منذ صياغته لنظرية التطور في كتابه "أصل الأنواع" العام 1859، ما انفكّ عالم التاريخ الطبيعي والجيولوجيا البريطاني "تشارلز داروين"، المتوفى العام 1882، يتعرض إلى العديد من الاتهامات بالإلحاد.
ولم تنفع التطورات الكبيرة ولا الدلائل التي تمت إضافتها، حتى يومنا هذا إلى نظرية التطور، في جعلها نظريةً علميةً موثوقة لدى الكثيرين، رغم فشل الحضارات قبل نظرية داروين في تفسير التنوع الهائل للحياة الطبيعية على كوكب الأرض.
العلماء الذين يعتقدون أنّ التطوّر حدث بدون تدخّل إلهي مباشر ليسوا بالضّرورة ملاحدة أو لا يعتقدون بوجود خالق
وتقوم بعض المدارس حول العالم الآن بتخيير طلابها فيما إذا كانوا يصدّقون نظرية التطور أم لا، كما يقوم بعض رجال الدين حول العالم بتكذيبها بين حينٍ وآخر، خاصةً أنّ الله خلق الإنسان بأبهى صورة، ولا يمكن أن يكون قرداً في الأصل، هذه بالذات، واحدةً من أشهر الخرافات التي يتم تداولها في أرجاء الأرض حول نظرية التطور.
فما هي هذه الخرافة؟ وما هي باقي الخرافات الأخرى المتصلة بهذه النظرية المثيرة للجدل؟
أولاً: البقاء للأقوى. تعد هذه الفكرة أكثر ما يتم تداوله على أنه مأخوذ من نظرية التطور، خاصةً حين يشاهد الناس مراراً وتكراراً الحيوانات المفترسة وهي تهاجم تلك المسالمة، في مشاهد تظهر خارجياً أنّ الطبيعة مجرد ميدانٍ للتنافس بين الكائنات الحية.
وأن الأقوى سوف يهزم الأضعف ويفنيه، لكن ما كتبه داروين العام 1872 يدحض هذه الخرافة؛ حيث يقول "القصد من البقاء للأقوى، هو البقاء للأصلح من خلال الانتخاب الطبيعي؛ أي إنّ الكائنات التي تملك خصائص تمكنها من التكيف مع بيئاتها، سوف تظل".
ثانياً: التطور مجرد نظرية. يظن كثيرون حول العالم، في أمريكا وأوروبا والعالم العربي، أنّ التطور مجرد نظرية فقط ولا توجد دلائل عليها؛ حيث يعود هذا إلى الظن الشعبي بأنّ كلمة نظرية تعني مجرد حدسٍ أو تصورٍ ما لأمرٍ معين. وهو على العكس تماماً مما تعنيه كلمة "نظرية" علمياً؛ إذ تشير إلى فكرةٍ مدعومةٍ جيداً بعددٍ كبيرٍ من الأدلة والحقائق الواقعية.
ثالثاً: الحلقة المفقودة. يتم الإعلان بين فترةٍ وأخرى، عن اكتشاف حفرية معينة، تمثل الحلقة المفقودة في تطور الإنسان من هيئةٍ إلى أخرى، أو حفرية يشاع إعلامياً أنّها أول حالةٍ تكشف أثراً يربط بين الإنسان والقرد، فيسخر الناس من النقص في الحفريات وعدم قدرة هذه الاكتشافات على إثبات التطور.
لكن العلماء يفصحون دوماً عن وجود ما يسمى "السجل الأحفوري"، وهو الأحافير التي تم اكتشافها حتى اليوم في إطار نظرية التطور، والعديد منها يكشف عن حقائق تدعم النظرية، خاصة في أحافير النباتات، لكن هذا السجل لا يضم كل الأحافير منذ بداية البشرية، وهو أمر طبيعي لما حدث على الأرض من تغيرات عبر ملايين السنين من زلازل وتحرك للصفائح القارية وغيرها من أسباب دمرت العديد من الأحافير.
رابعاً: التطور عشوائي مما يجعله غير صحيح. يرى كثيرون أنّ التنوع والتمايز والاختلاف بين الكائنات، والتركيب المعقد لكل منها لا يمكن أن يكون عشوائياً، خصوصاً أنّ الإنسان يفعل الأشياء بنيةٍ مسبقةٍ مثلاً، لذلك فلا بد لهذه الحياة وتنوعها الهائل أن يكون كله ناتجاً عن "ًصانعٍ" واحد وأنه غير عشوائي مثلما تطرح نظرية التطور.
لكن نظرية التطور لا تتحدث عن العشوائية أبداً بصفتها قاعدة، كما أنها تعتمد العلم لا الغيب، وهي من خلال "التمايز، والتضاعف" تثبت وجود اختلافاتٍ في التركيبة المعقدة للكائنات ومنها البشر؛ حيث يوجد حمضٌ نووي لكل كائن بشري، يميزه ويميز صفاته، وحين يقوم هذا الكائن بالتكاثر، فإنّ وريثه أو ابنه، سوف يحمل صفاتٍ جينية مختلفة عنه مهما ضؤلت أو كبرت، وقد تحدث طفرات تميز الكائن عن باقي أفراد جنسه.
كما أنّ السؤال عن العشوائية يشبه تماماً سؤالاً غير منطقي عن عمل جسم الإنسان نفسه، رغم ما فيه من ملايين الخلايا والأنسجة والتعقيدات التي تبدو عشوائيةً، أو منظمةً جداً، لكن كلا الأمرين لا يعنيان خطأ نظرية التطور، خصوصاً أنّ معظم الكائنات من نفس الفصيلة تنشأ بينها تمايزات أو طفرات حين تتكاثر، وهي طفراتٌ عشوائية، تثبتها النظرية.
خامساً: البشر أصلهم قرود. في العام 1860، قال أسقف يدعى "بيلفورس"، إنّ نطرية التطور مجرد خرافةٍ تقول إنّ الإنسان لم يأت بسبب "إبداعاتٍ إلهية، بل هو مجرد حيوانٍ متطور يتحدر من القرود"، هذه الخرافة امتدت حتى القرن العشرين؛ حيث تحدث رجال دينٍ كثر، حول تكريم الله للإنسان، وأن نظرية داروين مجرد فكرةٍ تمسخ هذا الإنسان، ورغم انتشار هذه الفكرة عن نظرية التطور، إلا أنها مجرد خرافة، ويذكر العالم الأمريكي "كارل ساغان" في كتابه "أشباح الأسلاف المنسيين"، أن الإنسان في سردياته الدينية والثقافية والشعبية "اعتبر الرئيسيات من غير البشر مجرد وحوشٍ أو مسوخٍ أو أباليس".
أما في سياق النظريةِ نفسها، فإنّ النظرية تتحدث عن تصنيف للكائناتٍ بناء على خصائصها الخارجية وخصائصها الداخلية "التشريحية"، وهذه جميعها تثبت أنّ الإنسان ينتمي إلى الثدييات، وللرئيسيات منها تحديداً، وهو بهذا يتحدر ويشترك في انتمائه وأصله إلى طائفة "apes"، وليس إلى القرود كافةً "monkeys". كما أنّ الإنسان انفصل منذ زمنٍ بعيدٍ عن طائفته هذه وهو لا يتحدر منها مباشرة؛ حيث أخذ بالتكيف والتطور، والاختلاف.
سادساً: يجب أن يوجد هدف لتطور الكائنات. غالباً ما يرى كثيرون أنّ التوازن والدقة، يشيران إلى وجود هدفٍ من تطور البشر وتطور الكائنات، وهذا غير موجود في نظرية داروين. غير أنّ النظرية نفسها، تكشف عن عدم وجود مثل هذه الدقة فعلاً، ومن خلال الاختبارات العلمية، يثبت أنّ هنالك كائنات تظل وأخرى تنقرض بحكم عدم قدرتها على التكيف مع بيئاتها، إضافةً إلى أنّ النظرية تدرس الحياة على مر ملايين السنين، وليس خلال فتراتٍ زمنية قصيرة، مما يؤهلها للقول إنّ الحياة لم تكن تتواجد بشكلٍ طبيعي في أماكن معينة، وأنها انتقلت من مكانٍ إلى آخر من خلال البشر مثلاً.
وأبسط مثال على ذلك، محاصيل العالم الجديد "كالبطاطا" التي أتت من الأمريكيتين لآسيا، أو الكنغارو الذي ينشط في أستراليا ويكاد يختفي في أية قارةٍ أخرى؛ ولذلك لا توجد دقة وتوازن مطلقان، يجعلان الحياة تتشابه بصفاتها وأنواعها وبقائها على الأرض تماماً مثل بعضها البعض، ولا يوجد هدف إذاً، وراء ذلك كله.
سابعاً: نظرية التطور غير أخلاقية. منذ عام 1862، يجادل عديدون حول مدى أخلاقية نظرية التطور، وليس من الجانب الديني فحسب؛ بل لأنّ النظرية تكشف كذلك عن أحافير انتقالية تبيّن الفرق بين الكائنات وما أصبحت عليه لاحقاً، وبالتالي (تنفي فكرة الخلق) على حد اكتشافاتها، لكن التساؤل امتد إلى التفكير فيما إذا كانت الطبيعة خيّرة أم لا؟ ذلك أنّ هنالك ظناً عاماً حول أنّ كل ما هو طبيعي، فإنه خيرٌ بالضرورة، ولذا فإنّ نظرية التطور تخطئ بنظر هؤلاء، حين تعد أموراً مثل العدوانية والعنف وغيرها من حالاتٍ بشرية، هي أمور طبيعية تخضع للتطور، لكنّ القائلين بهذه الفكرة أنفسهم، يتجاهلون تماماً أنّ الفيروسات والأمراض القاتلة والموت والانقراض، هي أمور طبيعية كذلك، وهي أجزاء من الطبيعة والحياة على كوكب الأرض، وتخضع لتغيرات وتبدلات أحياناً، بفعل التطور.
ثامناً: التعارض مع النصوص الدينية. عادة ما يهاجم الخلقيّون نظريّة التطوّر لأنّها – بحدّ زعمهم – تعارض النّصوص الواردة في الكتب السّماويّة عن خلق آدم وحوّاء – ولذلك فإنّها تدعو إلى هدم الأديان أو تدمير مصداقيّة القصص الدّينيّة. بدايةً، ما يستدعي التذكير بأنّ نظريّة التطوّر لا تفسّر نشأة الإنسان فحسب، ولكنّها نظريّة جامعة تحاول تفسير نشأة جميع الأنواع الحيّة، والإنسان ليس إلاّ نوعاً واحداً من بين الأنواع الحيّة الأخرى. كما نظريّة التطوّر بالفعل تتعارض مع التّفسيرات التّقليديّة والحرفيّة لهذه القصّة الدّينيّة، ولكنّها لا تتعارض مع التّفسيرات المعنويّة لتفاصيل خلق آدم وحوّاء.
تاسعاً: علماء التطور ليسوا ملاحدة. العلماء الذين يعتقدون أنّ التطوّر حدث بدون تدخّل إلهي مباشر ليسوا بالضّرورة ملاحدة أو لا يعتقدون بوجود خالق، ولكنّهم يعتقدون أنّ التطوّر حدث وفقًا لقوانين الطّبيعة، ولم يكن هنالك معجزات غيّرت في توجّه عمليّة التطوّر.
عاشراً: علماء مؤمنون مشاهير دافعوا عن نظريّة التطوّر. هناك علماء مؤمنون مشاهير دافعوا علناً عن نظريّة التطوّر، وصرّحوا بقبولهم لحقائقها المركزيّة، ومن بين هؤلاء:
– الدّكتور فرانسيس كولينز (Francis Collins)، المشرف على مشروع الجينوم البشري، ومدير المعهد الوطني للصحّة في أمريكا (الدّيانة: مسيحي إنجيلي).
– الدّكتور كينيث ميلر (Kenneth Miller)، بروفيسور علم البيولوجيا الجزيئيّة والخلويّة في جامعة براون الأمريكيّة، وأحد أشهر المدافعين عن نظريّة التطوّر في أمريكا. (الدّيانة: مسيحي كاثوليكي).
– الدّكتور فرانشيسكو أيالا (Francisco J. Ayala)، برفيسور علوم الأحياء والتطوّر في جامعة كاليفورنيا إرفاين، وقسّيس دومينيكاني سابق. (الدّيانة: مسيحي).
– الدّكتور سايمون موريس (Simon C. Morris)، عالم الأحياء القديمة والمستحاثّات، ومكتشف أهمّ موقع أحفوريّات في العالم ، وهو أيضاً معارض جدًّا للتّفسيرات الماديّة لنظريّة التطوّر، لكنه لا يرى تعارضاً ما بين النّظريّة والإيمان بالخالق (الدّيانة: مسيحي).
– الدّكتور روبرت بيري (R. J. Berry)، مختصّ في علم الوراثة وعالم طبيعة مشهور. (الدّيانة:مسيحي).
ولم تنفع التطورات الكبيرة ولا الدلائل التي تمت إضافتها، حتى يومنا هذا إلى نظرية التطور، في جعلها نظريةً علميةً موثوقة لدى الكثيرين، رغم فشل الحضارات قبل نظرية داروين في تفسير التنوع الهائل للحياة الطبيعية على كوكب الأرض.
العلماء الذين يعتقدون أنّ التطوّر حدث بدون تدخّل إلهي مباشر ليسوا بالضّرورة ملاحدة أو لا يعتقدون بوجود خالق
وتقوم بعض المدارس حول العالم الآن بتخيير طلابها فيما إذا كانوا يصدّقون نظرية التطور أم لا، كما يقوم بعض رجال الدين حول العالم بتكذيبها بين حينٍ وآخر، خاصةً أنّ الله خلق الإنسان بأبهى صورة، ولا يمكن أن يكون قرداً في الأصل، هذه بالذات، واحدةً من أشهر الخرافات التي يتم تداولها في أرجاء الأرض حول نظرية التطور.
فما هي هذه الخرافة؟ وما هي باقي الخرافات الأخرى المتصلة بهذه النظرية المثيرة للجدل؟
أولاً: البقاء للأقوى. تعد هذه الفكرة أكثر ما يتم تداوله على أنه مأخوذ من نظرية التطور، خاصةً حين يشاهد الناس مراراً وتكراراً الحيوانات المفترسة وهي تهاجم تلك المسالمة، في مشاهد تظهر خارجياً أنّ الطبيعة مجرد ميدانٍ للتنافس بين الكائنات الحية.
وأن الأقوى سوف يهزم الأضعف ويفنيه، لكن ما كتبه داروين العام 1872 يدحض هذه الخرافة؛ حيث يقول "القصد من البقاء للأقوى، هو البقاء للأصلح من خلال الانتخاب الطبيعي؛ أي إنّ الكائنات التي تملك خصائص تمكنها من التكيف مع بيئاتها، سوف تظل".
ثانياً: التطور مجرد نظرية. يظن كثيرون حول العالم، في أمريكا وأوروبا والعالم العربي، أنّ التطور مجرد نظرية فقط ولا توجد دلائل عليها؛ حيث يعود هذا إلى الظن الشعبي بأنّ كلمة نظرية تعني مجرد حدسٍ أو تصورٍ ما لأمرٍ معين. وهو على العكس تماماً مما تعنيه كلمة "نظرية" علمياً؛ إذ تشير إلى فكرةٍ مدعومةٍ جيداً بعددٍ كبيرٍ من الأدلة والحقائق الواقعية.
ثالثاً: الحلقة المفقودة. يتم الإعلان بين فترةٍ وأخرى، عن اكتشاف حفرية معينة، تمثل الحلقة المفقودة في تطور الإنسان من هيئةٍ إلى أخرى، أو حفرية يشاع إعلامياً أنّها أول حالةٍ تكشف أثراً يربط بين الإنسان والقرد، فيسخر الناس من النقص في الحفريات وعدم قدرة هذه الاكتشافات على إثبات التطور.
لكن العلماء يفصحون دوماً عن وجود ما يسمى "السجل الأحفوري"، وهو الأحافير التي تم اكتشافها حتى اليوم في إطار نظرية التطور، والعديد منها يكشف عن حقائق تدعم النظرية، خاصة في أحافير النباتات، لكن هذا السجل لا يضم كل الأحافير منذ بداية البشرية، وهو أمر طبيعي لما حدث على الأرض من تغيرات عبر ملايين السنين من زلازل وتحرك للصفائح القارية وغيرها من أسباب دمرت العديد من الأحافير.
رابعاً: التطور عشوائي مما يجعله غير صحيح. يرى كثيرون أنّ التنوع والتمايز والاختلاف بين الكائنات، والتركيب المعقد لكل منها لا يمكن أن يكون عشوائياً، خصوصاً أنّ الإنسان يفعل الأشياء بنيةٍ مسبقةٍ مثلاً، لذلك فلا بد لهذه الحياة وتنوعها الهائل أن يكون كله ناتجاً عن "ًصانعٍ" واحد وأنه غير عشوائي مثلما تطرح نظرية التطور.
لكن نظرية التطور لا تتحدث عن العشوائية أبداً بصفتها قاعدة، كما أنها تعتمد العلم لا الغيب، وهي من خلال "التمايز، والتضاعف" تثبت وجود اختلافاتٍ في التركيبة المعقدة للكائنات ومنها البشر؛ حيث يوجد حمضٌ نووي لكل كائن بشري، يميزه ويميز صفاته، وحين يقوم هذا الكائن بالتكاثر، فإنّ وريثه أو ابنه، سوف يحمل صفاتٍ جينية مختلفة عنه مهما ضؤلت أو كبرت، وقد تحدث طفرات تميز الكائن عن باقي أفراد جنسه.
كما أنّ السؤال عن العشوائية يشبه تماماً سؤالاً غير منطقي عن عمل جسم الإنسان نفسه، رغم ما فيه من ملايين الخلايا والأنسجة والتعقيدات التي تبدو عشوائيةً، أو منظمةً جداً، لكن كلا الأمرين لا يعنيان خطأ نظرية التطور، خصوصاً أنّ معظم الكائنات من نفس الفصيلة تنشأ بينها تمايزات أو طفرات حين تتكاثر، وهي طفراتٌ عشوائية، تثبتها النظرية.
خامساً: البشر أصلهم قرود. في العام 1860، قال أسقف يدعى "بيلفورس"، إنّ نطرية التطور مجرد خرافةٍ تقول إنّ الإنسان لم يأت بسبب "إبداعاتٍ إلهية، بل هو مجرد حيوانٍ متطور يتحدر من القرود"، هذه الخرافة امتدت حتى القرن العشرين؛ حيث تحدث رجال دينٍ كثر، حول تكريم الله للإنسان، وأن نظرية داروين مجرد فكرةٍ تمسخ هذا الإنسان، ورغم انتشار هذه الفكرة عن نظرية التطور، إلا أنها مجرد خرافة، ويذكر العالم الأمريكي "كارل ساغان" في كتابه "أشباح الأسلاف المنسيين"، أن الإنسان في سردياته الدينية والثقافية والشعبية "اعتبر الرئيسيات من غير البشر مجرد وحوشٍ أو مسوخٍ أو أباليس".
أما في سياق النظريةِ نفسها، فإنّ النظرية تتحدث عن تصنيف للكائناتٍ بناء على خصائصها الخارجية وخصائصها الداخلية "التشريحية"، وهذه جميعها تثبت أنّ الإنسان ينتمي إلى الثدييات، وللرئيسيات منها تحديداً، وهو بهذا يتحدر ويشترك في انتمائه وأصله إلى طائفة "apes"، وليس إلى القرود كافةً "monkeys". كما أنّ الإنسان انفصل منذ زمنٍ بعيدٍ عن طائفته هذه وهو لا يتحدر منها مباشرة؛ حيث أخذ بالتكيف والتطور، والاختلاف.
سادساً: يجب أن يوجد هدف لتطور الكائنات. غالباً ما يرى كثيرون أنّ التوازن والدقة، يشيران إلى وجود هدفٍ من تطور البشر وتطور الكائنات، وهذا غير موجود في نظرية داروين. غير أنّ النظرية نفسها، تكشف عن عدم وجود مثل هذه الدقة فعلاً، ومن خلال الاختبارات العلمية، يثبت أنّ هنالك كائنات تظل وأخرى تنقرض بحكم عدم قدرتها على التكيف مع بيئاتها، إضافةً إلى أنّ النظرية تدرس الحياة على مر ملايين السنين، وليس خلال فتراتٍ زمنية قصيرة، مما يؤهلها للقول إنّ الحياة لم تكن تتواجد بشكلٍ طبيعي في أماكن معينة، وأنها انتقلت من مكانٍ إلى آخر من خلال البشر مثلاً.
وأبسط مثال على ذلك، محاصيل العالم الجديد "كالبطاطا" التي أتت من الأمريكيتين لآسيا، أو الكنغارو الذي ينشط في أستراليا ويكاد يختفي في أية قارةٍ أخرى؛ ولذلك لا توجد دقة وتوازن مطلقان، يجعلان الحياة تتشابه بصفاتها وأنواعها وبقائها على الأرض تماماً مثل بعضها البعض، ولا يوجد هدف إذاً، وراء ذلك كله.
سابعاً: نظرية التطور غير أخلاقية. منذ عام 1862، يجادل عديدون حول مدى أخلاقية نظرية التطور، وليس من الجانب الديني فحسب؛ بل لأنّ النظرية تكشف كذلك عن أحافير انتقالية تبيّن الفرق بين الكائنات وما أصبحت عليه لاحقاً، وبالتالي (تنفي فكرة الخلق) على حد اكتشافاتها، لكن التساؤل امتد إلى التفكير فيما إذا كانت الطبيعة خيّرة أم لا؟ ذلك أنّ هنالك ظناً عاماً حول أنّ كل ما هو طبيعي، فإنه خيرٌ بالضرورة، ولذا فإنّ نظرية التطور تخطئ بنظر هؤلاء، حين تعد أموراً مثل العدوانية والعنف وغيرها من حالاتٍ بشرية، هي أمور طبيعية تخضع للتطور، لكنّ القائلين بهذه الفكرة أنفسهم، يتجاهلون تماماً أنّ الفيروسات والأمراض القاتلة والموت والانقراض، هي أمور طبيعية كذلك، وهي أجزاء من الطبيعة والحياة على كوكب الأرض، وتخضع لتغيرات وتبدلات أحياناً، بفعل التطور.
ثامناً: التعارض مع النصوص الدينية. عادة ما يهاجم الخلقيّون نظريّة التطوّر لأنّها – بحدّ زعمهم – تعارض النّصوص الواردة في الكتب السّماويّة عن خلق آدم وحوّاء – ولذلك فإنّها تدعو إلى هدم الأديان أو تدمير مصداقيّة القصص الدّينيّة. بدايةً، ما يستدعي التذكير بأنّ نظريّة التطوّر لا تفسّر نشأة الإنسان فحسب، ولكنّها نظريّة جامعة تحاول تفسير نشأة جميع الأنواع الحيّة، والإنسان ليس إلاّ نوعاً واحداً من بين الأنواع الحيّة الأخرى. كما نظريّة التطوّر بالفعل تتعارض مع التّفسيرات التّقليديّة والحرفيّة لهذه القصّة الدّينيّة، ولكنّها لا تتعارض مع التّفسيرات المعنويّة لتفاصيل خلق آدم وحوّاء.
تاسعاً: علماء التطور ليسوا ملاحدة. العلماء الذين يعتقدون أنّ التطوّر حدث بدون تدخّل إلهي مباشر ليسوا بالضّرورة ملاحدة أو لا يعتقدون بوجود خالق، ولكنّهم يعتقدون أنّ التطوّر حدث وفقًا لقوانين الطّبيعة، ولم يكن هنالك معجزات غيّرت في توجّه عمليّة التطوّر.
عاشراً: علماء مؤمنون مشاهير دافعوا عن نظريّة التطوّر. هناك علماء مؤمنون مشاهير دافعوا علناً عن نظريّة التطوّر، وصرّحوا بقبولهم لحقائقها المركزيّة، ومن بين هؤلاء:
– الدّكتور فرانسيس كولينز (Francis Collins)، المشرف على مشروع الجينوم البشري، ومدير المعهد الوطني للصحّة في أمريكا (الدّيانة: مسيحي إنجيلي).
– الدّكتور كينيث ميلر (Kenneth Miller)، بروفيسور علم البيولوجيا الجزيئيّة والخلويّة في جامعة براون الأمريكيّة، وأحد أشهر المدافعين عن نظريّة التطوّر في أمريكا. (الدّيانة: مسيحي كاثوليكي).
– الدّكتور فرانشيسكو أيالا (Francisco J. Ayala)، برفيسور علوم الأحياء والتطوّر في جامعة كاليفورنيا إرفاين، وقسّيس دومينيكاني سابق. (الدّيانة: مسيحي).
– الدّكتور سايمون موريس (Simon C. Morris)، عالم الأحياء القديمة والمستحاثّات، ومكتشف أهمّ موقع أحفوريّات في العالم ، وهو أيضاً معارض جدًّا للتّفسيرات الماديّة لنظريّة التطوّر، لكنه لا يرى تعارضاً ما بين النّظريّة والإيمان بالخالق (الدّيانة: مسيحي).
– الدّكتور روبرت بيري (R. J. Berry)، مختصّ في علم الوراثة وعالم طبيعة مشهور. (الدّيانة:مسيحي).