إن النفس الإنسانية مطبوعة ومفطورة على شيم عديدة مهملة، واخلاق مرسلة لا يستغني محمودها عن التاديب ولا يكتفي بالمرضى منها عن التهذيب كما قال المواردي - رضي الله عنه - وكما يستفاد العلم بالدرية والممارسة والمعاطاة والتجربة فإن كثيراً من الشيم المرضية والمحاسن الطبائعية قابلة للاكتساب لتتحول بالنفوس غير المستقيمة الى الطبيعة المحمودة السوية المحبوبة ولئن كانت الغرائز الفطرية والسجايا الموروثة قوية المراس شديدة التمكين في دخيلة التكوين ويكون شاقاً و عسير التحول بها إلى النقيض من السيء الى الحسن، فإن الخصال المكسوبة ربما تحدث توازنا معقولاً يجعل الصورة أكثر مناسبة، وأجمل قبولاً بما تحدثه من آثار ايجابية طيبة.
إننا لنجد أشراراً من الناس قد أقاموا على طبيعتهم المذمومة الى أطوار متقدمة من أعمارهم لم يتحولوا عنها ولم يتحرروا من ريقتها وهم لا يعرفون أنهم على خطأ ظاهر البطلان واضح الفساد.
وترى بعضا من الشباب الغرير المفتون المتهالك على الخطايا والانحراف بعد الأطوار الأولى من شبيبته يقف مع نفسه وقفات، لاسيما وإن كانوا مثقفين أقرباء من التدين والمثل العليا - سرعان ما نراهم يستبينون وجهة الحق والصواب فيلتفتون عن حياة المراهقة الفكرية، وينصرفون عن النزوات الشيطانية ويندمون على التفريط في جنب الله، وعلى الإفراط والإغراق في المعصية، ثم يلوذون بطريق الاستقامة منيبين إلى ربهم نادمين على ما أسرفوا في أيامهم ولياليهم الخوالي طامعين في رحمة
المولى أن يتولاهم بصفحه وعفوه وغفرانه .. والمرجو والمأمول أن يكون ذلك متقبلاً منهم، لأن رسول الله ﷺ يقول : « الندم توبة » ويقول « الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تهدم ما قبلها » صدق رسول الله ﷺ فلما كان ذلك كذلك فإنه لمن الموثوق به ان في كرم الكريم سبحانه، وفي لطفه وبره منادح وفسحة لكل مقصر غير معصوم.
قال علماؤنا : « إن النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك هي بالباطل » .. وهذا قول سديد صادق لا مرية فيه .. والذي لاشك فيه أن رياضة النفس كلما أخذت طريقها مع الصبا الباكر كان ذلك داعياً وضامناً لتهذيبها وترويضها على أطيب وأقوم سبيل، ومن العناء والشاق العسير رياضة الهرم .. فمن كان مغفولاً عن تأديبه في الصغير، كان صعباً تقويمه في الكبر، ومن ثم ومن أجل ذلك، ولكل هذه الأسباب كانت ضرورة ووجوب رعاية الآباء وعنايتهم بتأديب أبنائهم في اطوار الحياة الأولى ومع باكورة العمر، قبل أن يشبوا عن الطوق ومع نعومة الأظفار، حتى ليانس النشء بما تعهده به أبوه من التاديب والتهذيب فيكون له من ذلك مؤنساً ينشأ عليه ويقوم به ويتعهده من ثم يسهل عليه قبول هذا كله عند الكبر فلا يكون عندئذ جديداً عليه لاستئناسه بمبادئه عند الصغر.
فمن نشأ صغيراً على شيء صار ملازماً له مطبوعاً عليه مستكفيا به ولذلك ولهذا السبب فمن كان مغفولاً عن تاديبه في الصغر كان عسيراً وصعباً ومتعذراً إصلاحه في الكبر. فإن كسر الصغر يكون
صعباً جبره في الكبر وفتق الشباب لا يرتفه وهن الكبر وخور الشيخوخة.
فمن كان راغباً في السلامة فليتهم نفسه حياطة، وأخذا بسد الذرائع والتوقي والاجتناب قبل مواقعة المحظور. وقد خسر وضيع نفسه من حول نفسه وأعطاها ثقة مطلقة وأمن جانبها. وكثير من الأخبار والآثار تنصح بمجاهدة النفس والنعي عليها وتشديد الذكير عليها، لأنها ملومة متهمة.
وقال سيدنا رسول الله ﷺ . وهو الصادق المصدوق أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك ثم أهلك ثم عيالك.
وكانت اعرابية ذكية تعرف ذلك جيداً لما دعت لرجل فقالت : «كبت الله كل عدو لك إلا نفسك وهذا خير دليل على أن نفس الإنسان محسوبة من أشد أعدائه، وكانت العرب تعرف ذلك جيداً ولا تجهله.
وكلما كان الإنسان متهماً نفسه كان أقرب الى السلامة والنجاة والربح وكلما كان راكنا اليها واثقاً بها، مطمئناً الى جانبها، كان مخطناً ومن حاكاه في ذلك خيف عليه وكان جديراً بالشفقة والحدب.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : العاجز من عجز عن رياضة نفسه وهذا قول أكثر من رائع ..
وكيف يروض الناس من لم يقدر على سياسة نفسه ورياضتها .. كذلك فإن من كان ظالماً لنفسه كان لغيره أظلم، ولم يكن مأموناً جانبه.
وقد روى أبو حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ الشديد من غلب نفسه صدق رسول الله ﷺ، لان سياسة النفس من أقسى وأعصى الأمور، ولعلها من أشق المطلوبات وأعسرها.
فمن أطاع نفسه فقد ضل وغوى وهوى ومن عصاها كان على سواء المحجة وعلى أقوم سبيل.
وليس ثمة رجل متناهياً في القوة إلا بقدرته على نفسه وسيطرته عليها، ومن لم يكن كذلك على نفسه كان متناهياً في الضعف ولما سئل أحد الصالحين إنني أعمل الخير وأقدم الصالحات ابتغاء رضوان الله، لكني لا أدري ولست أعرف إن كان عملي هذا مقبولاً أم غير مقبول؟ فأجاب عن ذلك بقوله : إن كنت راضياً عن نفسك خيف عليك وكان عملك مردودا .. وإن كنت خائفاً وجلاً مفزوعاً، كان عملك وأمرك مقبولاً عند ربك، فإن الله سبحانه وتعالى لا يجمع على عبده أمنين ولا خوفين فإن أمنه في الدنيا أخافه في الآخرة، وإن خافه وخشيه في الدنيا أمنه في الآخرة.
نسأل الله تعالى أن يؤمننا يوم الفزع الأكبر
اللهم تقبل من أبى صلاته ، وصيامه لك ، وسائر طاعاته ، وصالح أعماله ، وأثقل بها ميزانه يوم القيامة ، وثبِّته على الصراط يوم تزل الأقدام ، واجعله من الفائزين ، وأسكِنه في أعلى الجنات في جوار نبيِّك ومصطفاك ﷺ .. يا رب العالمين
إننا لنجد أشراراً من الناس قد أقاموا على طبيعتهم المذمومة الى أطوار متقدمة من أعمارهم لم يتحولوا عنها ولم يتحرروا من ريقتها وهم لا يعرفون أنهم على خطأ ظاهر البطلان واضح الفساد.
وترى بعضا من الشباب الغرير المفتون المتهالك على الخطايا والانحراف بعد الأطوار الأولى من شبيبته يقف مع نفسه وقفات، لاسيما وإن كانوا مثقفين أقرباء من التدين والمثل العليا - سرعان ما نراهم يستبينون وجهة الحق والصواب فيلتفتون عن حياة المراهقة الفكرية، وينصرفون عن النزوات الشيطانية ويندمون على التفريط في جنب الله، وعلى الإفراط والإغراق في المعصية، ثم يلوذون بطريق الاستقامة منيبين إلى ربهم نادمين على ما أسرفوا في أيامهم ولياليهم الخوالي طامعين في رحمة
المولى أن يتولاهم بصفحه وعفوه وغفرانه .. والمرجو والمأمول أن يكون ذلك متقبلاً منهم، لأن رسول الله ﷺ يقول : « الندم توبة » ويقول « الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تهدم ما قبلها » صدق رسول الله ﷺ فلما كان ذلك كذلك فإنه لمن الموثوق به ان في كرم الكريم سبحانه، وفي لطفه وبره منادح وفسحة لكل مقصر غير معصوم.
قال علماؤنا : « إن النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك هي بالباطل » .. وهذا قول سديد صادق لا مرية فيه .. والذي لاشك فيه أن رياضة النفس كلما أخذت طريقها مع الصبا الباكر كان ذلك داعياً وضامناً لتهذيبها وترويضها على أطيب وأقوم سبيل، ومن العناء والشاق العسير رياضة الهرم .. فمن كان مغفولاً عن تأديبه في الصغير، كان صعباً تقويمه في الكبر، ومن ثم ومن أجل ذلك، ولكل هذه الأسباب كانت ضرورة ووجوب رعاية الآباء وعنايتهم بتأديب أبنائهم في اطوار الحياة الأولى ومع باكورة العمر، قبل أن يشبوا عن الطوق ومع نعومة الأظفار، حتى ليانس النشء بما تعهده به أبوه من التاديب والتهذيب فيكون له من ذلك مؤنساً ينشأ عليه ويقوم به ويتعهده من ثم يسهل عليه قبول هذا كله عند الكبر فلا يكون عندئذ جديداً عليه لاستئناسه بمبادئه عند الصغر.
فمن نشأ صغيراً على شيء صار ملازماً له مطبوعاً عليه مستكفيا به ولذلك ولهذا السبب فمن كان مغفولاً عن تاديبه في الصغر كان عسيراً وصعباً ومتعذراً إصلاحه في الكبر. فإن كسر الصغر يكون
صعباً جبره في الكبر وفتق الشباب لا يرتفه وهن الكبر وخور الشيخوخة.
فمن كان راغباً في السلامة فليتهم نفسه حياطة، وأخذا بسد الذرائع والتوقي والاجتناب قبل مواقعة المحظور. وقد خسر وضيع نفسه من حول نفسه وأعطاها ثقة مطلقة وأمن جانبها. وكثير من الأخبار والآثار تنصح بمجاهدة النفس والنعي عليها وتشديد الذكير عليها، لأنها ملومة متهمة.
وقال سيدنا رسول الله ﷺ . وهو الصادق المصدوق أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك ثم أهلك ثم عيالك.
وكانت اعرابية ذكية تعرف ذلك جيداً لما دعت لرجل فقالت : «كبت الله كل عدو لك إلا نفسك وهذا خير دليل على أن نفس الإنسان محسوبة من أشد أعدائه، وكانت العرب تعرف ذلك جيداً ولا تجهله.
وكلما كان الإنسان متهماً نفسه كان أقرب الى السلامة والنجاة والربح وكلما كان راكنا اليها واثقاً بها، مطمئناً الى جانبها، كان مخطناً ومن حاكاه في ذلك خيف عليه وكان جديراً بالشفقة والحدب.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : العاجز من عجز عن رياضة نفسه وهذا قول أكثر من رائع ..
وكيف يروض الناس من لم يقدر على سياسة نفسه ورياضتها .. كذلك فإن من كان ظالماً لنفسه كان لغيره أظلم، ولم يكن مأموناً جانبه.
وقد روى أبو حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ الشديد من غلب نفسه صدق رسول الله ﷺ، لان سياسة النفس من أقسى وأعصى الأمور، ولعلها من أشق المطلوبات وأعسرها.
فمن أطاع نفسه فقد ضل وغوى وهوى ومن عصاها كان على سواء المحجة وعلى أقوم سبيل.
وليس ثمة رجل متناهياً في القوة إلا بقدرته على نفسه وسيطرته عليها، ومن لم يكن كذلك على نفسه كان متناهياً في الضعف ولما سئل أحد الصالحين إنني أعمل الخير وأقدم الصالحات ابتغاء رضوان الله، لكني لا أدري ولست أعرف إن كان عملي هذا مقبولاً أم غير مقبول؟ فأجاب عن ذلك بقوله : إن كنت راضياً عن نفسك خيف عليك وكان عملك مردودا .. وإن كنت خائفاً وجلاً مفزوعاً، كان عملك وأمرك مقبولاً عند ربك، فإن الله سبحانه وتعالى لا يجمع على عبده أمنين ولا خوفين فإن أمنه في الدنيا أخافه في الآخرة، وإن خافه وخشيه في الدنيا أمنه في الآخرة.
نسأل الله تعالى أن يؤمننا يوم الفزع الأكبر
اللهم تقبل من أبى صلاته ، وصيامه لك ، وسائر طاعاته ، وصالح أعماله ، وأثقل بها ميزانه يوم القيامة ، وثبِّته على الصراط يوم تزل الأقدام ، واجعله من الفائزين ، وأسكِنه في أعلى الجنات في جوار نبيِّك ومصطفاك ﷺ .. يا رب العالمين
