أثار رحيل الكاتب حنا ابراهيم جدلا حول علاقته بمحمود درويش وقصيدته " سجل أنا عربي " ، فقد أسر حنا لبعض معارفه ودارسيه ، مثل فاروق مواسي وأحمد أبو بكر ، أنه هو المعني بقول الشاعر " وأعمل مع رفاق الكدح في محجر " و " وأطفالي ثمانية " و " من قرية عزلاء منسية " و " يحبون الشيوعية " إذ تنطبق هذه المواصفات عليه وعلى قريته " البعنة " التي وصفت ب " البعنة الحمراء " ، عدا أن الضابط الإسرائيلي عندما سأل حنا عن ديانته أجابه " سجل أنا عربي " ( انظر فاروق مواسي ، محمود درويش : قراءات في شعره ، دار الهدى في كفر قرع ٢٠٠٩ ، هامش ص٢٢ " سجل أنا عربي " سلطة النص.." ) . وللحقيقة فإن بعض الحقائق السابقة تنطبق على والد محمود درويش وتنطبق عليه أيضا صفات أخرى وردت في القصيدة ، فقد كان له ثمانية أطفال وعمل في المحاجر حتى يستل لقمة العيش لأبنائه ، وهو مزارع سلبت السلطات الإسرائيلية كروم أجداده ، ووالده من أسرة المحراث لا من سادة نجب ، و ... إلخ ( أنظر كتاب " يوميات الحزن العادي " الصادر عن دار العودة في بيروت ط٥ ١٩٨٨ " القمر لم يسقط في البئر " ص ٢٩ وما بعدها وتحديدا ص٤٤ ) .
محمود درويش أتى في كتبه النثرية ، وفي المقابلات التي أجريت معه ، على مناسبة القصيدة وقال إنه أجاب الضابط الإسرائيلي بالعبارة عندما سأله عن خانة الجنسية في الهوية ، ومن الكتب " ذاكرة للنسيان " ( انظر ص ١٤٠ من طبعة كتاب مجلة عبير الصادرة في ١٩٩٠ عن دار النورس الفلسطينية ) ، ولكن الشاعر لم يكن يومها متزوجا ولم يكن له ثمانية أطفال ولم يعمل مع رفاق الكدح في محجر . إن صفات " أنا المتكلم " في القصيدة تتطابق مع والد الشاعر ومع حنا ابراهيم أكثر من تطابقها مع أنا الشاعر ، وهذا عموما ما التفتت إليه ووضحته عايدة فحماوي وتد في كتابها " في حضرة غيابه : تحولات " قصيدة الهوية " في شعر محمود درويش ، مجمع القاسمي ومكتبة كل شيء / حيفا ٢٠١٣ ص ١٠٥ وما بعدها ) " ورأت أن الأنا في القصيدة هي الأنا القومية لا الأنا الفردية ، فالشاعر ينطق باسم شعبه ، وعليه فإن " أنا المتكلم " هي أنا أي فلسطيني بقي في أرضه وضيق عليه الاحتلال في رزقه وسلبه كرومه .
" سجل أنا عربي " و" عابرون في كلام عابر " كانتا أكثر قصيدتين أثارتا جدلا ؛ الأولى بين النقاد العرب ، والثانية بين النقاد الإسرائيليين ، فقد ترجمت الثانية إلى العبرية وتوقف دارسوها الإسرائيليون ، والغربيون المتعاطفون ، أمام ضمير المخاطب فيها " ارحلوا / انصرفوا " وضمير المتكلم " من برنا من بحرنا " و .. الخ ( انظر انجليكا نويفرت : حواجز لغوية بين جيران ، قصيدة " عابرون في كلام عابر " كما يستنطقها قارئها الإسرائيلي ، ترجمة عادل الاسطة ، مجلة كنعان ١٩٩٨ ) .
النقطة الثانية التي أثارها رحيل حنا ابراهيم هي قول بعض الكتاب إن حنا هو أستاذ محمود وإنه هو الذي اكتشف موهبته الشعرية ( يوسف الشايب ، موقع منصة الاستقلال ، تشرين الأول ٢٠٢٠ حول رحيل حنا ابراهيم ) ، ولم يصدر عن الشاعر اعتراف بهذا ولم يبح به حنا نفسه ، وهنا - اعتمادا على مقابلات أجريت مع درويش ، وعلى سيرة حنا أبو حنا - أرى أن ثمة خلطا حدث بين حنا ابراهيم وحنا أبو حنا ، فالثاني هو الذي ترك أثرأ في شعر درويش ، وهو ما أقر به الشاعر نفسه وألمح إليه حنا أبو حنا ، بل أفصح عنه .
في حديث للشاعر مع الأستاذ محمد دكروب نشر في كتاب " شيء عن الوطن " ( دار العودة ١٩٧١ ) تحت عنوان " حياتي .. وقضيتي.. وشعري " يقول الشاعر " عن الشكل الجديد للشعر والإلقاء أمام الجماهير " وأذكر أن القصيدة الأولى المنتمية إلى الشعر الجديد التي سمعتها في مهرجان شعري كانت للشاعر حنا أبو حنا ، وقد استقبلت بحماس منقطع النظير لرشاقتها الفنية وبساطتها العميقة ومحتواها الثوري .. " ويضيف " وأذكر أني حين ألقيت ، لأول مرة ، قصيدة غامرت في بنائها الجديد هي " بطاقة هوية " أجبرت على إلقائها أربع مرات متتالية . ونتيجة تجارب عديدة أدركت أن القصيدة الإنسانية ، مهما كان بناؤها ، يمكن أن تلقى أمام الجماهير .. " ( ص ٢٧٨ وما بعدها ) .
يأتي حنا أبو حنا ، في سيرته التي صدرت في ثلاثة أجزاء ، على علاقته المبكرة بمحمود درويش ، فقد التقى به واستضافه في بيته وعرض عليه محمود مجموعته الأولى " عصافير بلا أجنحة " فأولاها يحيى عناية كبيرة ، وأعجب بصاحبها وأحب " هذا الطائر الذي أخذ الريش يقوى في جناحيه ، رأى كيف تبرعم اللغة بين يديه في خلق جديد حتى وهو يكتب التقرير والتعليق ، إن لما يكتبه نكهة خاصة تمتاز بالأصالة . "( أنظر جزء " خميرة الرماد " وقد صدر في حيفا عن مكتبة كل شيء في ٢٠٠٤ ، ص ٤٧ ) .
ولما وجد محمود ترحيبا من يحيى / حنا فقد طلب منه أن يكتب لمجموعته الثانية " تقديما وأن يكتب بخطه عنوان المجموعة : " أوراق الزيتون " وعناوين القصائد ." و " لبى يحيى ذلك الطلب بمحبة ، وصدر التقديم على غلاف الكتاب " . واستمر محمود يعرض مجموعاته الجديدة " عاشق من فلسطين " و " آخر الليل " على حنا فيكتب له بخطه عناوين القصائد " أما الغلاف وفيه العنوان فأعده فنان تشكيلي مختص " ( خميرة الرماد ، ص ٤٨ ) .
يذهب حنا أبو حنا إلى ما هو أكثر مما سبق ، فيذكر أنه عندما اقترح عليه محمود فكرة هجرته إلى العالم العربي قال له :
" أعتقد أنه يصعب على الواحد منا أن يعيش هناك في هذه الظروف ، فقد تعودنا هنا أن ننتقد ونحتج ونتحمل المعاناة في سبيل ذلك ولكننا نبقى في الوطن ... ثم عاد - أي محمود درويش - وقد نشر في " الاتحاد " قصيدته " آت .. " ، ثم عاد إلى موسكو . وفوجيء حنا بسماع خبر هجرة محمود وسيخبر المهاجر محمود الباقي حنا لاحقا بأنه في موسكو استشار إميل توما فشجعه وقال له :" انطلق فأمامك الدنيا " ( خميرة الرماد ، ص ٤٩ ) .
ومما سبق يفهم مدى تأثير حنا أبو حنا ، لا حنا ابراهيم ، في مسيرة محمود درويش الشعرية ، وبذلك يزال اللبس بخصوص من يعد أستاذا للشاعر ، علما بأن درويش في مقابلات لاحقة أشار إلى أن أخاه الأكبر هو من شجعه على الكتابة وعد أستاذا له ( انظر مجلة " مشارف " العدد ٣ تشرين الأول ١٩٩٣ والحوار الذي أجراه معه عباس بيضون ، ص ٧٨ ) .
اقتباسات :
١ - يرد في " ذاكرة للنسيان " :
" سجل : أنا عربي . قلت ذلك لموظف قد يقود ابنه إحدى هذه الطائرات . قلتها باللغة العبرية لأستثيره . وحين قلتها باللغة العربية مس الجمهور العربي في الناصرة تيار كهربائي سري أفلت المكبوت من قمقمه . " ويتابع عن لعنة القصيدة في مسيرته الشعرية " لم أفهم سر هذا الاكتشاف ، كأني نزعت الصاعق عن ساحة ملغومة ببارود الهوية ، حتى صارت هذه الصرخة هي هويتي الشعرية التي لا تكتفي بأن تشير إلي ، بل تطاردني " ويتابع " لم أدرك أنني كنت في حاجة لأن أقولها هنا في بيروت : سجل ، أنا عربي . هل يقول العربي للعرب إنه عربي ؟ يا للزمن الميت ، يا للزمن الحي ! " ( ص ١٤٠ ) . ويبدو أن تتبع إشارات الشاعر المتكررة ، في المقابلات التي أجريت معه ، لهذه القصيدة ومناسبتها ولعنتها ، يبدو أمرا طريفا ودالا لمدى تأثيرها عليه وعلى شعره وتلقيه ، ومثل ذلك قصيدة " عابرون في كلام عابر " التي حمل عنوانها عنوان أحد كتب الشاعر النثرية وظهرت القصيدة فيه ولم تظهر في الأعمال الشعرية للشاعر .
٢ -
" - وأنتم ماذا فعلتم بأرضكم ؟
" أسأل عما فعلت بنا الأرض ؟ قتلت جدي من القهر والانتظار . وشيبت أبي من الكدح والبؤس ، وأخذتني إلى الوعي المبكر بالظلم . كان جدي ملاكا موفور الحال ، وحين حدث ما حدث - أي صودرت أرضه وهاجر وعاد متسللا ( ع.ا ) - " وصار هو " حاضرا غائبا " ...... ولم يتوقف جدي عن ممارسة الأمل ، فانتقل إلى قرية أخرى قريبة من أرضه . وذات صيف احتال على القانون ، فاستأجر من تاجر يهودي موسم البطيخ المزروع في أرضه ، وهكذا أتيحت الفرصة لصاحب الأرض أن يشتري مما تنتجه أرضه " ( يوميات الحزن العادي ، ص ٤٣ و٤٤ ) .
٣ -
" إذا بحثنا عن أصل وراثي للشعر فقد يكون منشأ شعري من الكلام الصامت والمخزون لأمي لكن الذي ساعدني شعريا وأخذ بيدي ورعاني هو أخي الأكبر وهو الذي شجعني على أن اطور تأتأتي الشعرية الأولى " ( مشارف ع ٣ تشرين الأول ١٩٩٥ ص ٧٨ ) .
٤ - أنظر يوسف الشايب Yousef Shayeb في منصة الاستقلال الثقافية : حنا ابراهيم الياس : رحيل شاعر مناضل اكتشف الشاعر محمود درويش ، ١٥ تشرين الأول ٢٠٢٠ ، وانظر صفحة Siham Daoud ، في ١٥ و ١٦ تشرين الأول ، حول رحيل حنا ابراهيم وعدم رضاها عن الرأي القائل باكتشاف حنا ابراهيم للشاعر محمود درويش .
واعتمد يوسف الشايب في رأيه كما علمت منه على رأي المحامي علي رافع وهو صديق لمحمود درويش .
في سيرته الذاتية " ذكريات شاب لم يتغرب " و " شجرة المعرفة " لم أقرأ لحنا ابراهيم رأيا عن علاقته الشعرية بمحمود درويش .
الجمعة والسبت
٢٣ و ٢٤ / ١٠ / ٢٠٢٠
محمود درويش أتى في كتبه النثرية ، وفي المقابلات التي أجريت معه ، على مناسبة القصيدة وقال إنه أجاب الضابط الإسرائيلي بالعبارة عندما سأله عن خانة الجنسية في الهوية ، ومن الكتب " ذاكرة للنسيان " ( انظر ص ١٤٠ من طبعة كتاب مجلة عبير الصادرة في ١٩٩٠ عن دار النورس الفلسطينية ) ، ولكن الشاعر لم يكن يومها متزوجا ولم يكن له ثمانية أطفال ولم يعمل مع رفاق الكدح في محجر . إن صفات " أنا المتكلم " في القصيدة تتطابق مع والد الشاعر ومع حنا ابراهيم أكثر من تطابقها مع أنا الشاعر ، وهذا عموما ما التفتت إليه ووضحته عايدة فحماوي وتد في كتابها " في حضرة غيابه : تحولات " قصيدة الهوية " في شعر محمود درويش ، مجمع القاسمي ومكتبة كل شيء / حيفا ٢٠١٣ ص ١٠٥ وما بعدها ) " ورأت أن الأنا في القصيدة هي الأنا القومية لا الأنا الفردية ، فالشاعر ينطق باسم شعبه ، وعليه فإن " أنا المتكلم " هي أنا أي فلسطيني بقي في أرضه وضيق عليه الاحتلال في رزقه وسلبه كرومه .
" سجل أنا عربي " و" عابرون في كلام عابر " كانتا أكثر قصيدتين أثارتا جدلا ؛ الأولى بين النقاد العرب ، والثانية بين النقاد الإسرائيليين ، فقد ترجمت الثانية إلى العبرية وتوقف دارسوها الإسرائيليون ، والغربيون المتعاطفون ، أمام ضمير المخاطب فيها " ارحلوا / انصرفوا " وضمير المتكلم " من برنا من بحرنا " و .. الخ ( انظر انجليكا نويفرت : حواجز لغوية بين جيران ، قصيدة " عابرون في كلام عابر " كما يستنطقها قارئها الإسرائيلي ، ترجمة عادل الاسطة ، مجلة كنعان ١٩٩٨ ) .
النقطة الثانية التي أثارها رحيل حنا ابراهيم هي قول بعض الكتاب إن حنا هو أستاذ محمود وإنه هو الذي اكتشف موهبته الشعرية ( يوسف الشايب ، موقع منصة الاستقلال ، تشرين الأول ٢٠٢٠ حول رحيل حنا ابراهيم ) ، ولم يصدر عن الشاعر اعتراف بهذا ولم يبح به حنا نفسه ، وهنا - اعتمادا على مقابلات أجريت مع درويش ، وعلى سيرة حنا أبو حنا - أرى أن ثمة خلطا حدث بين حنا ابراهيم وحنا أبو حنا ، فالثاني هو الذي ترك أثرأ في شعر درويش ، وهو ما أقر به الشاعر نفسه وألمح إليه حنا أبو حنا ، بل أفصح عنه .
في حديث للشاعر مع الأستاذ محمد دكروب نشر في كتاب " شيء عن الوطن " ( دار العودة ١٩٧١ ) تحت عنوان " حياتي .. وقضيتي.. وشعري " يقول الشاعر " عن الشكل الجديد للشعر والإلقاء أمام الجماهير " وأذكر أن القصيدة الأولى المنتمية إلى الشعر الجديد التي سمعتها في مهرجان شعري كانت للشاعر حنا أبو حنا ، وقد استقبلت بحماس منقطع النظير لرشاقتها الفنية وبساطتها العميقة ومحتواها الثوري .. " ويضيف " وأذكر أني حين ألقيت ، لأول مرة ، قصيدة غامرت في بنائها الجديد هي " بطاقة هوية " أجبرت على إلقائها أربع مرات متتالية . ونتيجة تجارب عديدة أدركت أن القصيدة الإنسانية ، مهما كان بناؤها ، يمكن أن تلقى أمام الجماهير .. " ( ص ٢٧٨ وما بعدها ) .
يأتي حنا أبو حنا ، في سيرته التي صدرت في ثلاثة أجزاء ، على علاقته المبكرة بمحمود درويش ، فقد التقى به واستضافه في بيته وعرض عليه محمود مجموعته الأولى " عصافير بلا أجنحة " فأولاها يحيى عناية كبيرة ، وأعجب بصاحبها وأحب " هذا الطائر الذي أخذ الريش يقوى في جناحيه ، رأى كيف تبرعم اللغة بين يديه في خلق جديد حتى وهو يكتب التقرير والتعليق ، إن لما يكتبه نكهة خاصة تمتاز بالأصالة . "( أنظر جزء " خميرة الرماد " وقد صدر في حيفا عن مكتبة كل شيء في ٢٠٠٤ ، ص ٤٧ ) .
ولما وجد محمود ترحيبا من يحيى / حنا فقد طلب منه أن يكتب لمجموعته الثانية " تقديما وأن يكتب بخطه عنوان المجموعة : " أوراق الزيتون " وعناوين القصائد ." و " لبى يحيى ذلك الطلب بمحبة ، وصدر التقديم على غلاف الكتاب " . واستمر محمود يعرض مجموعاته الجديدة " عاشق من فلسطين " و " آخر الليل " على حنا فيكتب له بخطه عناوين القصائد " أما الغلاف وفيه العنوان فأعده فنان تشكيلي مختص " ( خميرة الرماد ، ص ٤٨ ) .
يذهب حنا أبو حنا إلى ما هو أكثر مما سبق ، فيذكر أنه عندما اقترح عليه محمود فكرة هجرته إلى العالم العربي قال له :
" أعتقد أنه يصعب على الواحد منا أن يعيش هناك في هذه الظروف ، فقد تعودنا هنا أن ننتقد ونحتج ونتحمل المعاناة في سبيل ذلك ولكننا نبقى في الوطن ... ثم عاد - أي محمود درويش - وقد نشر في " الاتحاد " قصيدته " آت .. " ، ثم عاد إلى موسكو . وفوجيء حنا بسماع خبر هجرة محمود وسيخبر المهاجر محمود الباقي حنا لاحقا بأنه في موسكو استشار إميل توما فشجعه وقال له :" انطلق فأمامك الدنيا " ( خميرة الرماد ، ص ٤٩ ) .
ومما سبق يفهم مدى تأثير حنا أبو حنا ، لا حنا ابراهيم ، في مسيرة محمود درويش الشعرية ، وبذلك يزال اللبس بخصوص من يعد أستاذا للشاعر ، علما بأن درويش في مقابلات لاحقة أشار إلى أن أخاه الأكبر هو من شجعه على الكتابة وعد أستاذا له ( انظر مجلة " مشارف " العدد ٣ تشرين الأول ١٩٩٣ والحوار الذي أجراه معه عباس بيضون ، ص ٧٨ ) .
اقتباسات :
١ - يرد في " ذاكرة للنسيان " :
" سجل : أنا عربي . قلت ذلك لموظف قد يقود ابنه إحدى هذه الطائرات . قلتها باللغة العبرية لأستثيره . وحين قلتها باللغة العربية مس الجمهور العربي في الناصرة تيار كهربائي سري أفلت المكبوت من قمقمه . " ويتابع عن لعنة القصيدة في مسيرته الشعرية " لم أفهم سر هذا الاكتشاف ، كأني نزعت الصاعق عن ساحة ملغومة ببارود الهوية ، حتى صارت هذه الصرخة هي هويتي الشعرية التي لا تكتفي بأن تشير إلي ، بل تطاردني " ويتابع " لم أدرك أنني كنت في حاجة لأن أقولها هنا في بيروت : سجل ، أنا عربي . هل يقول العربي للعرب إنه عربي ؟ يا للزمن الميت ، يا للزمن الحي ! " ( ص ١٤٠ ) . ويبدو أن تتبع إشارات الشاعر المتكررة ، في المقابلات التي أجريت معه ، لهذه القصيدة ومناسبتها ولعنتها ، يبدو أمرا طريفا ودالا لمدى تأثيرها عليه وعلى شعره وتلقيه ، ومثل ذلك قصيدة " عابرون في كلام عابر " التي حمل عنوانها عنوان أحد كتب الشاعر النثرية وظهرت القصيدة فيه ولم تظهر في الأعمال الشعرية للشاعر .
٢ -
" - وأنتم ماذا فعلتم بأرضكم ؟
" أسأل عما فعلت بنا الأرض ؟ قتلت جدي من القهر والانتظار . وشيبت أبي من الكدح والبؤس ، وأخذتني إلى الوعي المبكر بالظلم . كان جدي ملاكا موفور الحال ، وحين حدث ما حدث - أي صودرت أرضه وهاجر وعاد متسللا ( ع.ا ) - " وصار هو " حاضرا غائبا " ...... ولم يتوقف جدي عن ممارسة الأمل ، فانتقل إلى قرية أخرى قريبة من أرضه . وذات صيف احتال على القانون ، فاستأجر من تاجر يهودي موسم البطيخ المزروع في أرضه ، وهكذا أتيحت الفرصة لصاحب الأرض أن يشتري مما تنتجه أرضه " ( يوميات الحزن العادي ، ص ٤٣ و٤٤ ) .
٣ -
" إذا بحثنا عن أصل وراثي للشعر فقد يكون منشأ شعري من الكلام الصامت والمخزون لأمي لكن الذي ساعدني شعريا وأخذ بيدي ورعاني هو أخي الأكبر وهو الذي شجعني على أن اطور تأتأتي الشعرية الأولى " ( مشارف ع ٣ تشرين الأول ١٩٩٥ ص ٧٨ ) .
٤ - أنظر يوسف الشايب Yousef Shayeb في منصة الاستقلال الثقافية : حنا ابراهيم الياس : رحيل شاعر مناضل اكتشف الشاعر محمود درويش ، ١٥ تشرين الأول ٢٠٢٠ ، وانظر صفحة Siham Daoud ، في ١٥ و ١٦ تشرين الأول ، حول رحيل حنا ابراهيم وعدم رضاها عن الرأي القائل باكتشاف حنا ابراهيم للشاعر محمود درويش .
واعتمد يوسف الشايب في رأيه كما علمت منه على رأي المحامي علي رافع وهو صديق لمحمود درويش .
في سيرته الذاتية " ذكريات شاب لم يتغرب " و " شجرة المعرفة " لم أقرأ لحنا ابراهيم رأيا عن علاقته الشعرية بمحمود درويش .
الجمعة والسبت
٢٣ و ٢٤ / ١٠ / ٢٠٢٠