عباس محمود العقاد - يا نديم الصبوات..

يـــا نـــديــم الصــبــوات = أقــبــل الليــل، فـهـات
ودَّ لو يــــســــأل مــــالي = مـــســـتَهَـــلَّ العـــبــرات
وإذا قـــلت شـــجـــانـــي = مـــن أفـــدِّيـــه بـــذاتــي
ليـس يـنـجـيـنـي وفي كفـ = ــيــه لو شـاء نـجـاتـي
قـال مـا أقـسـاه من جا = ن غـــليـــظ القــلب عــات
هـاتـهـا بـاسـم حـبـيـبي = قـــاتـــلَ الله عِـــداتـــي
آه لو تــــعــــلم مــــاذا = فــي اســمـه مـن عـزَمـات
أتـــرى الأحـــرف فــيــه = غــيــرهــا فــي الكـلمـات
هــاتــهــا عــشــرًا وكــرر = وصـــفـــه العــذب مــئات
صــفــه غــضــبــان وصــفــه = لاعــبًــا بــيــن اللِّدات
ضـاحـكًـا كـالصـبـح يـمـحو = بــالضــيــاء الظــلمــات
صـــفـــه فــي كــل كــســاء = صــفــه فـي كـل الجـهـات
هـو فـي الروضـة إذ يـمـ = ـشــــي أحــــب الزهــــرات
وهــو فــي القــفـر ريـاض = مــن هـوًى لا مـن نـبـات
تـــم والله فـــيــا ليـــ = ـت بــه بــعــض الهــنــات
تـم حـتـى أتـعـب العـيـ = ـن بـــفـــرط الحــســنــات
إن بــعــض العــيــب حَــلْي = للســجــايــا والســمــات
مــا بــه والله مـن صـد = د ولا مـــــنـــــع صِــــلات
غــيــر أن النـاس لا كـا = نوا تناهوا في الأذاة
ويـلهـم يـحـمـون مـا لم = يــمــلكــوا مــن طــيـبـات
عــلَّمــوه وهــو لا يــعـــ = ـلم مــا كــيـد الغـواة
ليــتـنـي عـلمـتـه الوصــ = ـل وتــكــذيــب الوشــاة
صـفـه بـل أمـسـك فـقد ها = جــت عــليــه حُــرُقــاتــي
جــمــح الوجــد بــأشــجــا = نــي وضــاقــت أزمــاتــي
وغــريـر القـلب لا يـفــ = ـهــم مــعــنــى نــظـراتـي
جــاهــل بــالحــب أشـكـو = هُ ولا يـــدري شَـــكــاتــي
وحـــيـــيٌّ لا يـــحـــيــيـــ = ـك بــغــيــر البــســمــات
ذهـبـيُّ الشـعـر سـاجـي ال = طـــرف حـــلو اللفـــتـــات
واقــتــل الهــمَّ بــكــأس = سُــمــيــت كــأس الحــيــاة
خــــرب القــــلب فـــعـــمِّرْ = هُ بــجــيــر الســاكـنـات
خـــمـــرة تــمــلأ قــلبــي = بـــقـــديــم الذكــريــات
وشــــجـــيِّ النـــغـــمـــات = وجـــــنـــــيِّ الثــــمــــرات
هـاتـهـا كـالقطر أو كال = ـتِــبــر أو كــالجــمــرات
عــلنــي أقــبــس مــنـهـا = نــفــسًــا يــحـيـي مـواتـي
هــــي تــــاج للصـــعـــالي = ك وكــــنــــز للعُــــفــــاة
وهــــي فـــردوس لمـــن أُف = رد فــــي هـــذي الفـــلاة
وهـي سـكـر العـين باللو = ن ســــنــــيِّ اللمـــحـــات
وهـي سـكـر الأنـف بالعط = ر ذكــــيِّ النــــفــــحــــات
وهي في الكأس وفي النف = س أحــــــب النـــــشـــــوات
هــاتــهـا صـرفًـا وأغـرق = فــي طــلاهــا حــســراتــي
عـــوضٌ عـــمـــا يـــؤاتــي = مــن هــوى أو لا يـؤاتـي
هـاتـهـا واذكـر حبيب ال = ـنَـفـس يـا خـيـر ثـقـاتـي
ودع التــلمــيــح واجـهـر = بـــاســـمــه دون تــقــاة
أتـــرى نُـــحـــرم حـــتــى = ذكــــره فــــي الخــــلوات
صــفــه لي صـفـه ومـا كـا = ن بــمــجــهــول الصــفــات
غــيــر أنـي أُمـتـع السـم = ـع بــــحــــظ الحـــدقـــات
صـفـه فـي عـيني وما تعـ = ـدو بـــه وصـــف الأضــاة
صـفـه في قلبي لو اسطعـ = ـت وتـــرجـــم زفـــراتـــي
أتــــرى أليــــق مــــنــــه = بــاصــطــيــاد المُهُـجـات
أتـــرى أمـــلح مـــن خـــط = ـرَتـــه فـــي الخـــطـــرات
أتـــرى أصـــبــح مــن خــد = ديـــه بـــيــن الوجــنــات
أتـــرى أعـــدل مـــن قـــا = مـــتـــه فـــي الصـــعــدات
إن فــي الخـمـر لصـحـوًا = مــن خــمــار الحــادثــات
عــوضًــا عــمــا يــؤاتــي = مــن هــوًى أو لا يـؤاتـي



---------------
من تراث الإذاعة المصرية النادر والمجهول :
قصيدة بعنوان "كأس على ذكرى" للأستاذ عباس محمود العقاد من تلحين وغناء الموسيقار رياض السنباطي في أوائل الأربعينيات .
ونلاحظ في أحد أبيات القصيدة جملتين نجدهما في أحد أبيات قصيدة "الجندول" للشاعر المهندس علي محمود طه التي لحنها وغناها محمد عبدالوهاب عام 1941، والبيت في قصيدة العقاد هو :
"ذهبي الشعر" ساجي الطرف "حلو اللفتات" ، أما البيت في قصيدة علي محمود طه فهو :
"ذهبي الشعر" شرقي السمات .. مرح الأعطاف "حلو اللفتات "، وعند تحقيقي أي الشاعرين اقتبس من الآخر ؟ وجدت أن علي محمود طه هو المقتبس لأنه كتب قصيدة "الجندول" في أواخر الثلاثينيات ( بعد عام 1938 الذي سافر فيه إلى أوربا)، وكانت القصيدة من وحي زيارته لمدينة فينيسيا "البندقية" بإيطاليا، والقصيدة هي أحد نصوص ديوانه الثاني "ليالي الملاح التائه"، أما قصيدة العقاد فهي أحد نصوص ديوانه الثاني "وهج الظهيرة" الذي صدرت طبعته الأولى عام 1917.
وحظي هذا النص بعد ذلك بلحن آخر للموسيقار السوداني إسماعيل عبد المعين، كما حظي بلحن ثالث للموسيقار اليمني الحضرمي محمد جمعة خان.
سعد عبدالرحمن

1670182453106.png



أعلى