجت الرواية الأوربية من متاهة الحبال الصناعية الفولاذية_ السيطرة على العالم_ فاستجابت لفرضيتها متاهةُ الحبال المفتولة من روح الامتثال والتحدّي. هنا نشأت قضيةُ التسارع الشرقي_ التعاطفي إزاء طبيعة "البطء" الميتافيزيقي الأوربي، والحسّ التجريبي العقلاني. من عُمق الانهيارات العربية المتوالية، نشأ الشدُّ الروائي بحبالٍ أكثر قِصراً، بينما مدّده جابر عصفور وأسسّه على افتراضاتٍ راهية.
أكانَ على النقد العربي إنقاذ مؤسَّستِه وتنشيطها ابتداء من عقدة الترجمة والمقابسة الواسعة من متاهة "الآخر" المتقلّصة؟ أصبح ذلك مشروعاً لذوي الحسّ النقدي المشدود لحباله الشعرية، على جهتَي البحر المتوسط والخليج العربي. فإذا كان الزمن الروائيّ العربي قد بدأ حقاً_ من حبل الشِعر_ فهذا لأنّ الحبل الشعريّ كاد ينقطع أكثر من مرة، فعقَدَه الخطابُ الروائيُّ وشدَّه من جديد_ وهذا سببُ ما نلحظه من إسراف شعريّ في كتابة الرواية. وعلى أيّ نسقٍ وشدّ لغويّ، باتت ولادةُ عقدةٍ قوية لازمةً للمشدودين، تقودُهم لمخرجٍ متاح من متاهتهم. وفي مقدمة هؤلاء النقّاد المعاصرين افترض جابر عصفور خِططَه المتوترة كحبالٍ تشدُّ الى خارج المتاهة العربية..