ذات يوم ..21 مارس 1939
كان الطلاب يستمعون باهتمام إلى المحاضرة فى المدرج الكبير بكلية الآداب بالجامعة المصرية، وفجأة اقتحم المدرج شباب من خارج الجامعة يهتفون بسقوط الكلية، ويهتفون بحياة الإسلام، واستنجدت إدارة الكلية ببوليس الجيزة، ولكن البوليس اعتذر بحجة أنه ليس لديه قوة تستطيع حماية الكلية، واقتحم المهاجمون المدرجات وقاعات البحث، وصعدوا سلم الكلية متجهين إلى غرفة عميدها، الدكتور طه حسين، يهتفون بسقوط «العميد الأعمى »، وحاولوا اقتحام حجرته وهو فيها وحده، فأوقفهم سعاة وموظفون وطلاب خرجوا من محاضراتهم وأسرعوا يحمون غرفة «العميد »، ويرتفع الضجيج من المهاجمين وتتعالى الهتافات، وبعضها قبيح شديد الإسفاف مهين للطلبة، جارح للطالبات، وأخيرا يتمكن طلاب الآداب وموظفوها من إجلاء المهاجمين.
وقعت هذه «الغارة » فى 21 مارس، مثل هذا اليوم، 1939، ويروى تفاصيلها «محمد حسن الزيات » زوج ابنة طه حسين، ووزير خارجية مصر، أثناء حرب أكتوبر 1973، فى كتابه «ما بعد الأيام »، يمسك القصة من بدايتها، حيث اختار قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب لطلابه قراءة كتاب «جان دارك » للمؤلف البريطانى الشهير «برنارد شو »، وكتاب «أحاديث خيالية » تأليف «لاندرو»، فغضب البعض، وقدموا شكاوى إلى مدير الجامعة، تتحدث عن أن فى هذين الكتابين مس بالعقيدة وإهانة للإسلام والرسول عليه الصلاة والسلام، وأثار طه حسين هذه القضية فى اجتماع لمجلس كلية الآداب يوم 13 مارس 1939، مؤكدا أنه قال لمدير الجامعة عدم قبوله ذلك، ولن يتردد فى منع قراءة الكتابين إذا وجد فيهما تلك الإساءات.
طلب طه حسين من رئيس قسم اللغة الإنجليزية بالكلية تقريرا حول الموضوع، كما طلب من شخصين آخرين من خارج الكلية إعداد تقرير آخر، وعرض التقريرين أمام اجتماع مجلس الكلية، وكانت نتيجتهما متطابقة، حيث إن هذا اللغط أثير حول سبع محادثات فى كتاب «محادثات خيالية »، ولا توجد فيها أى إشارات إلى الإسلام أو الرسول الكريم، أما مسرحية «جان دارك » تأليف برنارد شو، فهو من الكتب التى يطالعها طلاب قسم اللغة الإنجليزية منذ ست سنوات، وسبق ترجمتها من لجنة «التأليف والترجمة والنشر » منذ سنوات ومازالت معروضة فى المكتبات، ولم يعترض عليها أحد، وقال رئيس قسم اللغة الإنجليزية: إن الذى تعترض عليه بعض الصحف الآن هو ما يجىء فى المسرحية من حوار بين قسيس عظيم الحظ من التعصب، عظيم الحظ من الغباء والجهل، وبين أحد اللوردات. يتحدث القسيس عن «جان دارك » وعن النبى صلى الله عليه وسلم، ويقول: إن كليهما عدو للمسيح، لكن محاوره يرد عليه فورا بأنه «قد عرف المسلمين فوجدهم قوما كراما، بل رآهم يفضلون قومه من نواح كثيرة »، وواضح إذن أن المؤلف «برنارد شو » لم يقصد التعريض بالإسلام، بل قصد إبراز الجهل والتعصب الذى اتصف به بعض رجال الكنيسة، الذين كانوا يطالبون برأس «جان دارك »، ورد المؤلف على هذا القسيس المتعصب الجاهل على لسان اللورد، الذى كان يحاوره برد أنصف به الإسلام والمسلمين.
انتهى اجتماع مجلس الكلية إلى الإبقاء على قراءة الكتابين، لكن وزير المعارف الدكتور محمد حسين هيكل باشا، أبلغ طه حسين بأن محمد محمود باشا رئيس الوزراء أمر بمنع الكتابين، فرد «حسين»: «إذن تبحثون عن عميد ينفذ أوامر رئيس الحكومة مهما تكن ودون سؤال، فإن طه حسين لا يحسن ذلك »، وأرسل استقالته إلى مدير الجامعة موضحا أسبابها، غير أن هيكل باشا زاره فى منزله، مبديا أسفه للحوادث التى أدت إلى استقالته، وترجاه أن يعود إلى عمله، مؤكدا أن هذا الرجاء سيقدم له رسميا،
كان المتظاهرون من طلاب جماعة الإخوان، وفقا لتأكيد «محمد عبدالحميد أحمد » أحد رواد «الجماعة «فى كتابه «ذكرياتى » «طبعة إلكترونية على موقع جماعة الإخوان »، ويكشف أنه كان طالبا فى قسم اللغة الإنجليزية، وتقدم باسم «طلاب الإخوان »، وقسم اللغة الإنجليزية باحتجاج إلى الدكتور طه حسين حول السماح بقراءة الكتابين، ويقول: «لم يكن معنا فى الواقع إلا شباب الإخوان فقط من جميع الأقسام»، ويضيف: «نشرت الصحف المصرية، وعلى رأسها المصرى والأهرام، أنباء هذه الثورة، وامتدت إلى المعاهد والجامعات، وقامت كلية أصول الدين بمظاهرة كبيرة تحتج على تدريس الروايتين، وكذلك بقية المعاهد الأزهرية، وبعض المدارس الثانوية، ومن بينها المدرسة الفاروقية بالزقازيق، تهتف بسقوط الاستعمار الفكرى وتردد شعار: «نحن للإسلام قمنا نبتغى رفع اللواء.. فليعد للدين مجده أوتروق فيه الدماء».
يذكر «محمد عبدالحميد أحمد » بعض إنجازات طلاب الإخوان فى كلية الآداب وقتئذ، ومنها تجهيزهم لمصلى فى مبنى الكلية، وشراء قباقيب للوضوء والمناشف والشماعات لتعليق الجاكتات،.. يقول: «هذا حدث فى الكلية التى فيها قسم اللغة الإنجليزية، وفيه طلاب أبرزهم لويس عوض، صرعى الغرب وعملاءه، على نهج سلامة موسى وطه حسين ».
....................................................
#ذات_يوم_سعيد_الشحات_اليوم_السابع
كان الطلاب يستمعون باهتمام إلى المحاضرة فى المدرج الكبير بكلية الآداب بالجامعة المصرية، وفجأة اقتحم المدرج شباب من خارج الجامعة يهتفون بسقوط الكلية، ويهتفون بحياة الإسلام، واستنجدت إدارة الكلية ببوليس الجيزة، ولكن البوليس اعتذر بحجة أنه ليس لديه قوة تستطيع حماية الكلية، واقتحم المهاجمون المدرجات وقاعات البحث، وصعدوا سلم الكلية متجهين إلى غرفة عميدها، الدكتور طه حسين، يهتفون بسقوط «العميد الأعمى »، وحاولوا اقتحام حجرته وهو فيها وحده، فأوقفهم سعاة وموظفون وطلاب خرجوا من محاضراتهم وأسرعوا يحمون غرفة «العميد »، ويرتفع الضجيج من المهاجمين وتتعالى الهتافات، وبعضها قبيح شديد الإسفاف مهين للطلبة، جارح للطالبات، وأخيرا يتمكن طلاب الآداب وموظفوها من إجلاء المهاجمين.
وقعت هذه «الغارة » فى 21 مارس، مثل هذا اليوم، 1939، ويروى تفاصيلها «محمد حسن الزيات » زوج ابنة طه حسين، ووزير خارجية مصر، أثناء حرب أكتوبر 1973، فى كتابه «ما بعد الأيام »، يمسك القصة من بدايتها، حيث اختار قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب لطلابه قراءة كتاب «جان دارك » للمؤلف البريطانى الشهير «برنارد شو »، وكتاب «أحاديث خيالية » تأليف «لاندرو»، فغضب البعض، وقدموا شكاوى إلى مدير الجامعة، تتحدث عن أن فى هذين الكتابين مس بالعقيدة وإهانة للإسلام والرسول عليه الصلاة والسلام، وأثار طه حسين هذه القضية فى اجتماع لمجلس كلية الآداب يوم 13 مارس 1939، مؤكدا أنه قال لمدير الجامعة عدم قبوله ذلك، ولن يتردد فى منع قراءة الكتابين إذا وجد فيهما تلك الإساءات.
طلب طه حسين من رئيس قسم اللغة الإنجليزية بالكلية تقريرا حول الموضوع، كما طلب من شخصين آخرين من خارج الكلية إعداد تقرير آخر، وعرض التقريرين أمام اجتماع مجلس الكلية، وكانت نتيجتهما متطابقة، حيث إن هذا اللغط أثير حول سبع محادثات فى كتاب «محادثات خيالية »، ولا توجد فيها أى إشارات إلى الإسلام أو الرسول الكريم، أما مسرحية «جان دارك » تأليف برنارد شو، فهو من الكتب التى يطالعها طلاب قسم اللغة الإنجليزية منذ ست سنوات، وسبق ترجمتها من لجنة «التأليف والترجمة والنشر » منذ سنوات ومازالت معروضة فى المكتبات، ولم يعترض عليها أحد، وقال رئيس قسم اللغة الإنجليزية: إن الذى تعترض عليه بعض الصحف الآن هو ما يجىء فى المسرحية من حوار بين قسيس عظيم الحظ من التعصب، عظيم الحظ من الغباء والجهل، وبين أحد اللوردات. يتحدث القسيس عن «جان دارك » وعن النبى صلى الله عليه وسلم، ويقول: إن كليهما عدو للمسيح، لكن محاوره يرد عليه فورا بأنه «قد عرف المسلمين فوجدهم قوما كراما، بل رآهم يفضلون قومه من نواح كثيرة »، وواضح إذن أن المؤلف «برنارد شو » لم يقصد التعريض بالإسلام، بل قصد إبراز الجهل والتعصب الذى اتصف به بعض رجال الكنيسة، الذين كانوا يطالبون برأس «جان دارك »، ورد المؤلف على هذا القسيس المتعصب الجاهل على لسان اللورد، الذى كان يحاوره برد أنصف به الإسلام والمسلمين.
انتهى اجتماع مجلس الكلية إلى الإبقاء على قراءة الكتابين، لكن وزير المعارف الدكتور محمد حسين هيكل باشا، أبلغ طه حسين بأن محمد محمود باشا رئيس الوزراء أمر بمنع الكتابين، فرد «حسين»: «إذن تبحثون عن عميد ينفذ أوامر رئيس الحكومة مهما تكن ودون سؤال، فإن طه حسين لا يحسن ذلك »، وأرسل استقالته إلى مدير الجامعة موضحا أسبابها، غير أن هيكل باشا زاره فى منزله، مبديا أسفه للحوادث التى أدت إلى استقالته، وترجاه أن يعود إلى عمله، مؤكدا أن هذا الرجاء سيقدم له رسميا،
كان المتظاهرون من طلاب جماعة الإخوان، وفقا لتأكيد «محمد عبدالحميد أحمد » أحد رواد «الجماعة «فى كتابه «ذكرياتى » «طبعة إلكترونية على موقع جماعة الإخوان »، ويكشف أنه كان طالبا فى قسم اللغة الإنجليزية، وتقدم باسم «طلاب الإخوان »، وقسم اللغة الإنجليزية باحتجاج إلى الدكتور طه حسين حول السماح بقراءة الكتابين، ويقول: «لم يكن معنا فى الواقع إلا شباب الإخوان فقط من جميع الأقسام»، ويضيف: «نشرت الصحف المصرية، وعلى رأسها المصرى والأهرام، أنباء هذه الثورة، وامتدت إلى المعاهد والجامعات، وقامت كلية أصول الدين بمظاهرة كبيرة تحتج على تدريس الروايتين، وكذلك بقية المعاهد الأزهرية، وبعض المدارس الثانوية، ومن بينها المدرسة الفاروقية بالزقازيق، تهتف بسقوط الاستعمار الفكرى وتردد شعار: «نحن للإسلام قمنا نبتغى رفع اللواء.. فليعد للدين مجده أوتروق فيه الدماء».
يذكر «محمد عبدالحميد أحمد » بعض إنجازات طلاب الإخوان فى كلية الآداب وقتئذ، ومنها تجهيزهم لمصلى فى مبنى الكلية، وشراء قباقيب للوضوء والمناشف والشماعات لتعليق الجاكتات،.. يقول: «هذا حدث فى الكلية التى فيها قسم اللغة الإنجليزية، وفيه طلاب أبرزهم لويس عوض، صرعى الغرب وعملاءه، على نهج سلامة موسى وطه حسين ».
....................................................
#ذات_يوم_سعيد_الشحات_اليوم_السابع
#ذات_يوم_سعيد_الشحات_اليوم_السابع - Интересное
explore #ذات_يوم_سعيد_الشحات_اليوم_السابع at Facebook
www.facebook.com