هذه قراءة في رواية (شمال شرق) نتتبع من خلالها طريقة تناول مؤلفها (عبد الله السلايمة) لقضية (الزمن) متمثلا في الاسترجاع أو الاسترداد الروائي الذي هو أحد تجليات اللعب الجمالي بالزمن.
مفتتح:
"الرواية تركيبة معقدة من الزمن"، و"كل رواية جيدة لها نمطها الزمني وقيم الزمن الخاصة بها، وتستمد أصالتها من كفاية تعبيرها عن ذلك النمط وتلك القيم وإيصالها إلى القارئ. وجميع طرائق القصة وأدواتها تنتهي، في التحليل الأخير، إلى المعالجة التي توليها لقيم الزمن وسلاسل الزمن، وكيف تضع الواحدة في مواجهة الأخرى. والأهمية الفنية لهذه القيم متفاوتة، ولكنها عند اجتماعها تكيّف العمل الكلي لهذا الفن الذي هو أكثر الفنون تشكلا، وتعلل الأبنية التي يتخذها، والطريقة التي يعالج بها موضوعاته، واستعماله للغة." (مندولا – الزمن والرواية)
زمن القصة وزمن الخطاب:
نتحدث أولا عن زمن القصة وزمن الخطاب (أو زمن الأحداث وزمن السرد)؛ لنرى "كيف يضع (السلايمة) الواحد منهما في مواجهة الآخر" بتوظيفه الاسترجاع.
زمن القصة هو الزمن الحقيقي أو الواقعي الذي تستغرقه أحداث القصة كما حدثت في الواقع أو كما تخيلها الروائي، وهو زمن خام لم يخضع بعد للتشكيل الفني؛ لذلك يتوافق في حجمه وسرعته وبطئه مع الزمن الحقيقي الواقعي؛ فأحداث بعض القصص قد تستغرق عشرات السنين، أو سنوات قليلة، أو شهورا أو أياما، أو لحظة قصيرة يصنع منها الكاتب رواية.
أما زمن الخطاب فهو الزمن الملفوظ أو المكتوب في الرواية، وهو زمن محدد يبدأ بالكلمة الأولى في العمل وينتهي بالكلمة الأخيرة. وهذا الزمن – بالضرورة – لا يخضع لمقتضيات الزمن الحقيقي الواقعي، بل يخضع لمقتضيات التشكيل الروائي وتقنية الراوي السردية، فالكاتب يختصر السنوات الكثار في صفحات معدودة، ويمط زمن الحدث القصير جدا في صفحات تصنع رواية كاملة ناجزة.
التفاعل بين الزمنين في العمل الروائي:
يقول النقاد إن الرواية مقطوعة زمنيا مرتين، وأن إحدى وظائفها هي إدغام زمن في زمن آخر. أحد الزمنين هو الزمن الأوليّ (زمن الأحداث)، أي زمن التجربة الواقعية المدركة ذهنيا، وهو زمن خطي تتابعي يسوق الحوادث دوما إلى أمام، وكما سبق يُعد زمنا خاما يحتاج إلى تشكيل فني ليتحقق (زمن الخطاب – زمن السرد)، وهو الزمن الثاني. وبواسطة هذا الأخير يتم سلب زمن القصة خطيته وكونه زمنا خاما. ونحن في انتقالنا من زمن القصة الأوليّ إلى زمن الخطاب ننتقل من التجربة الواقعية ذهنيا ذات الطابع المشترك إلى تجربة الكاتب الذاتية، لتتحقق – أولا – وظيفة جمالية يتم من خلالها تكسير الطابع المشترك عند المتلقي، وتتحقق – ثانيا – وظيفة دلالية يتم من خلالها إنتاج دلالة هذا التكسير بفعل القراءة ذاته.
كيف يتحقق كسر المشترك؟
يحفل ميدان الروايات بآليات كثيرة يتحقق من خلالها تحويل زمن القصة الواقعي إلى زمن خطاب روائي، منها المفارقات الزمنية بأشكالها الوفيرة، ومنها المجمَل والوقفة والحذف و... والإحاطة بهذه التقنيات جميعها يضيق به مقام مقالة؛ لذلك سوف أختار تقنية واحدة هي (المفارقات الزمنية) وأحاول أن أتتبع من خلال أحد تجلياتها (الاسترداد) كيف وضع (السلايمة) زمن الخطاب في مواجهة زمن القصة، أو كيف شكّل الزمن الواقعي ليصنع منه خطابا روائيا ذا زمن ذاتي يكشف عن تجربة الكاتب ووعيه الخاص بقضية (الزمن)، وما ينتج عن ذلك من قيم جمالية ودلالية.
المفارقات الزمنية:
من العلاقات الزمنية الممكنة في العمل الروائي ما يسمّونه (المفارقات الزمنية)، وهو مصطلح عام يدل على كل أشكال التنافر بين الزمنين: زمن القصة وزمن الخطاب، كما أنه يبحث في مدى قدرة الكاتب على مزج الزمنين مزجا يصل إلى حد التلاحم العضوي بينهما، فضلا عن البحث عن مدى قدرة السارد على سد الفجوات وإذابة الفوارق بين الزمنين. وتتمثل أشكال المفارقات في الاسترجاع (الاسترداد) والاستباق، وحديثنا مقصور على الاسترداد، كما نوّهنا من قبل.
الاسترجاع:
هو ذِكر لاحق لحدث يسبق النقطة الحالية من السرد. وقد يكون هذا الاسترجاع (أو الاسترداد أو التذكر) خارجا عن بداية الرواية، أي يسبق النقطة التي بدأ منها السرد، فهو استرداد خارجي (غيريّ القصة). وقد يعود استرجاع آخر إلى نقطة لاحقة لبدء السرد، فهو استرداد داخلي (مثليّ القصة). وللاسترداد بنوعيه وظائف فنية تجعل الزمن الطبيعي زمنا فنيا له نظام ودلالات؛ فكيف وظفهما (السلايمة)؟
الاسترجاع الخارجي في رواية (شمال شرق):
اللافت في هذه الرواية أن الاسترجاع الخارجي يصنع زمنا يكاد يساوي في حجمه زمن الخطاب الآني. وإذا قيل إن الاسترجاع يمثّل حكاية ثانية زمنيا مع الحكاية الأولى؛ فإن استردادات (السلايمة) تشكّل حكايات وفيرة وفرةً ظاهرة، بحيث توازي في مساحتها الحكاية الأولى التي يقدمها السارد. وإننا لا نكاد نمضي قليلا لنعرف أن (كمال – البطل) رضي بوظيفة مُعلّم على مضض، لا نكاد نمضي قليلا حتى نلتقي (ص6) بأول استرداد يحكي عن (كمال – الصبي) يقف أمام أبيه الذي يشجعه على أن يكون مُعلمًا، لكن الصبي يحاول أن يختار لنفسه وظيفة (فنان)؛ فلا يُفلت من عقاب أبيه إلا بأعجوبة!
وأظنه من فضول القول تكرار أن الاسترداد يكسر خطية الزمنية، ويقطع وشائج الحكي المسترسل في الوقت الذي يكسر فيه الطابع المشترك عند المتلقي. وإنما يهمنا هنا إنتاج دلالة هذا التكسير.
أعتقد أن هذا الاسترجاع أدّى وظيفة دلالية، تبريرية وتفسيرية، مهمة حقا؛ فالبطل الذي يجد نفسه مرغما على قبول وظيفة المُعلّم يبرر لنفسه هذا الوضع الجديد بوصفه أمنية قديمة وحلما لأبيه. كما أن الاسترجاع هنا كشف لنا عن سمات شخصية الأب المتمثلة في الصرامة والحزم والعنف، وهو ما يفسر لنا كيف فكّر (الابن الوريث) كمال خريج الجامعة المثقف أن يعتدي جسديا على الموظف الذي أنبأه بالوظيفة.
كما أزعم أن الاسترداد هنا أسهم في تطوير الحدث الروائي بطريقة توليد استرداد من استرداد؛ فقد "عادت به الذاكرة إلى يوم.. هنأه والده"، ثم ينتج عن ذلك الزمن الماضي ماض أبعد منه: "كان منذ الصغر يشعر أنه يملك نظرة مختلفة إلى الأمور". فنرى منطقا سرديا تحكمه ذاكرة تحتشد فيها أحداث متشظية أجاد السارد الجمع بينها في خطاب فني تتآزر أشتاته.
ثم يبدأ كمال التدريس (ص8)؛ فتُعجب به إحدى تلميذاته (مها) وتغرق نحوه في مشاعر مراهقة عنيفة، فيعقب ذلك مباشرة (ص9) استرجاع خارجي آخر يُورد حكاية أخرى لا تتداخل مع الحكاية الأولى بل تتناول خطّا ومضمونا قصصيا مختلفا عن مضمون الحكاية الأولى، لكنها تكملها حين تفسّر للبطل ما قد يكون غافلا عنه، وتضرب له المثل بمصير معلم آخر (هاني) كادت مثل هذه العلاقة أن تُفقده وظيفته وعافيته أيضا. إن هذا الاسترجاع يحاول أن يكشف أبعاد المخاطر التي قد يتعرض لها كمال في تجربته الحالية، هو بهذه المقارنة بين موقفين يقدّم تحذيرا عن طريق ضرب المثل بحكاية أخرى مشابهة. ولا تخفى هنا دلالة الاسترداد التي تصوّر توتر كمال وإحساسه بالقلق نحو هذه العلاقة التي لا تناسب (المهنية) ولا الأعراف السائدة في تلك البيئة التي تدور الأحداث فيها. بل أكاد أقطع أن الكاتب لم يتخذ من الزميل إلا قناعا وهو يتنبأ بمستقبل علاقة التلميذة بالمعلم. وإنما يقوي هذا الرأي عندي أن الكاتب يعود (ص35) ليقدم لنا مرتين استردادا (مزجيا)، قوامه قصة المُعلم هاني القديمة وتذكير الزملاء لكمال بهذه القصة، يقول: "وسيطر عليه الخوف حين أوغل في خياله متصورا نفسه يمر بما مر به هاني". وفي الصفحة نفسها: "قبل أن يجد نفسه متورطا ويحدث له ما حدث لهاني من قبل". ثم يكرر ذلك غير مرة.
وإذا كان الاسترجاع، بطبيعته، يصوّر زمنا ثانيا ويشكّل حكاية ثانية؛ فإن (السلايمة) استطاع أن يقرّب بين هذه المحاور حتى تكاد تتمازج، أو تتمازج بالفعل. ففي الاسترجاع الأول يتذكر موقفه القديم مع أبيه؛ فيهيم معه ويستطرد، لكنه يظل، رغم ذلك وعن طريق اللغة، قابضا على اللحظة الآنية، رابطا بين الحكايتين والزمنين ربطا وثيقا بتعبير تلقائي مؤثّر، يقول (ص7): "اهتزت بطنه ضحكا وهو يتذكر...". و(ص8) "بالكاد كتم ضحكته حتى لا يلفت نظر الركّاب إليه حين تذكّر...".
ولم يغب هذا التوشيج بين هذه المحاور في الاسترجاع الثاني، يقول فارس مخاطبا كمال (ص10): "مثلما تفعل مها الآن معك". ثم يكرر هذا الربط باسترجاع داخلي تكراري (ص11): "مثلما تفعل مها الآن". وهذا كله يدل على وعي الكاتب بقضية الزمن من خلال المراوحة بين زمنين، حيث استطاع بكفاءة أن يمزج بين الزمنين ليرسم مصيرا مشتركا بين علاقتين متشابهتين، وهو مصير منتظر ومؤجل في ضمير السرد، لكنه شائق وجاذب لمواصلة القراءة.
والسارد – إذ يُقدّم شخصية جديدة – يسعى إلى إضاءة سوابق هذه الشخصية. هكذا فعل (السلايمة) حين أدخل شخصية الأب فأوضح لنا طموحه نحو ابنه كمال، وكشف عن سماته الشخصية، كما أوضحنا آنفًا. وهكذا فعل مع (ريما الخليلية) والدة مها؛ فهي سيدة وفدت إلى هنا من مدينة الخليل الفلسطينية، وهي – كما يبدو من السرد (ص16)– بيئة متحضرة لا تعرف التعصب المقيت ولا العنصرية نحو الآخر؛ فبفضل سوابقها الحضارية التي أتت بها من الخليل إلى رفح نراها تعجب من هذه العلاقة المتوترة بين البدوي والمدني اللذين تجمعهما مدينة واحدة هي (رفح)، وتجمعهما مناشط اقتصادية وحيوية مشتركة، مثلما تجمع بينهما المدارس والجامعات؛ فليس غريبا أن نسمعها تسال زوجها (ص19): "ألا يوجد بين هؤلاء المتعلمين من يتحلى بالشجاعة الكافية للإعلان عن رفضه لمثل هذه الأفكار"؟
إن (السلايمة) في هذا الاسترجاع الثالث يأخذ بيدنا من طرف خفي، بلباقة ومهارة، إلى مفارقة زمنية مغايرة تمثل نوعا من (الاستباق) التمهيدي، أو التنبؤي؛ فإن سوابق هذه السيدة وطبيعة نشأتها وموقفها الرافض للعنصرية – كل ذلك ربما يكون استباقا مناسبا لموقفها، الذي سيظهر لاحقا، من علاقة كمال البدوي بمها المدنية، وهو استباق يمثل (التمهيد) الذي يثير رغبة المتلقي ويقوّي فضوله ويصحّح عزيمته على تتبع مسار السرد بلهفة وشوق لا يخلوان من تطلّع وتوتر حول ما إذا كانت ستؤدي دورا إيجابيا في حل هذه المعضلة الاجتماعية العاطفية، وما إذا كانت ستفلح في مسعاها إذا سعت. هي أسئلة أثارها السرد بإتقان وأجّل الإجابة؛ فحقق التشويق.
الاسترجاع الداخلي في رواية (شمال شرق):
يتحقق الاسترجاع الداخلي (مثليّ القصة) بالرجوع إلى زمن ماض لكنه لا يخرج عن الخط الزمني العام للسرد الأوليّ، هو عودة إلى ماض سردي قريب داخل العمل نفسه. وقد يتخذ صورة (التكرار) أو صورة (التكميل).
الاسترجاع الداخلي التكراري:
يعود السرد في هذا النمط على أعقابه جهارا وبصراحة. وبالطبع لا يمكن له أن يبلغ أبعادا نصية إلا نادرا، بل يكون تلميحات من الحكاية إلى ماضيها الخاص. ويبدو لي (السلايمة) مفتونا بهذا النمط فتنة ظاهرة. يقول مثلا (ص9): "بدا كمال ببنطاله الجينز وقميصه الأزرق الملتصق بجسده الممشوق وحذائه الرياضي..". ثم نقرأ (ص12): "كل شيء فيه يأسرها: قوامه، أناقته، شعره المصفف بعناية، وجهه الخمري المستدير، عيناه الكحيلتان الواسعتان". والتكرار هنا ليس نصيا، لكنه يلح على دلالة واحدة يبدو لي أن منبعها (صدى وجداني) هام فيه السارد حتى ألفى نفسه يصف جمال عيون الرجل! وهذه الصدى يتكرر مرة أخرى في وصف جمال ريما الخليلية والدة مها (ص16): "ورثت مها كل شيء عن أمها: طولها، بياضها، لون شعرها الكستنائي ونعومته، وجهها البيضاوي، عينيها الخضراوين، شفتيها الممتلئتين التواقتين". وفي (ص36) يصف مها "وهي تراقبه بعينيها الخضراوين". وفي (ص44) "يحدقون في جسدها الفائر". يكرر هذه الأوصاف؛ سعيا إلى تأكيد فتنة التلميذة بالمعلم وفتنته بها.
على أن التكرار قد يرد في الرواية من أجل أن يعطي الحدث الأول تأويلا جديدا، أو تأويلا أوسع. (ص32) تقول أم كمال له: "لا يهمني ممن تتزوج". وطبيعة الأم وبيئتها تعنيان من أي فتاة بدوية. فيأتي كمال في الصفحة ذاتها؛ فيكرر على نفسه قولها هذا في الصفحة نفسها، ويكرره نصا (ص51) موسعّا دلالته لتشمل أي فتاة أخرى، ولو مدنية. وهذه حيلة سردية ناجعة في إنماء وتطوير العمل الروائي.
الاسترجاع الداخلي التكميلي:
والاسترجاع التكميلي هو إيراد مقاطع استعادية تأتي بعد فوات الأوان لتسد فجوة سابقة وفق منطق سردي مستقل جزئيا عن مُضيّ الزمن. وهذه الفجوات قد تكون حذوفا مطلقة، أي نقائص في الاستمرار الزمني؛ فمثلا يرد في (ص83): "إن التكفيريين قد ذبحوا حساما" شقيق مها؛ فيقام العزاء ثم تموت ريما حزنا ويشارك كمال في العزاء، وتمرض مها فتسافر مع شقيقها وسام إلى السعودية استشفاءً. وبعد كل هذا السرد الذي أغفل تماما ملابسات قتل حسام، يبدأ السارد (ص91) في سد تلك الفجوة في خمس صفحات كاملة. وهنا – وفي موضع أخرى – نلاحظ فرقا بين التكراري المختصر والتكميلي المسهَب فيه، ولعل حجم التكميل يخضع بالضرورة لحجم الفجوة التي مر بجانبها السرد مرورا وأجّل تفاصيلها ببراعة تستدعي اللهفة على متابعة القراءة.
وقد يكون التكميلي تفسيرا، ففي (ص15) يفصّل السرد في مظاهر ثراء أسرة فؤاد والد مها، وهو ثراء لم يحققه كل تاجر ولا كل تجارة؛ فيأتي التكميل التفسيري (84): "يقولون فؤاد تاجر سلاح"، ويتواصل التفسير (85): "لقد قالت لي إنها اكتشفت ذلك صدفة... فقد رأت بعينيها اللتين سيأكلهما الدود..". وقد أجّل السرد هذا التفسير إلى حيث واتاه موقف إنساني مؤثر ومعبّر وكاشف، وهو موقف أشد ما يكون حزنا، وأكبر ما يكون فجيعة على ريما وأسرتها، هنا أتى هذا التفسير (الشامت) مصورا انشغال الناس بالمال حتى في أحلك الظروف وأسوئها، وهو الانشغال الذي ولّد الحسد والشماتة في مصائب الأثرياء، نقرأ: "ثلاث صدمات كن كافيات لقصم ظهر بعير، وليس ظهر امرأة رقيقة ناعمة مثل ريما، وكافية لأن يجعلنها تجلس بين المعزيات شاردة ومنكسرة وصامتة، ولم تذرف دمعة واحدة. وفيما كانت تحاول إحداهن استنطاقها، تساءلت أخرى هامسة في أذن قريبتها الجالسة بجوارها: ... يقولون فؤاد يتاجر في السلاح". سكت الألم ونطق التشفّي!
شكرا عبد الله السلايمة الذي أمتعنا بمحور واحد من محاور اللعب بالزمن، ولا يزال في الرواية قول كثير.
* تنويه:
نُشر المقال في مجلة (ميريت) القاهرية، عدد 49، يناير 2023
مفتتح:
"الرواية تركيبة معقدة من الزمن"، و"كل رواية جيدة لها نمطها الزمني وقيم الزمن الخاصة بها، وتستمد أصالتها من كفاية تعبيرها عن ذلك النمط وتلك القيم وإيصالها إلى القارئ. وجميع طرائق القصة وأدواتها تنتهي، في التحليل الأخير، إلى المعالجة التي توليها لقيم الزمن وسلاسل الزمن، وكيف تضع الواحدة في مواجهة الأخرى. والأهمية الفنية لهذه القيم متفاوتة، ولكنها عند اجتماعها تكيّف العمل الكلي لهذا الفن الذي هو أكثر الفنون تشكلا، وتعلل الأبنية التي يتخذها، والطريقة التي يعالج بها موضوعاته، واستعماله للغة." (مندولا – الزمن والرواية)
زمن القصة وزمن الخطاب:
نتحدث أولا عن زمن القصة وزمن الخطاب (أو زمن الأحداث وزمن السرد)؛ لنرى "كيف يضع (السلايمة) الواحد منهما في مواجهة الآخر" بتوظيفه الاسترجاع.
زمن القصة هو الزمن الحقيقي أو الواقعي الذي تستغرقه أحداث القصة كما حدثت في الواقع أو كما تخيلها الروائي، وهو زمن خام لم يخضع بعد للتشكيل الفني؛ لذلك يتوافق في حجمه وسرعته وبطئه مع الزمن الحقيقي الواقعي؛ فأحداث بعض القصص قد تستغرق عشرات السنين، أو سنوات قليلة، أو شهورا أو أياما، أو لحظة قصيرة يصنع منها الكاتب رواية.
أما زمن الخطاب فهو الزمن الملفوظ أو المكتوب في الرواية، وهو زمن محدد يبدأ بالكلمة الأولى في العمل وينتهي بالكلمة الأخيرة. وهذا الزمن – بالضرورة – لا يخضع لمقتضيات الزمن الحقيقي الواقعي، بل يخضع لمقتضيات التشكيل الروائي وتقنية الراوي السردية، فالكاتب يختصر السنوات الكثار في صفحات معدودة، ويمط زمن الحدث القصير جدا في صفحات تصنع رواية كاملة ناجزة.
التفاعل بين الزمنين في العمل الروائي:
يقول النقاد إن الرواية مقطوعة زمنيا مرتين، وأن إحدى وظائفها هي إدغام زمن في زمن آخر. أحد الزمنين هو الزمن الأوليّ (زمن الأحداث)، أي زمن التجربة الواقعية المدركة ذهنيا، وهو زمن خطي تتابعي يسوق الحوادث دوما إلى أمام، وكما سبق يُعد زمنا خاما يحتاج إلى تشكيل فني ليتحقق (زمن الخطاب – زمن السرد)، وهو الزمن الثاني. وبواسطة هذا الأخير يتم سلب زمن القصة خطيته وكونه زمنا خاما. ونحن في انتقالنا من زمن القصة الأوليّ إلى زمن الخطاب ننتقل من التجربة الواقعية ذهنيا ذات الطابع المشترك إلى تجربة الكاتب الذاتية، لتتحقق – أولا – وظيفة جمالية يتم من خلالها تكسير الطابع المشترك عند المتلقي، وتتحقق – ثانيا – وظيفة دلالية يتم من خلالها إنتاج دلالة هذا التكسير بفعل القراءة ذاته.
كيف يتحقق كسر المشترك؟
يحفل ميدان الروايات بآليات كثيرة يتحقق من خلالها تحويل زمن القصة الواقعي إلى زمن خطاب روائي، منها المفارقات الزمنية بأشكالها الوفيرة، ومنها المجمَل والوقفة والحذف و... والإحاطة بهذه التقنيات جميعها يضيق به مقام مقالة؛ لذلك سوف أختار تقنية واحدة هي (المفارقات الزمنية) وأحاول أن أتتبع من خلال أحد تجلياتها (الاسترداد) كيف وضع (السلايمة) زمن الخطاب في مواجهة زمن القصة، أو كيف شكّل الزمن الواقعي ليصنع منه خطابا روائيا ذا زمن ذاتي يكشف عن تجربة الكاتب ووعيه الخاص بقضية (الزمن)، وما ينتج عن ذلك من قيم جمالية ودلالية.
المفارقات الزمنية:
من العلاقات الزمنية الممكنة في العمل الروائي ما يسمّونه (المفارقات الزمنية)، وهو مصطلح عام يدل على كل أشكال التنافر بين الزمنين: زمن القصة وزمن الخطاب، كما أنه يبحث في مدى قدرة الكاتب على مزج الزمنين مزجا يصل إلى حد التلاحم العضوي بينهما، فضلا عن البحث عن مدى قدرة السارد على سد الفجوات وإذابة الفوارق بين الزمنين. وتتمثل أشكال المفارقات في الاسترجاع (الاسترداد) والاستباق، وحديثنا مقصور على الاسترداد، كما نوّهنا من قبل.
الاسترجاع:
هو ذِكر لاحق لحدث يسبق النقطة الحالية من السرد. وقد يكون هذا الاسترجاع (أو الاسترداد أو التذكر) خارجا عن بداية الرواية، أي يسبق النقطة التي بدأ منها السرد، فهو استرداد خارجي (غيريّ القصة). وقد يعود استرجاع آخر إلى نقطة لاحقة لبدء السرد، فهو استرداد داخلي (مثليّ القصة). وللاسترداد بنوعيه وظائف فنية تجعل الزمن الطبيعي زمنا فنيا له نظام ودلالات؛ فكيف وظفهما (السلايمة)؟
الاسترجاع الخارجي في رواية (شمال شرق):
اللافت في هذه الرواية أن الاسترجاع الخارجي يصنع زمنا يكاد يساوي في حجمه زمن الخطاب الآني. وإذا قيل إن الاسترجاع يمثّل حكاية ثانية زمنيا مع الحكاية الأولى؛ فإن استردادات (السلايمة) تشكّل حكايات وفيرة وفرةً ظاهرة، بحيث توازي في مساحتها الحكاية الأولى التي يقدمها السارد. وإننا لا نكاد نمضي قليلا لنعرف أن (كمال – البطل) رضي بوظيفة مُعلّم على مضض، لا نكاد نمضي قليلا حتى نلتقي (ص6) بأول استرداد يحكي عن (كمال – الصبي) يقف أمام أبيه الذي يشجعه على أن يكون مُعلمًا، لكن الصبي يحاول أن يختار لنفسه وظيفة (فنان)؛ فلا يُفلت من عقاب أبيه إلا بأعجوبة!
وأظنه من فضول القول تكرار أن الاسترداد يكسر خطية الزمنية، ويقطع وشائج الحكي المسترسل في الوقت الذي يكسر فيه الطابع المشترك عند المتلقي. وإنما يهمنا هنا إنتاج دلالة هذا التكسير.
أعتقد أن هذا الاسترجاع أدّى وظيفة دلالية، تبريرية وتفسيرية، مهمة حقا؛ فالبطل الذي يجد نفسه مرغما على قبول وظيفة المُعلّم يبرر لنفسه هذا الوضع الجديد بوصفه أمنية قديمة وحلما لأبيه. كما أن الاسترجاع هنا كشف لنا عن سمات شخصية الأب المتمثلة في الصرامة والحزم والعنف، وهو ما يفسر لنا كيف فكّر (الابن الوريث) كمال خريج الجامعة المثقف أن يعتدي جسديا على الموظف الذي أنبأه بالوظيفة.
كما أزعم أن الاسترداد هنا أسهم في تطوير الحدث الروائي بطريقة توليد استرداد من استرداد؛ فقد "عادت به الذاكرة إلى يوم.. هنأه والده"، ثم ينتج عن ذلك الزمن الماضي ماض أبعد منه: "كان منذ الصغر يشعر أنه يملك نظرة مختلفة إلى الأمور". فنرى منطقا سرديا تحكمه ذاكرة تحتشد فيها أحداث متشظية أجاد السارد الجمع بينها في خطاب فني تتآزر أشتاته.
ثم يبدأ كمال التدريس (ص8)؛ فتُعجب به إحدى تلميذاته (مها) وتغرق نحوه في مشاعر مراهقة عنيفة، فيعقب ذلك مباشرة (ص9) استرجاع خارجي آخر يُورد حكاية أخرى لا تتداخل مع الحكاية الأولى بل تتناول خطّا ومضمونا قصصيا مختلفا عن مضمون الحكاية الأولى، لكنها تكملها حين تفسّر للبطل ما قد يكون غافلا عنه، وتضرب له المثل بمصير معلم آخر (هاني) كادت مثل هذه العلاقة أن تُفقده وظيفته وعافيته أيضا. إن هذا الاسترجاع يحاول أن يكشف أبعاد المخاطر التي قد يتعرض لها كمال في تجربته الحالية، هو بهذه المقارنة بين موقفين يقدّم تحذيرا عن طريق ضرب المثل بحكاية أخرى مشابهة. ولا تخفى هنا دلالة الاسترداد التي تصوّر توتر كمال وإحساسه بالقلق نحو هذه العلاقة التي لا تناسب (المهنية) ولا الأعراف السائدة في تلك البيئة التي تدور الأحداث فيها. بل أكاد أقطع أن الكاتب لم يتخذ من الزميل إلا قناعا وهو يتنبأ بمستقبل علاقة التلميذة بالمعلم. وإنما يقوي هذا الرأي عندي أن الكاتب يعود (ص35) ليقدم لنا مرتين استردادا (مزجيا)، قوامه قصة المُعلم هاني القديمة وتذكير الزملاء لكمال بهذه القصة، يقول: "وسيطر عليه الخوف حين أوغل في خياله متصورا نفسه يمر بما مر به هاني". وفي الصفحة نفسها: "قبل أن يجد نفسه متورطا ويحدث له ما حدث لهاني من قبل". ثم يكرر ذلك غير مرة.
وإذا كان الاسترجاع، بطبيعته، يصوّر زمنا ثانيا ويشكّل حكاية ثانية؛ فإن (السلايمة) استطاع أن يقرّب بين هذه المحاور حتى تكاد تتمازج، أو تتمازج بالفعل. ففي الاسترجاع الأول يتذكر موقفه القديم مع أبيه؛ فيهيم معه ويستطرد، لكنه يظل، رغم ذلك وعن طريق اللغة، قابضا على اللحظة الآنية، رابطا بين الحكايتين والزمنين ربطا وثيقا بتعبير تلقائي مؤثّر، يقول (ص7): "اهتزت بطنه ضحكا وهو يتذكر...". و(ص8) "بالكاد كتم ضحكته حتى لا يلفت نظر الركّاب إليه حين تذكّر...".
ولم يغب هذا التوشيج بين هذه المحاور في الاسترجاع الثاني، يقول فارس مخاطبا كمال (ص10): "مثلما تفعل مها الآن معك". ثم يكرر هذا الربط باسترجاع داخلي تكراري (ص11): "مثلما تفعل مها الآن". وهذا كله يدل على وعي الكاتب بقضية الزمن من خلال المراوحة بين زمنين، حيث استطاع بكفاءة أن يمزج بين الزمنين ليرسم مصيرا مشتركا بين علاقتين متشابهتين، وهو مصير منتظر ومؤجل في ضمير السرد، لكنه شائق وجاذب لمواصلة القراءة.
والسارد – إذ يُقدّم شخصية جديدة – يسعى إلى إضاءة سوابق هذه الشخصية. هكذا فعل (السلايمة) حين أدخل شخصية الأب فأوضح لنا طموحه نحو ابنه كمال، وكشف عن سماته الشخصية، كما أوضحنا آنفًا. وهكذا فعل مع (ريما الخليلية) والدة مها؛ فهي سيدة وفدت إلى هنا من مدينة الخليل الفلسطينية، وهي – كما يبدو من السرد (ص16)– بيئة متحضرة لا تعرف التعصب المقيت ولا العنصرية نحو الآخر؛ فبفضل سوابقها الحضارية التي أتت بها من الخليل إلى رفح نراها تعجب من هذه العلاقة المتوترة بين البدوي والمدني اللذين تجمعهما مدينة واحدة هي (رفح)، وتجمعهما مناشط اقتصادية وحيوية مشتركة، مثلما تجمع بينهما المدارس والجامعات؛ فليس غريبا أن نسمعها تسال زوجها (ص19): "ألا يوجد بين هؤلاء المتعلمين من يتحلى بالشجاعة الكافية للإعلان عن رفضه لمثل هذه الأفكار"؟
إن (السلايمة) في هذا الاسترجاع الثالث يأخذ بيدنا من طرف خفي، بلباقة ومهارة، إلى مفارقة زمنية مغايرة تمثل نوعا من (الاستباق) التمهيدي، أو التنبؤي؛ فإن سوابق هذه السيدة وطبيعة نشأتها وموقفها الرافض للعنصرية – كل ذلك ربما يكون استباقا مناسبا لموقفها، الذي سيظهر لاحقا، من علاقة كمال البدوي بمها المدنية، وهو استباق يمثل (التمهيد) الذي يثير رغبة المتلقي ويقوّي فضوله ويصحّح عزيمته على تتبع مسار السرد بلهفة وشوق لا يخلوان من تطلّع وتوتر حول ما إذا كانت ستؤدي دورا إيجابيا في حل هذه المعضلة الاجتماعية العاطفية، وما إذا كانت ستفلح في مسعاها إذا سعت. هي أسئلة أثارها السرد بإتقان وأجّل الإجابة؛ فحقق التشويق.
الاسترجاع الداخلي في رواية (شمال شرق):
يتحقق الاسترجاع الداخلي (مثليّ القصة) بالرجوع إلى زمن ماض لكنه لا يخرج عن الخط الزمني العام للسرد الأوليّ، هو عودة إلى ماض سردي قريب داخل العمل نفسه. وقد يتخذ صورة (التكرار) أو صورة (التكميل).
الاسترجاع الداخلي التكراري:
يعود السرد في هذا النمط على أعقابه جهارا وبصراحة. وبالطبع لا يمكن له أن يبلغ أبعادا نصية إلا نادرا، بل يكون تلميحات من الحكاية إلى ماضيها الخاص. ويبدو لي (السلايمة) مفتونا بهذا النمط فتنة ظاهرة. يقول مثلا (ص9): "بدا كمال ببنطاله الجينز وقميصه الأزرق الملتصق بجسده الممشوق وحذائه الرياضي..". ثم نقرأ (ص12): "كل شيء فيه يأسرها: قوامه، أناقته، شعره المصفف بعناية، وجهه الخمري المستدير، عيناه الكحيلتان الواسعتان". والتكرار هنا ليس نصيا، لكنه يلح على دلالة واحدة يبدو لي أن منبعها (صدى وجداني) هام فيه السارد حتى ألفى نفسه يصف جمال عيون الرجل! وهذه الصدى يتكرر مرة أخرى في وصف جمال ريما الخليلية والدة مها (ص16): "ورثت مها كل شيء عن أمها: طولها، بياضها، لون شعرها الكستنائي ونعومته، وجهها البيضاوي، عينيها الخضراوين، شفتيها الممتلئتين التواقتين". وفي (ص36) يصف مها "وهي تراقبه بعينيها الخضراوين". وفي (ص44) "يحدقون في جسدها الفائر". يكرر هذه الأوصاف؛ سعيا إلى تأكيد فتنة التلميذة بالمعلم وفتنته بها.
على أن التكرار قد يرد في الرواية من أجل أن يعطي الحدث الأول تأويلا جديدا، أو تأويلا أوسع. (ص32) تقول أم كمال له: "لا يهمني ممن تتزوج". وطبيعة الأم وبيئتها تعنيان من أي فتاة بدوية. فيأتي كمال في الصفحة ذاتها؛ فيكرر على نفسه قولها هذا في الصفحة نفسها، ويكرره نصا (ص51) موسعّا دلالته لتشمل أي فتاة أخرى، ولو مدنية. وهذه حيلة سردية ناجعة في إنماء وتطوير العمل الروائي.
الاسترجاع الداخلي التكميلي:
والاسترجاع التكميلي هو إيراد مقاطع استعادية تأتي بعد فوات الأوان لتسد فجوة سابقة وفق منطق سردي مستقل جزئيا عن مُضيّ الزمن. وهذه الفجوات قد تكون حذوفا مطلقة، أي نقائص في الاستمرار الزمني؛ فمثلا يرد في (ص83): "إن التكفيريين قد ذبحوا حساما" شقيق مها؛ فيقام العزاء ثم تموت ريما حزنا ويشارك كمال في العزاء، وتمرض مها فتسافر مع شقيقها وسام إلى السعودية استشفاءً. وبعد كل هذا السرد الذي أغفل تماما ملابسات قتل حسام، يبدأ السارد (ص91) في سد تلك الفجوة في خمس صفحات كاملة. وهنا – وفي موضع أخرى – نلاحظ فرقا بين التكراري المختصر والتكميلي المسهَب فيه، ولعل حجم التكميل يخضع بالضرورة لحجم الفجوة التي مر بجانبها السرد مرورا وأجّل تفاصيلها ببراعة تستدعي اللهفة على متابعة القراءة.
وقد يكون التكميلي تفسيرا، ففي (ص15) يفصّل السرد في مظاهر ثراء أسرة فؤاد والد مها، وهو ثراء لم يحققه كل تاجر ولا كل تجارة؛ فيأتي التكميل التفسيري (84): "يقولون فؤاد تاجر سلاح"، ويتواصل التفسير (85): "لقد قالت لي إنها اكتشفت ذلك صدفة... فقد رأت بعينيها اللتين سيأكلهما الدود..". وقد أجّل السرد هذا التفسير إلى حيث واتاه موقف إنساني مؤثر ومعبّر وكاشف، وهو موقف أشد ما يكون حزنا، وأكبر ما يكون فجيعة على ريما وأسرتها، هنا أتى هذا التفسير (الشامت) مصورا انشغال الناس بالمال حتى في أحلك الظروف وأسوئها، وهو الانشغال الذي ولّد الحسد والشماتة في مصائب الأثرياء، نقرأ: "ثلاث صدمات كن كافيات لقصم ظهر بعير، وليس ظهر امرأة رقيقة ناعمة مثل ريما، وكافية لأن يجعلنها تجلس بين المعزيات شاردة ومنكسرة وصامتة، ولم تذرف دمعة واحدة. وفيما كانت تحاول إحداهن استنطاقها، تساءلت أخرى هامسة في أذن قريبتها الجالسة بجوارها: ... يقولون فؤاد يتاجر في السلاح". سكت الألم ونطق التشفّي!
شكرا عبد الله السلايمة الذي أمتعنا بمحور واحد من محاور اللعب بالزمن، ولا يزال في الرواية قول كثير.
* تنويه:
نُشر المقال في مجلة (ميريت) القاهرية، عدد 49، يناير 2023