نادرة هي الشخصيات الفلسطينية التي "حظيت" بـ"بيوغرافيا" باللغة العبرية بقلم كتاب وصحافيين إسرائيليين، ومن غير المستغرب أن يكون جورج حبش وغسان كنفاني من بين هؤلاء القلائل، فبعد فترة وجيزة من كتاب المؤرخ الإسرائيلي د. إيلي غاليا "جورج حبش: سيرة سياسية، 2017 "، أصدر الصحافي الإسرائيلي المعروف، داني روبنشتاين، كتابه "لماذا لم تقرعوا جدران الخزان؟ غسان كنفاني أديب المنفى"، الذي ضم تناول سيرة حياة غسان كنفاني السياسية والأدبية.
وروبنشتاين من قدماء الصحافيين الإسرائيليين، عمل في صحيفتي "دفار" و" هآرتس"، وكان قد أصدر قبل مدة كتاب تناول فيه سيرة القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني، تحت عنوان "نحن أو هم - القسطل والقدس- الـ24 ساعة التي حسمت المعركة". ويرى روبنشتاين أن غسان كنفاني هو شخصية مركزية في فهم الصراع، كما يرى أن قصصه وأدبه أعطياه البعد الإنساني الذي لا يهتم به المؤرخون كثيرا، وهو بعد ما زال حاضرا.
وقد حافظ كنفاني على مكانته كأديب وأيقونة فلسطينية، "رغم فشل طريقه السياسي في تحقيق أهدافه"، كما يقول بروفيسور مناحيم كلاين، ليس فقط لأن "رجال في الشمس" و"عائد إلى حيفا" تمثلان رواية تاريخية عظيمة فقط، بل لأن الجمهور الفلسطيني ما زال يعيش النكبة كحاضر وما زال سؤال الذي طرحه غسان، لماذ لم تقرعوا جدران الخزان؟ سؤالا واقعيا ملحا.
في مقال نشرته "هآرتس" مؤخرا تناولت فيه كتاب روبنشتاين، تشير الكاتبة عادي أنغرات، إلى أنه رغم العمر الأدبي القصير لغسان كنفاني الذي لم يتجاوز الـ17 عاما منذ أن بدأ ينشر قصصه كمعلم شاب في الكويت، وحتى وفاته (استشهاده) عام 1972مع ابنة أخته لميس وهو ابن 36 عاما فقط، والذي عمل خلاله ككاتب وصحفي وسياسي، فإنه تحول إلى إحدى الشخصيات الأكثر تأثيرا وتقديرا في الأدب الفلسطيني، والممثل الأبرز لأدب المقاومة.
وفي إشارة إلى طاقة الشحن والجذب والتجنيد للنضال الفلسطيني الكامنة في قصص غسان كنفاني تقول: "تماما مثلما لا يمكن أن تقرأ برتولد بريخت دون أن تصبح شيوعيا"، وهو ما يجعل روبنشتاين يفتتح كتابه، باقتباس من وصية والده له بأن يفهم العرب ولكن "ليس أكثر عن اللزوم"، وتنوه إلى تخوف الأخير من القوة الجاذبة لأدب عسان كنفاني التي يحاول ضبطها بالكثير من التفاصيل التي لا تقدم أي جديد، فقط لكي لا يفهم قراءه (الإسرائيليين) الفلسطينيين أكثر من اللزوم.
روبنشتاين يستعرض في كتابه تاريخ الصراع الفبسطيني العربي الإسرائيلي من خلال إنتاج غسان كنفاني الأدبي، وهو يسمي كل فصل من أسماء فصول كتابه العشرين بإحدى قصص غسان كنفاني، ويبدأ بـ"رجال في الشمس" التي سبقت انطلاق المقاومة الفلسطينية ببضع سنوات، وبلورت فكر ووجهة غسان وبشرت بالثورة القادمة التي كانت نارها تعتمل تحت رماد النكبة واللجوء، وفيها أطلق نداءه الشهير: لماذا لم تقرعوا جدران الخزان؟ الذي ما زال دويه يحض على الرفض والمقاومة، والذي اتخذه روبنشتاين عنوانا لكتابه، وينهي بـ"عائد إلى حيفا" التي ظهرت إلى النور قبل استشهاده ببضع سنوات، وفيها رسم طريق الخلاص ورسخ تناحرية الصراع وتعاقب أجياله جيلا بعد جيل.
لم تعترف إسرائيل رسميا بعملية التفجير التي أودت بحياة غسان كنفاني، التي شكلت حلقة أولى في سلسلة عمليات الاغتيال التي نفذها الموساد الإسرائيلي ضد القيادات والشخصيات الوطنية الفلسطينية، ربما لأنه من المحرج لها اغتيال شخصية أدبية بهذا الحجم، لم تلعب أي دور في المقاومة المسلحة، ورغم الدور التعبوي والإعلامي الذي لعبه كنفاني كمحرر للهدف، لسان حال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وعضو لجنتها المركزية وناطق باسمها، إلا أنه لم يحمل السلاح يوما.
وفي هذا السياق، كتب الصحافي إيتان هابر، بعد سنوات من الاغتيال، أن "عملية اغتيال غسان كنفاني كانت جزءا من سياسة رد إسرائيلية على أعمال الإرهاب التي تصاعدت في أعقاب مقتل الرياضيين الإسرائيليين في أولمبياد ميونيخ في أيلول/ سبتمبر 1972"، وأضاف هابر أن الكاتب الكبير والبارز كان من بين الذين حكمت عليهم "محكمة غولدا" بالموت، رغم عدم وجود أي علاقة بينه وبين "الإرهاب" أو بينه وبين عملية ميونيخ.
وفي الحقيقة فإن إسرائيل كانت تعرف أن دور غسان كنفاني ينحصر بالميدان الأدبي والإعلامي، بل هي استهدفت باغتياله هذا الدور أساسا، وربما أفضل تعبير عن ذلك ما كتبته "الديلي ستار" اللبنانية بعد عملية الاغتيال التي هزت بيروت وتناثر خلالها جسد غسان كنفاني في الأرجاء، أن "غسان كنفاني هو رجل كوماندو لم يطلق رصاصة واحدة، كان سلاحه القلم وساحاته صفحات الجريدة ولكنه أوجع العدو أكثر من كتائب مسلحة".
وروبنشتاين من قدماء الصحافيين الإسرائيليين، عمل في صحيفتي "دفار" و" هآرتس"، وكان قد أصدر قبل مدة كتاب تناول فيه سيرة القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني، تحت عنوان "نحن أو هم - القسطل والقدس- الـ24 ساعة التي حسمت المعركة". ويرى روبنشتاين أن غسان كنفاني هو شخصية مركزية في فهم الصراع، كما يرى أن قصصه وأدبه أعطياه البعد الإنساني الذي لا يهتم به المؤرخون كثيرا، وهو بعد ما زال حاضرا.
وقد حافظ كنفاني على مكانته كأديب وأيقونة فلسطينية، "رغم فشل طريقه السياسي في تحقيق أهدافه"، كما يقول بروفيسور مناحيم كلاين، ليس فقط لأن "رجال في الشمس" و"عائد إلى حيفا" تمثلان رواية تاريخية عظيمة فقط، بل لأن الجمهور الفلسطيني ما زال يعيش النكبة كحاضر وما زال سؤال الذي طرحه غسان، لماذ لم تقرعوا جدران الخزان؟ سؤالا واقعيا ملحا.
في مقال نشرته "هآرتس" مؤخرا تناولت فيه كتاب روبنشتاين، تشير الكاتبة عادي أنغرات، إلى أنه رغم العمر الأدبي القصير لغسان كنفاني الذي لم يتجاوز الـ17 عاما منذ أن بدأ ينشر قصصه كمعلم شاب في الكويت، وحتى وفاته (استشهاده) عام 1972مع ابنة أخته لميس وهو ابن 36 عاما فقط، والذي عمل خلاله ككاتب وصحفي وسياسي، فإنه تحول إلى إحدى الشخصيات الأكثر تأثيرا وتقديرا في الأدب الفلسطيني، والممثل الأبرز لأدب المقاومة.
وفي إشارة إلى طاقة الشحن والجذب والتجنيد للنضال الفلسطيني الكامنة في قصص غسان كنفاني تقول: "تماما مثلما لا يمكن أن تقرأ برتولد بريخت دون أن تصبح شيوعيا"، وهو ما يجعل روبنشتاين يفتتح كتابه، باقتباس من وصية والده له بأن يفهم العرب ولكن "ليس أكثر عن اللزوم"، وتنوه إلى تخوف الأخير من القوة الجاذبة لأدب عسان كنفاني التي يحاول ضبطها بالكثير من التفاصيل التي لا تقدم أي جديد، فقط لكي لا يفهم قراءه (الإسرائيليين) الفلسطينيين أكثر من اللزوم.
روبنشتاين يستعرض في كتابه تاريخ الصراع الفبسطيني العربي الإسرائيلي من خلال إنتاج غسان كنفاني الأدبي، وهو يسمي كل فصل من أسماء فصول كتابه العشرين بإحدى قصص غسان كنفاني، ويبدأ بـ"رجال في الشمس" التي سبقت انطلاق المقاومة الفلسطينية ببضع سنوات، وبلورت فكر ووجهة غسان وبشرت بالثورة القادمة التي كانت نارها تعتمل تحت رماد النكبة واللجوء، وفيها أطلق نداءه الشهير: لماذا لم تقرعوا جدران الخزان؟ الذي ما زال دويه يحض على الرفض والمقاومة، والذي اتخذه روبنشتاين عنوانا لكتابه، وينهي بـ"عائد إلى حيفا" التي ظهرت إلى النور قبل استشهاده ببضع سنوات، وفيها رسم طريق الخلاص ورسخ تناحرية الصراع وتعاقب أجياله جيلا بعد جيل.
لم تعترف إسرائيل رسميا بعملية التفجير التي أودت بحياة غسان كنفاني، التي شكلت حلقة أولى في سلسلة عمليات الاغتيال التي نفذها الموساد الإسرائيلي ضد القيادات والشخصيات الوطنية الفلسطينية، ربما لأنه من المحرج لها اغتيال شخصية أدبية بهذا الحجم، لم تلعب أي دور في المقاومة المسلحة، ورغم الدور التعبوي والإعلامي الذي لعبه كنفاني كمحرر للهدف، لسان حال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وعضو لجنتها المركزية وناطق باسمها، إلا أنه لم يحمل السلاح يوما.
وفي هذا السياق، كتب الصحافي إيتان هابر، بعد سنوات من الاغتيال، أن "عملية اغتيال غسان كنفاني كانت جزءا من سياسة رد إسرائيلية على أعمال الإرهاب التي تصاعدت في أعقاب مقتل الرياضيين الإسرائيليين في أولمبياد ميونيخ في أيلول/ سبتمبر 1972"، وأضاف هابر أن الكاتب الكبير والبارز كان من بين الذين حكمت عليهم "محكمة غولدا" بالموت، رغم عدم وجود أي علاقة بينه وبين "الإرهاب" أو بينه وبين عملية ميونيخ.
وفي الحقيقة فإن إسرائيل كانت تعرف أن دور غسان كنفاني ينحصر بالميدان الأدبي والإعلامي، بل هي استهدفت باغتياله هذا الدور أساسا، وربما أفضل تعبير عن ذلك ما كتبته "الديلي ستار" اللبنانية بعد عملية الاغتيال التي هزت بيروت وتناثر خلالها جسد غسان كنفاني في الأرجاء، أن "غسان كنفاني هو رجل كوماندو لم يطلق رصاصة واحدة، كان سلاحه القلم وساحاته صفحات الجريدة ولكنه أوجع العدو أكثر من كتائب مسلحة".
