رابع روايات أكرم مسلم هي "بنت من شاتيلا" وكان الكاتب أصدر من قبل "هواجس الاسكندر" و"سيرة العقرب الذي يتصبب عرقا" و"التبس الأمر على اللقلق".
يكتب الكاتب في عمله الجديد نصا يوحي لقارئه قبل الولوج إليه أنه سيقرأ عن عالم صلة الكاتب فيه تبدو غير قريبة، فأكرم يقيم في رام الله والبنت من شاتيلا في لبنان، ولكن ما ان يبدأ القارئ بتصفح الرواية حتى يلحظ أن الكاتب على علاقة وثيقة متينة بعالمه الروائي وأنه جزء منه، فطالب الدراسات العليا الذي درس في جامعة بيرزيت يلتقي ابنة شاتيلا في مدينة هامبورغ في ألمانيا، وكما التقى الفلسطيني بالفلسطينية، بعد عشرين عاما من الانقطاع، على أرض فلسطين في "عائد إلى حيفا" وفي "المتشائل" يلتقي الفلسطيني المقيم في رام الله بالفلسطينية اللاجئة.
زيارة الطالب إلى هامبورغ قصيرة يحكمها زمن محدد بعقد مؤتمر، وأما الفلسطينية فقد استقرت هناك بعد أن نجت من مذبحة شاتيلا في ١٩٨٢، وتكمن المفارقة في أنها تقيم في شقة أقامت فيها أسرة يهودية من قبل. الضحية الجديدة تقيم في مسكن الضحية القديمة التي انتقلت بدورها لتقيم في فلسطين محل الفلسطيني.
ثمة تبادل أدوار وتبادل أمكنة وتبادل مصائر، وهذه فكرة أخذت تطغى على الأدبيات الفلسطينية والعربية بشكل لافت، وكثرت الكتابة عنها في العقدين الأخيرين. وعدا أعمال ناصر الدين النشاشيبي وغسان كنفاني ومحمود درويش فإن المرء يطالعها في "باب الشمس" ١٩٩٨ و"أولاد الغيتو" ٢٠١٦ لإلياس خوري، وفي "خلسة في كوبنهاجن" ٢٠١٤ لسامية عيسى، وفي "بلد المنحوس" ٢٠١٨ لسهيل كيوان، وأخيرا في "بنت من شاتيلا" ٢٠١٩.
أسئلة كنفاني ودرويش وخوري حول الضحية التي تحولت إلى جلاد، وتحول الفلسطيني ضحية لها تبرز في "بنت من شاتيلا" وإن اتخذت أحيانا صيغة معدلة مختلفة تمحورت حول ضحية الضحية.
كنت قبل أن أقرأ الرواية سألت كاتبها عما دفعه ليذهب إلى هناك، إلى شاتيلا، ليكتب عن عالم لم يعشه، عالم سمع عنه وجرت الأحداث فيه حين كان في العاشرة أو الحادية عشرة تقريبا، ثم اختلفت الحكاية بعد قراءة النص، فما ذهبت إليه اتكأ على قراءة بدئية للعنوان، قراءة سرعان ما دحضها المتن الروائي الذي أفصح أن العالم الذي يكتب عنه الكاتب هو عالم له به صلة.
ذكرتني "بنت من شاتيلا" في بعض جوانبها وأحداثها بقصص من الأدب العالمي مثل رواية (جنكيز ايتماتوف) "شجيرتي ذات منديل أحمر"، فالمرأة التي هجرها زوجها سنوات عاد والتقى بها وعرض عليها أن يواصلا حياتهما، ولكنها كانت على ذمة رجل آخر، وهذا ما يحدث مع الخالة في رواية أكرم، مع اختلاف واقع كل من الرجلين.
لم يهجر الرجل الفلسطيني زوجته لأنه أراد أن يصيع ويتجول ويبحث عن الملذات، وإنما ابتعد عنها لأنه فدائي ينتمي إلى المقاومة الفلسطينية فزج به، لهذا، في سجون سورية، ولا يخرج منها إلا بعد الإفراج عنه يوم وفاة الرئيس السوري حافظ الأسد، وحين يعود الفدائي إلى بيته في لبنان تكون زوجته تطلقت وتزوجت من رجل آخر.
كان الزوج الأول فدائيا يهرب السلاح، وكان الزوج الثاني مهربا يهرب البضائع، ولكن الخالة تخضع لمتطلبات الجسد.
وذكرتني الرواية بنص (جان جينيه) "أربع ساعات في شاتيلا"، مع فارق يتمثل في أن (جينيه) يكتب عن شاتيلا من شاتيلا في ثاني أيام وقوع المجزرة، أما أكرم فيكتب عن المجزرة من خلال ذاكرة البنت التي شهدت الجريمة ونجت منها، وتقص عنها بعد أكثر من عشرين عاما.
اغتصاب فلسطين:
شاع دال الاغتصاب في الأدبيات الفلسطينية بعد النكبة شيوعا لافتا، فقد صارت فلسطين أرضا مغتصبة والأرض المغتصبة والوطن المغتصب، وأحاول أن أتذكر نصوصا أدبية تصور الاغتصاب بمعناه الجنسي المباشر، ويأتي أصحابها فيها على اغتصاب جنود إسرائيليين نساء فلسطينيات، فلا أنجح.
لا أتذكر نصا أدبيا واحدا مما كتب قبل ١٩٦٧ يصور حالات اغتصاب، ورواية (ايثيل مانين) "الطريق إلى بئر السبع" ١٩٦٣ هي الوحيدة، فيما أذكر، التي يغتصب فيها جنود يهود في حرب ١٩٤٨ نساء فلسطينيات. إن روايات كنفاني، على سبيل المثال، تخلو من مشاهد اغتصاب، ومثلها روايات النشاشيبي، ولسوف يكتب روائيون لاحقون في فترة متأخرة جدا عن ظاهرة اغتصاب نساء فلسطينيات في حرب ١٩٤٨ ومن هؤلاء سهيل كيوان في "بلد المنحوس" ٢٠١٨، فقد كتب عن احتلال عكا واغتصاب جنود فلسطينية عكية.
في كتابه "التطهير العرقي في فلسطين" يتوقف (ايلان بابيه) أمام جهود (بني موريس) ويرى أنه اعتمد على أرشيف المخابرات الإسرائيلية وبالتالي فلم يكتب عن حالات اغتصاب، علما بأن هناك عشرات الحالات حسب الرواية الفلسطينية التي تم فيها الاغتصاب.
في الأدبيات العربية بعد ١٩٦٧ كتب الشعراء العرب عن الاغتصاب كدال رمزي، فالمدن الفلسطينية التي احتلت تبدو امرأة ضاجعها الإسرائيليون، كما في شعر حميد سعيد ومظفر النواب، وهو ما لفت نظر د. إحسان عباس في كتابه "اتجاهات الشعر العربي المعاصر".
إن مقطع مظفر النواب لا يحتاج إلى توثيق، فقد غدا أشبه بلازمة حفظها عرب كثر:
"فإذا احن الليل تطق الأكواب بأن القدس عروس عروبتنا.
- القدس عروس عروبتكم، فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها ووقفتم تسترقون السمع وراء الأبواب لصرخات بكارتها ونفحتم فيها أن تسكت صونا للعرض.
أولاد القحبة هل تسكت مغتصبة؟".
وفي ١٩٩٠ سيكتب الكاتب المسرحي السوري سعد الله ونوس مسرحيته "الاغتصاب".
الاغتصاب في "بنت من شاتيلا":
ترد الكتابة عن الاغتصاب في الرواية مرتين؛ مرة يقوم بفعل الاغتصاب الجنود اليهود في حرب ١٩٤٨، وثانية يرتكب فعله الكتائبيون.
حين يحاضر طالب الدراسات العليا ابن رام الله الشاب الأنيق في هامبورغ أمام الجمهور الألماني يروي قصة قال، إنها أحقر قصة اغتصاب عرفها، أبطالها أفراد عصابة صهيونية، وضحيتها فتاة فلسطينية بدوية، والشاهد أحد المشاركين الذي روى الحادثة بعد زمن طويل، اغتصبوها جميعا بعد أن مزقوا ملابسها، وعندما قرروا اقتيادها خارج الخيمة لقتلها انتبه أحد المغتصبين إلى أن زملاءه ألبسوها بنطالا له كان معلقا على جدار الخيمة، فأصر الجندي على استرداد بنطاله، وقد عراها فعلا، ودفنت في الرمل عارية" ص١٢٨. (لفت نظري الروائي إلى أن رواية عدنية شبلي "تفصيل ثانوي" بنيت على قصة حقيقية وانظر بديعة زيدان، جريدة الأيام الفلسطينية 12/ 2017/9)
في نهاية الرواية يأتي الكاتب على أحداث شاتيلا في العام ١٩٨٢ ويترك مجال القص لضحية فلسطينية اغتصبها اثنان من عصابة الكتائب وحملت من الاغتصاب ولا تعرف الفتاة اسم والد الجنين وعندما تلد وتنظر إلى مولودها تتذكر شكلي المغتصبين وتشبه المولود إلى أحدهما. لقد "تشارك الاثنان في قتل عائلتي، وأرادا تقاسم جسدي وسط الجثث. قاومت، وأنقذتني أوامر طارئة استعجلتهم، لكنهما احتفظا بي حية..." "أدخلاني إلى بيت قريب، ألقيا بي أرضا، أمسك بي الحليق، ثبت يدي على الأرض فاقتحمني الثاني، بعدها تبادلا الأدوار؛ "دخلني" الحليق، وأمسك بي ذو الشارب، أمسك بي مع أنني لم أقاوم؛ كنت منهكة ومدمرة وأفيض بالقرف.." ص ١٥٤و١٥٥.
المشهد نفسه يتكرر في اللد ١٩٤٨، كما في رواية (ايثيل مانين)، وفي عكا ١٩٤٨، كما في رواية سهيل كيوان، وفي مخيم شاتيلا في ١٩٨٢، كما في رواية أكرم مسلم.
الموضوع عموما يحتاج إلى حفر.
أ. د. عادل الأسطة
2019-08-04
يكتب الكاتب في عمله الجديد نصا يوحي لقارئه قبل الولوج إليه أنه سيقرأ عن عالم صلة الكاتب فيه تبدو غير قريبة، فأكرم يقيم في رام الله والبنت من شاتيلا في لبنان، ولكن ما ان يبدأ القارئ بتصفح الرواية حتى يلحظ أن الكاتب على علاقة وثيقة متينة بعالمه الروائي وأنه جزء منه، فطالب الدراسات العليا الذي درس في جامعة بيرزيت يلتقي ابنة شاتيلا في مدينة هامبورغ في ألمانيا، وكما التقى الفلسطيني بالفلسطينية، بعد عشرين عاما من الانقطاع، على أرض فلسطين في "عائد إلى حيفا" وفي "المتشائل" يلتقي الفلسطيني المقيم في رام الله بالفلسطينية اللاجئة.
زيارة الطالب إلى هامبورغ قصيرة يحكمها زمن محدد بعقد مؤتمر، وأما الفلسطينية فقد استقرت هناك بعد أن نجت من مذبحة شاتيلا في ١٩٨٢، وتكمن المفارقة في أنها تقيم في شقة أقامت فيها أسرة يهودية من قبل. الضحية الجديدة تقيم في مسكن الضحية القديمة التي انتقلت بدورها لتقيم في فلسطين محل الفلسطيني.
ثمة تبادل أدوار وتبادل أمكنة وتبادل مصائر، وهذه فكرة أخذت تطغى على الأدبيات الفلسطينية والعربية بشكل لافت، وكثرت الكتابة عنها في العقدين الأخيرين. وعدا أعمال ناصر الدين النشاشيبي وغسان كنفاني ومحمود درويش فإن المرء يطالعها في "باب الشمس" ١٩٩٨ و"أولاد الغيتو" ٢٠١٦ لإلياس خوري، وفي "خلسة في كوبنهاجن" ٢٠١٤ لسامية عيسى، وفي "بلد المنحوس" ٢٠١٨ لسهيل كيوان، وأخيرا في "بنت من شاتيلا" ٢٠١٩.
أسئلة كنفاني ودرويش وخوري حول الضحية التي تحولت إلى جلاد، وتحول الفلسطيني ضحية لها تبرز في "بنت من شاتيلا" وإن اتخذت أحيانا صيغة معدلة مختلفة تمحورت حول ضحية الضحية.
كنت قبل أن أقرأ الرواية سألت كاتبها عما دفعه ليذهب إلى هناك، إلى شاتيلا، ليكتب عن عالم لم يعشه، عالم سمع عنه وجرت الأحداث فيه حين كان في العاشرة أو الحادية عشرة تقريبا، ثم اختلفت الحكاية بعد قراءة النص، فما ذهبت إليه اتكأ على قراءة بدئية للعنوان، قراءة سرعان ما دحضها المتن الروائي الذي أفصح أن العالم الذي يكتب عنه الكاتب هو عالم له به صلة.
ذكرتني "بنت من شاتيلا" في بعض جوانبها وأحداثها بقصص من الأدب العالمي مثل رواية (جنكيز ايتماتوف) "شجيرتي ذات منديل أحمر"، فالمرأة التي هجرها زوجها سنوات عاد والتقى بها وعرض عليها أن يواصلا حياتهما، ولكنها كانت على ذمة رجل آخر، وهذا ما يحدث مع الخالة في رواية أكرم، مع اختلاف واقع كل من الرجلين.
لم يهجر الرجل الفلسطيني زوجته لأنه أراد أن يصيع ويتجول ويبحث عن الملذات، وإنما ابتعد عنها لأنه فدائي ينتمي إلى المقاومة الفلسطينية فزج به، لهذا، في سجون سورية، ولا يخرج منها إلا بعد الإفراج عنه يوم وفاة الرئيس السوري حافظ الأسد، وحين يعود الفدائي إلى بيته في لبنان تكون زوجته تطلقت وتزوجت من رجل آخر.
كان الزوج الأول فدائيا يهرب السلاح، وكان الزوج الثاني مهربا يهرب البضائع، ولكن الخالة تخضع لمتطلبات الجسد.
وذكرتني الرواية بنص (جان جينيه) "أربع ساعات في شاتيلا"، مع فارق يتمثل في أن (جينيه) يكتب عن شاتيلا من شاتيلا في ثاني أيام وقوع المجزرة، أما أكرم فيكتب عن المجزرة من خلال ذاكرة البنت التي شهدت الجريمة ونجت منها، وتقص عنها بعد أكثر من عشرين عاما.
اغتصاب فلسطين:
شاع دال الاغتصاب في الأدبيات الفلسطينية بعد النكبة شيوعا لافتا، فقد صارت فلسطين أرضا مغتصبة والأرض المغتصبة والوطن المغتصب، وأحاول أن أتذكر نصوصا أدبية تصور الاغتصاب بمعناه الجنسي المباشر، ويأتي أصحابها فيها على اغتصاب جنود إسرائيليين نساء فلسطينيات، فلا أنجح.
لا أتذكر نصا أدبيا واحدا مما كتب قبل ١٩٦٧ يصور حالات اغتصاب، ورواية (ايثيل مانين) "الطريق إلى بئر السبع" ١٩٦٣ هي الوحيدة، فيما أذكر، التي يغتصب فيها جنود يهود في حرب ١٩٤٨ نساء فلسطينيات. إن روايات كنفاني، على سبيل المثال، تخلو من مشاهد اغتصاب، ومثلها روايات النشاشيبي، ولسوف يكتب روائيون لاحقون في فترة متأخرة جدا عن ظاهرة اغتصاب نساء فلسطينيات في حرب ١٩٤٨ ومن هؤلاء سهيل كيوان في "بلد المنحوس" ٢٠١٨، فقد كتب عن احتلال عكا واغتصاب جنود فلسطينية عكية.
في كتابه "التطهير العرقي في فلسطين" يتوقف (ايلان بابيه) أمام جهود (بني موريس) ويرى أنه اعتمد على أرشيف المخابرات الإسرائيلية وبالتالي فلم يكتب عن حالات اغتصاب، علما بأن هناك عشرات الحالات حسب الرواية الفلسطينية التي تم فيها الاغتصاب.
في الأدبيات العربية بعد ١٩٦٧ كتب الشعراء العرب عن الاغتصاب كدال رمزي، فالمدن الفلسطينية التي احتلت تبدو امرأة ضاجعها الإسرائيليون، كما في شعر حميد سعيد ومظفر النواب، وهو ما لفت نظر د. إحسان عباس في كتابه "اتجاهات الشعر العربي المعاصر".
إن مقطع مظفر النواب لا يحتاج إلى توثيق، فقد غدا أشبه بلازمة حفظها عرب كثر:
"فإذا احن الليل تطق الأكواب بأن القدس عروس عروبتنا.
- القدس عروس عروبتكم، فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها ووقفتم تسترقون السمع وراء الأبواب لصرخات بكارتها ونفحتم فيها أن تسكت صونا للعرض.
أولاد القحبة هل تسكت مغتصبة؟".
وفي ١٩٩٠ سيكتب الكاتب المسرحي السوري سعد الله ونوس مسرحيته "الاغتصاب".
الاغتصاب في "بنت من شاتيلا":
ترد الكتابة عن الاغتصاب في الرواية مرتين؛ مرة يقوم بفعل الاغتصاب الجنود اليهود في حرب ١٩٤٨، وثانية يرتكب فعله الكتائبيون.
حين يحاضر طالب الدراسات العليا ابن رام الله الشاب الأنيق في هامبورغ أمام الجمهور الألماني يروي قصة قال، إنها أحقر قصة اغتصاب عرفها، أبطالها أفراد عصابة صهيونية، وضحيتها فتاة فلسطينية بدوية، والشاهد أحد المشاركين الذي روى الحادثة بعد زمن طويل، اغتصبوها جميعا بعد أن مزقوا ملابسها، وعندما قرروا اقتيادها خارج الخيمة لقتلها انتبه أحد المغتصبين إلى أن زملاءه ألبسوها بنطالا له كان معلقا على جدار الخيمة، فأصر الجندي على استرداد بنطاله، وقد عراها فعلا، ودفنت في الرمل عارية" ص١٢٨. (لفت نظري الروائي إلى أن رواية عدنية شبلي "تفصيل ثانوي" بنيت على قصة حقيقية وانظر بديعة زيدان، جريدة الأيام الفلسطينية 12/ 2017/9)
في نهاية الرواية يأتي الكاتب على أحداث شاتيلا في العام ١٩٨٢ ويترك مجال القص لضحية فلسطينية اغتصبها اثنان من عصابة الكتائب وحملت من الاغتصاب ولا تعرف الفتاة اسم والد الجنين وعندما تلد وتنظر إلى مولودها تتذكر شكلي المغتصبين وتشبه المولود إلى أحدهما. لقد "تشارك الاثنان في قتل عائلتي، وأرادا تقاسم جسدي وسط الجثث. قاومت، وأنقذتني أوامر طارئة استعجلتهم، لكنهما احتفظا بي حية..." "أدخلاني إلى بيت قريب، ألقيا بي أرضا، أمسك بي الحليق، ثبت يدي على الأرض فاقتحمني الثاني، بعدها تبادلا الأدوار؛ "دخلني" الحليق، وأمسك بي ذو الشارب، أمسك بي مع أنني لم أقاوم؛ كنت منهكة ومدمرة وأفيض بالقرف.." ص ١٥٤و١٥٥.
المشهد نفسه يتكرر في اللد ١٩٤٨، كما في رواية (ايثيل مانين)، وفي عكا ١٩٤٨، كما في رواية سهيل كيوان، وفي مخيم شاتيلا في ١٩٨٢، كما في رواية أكرم مسلم.
الموضوع عموما يحتاج إلى حفر.
أ. د. عادل الأسطة
2019-08-04