أ. د. عادل الأسطة - نابلس في الحصار (٢٢ / ١٠ / ٢٠٢٢)

أمس في الثانية عشرة ظهرا خرجت من منزلي الكائن في المساكن الشعبية الشرقية . لم أمش بضع خطوات حتى توقف سائق سيارة عمومي ليقلني ، والحديث ذو شجون ، بخاصة أننا نعرف بعضنا منذ ٦٠ القرن ٢٠ .
قال لي فائق :
- أنظر ! الشوارع فارغة ، فلا ركاب ولا سيارات . كأنه يوم جمعة أو يوم عطلة .
سار فائق مسافة ٢ كم دون أن يقل أي راكب في طريق غالبا ما يكون في الأيام العادية يكتظ بالسيارات وبالركاب الذين ينتظرون سيارة .
كان الطريق أمس يخلو من الركاب ولا يخلو تماما من سيارات تكسي عمومي تبحث عن ركاب يرقدون في بيوتهم .
منذ عشرة أيام والمدينة محاصرة من أكثر مداخلها حيوية حيث الحواجز هنا وهناك .
هل اختلف الأمر في مقهى ومطعم خان الوكالة ؟
في الثانية عشرة تقريبا اتصل بي الدكتور عبد الفتاح أبو الشكر وهو زميلي في جامعة النجاح الوطنية قبل أن نتقاعد . يزور الدكتور نابلس كل أسبوعين تقريبا ليزور هو وزوجته ابنه الذي يدرس في الجامعة ، وغالبا ما نلتقي في مقهى خان الوكالة ساعة أو ساعة ونصف نجتر الذكريات ونتحدث عن أيامنا .
كان المقهى أمس على غير ما يكون عليه في الأيام العادية التي لا تحاصر فيها المدينة . كان خلوا من الرواد . الكورونا والحصار أبرز عاملين أثرا على اقتصاد المدينة . كلاهما مرض مؤذ .
لا رواد في المقهى والعمال واقفون أو جالسون ينتظرون فرجا ما لم يأت .
وأنا أسير مع الدكتور عبد الفتاح في سوق الحدادة فسوق البصل فالدوار كانت الحركة ضعيفة جدا ، وكان المشاة في الدوار يعدون على الأصابع . حركة البيع والشراء ضعيفة جدا . اشتريت الصابون المصنوع من زيت زيتون واشتريت جوافة وكنت من قبل اشتريت بنطالي بيجاما من متجر لا زبائن فيه وقبلها اشتريت دواء سكري ومميع دم . لا بد في هذا السن وفي هذه الأوضاع من مميع الدم ، فأنت لا تعاني من الاحتلال والكورونا والسكري وحسب ، إذ عليك أن تحتمل ثقل الكائنات غير المحتملة وخفتها ؛ تذاكيها وتفاصحها ، ولا بد من تغاب وتباله أيضا إلى جانب مميع الدم وقراءة " من شر ما خلق ومن شر حاسد إذا حسد " ، وقد يكون الحاسد أقرب الناس إليك يدخل إلى بيتك في غيابك ليعرف رصيدك في البنك وما شابه . الصيدلية التي أشتري منها كانت أمس على غير العادة ، كان عدد المترددين عليها قليلا جدا .
في الخامسة والنصف عصرا سرت في شارع الرازي في غرب المدينة . ذهبت إلى مخبز حبيشة أشتري الكعك . وأنا عائد لاحظت سيارات مكتب تكسي الاعتماد حيث غالبا ما تقف هناك ينتظر سائقوها توجيهات المكتب بالتوجه إلى هذا المنزل أو ذاك المحل ليقل السواقون الركاب المنتظرين . كانت هناك أربع سيارات يجلس سائق كل واحدة منها خلف مقود سيارته بيده جهاز هاتفه يتصفح الفيسبوك أو تويتر أو ينظر في الصور أو يتابع أخبار سما المصري أو جروجينا صديقة رونالدو أو رقصة صافيناز أو اجتماعيات المدينة أو يلاحظ في الفيسبوك زاوية Watch الخطيرة جدا التي تجعل من رواية الطيب صالح " موسم الهجرة إلى الشمال " أو سيرة محمد شكري " الخبز الحافي " وغيرهما من كتب تصنف على أنها كتب تخدش الحياء ، تجعل منها كتبا كلاسيكية محافظة لا ضرر منها ولا حتى ضرار .
اليوم في الثالثة فجرا ٢٣ / ١٠ / ٢٠٢٢ صحوت من النوم على خبر استشهاد تامر الكيلاني في البلدة القديمة . اليوم هو يوم حداد في نابلس والمدينة ستكون مغلقة .
ودورة الحياة تواصل الدوران ورحم الله الشهيد ورحمنا وغفر لنا .
Abdelfattah Abushokor
عادل الاسطة
صباح الخير
خربشات ٢٣ / ١٠ / ٢٠٢٢

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى