لكل دال مهما كان أصله ومبناه واشتقاقه، ثلاثيا أو رباعيا، صحيحا أو معتلا، مجردا أو مزيداً ، فإن له مدلوله الذي يحيل إليه، أو الذي سيق في ذلك السياق من أجل أن يؤدي وظيفة الدلالة عليه، فلكل دال مدلول، ولا دال بلا مدلول، ولا قيمة للدال إن لم يكن له مدلول، وفي اللغة العربية غالبا ما يكون لكل دال مدلول محدد يتداوله الناس فيما بينهم، سواء أكان مدلولا أوليا أو مدلولا ثانويا، أي أنه كلما اختلف الدال اختلف المدلول. وأما اذا جاء المدلول موحدا للدال الواحد فإن ذلك كان خدمة للسياق.
لكن ما يجب العلم والإحاطة به، هو أن توظيف الدوال في التجربة الشعرية يختلف من شاعر لآخر، إذ لا توظف الدوال في الشعر لمعنى محدد، فقد توظف لمدلولات أخرى، يتم من خلالها الإنتقال بهذه الوحدة اللغوية من معناها العادي إلى معناها البلاغي، فيصبح مدلولها بعد أن كان كلاما عاديا، كلاما بليغا له معان ضمنية جميلة، يقصدها الشاعر من أجل جعل قصائده أكثر شعرية، وهذا ما يتطلبه الشعر الحق.
إن توظيف الدوال على كثرتها وتنوعها بمدلول واحد من باب البلاغة، ككناية أو إستعارة أو مجاز لمعنى آخر ليس الذي تقصده هذه الدوال في حالتها العادية، يحتاج إلى خبرة ناضجة وحدس ذواق، يحسن تذوق المعاني والتحكم فيها. فتصبح معلوماتك السابقة لمعان هذه الوحدة الواردة في هذا النص الشعري، خارج مجال الفهم والتأويل ، ذلك أن الشاعر يقصد بها أمورا أخرى، لا يفهمها القارئ إلا من خلال فهم المعنى الشعري للقصيدة وسياقاتها ومقاماتها أيضا. أي أن الدوال هنا أصبحت أعلى درجة وشأنا، حيث أنها أصبحت نوعا من أنواع التعبير البلاغي.
وفي شعر مجنون وسيلة للشاعر الجزائري فيصل الأحمر ، كانت الدوال أحادية المدلول البلاغي (وليس المدلول الذي وضعت لتدل عليه اجتماعيا)، حاضرة بقوة، ذلك أن كل الدوال التي وظفت في ذاك النص، وعلى الرغم من تغير مواضعها وصيغها، من اسم الفاعل والمفعول، وجموع التكسير والتي وردت بقوة، كان توظيفا بلاغيا بليغا، أعطى للمعنى أبعاداً فنية وجمالية، جعلت النص وعلى الرغم من كثرة كلماته، ذا مدلول واحد. فكل الدوال هنا كانت كناية عن وسيلة أو تشبيها لها، أو استعارة عنها، والتي كان هذا الديوان مجنونا بها.
كل ضمير ورد في هذا النص، ومعه اسم الفاعل أو اسم المفعول، وحتى جمع التكسير، كان له معنى واحد لا غير وهو وسيلة، فكل الدوال هنا وظفت لتعبر عنها وتعنيها وتدل عليها، شخصا واسما وكلاما وحياة وموتا أيضا، حيث أن النص عجن كل الدوال بما يمكنه وصف وسيلة والوقوف عند محاسنها الخلقية والخلقية، وحتى الروحانية.
جاء في إحدى مقاطع النص:
لأنت الكلام الذي حينما لا أثور يثور
وأنت غناء العنادل، أنت انهمار الحواس
وأنت النواصي، وأنت الصدور
تنوعت الدوال هنا واختلفت بنية واعرابا، إلا انها اتفقت وتوافقت من حيث الدلالة والمعنى، فكلها جاءت لتحل محل وسيلة تشبيها وبلاغة، حيث تم تعويض كلامها بالثورة، وصوتها بغناء العنادل، لقد تم تعويضها بكل شيء جميل يمكنه مضاهاة الحواس.
وورد في مقطع آخر:
لأنت المواعيد
أنت الضفاف البعيدة
أنت المعاجم يغمرها الحب
أنت الحروف التي تتستر خلف البساطة
خلف الرشاقة، خلف الأناقة
وجاء أيضاً:
لأنت بقايا من الشهقات البواقي
وأنت السماء الوحيدة في صحف القلب
أنت البذور، وأنت الجدور، المعابر
أنت الحواجز، أنت الثغور
ومنك الهروب
إليك النشور
هنا أيضا الدوال متنوعة تنوع الموضع وما يتطلبه السياق، إلا أن المعنى في مجمله واحد، فكلما ورد دال من هذه الدوال التي انتقاها النص لبناء معناه، كان المقصود بها وسيلة الكل في الكل، بلاغة ومجازا واستعارة وتشبيها، فهي المواعيد، والمعاجم، والحروف، وهي البذور والجدور، وهي أيضا السماء وكل شيء.
مما جاء في النص أيضاً:
أنت التجادب بين الكواكب
أنت المرارات
أنت اقتراب المحب، وأنت النفور
لأنت الخزامى، ورقص البنفسج
وأيضاً:
لأنت الطواويس
والمندولينا، وقافية السحر
أنت خروج الفراشات من الشرنقات
انقلاب الجواهر من صدف الصدفات
ونبض التورط في الحب
رغم قلاع الصدور
تستمر الدوال في وصف وسيلة وتوصيفها والمبالغة في ذلك، فكانت كلها دلالة عليها، وإحالة إليها، بمعانيها البلاغية التي تتستر وراء عباءة الكلمة العادية، فالنص لا يتداول هذه الكلمات إلا بمعنى واحد لا يجوز تجاوزه وهو وسيلة الجنون، فكانت كل المعاني هي، وكانت هي كل المعاني.
لقد تم توظيف الدوال في هذا النص بأسلوب رصين أحسن الموازنة بين صرف الدوال ونحوها، وخاصة معانيها وهي في صورتها البلاغية، حيث كان القصد من كل كلمة وسيلة، وهذا من أبلغ الأساليب في الوصف والتعبير، و شعر مجنون وسيلة أحسن ذلك حسنا لا يمكن تقبيحه، ولا يمكن للغة الغضب من جعل دوالها بمدولول واحد، كيف لا واللغة هنا تعني وسيلة وفقط.
لكن ما يجب العلم والإحاطة به، هو أن توظيف الدوال في التجربة الشعرية يختلف من شاعر لآخر، إذ لا توظف الدوال في الشعر لمعنى محدد، فقد توظف لمدلولات أخرى، يتم من خلالها الإنتقال بهذه الوحدة اللغوية من معناها العادي إلى معناها البلاغي، فيصبح مدلولها بعد أن كان كلاما عاديا، كلاما بليغا له معان ضمنية جميلة، يقصدها الشاعر من أجل جعل قصائده أكثر شعرية، وهذا ما يتطلبه الشعر الحق.
إن توظيف الدوال على كثرتها وتنوعها بمدلول واحد من باب البلاغة، ككناية أو إستعارة أو مجاز لمعنى آخر ليس الذي تقصده هذه الدوال في حالتها العادية، يحتاج إلى خبرة ناضجة وحدس ذواق، يحسن تذوق المعاني والتحكم فيها. فتصبح معلوماتك السابقة لمعان هذه الوحدة الواردة في هذا النص الشعري، خارج مجال الفهم والتأويل ، ذلك أن الشاعر يقصد بها أمورا أخرى، لا يفهمها القارئ إلا من خلال فهم المعنى الشعري للقصيدة وسياقاتها ومقاماتها أيضا. أي أن الدوال هنا أصبحت أعلى درجة وشأنا، حيث أنها أصبحت نوعا من أنواع التعبير البلاغي.
وفي شعر مجنون وسيلة للشاعر الجزائري فيصل الأحمر ، كانت الدوال أحادية المدلول البلاغي (وليس المدلول الذي وضعت لتدل عليه اجتماعيا)، حاضرة بقوة، ذلك أن كل الدوال التي وظفت في ذاك النص، وعلى الرغم من تغير مواضعها وصيغها، من اسم الفاعل والمفعول، وجموع التكسير والتي وردت بقوة، كان توظيفا بلاغيا بليغا، أعطى للمعنى أبعاداً فنية وجمالية، جعلت النص وعلى الرغم من كثرة كلماته، ذا مدلول واحد. فكل الدوال هنا كانت كناية عن وسيلة أو تشبيها لها، أو استعارة عنها، والتي كان هذا الديوان مجنونا بها.
كل ضمير ورد في هذا النص، ومعه اسم الفاعل أو اسم المفعول، وحتى جمع التكسير، كان له معنى واحد لا غير وهو وسيلة، فكل الدوال هنا وظفت لتعبر عنها وتعنيها وتدل عليها، شخصا واسما وكلاما وحياة وموتا أيضا، حيث أن النص عجن كل الدوال بما يمكنه وصف وسيلة والوقوف عند محاسنها الخلقية والخلقية، وحتى الروحانية.
جاء في إحدى مقاطع النص:
لأنت الكلام الذي حينما لا أثور يثور
وأنت غناء العنادل، أنت انهمار الحواس
وأنت النواصي، وأنت الصدور
تنوعت الدوال هنا واختلفت بنية واعرابا، إلا انها اتفقت وتوافقت من حيث الدلالة والمعنى، فكلها جاءت لتحل محل وسيلة تشبيها وبلاغة، حيث تم تعويض كلامها بالثورة، وصوتها بغناء العنادل، لقد تم تعويضها بكل شيء جميل يمكنه مضاهاة الحواس.
وورد في مقطع آخر:
لأنت المواعيد
أنت الضفاف البعيدة
أنت المعاجم يغمرها الحب
أنت الحروف التي تتستر خلف البساطة
خلف الرشاقة، خلف الأناقة
وجاء أيضاً:
لأنت بقايا من الشهقات البواقي
وأنت السماء الوحيدة في صحف القلب
أنت البذور، وأنت الجدور، المعابر
أنت الحواجز، أنت الثغور
ومنك الهروب
إليك النشور
هنا أيضا الدوال متنوعة تنوع الموضع وما يتطلبه السياق، إلا أن المعنى في مجمله واحد، فكلما ورد دال من هذه الدوال التي انتقاها النص لبناء معناه، كان المقصود بها وسيلة الكل في الكل، بلاغة ومجازا واستعارة وتشبيها، فهي المواعيد، والمعاجم، والحروف، وهي البذور والجدور، وهي أيضا السماء وكل شيء.
مما جاء في النص أيضاً:
أنت التجادب بين الكواكب
أنت المرارات
أنت اقتراب المحب، وأنت النفور
لأنت الخزامى، ورقص البنفسج
وأيضاً:
لأنت الطواويس
والمندولينا، وقافية السحر
أنت خروج الفراشات من الشرنقات
انقلاب الجواهر من صدف الصدفات
ونبض التورط في الحب
رغم قلاع الصدور
تستمر الدوال في وصف وسيلة وتوصيفها والمبالغة في ذلك، فكانت كلها دلالة عليها، وإحالة إليها، بمعانيها البلاغية التي تتستر وراء عباءة الكلمة العادية، فالنص لا يتداول هذه الكلمات إلا بمعنى واحد لا يجوز تجاوزه وهو وسيلة الجنون، فكانت كل المعاني هي، وكانت هي كل المعاني.
لقد تم توظيف الدوال في هذا النص بأسلوب رصين أحسن الموازنة بين صرف الدوال ونحوها، وخاصة معانيها وهي في صورتها البلاغية، حيث كان القصد من كل كلمة وسيلة، وهذا من أبلغ الأساليب في الوصف والتعبير، و شعر مجنون وسيلة أحسن ذلك حسنا لا يمكن تقبيحه، ولا يمكن للغة الغضب من جعل دوالها بمدولول واحد، كيف لا واللغة هنا تعني وسيلة وفقط.