يقدِّم فضاء ( الفيسبوك ) الافتراضي فرصةً ثمينةً وسانحة للباحث الاجتماعيّ والنفسيّ تمكّنه من الوقوف على نماذج وعيِّناتٍ من السلوك الفرديّ لشريحة واسعة من المشاركين في ( التواصل الاجتماعي ) الافتراضي الذي يتيحه هذا الفضاء الأزرق .
من ذلك مثلاً ما يتيحُه ( الفيسبوك ) من مزايا تفاعلية عديدة تنظّمُ مسار وطبيعة العلاقة ، أو الصداقة الافتراضية ، بين أفراد الفضاء الأزرق ، ولعل " الحظْر " يشغل رأس القائمة في هذه المزايا .
لقد تم تصميمه ، فيما أظنُّ ، للتّخلّص من الإزعاج الذي قد يتسبّب به بعض المنتسبين لهذا العالم الافتراضي .
إنّه بمثابة الإجراء الأخير والحاسم الذي يحقّ لنا اتّخاذه لدرء مضارّ وعواقب التواصل غير المنضبط من هذا ( الصديق ) أو ذاك . وهذا أمر مفهوم ومحمود دون ريب .
على أنّ ما يعنيني هنا إنّما هو هذا التلويح ، أكاد أقول ، المضحكِ بهذه البطاقة الحمراء ، أي " الحظر " الذي يمارسه بعضنا بغير حساب لتهديد بعض أصدقاء صفحته العامرة ، وكأنّه تهديد بالطّرد من الجنّة التي لا يطؤها إلّا الخُلَّصُ من الأصدقاء الافتراضيين أو الوهميين .
حقيقة الأمر أنّ لهذا السلوك في هذا الفضاء الاجتماعيّ الافتراضي دلالات نفسية واجتماعية متعدّدة ......
هناك ، على المستوى النفسيّ ، مثلاً ، هذا التنفيس عن الكبتِ والهوان الذي يحيق بالمواطن العربي المغلوب على أمره بتأثير القمع والاستبداد بشتّى صنوفه ومصادره ، سواء أكان ذلك في إطار الأسرة أو المجتمع ، فتراه يغتنم هذه الفرصة الذهبية التي يتيحها ( الفيسبوك ) فيشرعُ في الصراخ بصوت عالٍ منذراً بالويل والثبور وعظائم الأمور أولئك الذين يتجرّؤون على تجاوز " الخطوط الحمراء " التي اختطّها لصفحته الغرّاء ..فيحلو له أنْ يمارس حريّته المفقودة ، وأنْ يمثّلَ دور السيّد الآمر النّاهي والمستبدّ المتسلّط ، الذي لطالما عانى من وطأته ورزح تحت أثقاله .
نحن نقترب هنا ، إلى حدّ كبير ، من دائرة الخلل النفسيّ ، حتّى لانقول ، المرض النفسيّ .
ثمّ ، هناك على المستوى الاجتماعيّ ، وهو ذو صلة وثيقة بسابقه ، هذه الرذائل الاجتماعية التي تهيمن على كثير من علاقات أفراد المجتمع وجماعاته كالرياء والكذب والاستعلاء والجبن والغرور، والقائمة تطول....
وهي آفات اجتماعية ترخي بظلالها القاتمة على أيّ مجتمع يمرّ بمرحلة مريرة من الجهل والتخلّف والضعف والهوان ، كما لاحظ ذلك بحق ، منذ قرون بعيدة عالمنا وفيلسوفنا الذي نفخر به جميعاً ( ابن خلدون ) .
خلاصة القول : تمثّل وسائل التواصل الاجتماعي ، وعلى رأسها فضاء ( الفيسبوك ) مصدراً غنيّاً للباحثين والعلماء في علمَي النفس والاجتماع بخاصّة ؛ إذ إنّها تزوّدهم بنماذج وأمثلة واضحة ودقيقة عن كثير من المظاهر النفسية والاجتماعية التي لا تظهر عادة في فضائنا الاجتماعيّ الواقعيّ .
هذه مجرّد خواطر عابرة لا أكثر ،مرّت في ذهني وأنا أتصفّح بعض صفحات هذا الفضاء الأزرق ، فأحببتُ مشاركتكم بها على سيبل التواصل الاجتماعيّ ، والتفاعل الإيجابيّ البريء من أي اتّهام أو إدانة لأيٍّ من رواد هذا الفضاء المترامي الأطراف .
مع خالص التحيّة والتقدير....
دكتور زياد العوف
من ذلك مثلاً ما يتيحُه ( الفيسبوك ) من مزايا تفاعلية عديدة تنظّمُ مسار وطبيعة العلاقة ، أو الصداقة الافتراضية ، بين أفراد الفضاء الأزرق ، ولعل " الحظْر " يشغل رأس القائمة في هذه المزايا .
لقد تم تصميمه ، فيما أظنُّ ، للتّخلّص من الإزعاج الذي قد يتسبّب به بعض المنتسبين لهذا العالم الافتراضي .
إنّه بمثابة الإجراء الأخير والحاسم الذي يحقّ لنا اتّخاذه لدرء مضارّ وعواقب التواصل غير المنضبط من هذا ( الصديق ) أو ذاك . وهذا أمر مفهوم ومحمود دون ريب .
على أنّ ما يعنيني هنا إنّما هو هذا التلويح ، أكاد أقول ، المضحكِ بهذه البطاقة الحمراء ، أي " الحظر " الذي يمارسه بعضنا بغير حساب لتهديد بعض أصدقاء صفحته العامرة ، وكأنّه تهديد بالطّرد من الجنّة التي لا يطؤها إلّا الخُلَّصُ من الأصدقاء الافتراضيين أو الوهميين .
حقيقة الأمر أنّ لهذا السلوك في هذا الفضاء الاجتماعيّ الافتراضي دلالات نفسية واجتماعية متعدّدة ......
هناك ، على المستوى النفسيّ ، مثلاً ، هذا التنفيس عن الكبتِ والهوان الذي يحيق بالمواطن العربي المغلوب على أمره بتأثير القمع والاستبداد بشتّى صنوفه ومصادره ، سواء أكان ذلك في إطار الأسرة أو المجتمع ، فتراه يغتنم هذه الفرصة الذهبية التي يتيحها ( الفيسبوك ) فيشرعُ في الصراخ بصوت عالٍ منذراً بالويل والثبور وعظائم الأمور أولئك الذين يتجرّؤون على تجاوز " الخطوط الحمراء " التي اختطّها لصفحته الغرّاء ..فيحلو له أنْ يمارس حريّته المفقودة ، وأنْ يمثّلَ دور السيّد الآمر النّاهي والمستبدّ المتسلّط ، الذي لطالما عانى من وطأته ورزح تحت أثقاله .
نحن نقترب هنا ، إلى حدّ كبير ، من دائرة الخلل النفسيّ ، حتّى لانقول ، المرض النفسيّ .
ثمّ ، هناك على المستوى الاجتماعيّ ، وهو ذو صلة وثيقة بسابقه ، هذه الرذائل الاجتماعية التي تهيمن على كثير من علاقات أفراد المجتمع وجماعاته كالرياء والكذب والاستعلاء والجبن والغرور، والقائمة تطول....
وهي آفات اجتماعية ترخي بظلالها القاتمة على أيّ مجتمع يمرّ بمرحلة مريرة من الجهل والتخلّف والضعف والهوان ، كما لاحظ ذلك بحق ، منذ قرون بعيدة عالمنا وفيلسوفنا الذي نفخر به جميعاً ( ابن خلدون ) .
خلاصة القول : تمثّل وسائل التواصل الاجتماعي ، وعلى رأسها فضاء ( الفيسبوك ) مصدراً غنيّاً للباحثين والعلماء في علمَي النفس والاجتماع بخاصّة ؛ إذ إنّها تزوّدهم بنماذج وأمثلة واضحة ودقيقة عن كثير من المظاهر النفسية والاجتماعية التي لا تظهر عادة في فضائنا الاجتماعيّ الواقعيّ .
هذه مجرّد خواطر عابرة لا أكثر ،مرّت في ذهني وأنا أتصفّح بعض صفحات هذا الفضاء الأزرق ، فأحببتُ مشاركتكم بها على سيبل التواصل الاجتماعيّ ، والتفاعل الإيجابيّ البريء من أي اتّهام أو إدانة لأيٍّ من رواد هذا الفضاء المترامي الأطراف .
مع خالص التحيّة والتقدير....
دكتور زياد العوف