يقولون ”العصا لمن عصى” ولكن في بيتنا العصا هي الحل لجميع المشاكل والقضايا، للحوار والنقاش، فقد جعل منها والدي رمزاً للأبوة الناجحة والتربية الصالحة.
والدي أمام الناس الرجل نادر الوجود ، أخلاق ، ذكاء ، رزانة ، هدوء ، يجذب السامعين، عنده قدرة على الاقناع ، ورأيه دائماً على صواب .
لكن هذا الأب في البيت له الوجه الآخر هو الوحش ، طاغ ، جبار ، لا سلطة تعلو على سلطته ، ولا كلمة تعلو على كلمته، والضرب بالنسبة له وسيلة هامة للتربية – حسب رأيه – بالضرب فقط يخلق جيلاً ناجحاً .
وكان نصيبي من الضرب الكثير ، فأنا أقول رأيي وأعلن مشاعري بصراحة ولا تعجبني قسوة والدي التي تصل إلى الاذلال، وعندما كان يضربني كنت أبعد يده فيجن جنونه ، عليّ أن أقبل ضرباته بصمت .
في إحدى المرات عندما كان يضربني بحزامه الجلدي ، قلت له بأعلى صوتي ” أنت ظالم “، فأظلمت الدنيا في عيني ، حيث ضربني بالحزام على عيني اليمنى مما جعلني فتاة تتعامل مع الحياة بعد ذلك بعين واحدة، حيث العين التي نالت الضربة بحديد الحزام قد انطفأت، ولم استطع الشكوى أو الاعتراف بالحقيقة أمام الأطباء ، فقد قلت لهم إنني وقعت ، ولم يصدقوا كلامي ولكن اصراري دفعهم لقبول الكذبة .
أصبح الصمت هو الشكوى المبطنة، كانت عيني المطفأة مخرز التحدي أمام أبي..!! الذي لم يندم ولم يأت لتعزيتي بفقدان عيني، بل تركني في المستشفى أسيرة الليل والحزن والبكاء ، ودموع أمي التي تحاول التخفيف عني، لكن القدر كان أقوى ويد أبي كانت مطرقة هوت فوق أحلامي البريئة وشخصيتي القوية .
عالمي الآن يتحرك بعين واحدة، بدأت أشعر بالخوف والرهبة ، هذا الشعور أخذ يلازمني ويفرض سلطته على انزوائي وابتعادي عن الناس، أصبحت أعيش داخل قفص الخوف .. أحيا بعين واحدة ، عيناً ذات حزن مليء بالحيرة والتساؤل .
أكمل والدي قسوته وحياته وتصرفاته وأنا ازداد تقوقعي خجلاً وتضخمت مأساتي من تطفل الآخرين ..!! خصوصاً عندما أنهيت المرحلة الثانوية وبدأت قصة العرسان تطرق الباب .. وكنت أعرف أن وزني في ميزان الزواج قد هبط إلى أدنى الأسعار ، فمن يتزوج من فتاة ” عورة ” .
هذه المواجهة صدمتني، إذ لأول مرة أشعر بأن هناك نقصاً سيحول مجرى حياتي ..!! نظرة الكبرياء والشخصية القوية يجب أن يرافقها الجسم السليم الجميل .. خصوصاً لشابة صغيرة مقبلة على الحياة، ولكن أنا تحولت إلى “عورة “..!! كيف أواجه الحياة ” يا ويلي” صرخت بألم يمزق الأحشاء بصمت.
بدأ والدي يشعر ويحس بفداحة فعلته ، لقد رأيته ينظر الي، يتأملني ويتفحص عيني النائمة في المجهول ، لكن لم يحضنني ، لم يقبلني لم يعطف علي ..!! رأيت الندم في عينيه، لكن يده الباردة ، لم تقترب مني .. لم تربت على كتفي لم تلمس وجهي المتعب ، لم يقل كلمة مواساة، يواسي بها مشاعري التي تحطمت وتنتظر المستقبل المجهول.
بصفتي امرأة “عورة” – كما كانوا يقولون – فقد تقدم لخطبتي أسوأ الرجال، لا أعرف من أين جاء هذا الرجل ، أعرف أنه اقتحم بيتنا ، رأيته شاباً عابثاً اخلاقه سيئة ، أهله يبحثون عن امرأة تستطيع أن تلمه عن الأرصفة وتجعل منه رجلاً محترماً وأبا يشعر بالمسؤولية وزوجاً يملك بيتاً واستقراراً .
وبصراحة ” الحماوات” قالت أمه وهي تمط بالكلمات كأنها تنسج شبكة من الصراحة والوضوح قبل الاصطياد ( نريد فتاة تتحمله وتتحمل تصرفاته..!! في البداية ستكره العيش معه بسبب سلوكه الفظ ولكن في المستقبل ستخلق منه رجلاً ..!! والمرأة الشاطرة هي التي تغير الرجل الى الأحسن ، وأنا لم أبحث عن الجمال بل أبحث عن المرأة الصابرة.. لو أردنا البحث عن الجمال لكنا أخذنا بنت فلان وفلان ، لكن قلت لنأخذ فلانة تقصدني أنا – ولوعورة- لأنها طيبة وما ذنبها بالقضاء والقدر الذي عور عينها ).
يا الهي لماذا تعذبني هذه المرأة الثرثارة ..!! لماذا تعذب مشاعري وتفتح جروحي الميتة ..!! اعترف أن جروحي قد التأمت مع الزمن لكن هذه المرأة جاءت وعبثت بالجروح بهذا الشكل المهين القاسي .
وعلى مضض وافقت على الخطبة .. وأخذ الخطيب العابث يأتي إلى بيتنا ، الزيارة تتحول الى فرصة للاستهزاء ، فرصة للنيل من عيني ، وأخذ يعايرني ( يكفي أني سأتزوج عورة ) كلمات قاسية ، نابية ، وأنا صامتة ، أبلع ريقي وأهتف هذا قدري المرسوم .
أما أمي فكانت تشعر بهذه المرارة ، ولكن في رأيها علي الصمت والقبول ( خلق باب برد الكلاب ) وهذا ( خلق ) الباب الذي سيحميني وأحسن من بلاش فمن سيتزوجني بعد أن يتركني .
أخيراً شعر والدي بالندم فقد منحني مبلعاً من المال كي استعين به في المستقبل، أخوتي في البيت شعروا أن هذا ثمن عيني ، وطلبوا مني أن أسامح أبي واتصرف معه بأسلوب آخر بدلاً من عبارات اللوم .
وبدأت معاملة الخطيب تتغير، بدأ يسمعني كلمات الحب والغزل، في البداية شعرت براحة الأنثى التي تريد تسلق شجرة الأنوثة والاعلان إنها امرأة جميلة قادرة أن تكون محبوبة، فقد انتصرت انوثتها ، ولكن تذكرت أن الخطيب تغيرت تصرفاته معي عندما سمع بالمبلغ المالي، لأن والدي قال أمامه مفتخراً بأنه وهبني مالاً .. لذلك قررت أن افسخ الخطبة .
ما أن قلت أمامهم لا أريده حتى أصيبت والدتي بالجنون وأخذوا يعايرونني بأني ” عورة ” ومن سيتزوجني ؟؟!!
أما والدي فقد سحب حزامه وأخذ يضربني ويردد :
– ما في عندي بنات تفسخ الخطبة بعد ما العريس فات على بيتنا .. !!
لم استطع الصراخ لأن الحلقة الحديدية المربوطة بطرف الحزام قد هوت على عيني السليمة .. واختفى نور النهار وأظلمت الغرفة .
والدي أمام الناس الرجل نادر الوجود ، أخلاق ، ذكاء ، رزانة ، هدوء ، يجذب السامعين، عنده قدرة على الاقناع ، ورأيه دائماً على صواب .
لكن هذا الأب في البيت له الوجه الآخر هو الوحش ، طاغ ، جبار ، لا سلطة تعلو على سلطته ، ولا كلمة تعلو على كلمته، والضرب بالنسبة له وسيلة هامة للتربية – حسب رأيه – بالضرب فقط يخلق جيلاً ناجحاً .
وكان نصيبي من الضرب الكثير ، فأنا أقول رأيي وأعلن مشاعري بصراحة ولا تعجبني قسوة والدي التي تصل إلى الاذلال، وعندما كان يضربني كنت أبعد يده فيجن جنونه ، عليّ أن أقبل ضرباته بصمت .
في إحدى المرات عندما كان يضربني بحزامه الجلدي ، قلت له بأعلى صوتي ” أنت ظالم “، فأظلمت الدنيا في عيني ، حيث ضربني بالحزام على عيني اليمنى مما جعلني فتاة تتعامل مع الحياة بعد ذلك بعين واحدة، حيث العين التي نالت الضربة بحديد الحزام قد انطفأت، ولم استطع الشكوى أو الاعتراف بالحقيقة أمام الأطباء ، فقد قلت لهم إنني وقعت ، ولم يصدقوا كلامي ولكن اصراري دفعهم لقبول الكذبة .
أصبح الصمت هو الشكوى المبطنة، كانت عيني المطفأة مخرز التحدي أمام أبي..!! الذي لم يندم ولم يأت لتعزيتي بفقدان عيني، بل تركني في المستشفى أسيرة الليل والحزن والبكاء ، ودموع أمي التي تحاول التخفيف عني، لكن القدر كان أقوى ويد أبي كانت مطرقة هوت فوق أحلامي البريئة وشخصيتي القوية .
عالمي الآن يتحرك بعين واحدة، بدأت أشعر بالخوف والرهبة ، هذا الشعور أخذ يلازمني ويفرض سلطته على انزوائي وابتعادي عن الناس، أصبحت أعيش داخل قفص الخوف .. أحيا بعين واحدة ، عيناً ذات حزن مليء بالحيرة والتساؤل .
أكمل والدي قسوته وحياته وتصرفاته وأنا ازداد تقوقعي خجلاً وتضخمت مأساتي من تطفل الآخرين ..!! خصوصاً عندما أنهيت المرحلة الثانوية وبدأت قصة العرسان تطرق الباب .. وكنت أعرف أن وزني في ميزان الزواج قد هبط إلى أدنى الأسعار ، فمن يتزوج من فتاة ” عورة ” .
هذه المواجهة صدمتني، إذ لأول مرة أشعر بأن هناك نقصاً سيحول مجرى حياتي ..!! نظرة الكبرياء والشخصية القوية يجب أن يرافقها الجسم السليم الجميل .. خصوصاً لشابة صغيرة مقبلة على الحياة، ولكن أنا تحولت إلى “عورة “..!! كيف أواجه الحياة ” يا ويلي” صرخت بألم يمزق الأحشاء بصمت.
بدأ والدي يشعر ويحس بفداحة فعلته ، لقد رأيته ينظر الي، يتأملني ويتفحص عيني النائمة في المجهول ، لكن لم يحضنني ، لم يقبلني لم يعطف علي ..!! رأيت الندم في عينيه، لكن يده الباردة ، لم تقترب مني .. لم تربت على كتفي لم تلمس وجهي المتعب ، لم يقل كلمة مواساة، يواسي بها مشاعري التي تحطمت وتنتظر المستقبل المجهول.
بصفتي امرأة “عورة” – كما كانوا يقولون – فقد تقدم لخطبتي أسوأ الرجال، لا أعرف من أين جاء هذا الرجل ، أعرف أنه اقتحم بيتنا ، رأيته شاباً عابثاً اخلاقه سيئة ، أهله يبحثون عن امرأة تستطيع أن تلمه عن الأرصفة وتجعل منه رجلاً محترماً وأبا يشعر بالمسؤولية وزوجاً يملك بيتاً واستقراراً .
وبصراحة ” الحماوات” قالت أمه وهي تمط بالكلمات كأنها تنسج شبكة من الصراحة والوضوح قبل الاصطياد ( نريد فتاة تتحمله وتتحمل تصرفاته..!! في البداية ستكره العيش معه بسبب سلوكه الفظ ولكن في المستقبل ستخلق منه رجلاً ..!! والمرأة الشاطرة هي التي تغير الرجل الى الأحسن ، وأنا لم أبحث عن الجمال بل أبحث عن المرأة الصابرة.. لو أردنا البحث عن الجمال لكنا أخذنا بنت فلان وفلان ، لكن قلت لنأخذ فلانة تقصدني أنا – ولوعورة- لأنها طيبة وما ذنبها بالقضاء والقدر الذي عور عينها ).
يا الهي لماذا تعذبني هذه المرأة الثرثارة ..!! لماذا تعذب مشاعري وتفتح جروحي الميتة ..!! اعترف أن جروحي قد التأمت مع الزمن لكن هذه المرأة جاءت وعبثت بالجروح بهذا الشكل المهين القاسي .
وعلى مضض وافقت على الخطبة .. وأخذ الخطيب العابث يأتي إلى بيتنا ، الزيارة تتحول الى فرصة للاستهزاء ، فرصة للنيل من عيني ، وأخذ يعايرني ( يكفي أني سأتزوج عورة ) كلمات قاسية ، نابية ، وأنا صامتة ، أبلع ريقي وأهتف هذا قدري المرسوم .
أما أمي فكانت تشعر بهذه المرارة ، ولكن في رأيها علي الصمت والقبول ( خلق باب برد الكلاب ) وهذا ( خلق ) الباب الذي سيحميني وأحسن من بلاش فمن سيتزوجني بعد أن يتركني .
أخيراً شعر والدي بالندم فقد منحني مبلعاً من المال كي استعين به في المستقبل، أخوتي في البيت شعروا أن هذا ثمن عيني ، وطلبوا مني أن أسامح أبي واتصرف معه بأسلوب آخر بدلاً من عبارات اللوم .
وبدأت معاملة الخطيب تتغير، بدأ يسمعني كلمات الحب والغزل، في البداية شعرت براحة الأنثى التي تريد تسلق شجرة الأنوثة والاعلان إنها امرأة جميلة قادرة أن تكون محبوبة، فقد انتصرت انوثتها ، ولكن تذكرت أن الخطيب تغيرت تصرفاته معي عندما سمع بالمبلغ المالي، لأن والدي قال أمامه مفتخراً بأنه وهبني مالاً .. لذلك قررت أن افسخ الخطبة .
ما أن قلت أمامهم لا أريده حتى أصيبت والدتي بالجنون وأخذوا يعايرونني بأني ” عورة ” ومن سيتزوجني ؟؟!!
أما والدي فقد سحب حزامه وأخذ يضربني ويردد :
– ما في عندي بنات تفسخ الخطبة بعد ما العريس فات على بيتنا .. !!
لم استطع الصراخ لأن الحلقة الحديدية المربوطة بطرف الحزام قد هوت على عيني السليمة .. واختفى نور النهار وأظلمت الغرفة .