هذا الرجل الطيب عرفته عام 1970 عندما كنا ندرس معا في مدرسة ترشيح الأساتذة المساعدين في منفلوري. كنت أنا أجلس على الطاولة الأمامية وكان هو خلفي مباشرة. ذات يوم تركت مكاني وجلست إلى جانبه. سألني لمَ غيرت مكاني فأجبته أليس اليوم عيد ميلادك ؟ قال إي نعم ذكرتني، ومددت له قصاصة ورق كتبت عليها بيتين من نظمي بهذه المناسبة. لم يتمالك محمد صالح من الفرحة وظل ينظر لي من يومها بقلب آخر.
بعد عام افترقنا لا أذكر ماذا حصل ربما كنت واهما لما اعتقدت أن فتاتي لم تكن تحبني وعليّ أن أرحل. سافرت أنا فجأة إلى العراق ومسحت كل ما علق بذاكرتي من ذكريات وأحبة: جميلة الماجري، محمد صالح الغريسي، حسونة المصباحي، عبد الجبار الشريف، الحبيب السالمي.. وغيرهم وأقمت في بغداد حتى عودتي عام 2013.
كانت غربتي مطبقة وانقطاعي تاما.. حتى أنني تركت الشعر ولم أنظم فيه بيتا واحدا. طيلة 41 سنة عشتها وحيدا بعيدا عن الأهل والأصدقاء وكنت أسافر عندما يشوفّني الحنين إلى بلدان أروبا. وكان سي محمد صالح يتابع أخباري لا أعرف كيف أينما حللت بسويسرا والسويد وفرنسا... بينما أنا قد نسيت البلاد والعباد. وذات مرة بينما كنت أتابع جلسات المربد في فندق الرشيد رأيت جميلة الماجري فارتبكت وخرجت ولم أعد ثانية لحضور باقي الجلسات.
بعد عودتي إلى تونس حاول صديقي البحث عني عبر الفيسبوك وفعلا وجدني. فطلب صداقتي وانتظر دون جدوى فقد رفضت طلبه. رفضته لأن اسمه لم يعد يعني لي شيئا فقد نسيته تماما وسقط من غربال الذاكرة ويبدو أنه أعاد المحاولة وخاب سعيه أيضا. حتى يئس تماما. الجدير بالذكر أن سي محمد الصالح متخصص في ترجمة النصوص الشعرية ويكتب الشعر وهو في الخامسة والأربعين وقد أجاد في كل الأجناس وأبدع وله مجاميع شعرية عديدة أهداني 3 منها في لقائنا الأول. وعندما نشرت الشاعرة جميلة الماجري برنامج المهرجان الشعري الذي انتظم عام 2017 على ما أذكر، لاحظ سي محمد صالح أنني من ضمن المدعوين فاتصل بصديقتنا الماجري لمساعدته على لقائي. وقد تكرمت الماجري بدعوته لحضور المهرجان أيضا في لفتة نبيلة منها... كل ذلك وأنا لا أعلم شيئا عما يحاك حولي. حتى كان يوم الافتتاح وإذا بالسيدة جميلة تنادي صاحبنا تعال يا محمد صالح ها هو صديقك عبيد العياشي.
كانت المفاجأة كبيرة !
ومؤثرة.
ومن لحظتها لم نفترق. حتى أثناء النوم فقد خصصت لنا إدارة الفندق مشكورة غرفة مشتركة وهات من تلك الحكايات التي لا تنتهي. بعد عودتنا تبادلنا العناوين الألكترونية وأرقام الهواتف واتفقنا على اللقاء كل سبت في تونس العاصمة. ولكن شيئا من ذلك لم يحصل فقد كبرنا وتعودنا على النسيان وأيضا للشيخوخة والأمراض أحكامها علينا.
أنا إنسان أحفظ العهد وأحسن المعاشرة ولكنني أكتشفت أن صديقي محمد صالح- والحقيقة تقال- أكثر وفاء مني وأشد حرصا على الرجوع بنا وبالزمان بعيدا إلى الوراء لنعوض ما فات ونحيا صداقتنا من جديد كأننا لم نفترق يوما واحدا.
هيهات يا محمد صالح !
لن يسمح لي السرطان بما تتمنى .
ـــــــــــــــــ♥ عبيد العياشي
بعد عام افترقنا لا أذكر ماذا حصل ربما كنت واهما لما اعتقدت أن فتاتي لم تكن تحبني وعليّ أن أرحل. سافرت أنا فجأة إلى العراق ومسحت كل ما علق بذاكرتي من ذكريات وأحبة: جميلة الماجري، محمد صالح الغريسي، حسونة المصباحي، عبد الجبار الشريف، الحبيب السالمي.. وغيرهم وأقمت في بغداد حتى عودتي عام 2013.
كانت غربتي مطبقة وانقطاعي تاما.. حتى أنني تركت الشعر ولم أنظم فيه بيتا واحدا. طيلة 41 سنة عشتها وحيدا بعيدا عن الأهل والأصدقاء وكنت أسافر عندما يشوفّني الحنين إلى بلدان أروبا. وكان سي محمد صالح يتابع أخباري لا أعرف كيف أينما حللت بسويسرا والسويد وفرنسا... بينما أنا قد نسيت البلاد والعباد. وذات مرة بينما كنت أتابع جلسات المربد في فندق الرشيد رأيت جميلة الماجري فارتبكت وخرجت ولم أعد ثانية لحضور باقي الجلسات.
بعد عودتي إلى تونس حاول صديقي البحث عني عبر الفيسبوك وفعلا وجدني. فطلب صداقتي وانتظر دون جدوى فقد رفضت طلبه. رفضته لأن اسمه لم يعد يعني لي شيئا فقد نسيته تماما وسقط من غربال الذاكرة ويبدو أنه أعاد المحاولة وخاب سعيه أيضا. حتى يئس تماما. الجدير بالذكر أن سي محمد الصالح متخصص في ترجمة النصوص الشعرية ويكتب الشعر وهو في الخامسة والأربعين وقد أجاد في كل الأجناس وأبدع وله مجاميع شعرية عديدة أهداني 3 منها في لقائنا الأول. وعندما نشرت الشاعرة جميلة الماجري برنامج المهرجان الشعري الذي انتظم عام 2017 على ما أذكر، لاحظ سي محمد صالح أنني من ضمن المدعوين فاتصل بصديقتنا الماجري لمساعدته على لقائي. وقد تكرمت الماجري بدعوته لحضور المهرجان أيضا في لفتة نبيلة منها... كل ذلك وأنا لا أعلم شيئا عما يحاك حولي. حتى كان يوم الافتتاح وإذا بالسيدة جميلة تنادي صاحبنا تعال يا محمد صالح ها هو صديقك عبيد العياشي.
كانت المفاجأة كبيرة !
ومؤثرة.
ومن لحظتها لم نفترق. حتى أثناء النوم فقد خصصت لنا إدارة الفندق مشكورة غرفة مشتركة وهات من تلك الحكايات التي لا تنتهي. بعد عودتنا تبادلنا العناوين الألكترونية وأرقام الهواتف واتفقنا على اللقاء كل سبت في تونس العاصمة. ولكن شيئا من ذلك لم يحصل فقد كبرنا وتعودنا على النسيان وأيضا للشيخوخة والأمراض أحكامها علينا.
أنا إنسان أحفظ العهد وأحسن المعاشرة ولكنني أكتشفت أن صديقي محمد صالح- والحقيقة تقال- أكثر وفاء مني وأشد حرصا على الرجوع بنا وبالزمان بعيدا إلى الوراء لنعوض ما فات ونحيا صداقتنا من جديد كأننا لم نفترق يوما واحدا.
هيهات يا محمد صالح !
لن يسمح لي السرطان بما تتمنى .
ـــــــــــــــــ♥ عبيد العياشي