قراءة نقدية في رواية (عطر البارود) للكاتب /هاشم محمود

- قراءة في رواية (عطر البارود)

للروائي والشاعر والاعلامي السوداني /الاريتري هاشم محمود حسـن .

تقديم د/ صلاح الدين أبوبكر هـداد

بطاقة تعريفية :

الاسم: هاشم محمود حسن محمد (المسكون بحب الوطن أرضا وشعبا )

تاريخ الميلاد: عام1978م

مكان الميلاد: قرية قلوج ـ بمنطقة القاش في غربي أرتريا

الحالة الاجتماعية: متزوج

المؤلفات الروائية المطبوعة

*الطريق إلى أدال

* تقـرويا

* شتاء أسمـراء

* عـطر البارود(فازت في مهرجان القاهرة كأفضل رواية أفريقية باللغة العربية للعام2019م ).

* مسافر زاده الكرة ..دراسة أدبية توثيقية للاعب المصري محمد صلاح .

مدخل :

الروائي هاشم محمود صاحب الانتاج الغزير ،يحمد له أن فتح لنا كوة بانورمية نطل عبرها عن أدب وحراك ثقافي الكثير منا يجهله أو يتغاضى عنه هو الادب الافريقي بكل جمالياته وتنوعاته بلغة سردية ماتعة ووواعية مكتملة النضج ليؤصل ويدون ويوثق لمراحل مهمة لمراحل النضال وتجليات الثورة والشواهد الانسانية ، فهو مثله ومحمد مفتاح الفيتوري و محمد صالح كجراي ومحمد مدني وابو القاسم حاج حمد وغيرهم بعلو سقف رشدهم تجاوزوا الحدود صنيعة المحتل وانبسطوا في فضاء الجغرافيا لينتجوا أدبا رفيعا يتخطى الاني ويستشرف المستقبل فكأنما أحلام كوامي نكروما في تصوره الباذخ والأصيل في رؤية الولايات المتحدة الافريقية ، انا لااعتب على حملة مشاعل الكلمة ولكن لطفا آمل الالتفات للإبداع الافريقي ومزواجته بالحصاد الانساني الكلي ، وكاتب هذه الرؤية يبذل وسعه على مشروع أدبي يعني بابراز هموم قضايا مجتمعات تتميز بالتنوع الثقافي والارث النضالي والتسامح الديني دون غلو او تطرف وكل ذلك يقدمه عبر منصات السرد لذلك نجد أعمالة محتشدة بالكثير من الخصائص والسمات التي ينبغي عدم تخطيها دون تأملها وتشربها وتفكيكها وتحليلها وسبرها بهدف فهمها وادراك كنهها ودراستها

عتبة العنوان وصورة الغلاف:

العنوان جزء من منظومة العتبات المؤثرة في استقبال النص، فهو ماض في سياق العتبات الأخرى، كالغلاف واسم المؤلف والناشر والمقدمة وغيرها، وهي كلها تقترح مسارات التلقي، وتفسح المجال للتأويل، وتكرس أهمية ما قبل النص. فهذه العتبات هي إشارات سيميائية تبعث رسائل في فضاء العلاقة بين النص والمتلقي.

ولم يعد العنوان شكلا تزيينيا ديكوريا لتحديد الاطار العام أو لاستجذاب انتباه القارئ ، بل أصبح له وظائف جمالية ودلالية فهو ليس عبارة منقطعة أو إشارة مكتفية بذاتها بل هو دائما مفتاح تأويلي ،أساسي لفك مغاليق النص وعندئذ ،حين يحسن المتلقي استعماله ،تتلألأ أمام عينية كنوز القصة ونفائسها ،وتنبسط تحت قدميه في طواعية أرضها المليئة بالأسرار( [1])

اثار انتباهي عنوان رواية (عطر البارود) للروائي الارتيري الأستاذ هاشم محمود، وأشعل في ذهني حزمة من التساؤلات العميقة و المتشعبة وذلك لمزاوجته بين متضادين في عبارة انيقة مفعمة بالغرائبية والدهشة ، فكان لا بد من القراءة السابرة لكي يتسنى لي ولغيري من الحصول على إجابة مقنعة للوصول من خلالها لتفكيك الابهام والغموض ومعرفة كنه هذا العنوان، وإن كان الكاتب قد وفق في اختيار هذا العنوان المثير لروايته (عطر البارود ) و استطاع من خلال السرد المبهر تقديم نص فخيم يشرح مضمونه بشكل يحوز على رضا القراء، فالمناضل الذي اضطرته ظروف القاتل حتما ينشئ علاقة ما مع البارود ويتكيف مع رائحته التي يستنشق عبرها رائحة الظفر والانتصار كلما ألحق بالعدو هزيمة ،وربما كانت رائحة العطر هي تجسد الانتصار ...ومن ناحية اخرى فان اختيار العناوين مهمة شاقة وعسيرة ،وعند تفحص جزئيات العنوان المركب من خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا، والبارود مضاف اليه وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره، فهذا المركب الاضافي للاسمين عطر وبارود تربطهما وشيجة تسفر عن وجهها في صلب النص عبر المستخلص النهائي للرسالة المراد ايصالها للمتلقي ،و السؤال هنا ... كيف يكون للبارود عطر ؟ بذكاء استطاع أن يقدم الكاتب اجابات مقنعة وتأصيلا للعلاقة التي تبدو غريبة ومغايرة يتضح ذلك عند التوغل في ثنايا ومستويات النص.

وبتأمل غلاف الرواية ـ أي رواية ـ نستنتج أنه قد يكون شاهداً لمعرفة الذائقة التشكيلية والجمالية وقدرات الكاتب البصرية، فهو يحاول بقدر من الابتكار تجسيد حياة النص الروائي في مشهد واحد عبارة عن لوحة تشكيلية فنية لها تعابير وإيحاءات تربطها بعالم النص الكلي، ولأن في أغلب الأحوال الكاتب الروائي ليس فناناً تشكيلياً بالمعني المهني والحرفي ولكنهما أي الكاتب والتشكيلي يلتقيان في سوح الإلهام والوحي الخاص والإبداع التصويري المتشكل حرفاً ولوناً، ويمكن أن يقتبس الكاتب نصا تشكيليا للرواية يحمل في طياته من الأدوات والمعرفة البصرية التي تعكس ما يدور ما بداخله ويتعلق بعوالم نصه الروائي.

وبتفكيك مكونات صورة الغلاف نجدها بنيت على لوحة تقوم على ثنائية الصورة والحرف، نلحظ ثمة وشيجة ارتباطية بين الارض والانسان ،فلأرض تماثل الانثى في طرح ثمارها بانتاج الرجال والنساء لدفعهم في البناء والنهوض بإعمار الكون كما يقول الشاعر الفلسطيني محمود درويش في ديوانه (الزيتون)

أنا قبلما اعطيتني نور الحياة ..ولدت ثائر

لو تسألين الصخر و الغابات والسفح المكابر

لو تسألين الساحل المذبوح والشط المهاجر

لو تسألين ذراع طفل علقوه على الخناجر

لو تسألين بكارة العذراء تشوى بالسجائر

لو تسألين حذاء جندي يدق ُ على الحرائر

بقرت حراب النذل بطن حاملات وظلّ حائر

فالوحش يقتل ثائراً والأرض تنبت ألف ثائر

يا كبرياء الجرح لو متنا لحاربت المقابر

عتبة الاهداء :

الاهداء دائما عتبة منسية عند بعض النقاد رغم أهميتها في الدراسات النقدية ، و عتبة الإهداء تمثل إحدى العتبات النصية التي ينبغي الوقوف عندها في اطار مقاربة النصوص، وتحليلها لكشف مغزاها ، والدوافع التي جعلت الكاتب اعتماد صياغتها بهذه الطريقة أو تلك، وإهمال دراسة هذه العتبة النصية هو إهمال دليل ومعلم من المعالم التي تضيء لنا بعض دهاليز النص وشعابه ، فهي من المؤكد لفتة اشارية تعكس للمتلقي نوعا من المشاعر الإنسانية لدى المؤلف وبعضا من تجاربه وخبراته في التعامل الواعي مع الآخر كجزء من النسيج الإنساني و الاجتماعي الذي يرتبط فيما بينه بعلاقات تكاملية تقوم على مبدا الحوارية والاستمرارية مع الآخر تفاعلا وتمازجا وترابطا ،

فمثلا عندما تقرأ نص الاهداء" إلى أبي...الذي خرج قسرا ذات قصف من قريته الوادعة (باشري) آمال أن يعود، إليها مطهرة من دنس الاحتلال ،ولم يعد. ..أمطر الله الرحمة على قبره، حيث يرقد هناك بسـلام" ...لقد خنقتني العبرة ،وجاشت عيوني بالدموع ،وأنا أتأمل تلك المشاعر الإنسانية التي تعبر عن قمة المأساة ،وفداحة الأثر النفسي الذي تخلفه الحروب الظالمة من قتل للمواهب وتدمير لأحلام العودة ، يموت الأب في المهجر وغصة الاشواق تدمي قلبه المكلوم ...مات الأب ولم تمت القضية كأنما هي رسالة للمحتل البغيض نحن هنا باقون وأرحام النساء ما زالت حبلى تلد الأجيال تلو الاجيال استكمالا لمسيرة العمران والبناء واعادة بهاء الوطن المحتل .

عتبة التصدير :


التصدير النصي ، يعني كل خطاب لفظي يدون على الصفحات التي تسبق النص الرئيس أو المركزي، سواء كانت من إنتاج المؤلف ذاته، أو من تأليف غيره من الكتاب والمؤلفين، وهو ما جعل هذه النصوص تأخذ صفة ووظيفة العتبة أو البوابة في الشعريات الغربية الحديثة، التي يلج من خلالها القارئ إلى داخل النص، لأنها من العناصر النصية الموجودة على حدود النص([2])

(المنفى هو التعبير المهب الموت) هذا العبارة المأساوية الصادمة تعبر عن التغييب القسري والتهجير الاجباري من مرابع الصبا ومراتع الشباب وحدائق الذكريات والاقتلاع عنوة من أنس المكان والزمان في محاولة لقتل الذاكرة الجمعية ...فما تكبده والد الكاتب يمثل قمة الالم حين يخرج طوعا او كرها من دياره ليستقر مؤقتا في معسكرات تخلو من مقومات العيش الانساني وتزدحم بالأمراض الفتاكة ومن بعد ذلك يموت الانسان ويموت الحلم بالعودة الا في وديعة او وصية يحملها للأجيال القادمة فثمة علاقة بين المنفى والموت يتجسد في الانقطاع الوجودي بين حياتين ،ثمة حقيقة جوهرية يجب تدوينها وهي أن الموت ولا المنفى سلب من الثوار ارادة البقاء ،ولا حتى تثبيط همهم بل كان دافعا للمزيد من المواجهة والتصدي واقتحام التحديات

بين يدي النص : :

تصنف الراوية (عطر البارود ) ضمن ما يعرف أدب الحرب يمتزج فيها الخيال بالواقعية ،والراوية توثيق لتاريخ نضالات الشعب الاريتري، تكشف بجلاء عن مجاهدات هذا الشعب العظيم ،وقدرته الفائقة في التمسك بقضيته ،وعظمته في مواجهة ترسانة الموت الجبارة التي يديرها المحتل ،كما تكشف الارادة الصلبة والخارقة لقهر المستحيل بصبر وجلد ...وقد تفوق الكاتب من خلال السرد المُدعم بدرايته الكاملة والواعية بأسرار تلك المرحلة ومعايشته لتفاصيلها ،إضافة لامتلاكه ناصية الكتابة وأدواتها في أٔن يقدم لنا هذا العمل الروائي بأسلوب شائق يتسم بالرشاقة والجزالة والشفافية بعيدا عن الجمود الذي يرافق عادة المادة التاريخية أو التوثيقية، وذلك نتيجةً لاعتماده محاور عدة، تمثل الى جانب الهدف الأساسي وهو التوثيق لتلك المرحلة، دعامات إرتكزت عليها الرواية في مجملها دون ضياع أي محور ،وهذا ما منح الرواية فضاءات سردية معرفية للارتقاء بالعمل الروائي ووضعه في المسار والسياق المنشود ،فضلا عن الكثير من المتعة.

ومن خلال اطلاعي وقراءتي السابرة على رواية (عطر البارود) تبدت لي عدة محطات جوهرية سأتطرق اليها تباعاً في محاولة متواضعة مني لقراءة أزعم أنها موضوعية ونقدية وتحليلية تغطي جوانب هذا المنجز الابداعي دون إطنابٍ مُمِلّ ولا إيجازٍ مُخِلّ .

الشخصيات : تعتبر الشخصية الوسيلة المثلى التي تمكن الكاتب من التعبير عن رؤيته ،وما يود قوله ، فهي أهم العناصر المكون لتقنيات السرد ،فالشخصية هي قطب الجذب للمتلقي السابر المتجاوز للقراءة السطحية الذي يبحث في توق مستمر للكشف عن المبهمات وما وراء السطور ،هناك عدد من الشخصيات الأساسية ،توزعت الأدوار بينهم بمستويات متفاوتة ،وبخلفيات متباينة لكن يجمعهم هدف واحد هو الصراع من اجل استرداد الوطن السليب ، مع وجود شخصيات اخرى شكلت مع الاخرين البناء الفني للشخصيات، نقل لنا الكاتب بعدسته اللماحة العديد من التفاصيل التي تتعلق بالاغتراب ومفارقة المكان وما يلاقيه اللاجئ من مشقة ومصاعب نتيجة للانتقال المفاجئ من بيئة لأخرى غريبة ...وما انفك الكاتب في تنقلاته السردية يأخذنا الى شخصيات الراوية (محمد وأحمد وإبراهام و مكئيل وإبراهيم)، لكل منهم سمته وصفاته وسجاياه هذه الرفقة المتجانسة عندما اشتدت وحشية العدو المحتل قرروا الضرب في الارض في مجازفة خطيرة بحثا عن الامن والامان ، فكانت محطتهم عر الحدود معسكر للاجئين ..وهنا تجلت وتداعت صور إنسانية برز فيها التعاون والتكاتف والحميمية والتسامح الديني والسلوى والحب والاهم من ذلك كله ظلت قضية الوطن شعلة متقدة في اذهانهم حتى الممات.

وأيضا صورة أخرى حينما قرروا الالتحاق بكتائب الثوار استجابة لمشاعر ثورية تدفعهم الى استرجاع الحق والارض والعرض ،وهناك أبلوا بلاء رائعا فمنهم من قضى نحبه ومضى ومنهم من خاض البحر من أجل حورية البحر ودرة الشاطئ ارتريا، ومنهم من نذر نفسة لمحاربة الجهل وهي حرب لا تقل شأنا من مقاتلة الاعداء ،ومنهم من تخصص في اقتلاع الالغام التي زرعها الغاشم المستبد فكان ثمنها فقدان طرف (ميكئيل)، كانت أيام صعبة وقاسية صورها الكاتب بطريقة فذة ونبيلة واحترافية ، كشف فيها عن قدرة الشعوب اذا ارادت التغيير حتما ستنجزه

دور المرأة في الراوية :

لم تغب صورة المرأة المناضلة فهي الأم والزوجة والحبيبة والداعمة والطبيبة والفدائية ،فهناك (أم ابراهيم وعافيت والطفلة مريم ) لقد تفوق الكاتب على نفسه في ابتكار فكرة مريم التي ولدت في المعسكر ووفاة والدتها ،وكيف ان نساء المعسكر تكفلن برعايتها ،وأظهرن حبهن وبهجتهن لميلادها حتى آلت حضانتها الى عافيت في محاولة من محمد لإخراجها منها انتكاستها النفسية بسبب موت خديجة تلك مضت شهيدة في الطريق ، وعافيت المليئة الامل والارادة وتحقيق الذات ، تجسد قيمة الحب حتى في أحلك الظروف فالقلوب لا تعرف المنافي والملاجئ يدهمها نبض الحب فتخضع له ،وعافيت الجميلة نفسها تكون هي في النهاية زوجة لمحمد بعد قصة حب مكتومة، وهناك ام ابراهيم المرأة الحكيمة التي تزن الأمور برشد واضح ، وأيضا زوجة (ابراهام) الذي قدم روحه مهرا للحرية ، تلك الممرضة التي عملت على تضميد الجراح (نموذج للتضحية )، لكم كان الكاتب واعيا وعبقريا في تصوير وتوثيق مشاركة المرأة في النضال ومسيرة الكفاح ، .

الزمان والمكان ::تدور أحداث الراوية في فترة زمنية فارقة وهي فترة السبعينات ،حين اشتدت وحشية المحتل محولا الاض الى جحيم رافعا شعار الارض المحروقة في جنون وتشفي فكان يأتي على الاخضر واليابس لإخافة الناس وطردهم من مغاني صباهم وذكرياتهم ...أما المكان الذي دارت فيه الاحداث متحولا جغرافيا فمن ديارهم الاولى الى السودان (معسكر ود شريفي ) الى الخرطوم ..هذا الفضاء المكاني توزعت فيه تفاصيل الراوية .......التوصيف البيئي والجغرافي للمكان احالنا الى مشاهدة النواميس الكونية من تضاريس وامطار ووديان وجبال وانهر ومناخات متنوعة يدل على أن المكان (ارتريا) التي تتصف بتنوعات الطقس فيها من اعتدال وبرودة وحراة مما اعطى طعما خاصا وفريدا من خلال نسيج من العلاقات الانسانية والوشائج الحميمة المترابطة تنقب في البدائل والخيارات ابتغاء معانقة فجر الخلاص والانتصار والسلام عبر توليفة سردية وسيناريوهات رفيعة وذكية من خلال صهر الخيال والواقع في بوتقة جمالية تشكل لوحة باهرة الابعاد تضفي على العمل الحيوية والبهاء والابهار

لغة السرد والحوارات :

السرد هو الطريقة التي يتم بها عرض القصة وأحداثها ومجريات أمورها، بينما الحوار هو الكلام الذي يدور بين الشخصيات في القصة ،إن تقنية الحوار في الراوية عنصر تكويني في البناء السردي، وهو وسيلة بيد الروائي المتمكن تمثل رؤيته للكون، وإحساسه بالحياة ومهارته في رسم أبعاد شخصياته الروائية وإمكاناته الفكرية، فالحوار متعدد الأبعاد في رواية(عطر البارود)

وفي ثنايا النص نجد تلاحم بين السارد والمتلقي حينما تدهشنا الحوارات الدفيئة الواثقة في مبادرات ابراهيم وتعلقه بالذكريات التي حاول المحتل ابادتها عندما يقول:" المسافة ليست بالبعيدة مقارنة مع ما مشيناه وعانيناه طيلة الاسبوعين الماضيين، سوف نسير نحن بمحاذاة هذا النهر، وسوف نقطعه في مكان ما، بعدها نكون في مأمن إن شاء الله".

كانت اللغة سلسلة وبسيطة تصف حيثيات الاحداث بواقعية ذات دلالات جمالية ،ولغة الحوار كانت مناسبة لحد كبير مع الشخصيات ومخزونها المعرفي ، متناغمة مع القواعد الإملائية والنحوية ،ومع وجود أخطاء كتابية ربما سقطت أثناء الطباعة ولكنها لا تقدح في جمال وعذوبة الراوية .

الخاتمة :

:الراوية تشكل ملحمة وطنية وانسانية لإنجاز مهام الحرية، فالكل في درب النضال الشباب والشيوخ وحملة السلاح كأنما هي وصية للأجيال بمواصلة الكفاح حتى النصر ،وان الشعوب مهما استطال ليل الظلم عليها لا بد ان يطل الصباح فإرادة الشعوب لا تأفل ولا تقهر ولا تغيب تماما كمثل الشمس ، والراوية صرخة في وجه كل من يستذل الشعوب، ويستلب الحقوق ،كما تجسد تكاتف المواطنين وتراصهم لمواجهة المحتل بسلاح الروح وحب الوطن وارادة الحياة وعزم الرجال وصمود النساء وتضحيات الشباب ، كان لعنصر الشخصية بناء فنيا مميزا ساهم فـي نمـو و تطـور أحداث الروايـة بطريقـة مدهشة وشائقة ، وقد شكل البناء الفني للشخصيات صورة عالية القيمة من خلال التقنيات المستخدمة في النص من وصف ولغة وسرد وحوار

وثمة كلمة اخيرة فقد ابدع الكاتب ايما ابداع في توثيق تلك المرحلة التاريخية المليئة بالألم والامل والأحزان والتناقضات حتى انبلج فجر الحرية ، فهي أي الراوية بمثابة صرخة في وجه أعداء الحرية ،ولذلك يحمد للكاتب والذي استطاع بأسلوبة السهل الجميل أن يحرض أحصنة تفكيرنا نحو منابع الري والامتاع ،ويسوقنا سوقا دفيئا مريئا للتعرف للأدب في القرن الافريقي فله كل الشكر والتقدير


[HR][/HR]
[1] - ثريا النص، مدخل لدراسة العنوان القصصي، محمود عبد الوهاب، الموسوعة الصغيرة، العدد)396 )،بغداد، ط1 ،1995.
[2] - نجاة عرب الشعبة :"عتبة التصدير في الرواية العربية المعاصرة" جامعة عنابة ، الجزائر .. المجلد 80/ العدد 1/ السنة 2022

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى