زيارات المسئولين الأمريكيين بدءا من مستشار الأمن القومي الأمريكي سوليفان ، أعقبها زيارة رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "CIE" وليام بيرنز، في زيارة غير معلنة للأراضي الفلسطينية وتل أبيب تزامنا مع تصاعد التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وانتهت بزيارة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن ، والجامع المشترك بين الزيارات للمسئولين الأمريكيين وفي جعبتهم ملفان مهمان، الأول هو الملف النووي الإيراني والملف الثاني هو الملف الفلسطيني والجامع المشترك في تصريحات المسئولين الأمريكيين مساندة ودعم الكيان الصهيوني وتحقيق أمن إسرائيل على حساب أمن وحقوق الفلسطينيين المشروعة
ولقد بدأ مسلسل التأييد الأعمى للكيان الصهيوني من الرئيس الأمريكي جو بايدن شخصياً، الذي لم يتردد في اللجوء إلى المفردات الأكثر ابتذالاً في قاموس حروب الحضارات البائد، معتبراً أن استهداف مستوطنين في القدس هو «هجوم على العالم المتحضر» مفترضاً ضمناً أنّ شهداء جنين العشرة وبينهم امرأة مسنة، ممن سقطوا خلال اقتحام قوات الاحتلال مدينة جنين ومخيمها ، لا ينتمون إلا للعالم الهمجي، والذين لا تُقارن إراقة دمائهم بأي ممارسة فاشية وبربرية. وهذه في تصنيفاته هي أيضاً حال 35 فلسطينياً بينهم 8 أطفال استُشهدوا برصاص الاحتلال منذ بداية العام، بينهم 20 من جنين تحديداً.
زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، وقبله مدير المخابرات المركزية ومستشار الأمن القومي، تأتي تحت عنوان خادع هو السعي للتهدئة بين الفلسطينيين وحكومة الاحتلال الأكثر تطرفا ( تحت عنوان الاقتصاد مقابل الأمن ) رغم أن مواقف التأييد الأمريكية لا يمكن أن تقود إلى مستويات أخرى سوى تشجيع التصعيد في عمليات قوات الاحتلال والمستوطنين ، وتوفير الغطاء للإجراءات العقابية الجماعية التي اتخذتها حكومة الائتلاف اليميني الأصولي الأكثر تطرفاً وعنصرية وفاشية في تاريخ الكيان الصهيوني، وإضفاء الشرعية على سياسات التوسع الاستيطاني وهدم بيوت الفلسطينيين وسياسة التطهير العرقي في القدس ، والإجهاز على ما تبقى من أوهام حلّ الدولتين الذي تعلن الإدارة الأمريكية التشبث به.
وهذا يعيدنا إلى السياسات الامريكيه في عهد اوباما وخطة جون كيري 2014 الاقتصاد مقابل الأمن ، حيث تبدو واشنطن في حالة ضعف في هذه اللحظة تجاه إسرائيل، وقد توافقت مع المطلب الإسرائيلي بتقديم الجانب الأمني على الجانب السياسي في المفاوضات، وبالتالي الحديث عن اتفاق إطار امني دون التطرق للبحث عن مخارج للعودة إلى طاولة المفاوضات .
السلطة تتحفظ على خطة أمنية أميركية لاستعادة سيطرتها على شمال الضفة ، وقد أعدت ألخطه من قبل منسق الأمن الأميركي مايك فنزل تقوم على تدريب قوات خاصة للتعامل مع المسلحين وتحفظت السلطة الفلسطينية عليها على أساس أن الخطة لا تأخذ بعين الاعتبار طريقة عمل الأجهزة الأمنية في الضفة التي تقوم على خلق حاضنة شعبية لها وليس الدخول في مواجهة مع المسلحين الفلسطينيين، كما أنها لا تتضمن وقف إسرائيل اقتحام المناطق الفلسطينية.
وطرح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأمر خلال اجتماعه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله يوم الثلاثاء، وضغط عليه لقبول الخطة، حسبما قال مسئولان أميركي وفلسطيني، بحسب تقرير نشر في موقع «واللا» الإسرائيلي وموقع «أكسيوس» الأميركي.
وتقوم الخطة الأميركية على تدريب فرق من القوات الخاصة التابعة للسلطة الفلسطينية ونشرها في مناطق الشمال وتحديداً في جنين ونابلس، من أجل إعادة سيطرة السلطة الفلسطينية على المنطقة.
ويقترح الأميركيون إنشاء هذه القوة كشرطة مدنية بدلاً من الأجهزة الأخرى من أجل تقليل الاحتكاك مع المدنيين الفلسطينيين قدر الإمكان (عدم التعامل بحساسية مع القوات الجديدة).
وقال مسئولون أميركيون وفلسطينيون إن منسق الأمن الأميركي في القدس مايك فنزل هو من صاغ الخطة التي وافق عليها الإسرائيليون، لكن الفلسطينيين أبدوا تحفظات كثيرة عليها، أبرزها أنها لا تتضمن أي مطالب من إسرائيل بوقف اقتحامات المدن الفلسطينية أو حتى تقليص عمل القوات الإسرائيلية في الضفة، ولا تأخذ بعين الاعتبار حاجة السلطة الفلسطينية لبناء دعم شعبي لمثل هذه العملية ، ورد الفلسطينيون على الأميركيين بقولهم إنهم لا يمكن لهم أبداً العمل في النهار الذي يلي ليلة يقتل فيها الجيش الإسرائيلي الناس.
وأبدت قيادات أمنيه استياء من الخطة أيضاً لأنها لا تتماشى مع طريقة عملهم التي تقوم على أساس المفاوضات مع المجموعات المسلحة وليس فقط استخدام القوة. كما أن الجدول الزمني الذي حدده الأميركيون في إطار تنفيذ الخطة كان قصيراً جداً.
وتم التركيز على نابلس وجنين باعتبار أنهما مركز نشاط المسلحين الفلسطينيين الذين شكلوا العام الماضي مجموعات اكتسبت زخماً شعبياً كبيراً وراحت تشكل تهديداً مباشراً للقوات الإسرائيلية وتتصدى لها مع كل اقتحام.
وتقول إسرائيل إن السلطة الفلسطينية فقدت سيطرتها في تلك المناطق، وهذا هو السبب المركزي في التصعيد، متذرعة بضعف السلطة، وتضطر إلى إرسال قواتها إلى تلك المناطق، وهو ما يقود عادة إلى اشتباكات عنيفة بشكل متزايد مع المسلحين، وأيد الأميركيون الرواية الإسرائيلية واعتبروا أن السلطة تفقد سيطرتها فعلاً في شمال الضفة، وهو السبب الرئيسي لنشوء جماعات مسلحة وبالتالي توتر أمني وتصعيد، ويجب عليها استعادة مكانتها.
والأسبوع الماضي، قتلت إسرائيل في هجوم واحد على مخيم جنين شمال الضفة 10 فلسطينيين، ما أجج الغضب الرسمي والشعبي الفلسطيني قبل أن يقطع الرئيس محمود عباس التنسيق الأمني مع إسرائيل، ويرد فلسطيني في اليوم الثاني في القدس بقتل 7 إسرائيليين، ما أسس لمرحلة تصعيد جديدة، أدت إلى تغيير أولويات بلينكن في رحلته إلى المنطقة، التي اختتمت يوم الثلاثاء.
وأكد مسئولون أن الرئيس محمود عباس لم يقدم لبلينكن إجابة نهائية بشأن الاقتراح، لأنه لم يلقَ دعم مسئولي السلطة الفلسطينية الكبار حتى الآن.، وأضاف المسئولون أن التجنيد لمثل هذه القوة سيكون أيضاً صعباً، وسط تزايد الإحباط العام من السلطة الفلسطينية.
إلى جانب الضغط على الرئيس محمود عباس لقبول الخطة الأمنية الأميركية، ضغط بلينكن أيضاً لإعادة التنسيق الأمني مع الجانب الإسرائيلي، وهي رسائل حملها أيضاً رئيسا جهازي المخابرات في مصر الوزير عباس كامل وفي الأردن اللواء أحمد حسني
إن أفق الرعاية الأميركية في زيارات المسئولين الأمريكيين ، قد اتضح تماما وقد تحدد سقفه، في مواصلة التفاوض وفق اتفاقية إطار أمني دون أن يلوح في الأفق تحريك لمسار المفاوضات ، بهدف التوصل لحل انتقالي، الجانب الفلسطيني، في كل الأحوال ليس مضطرا أبدا أن يقبل نتيجة "التفاوض" بين الإسرائيليين والأميركيين، وليس معقولا أيضا أن يدفع ثمن أولوية الصراع حول الملف الإيراني، ولا حتى أن يدفع ثمن المخاوف الإسرائيلية، حتى لو كانت محقة، من امتلاك إيران لقنبلة نووية،
ووفق كل التحليلات لم يكن جديداً هذا الانحياز الأمريكي الفاضح لصالح الكيان الصهيوني على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وأبسط مقررات الأمم المتحدة وأعراف حقوق الإنسان والقانون الدولي، فلا جديد كذلك في سير الإدارة الأمريكية الراهنة على منوال إدارات سابقة لجهة مطالبة السلطة الوطنية الفلسطينية بحماية الاحتلال ضمن مفهوم الاقتصاد مقابل الأمن ، ووفق مفهوم أن من واجب الضحية حماية جلادها حتى حين يقتل ويصادر الأراضي ويهدم البيوت ويستوطن ويمارس أبشع أنساق التمييز العنصري على طراز لم يعد يُقارن حتى بأشدّ عهود الأبارتهايد سوادا .
لهذا لم يكن غريباً أن يهرع كبار المسئولين الأمريكيين لممارسة ضغط مباشر على الرئيس الفلسطيني محمود عباس كي يعيد التنسيق الأمني مع الاحتلال، أو الضغط بالإنابة عبر المرور من محطة القاهرة، أو إيفاد مديرَي المخابرات المصرية والأردنية لحضور اجتماع بلينكن مع محمود عباس في رام الله. خطأ فادح بالطبع أن تستجيب السلطة الفلسطينية لهذه الضغوط وتلقي طواعية واحداً من الأسلحة التي في حوزتها لمواجهة إجراءات وممارسات الاحتلال.
وما كانت تشهده منطقة جبل المبكر في القدس أثناء اجتماع عباس مع بلينكن من عصيان مدني ، لمواجهة قرارات وزير الأمن الداخلي العنصري يتمار بن غفير ، بهدم مئات المنازل تحت حجة عدم الترخيص وعمليات الهدم والتجريف في مختلف المناطق ضمن تهويد القدس وإفراغها من مواطنيها كما هو الحال مع مناطق ما يعرف ومصنفه مناطق جيم وهي تحت السيطرة الاسرائيليه ، والتضييق على الأسرى والأسيرات الفلسطينيات في سجن الدامون، وسوى ذلك من ممارسات الاحتلال، ليست رسائل إلى بلينكن وحده، بل إلى القيادة الفلسطينية قبله وبعده.
ووفق الفهم الإسرائيلي والرؤية لحكومة الاحتلال الفاشية قالت صحيفة هآرتس العبرية، الأربعاء الواقع في 1/2/2023 ، إن نتائج الاجتماع بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ووزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، انتهى بدون نتائج تذكر بالنسبة للفلسطينيين، وبلا أي أمل، وبلا أي مضمون.
وبحسب الصحيفة، فإن بلينكن تجنب الحديث أو حتى الإعلان عن موعد إعادة افتتاح القنصلية الأميركية في شرقي القدس، أو حتى إعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن.
وقالت الصحيفةـ، إن الرئيس عباس كان يأمل في أن يقدم بلينكن لفتة سياسية، إلا أن الأخير تحدث فقط عن مساعدات مالية للسلطة الفلسطينية، والإغاثة المدنية، ورفع مستوى الشبكة الخلوية للفلسطينيين، واعتبرها بأنها إجراءات لبناء الثقة، ولكنه لم يقدم أي خطوة فعالية ذات أهمية سياسية إستراتيجية كما هو متوقع من وزير خارجية دولة عظمى في الولايات المتحدة.
ووفقًا للصحيفة، فإن الرئيس عباس سمع من بلينكن تحفظًا على قرار وقف التنسيق الأمني وحول نية الاستمرار في الانضمام للمنظمات الدولية، لكن الرئيس الفلسطيني اعتبر أن ضبط النفس في هذه الأمور غير ممكن.
وترى الصحيفة أنه في ظل وجود حكومة اليمين المتطرف حاليًا، فإن أي أفق سياسي قد أغلق فعليًا، وسيتركز الحديث فقط عن منع مزيد من التصعيد.
والسؤال لماذا الآن؟ وما الذي يجري في تفاصيل العلاقات الأميركية الفلسطينية الإسرائيلية؟؟؟؟؟
هناك أهداف محددة من تحركات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط تأتي تخوفاً من اندلاع مواجهات جديدة بين قطاع غزة وإسرائيل، خصوصاً أن ما بين زيارة مستشار الأمن القومي ومدير الاستخبارات جرت وقائع جريمة مخيم جنين ، فكان الرد في عملية القدس.
عملية القدس أكدت أن الرد وارد في كل لحظة، والخطورة أنه يتم من عناصر غير محسوبة على تنظيمات فلسطينية، وهو ما يؤكد أن الأمر معرض لمزيد من التوتر الدائم.
في هذه الأجواء المتوترة يطرح المسئولون الأميركيون، كما يبدو من جولة أنتوني بلينكن التي بدأها من القاهرة، صيغة جديدة للتهدئة والتعامل انطلاقاً من مصر للعب دور مركزي حقيقي في ما يجري والعمل مع "حماس" والسلطة معاً، وتوجيه رسائل تطمينات حقيقية يمكن العمل من خلالها.
تدرك الولايات المتحدة أن الوسيط المصري قادر على لجم أي تمدد تصاعدي لحركة "حماس"، خصوصاً أن مسار تحركه ممتد إلى ممارسة دور في ملف الأسرى وتواصله مهم لإقناع حركة "حماس" بالمضي قدماً في هذا الطريق.
والتوقعات المحتملة على ضوء زيارة بلينكن تواصل الخارجية المصرية مع نظيرتها الإسرائيلية، ومن المتوقع أن تكثف القاهرة تحركاتها تجاه تل أبيب من جانب، وفي إطار مخطط للضغط على حكومة نتنياهو أولاً وإقناعها بإمكانية حسم بعض الملفات المعلقة، وهو ما يحدث بالفعل وبخاصة أن نتنياهو نفسه له حساباته السياسية في التحرك الإقليمي، ولعل زيارته للأردن جاءت في هذا السياق، كما أنه سيسعى إلى زيارة القاهرة، والتحرك في مسارات متعددة بهذا الإطار من الأردن إلى مصر ثم الإمارات والسودان والخليج.
يتم التحرك الإسرائيلي عبر الحكومة الراهنة ومن خلال مخطط محدد، وقد تتجاوب التحركات المصرية العربية في هذا المسار لتقوية مركز رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في مواجهة حكومة المستوطنين، التي تريد الزج بملف المسجد الأقصى والمقدسات، وإعادة نشر قوات الشرطة بمناطق "ج"، إضافة إلى العمل بإجراءات استثنائية استثماراً لمعركة القضاء والحكومة الحالية، وبما يحقق مكاسب حقيقية للمستوطنين ويسمح لهم بدخول الأقصى، وإعادة البحث والتنقيب تحت المسجد الأقصى.
يظل المتداول أن إدارة بايدن عازمة على رسم خطوط حمراء تقضي بعدم المساس بالوضع القائم في الأماكن المقدسة بالقدس، وبالتوقف عن توسيع الاستيطان، في حسابات الإدارة أن ذلك لو تحقق هو بحد ذاته إنجاز، باعتبار أن محدودية المعطيات القائمة لا تسمح بالتحرك الأميركي أكثر من ذلك، وهو ما نقله الوزير بلينكن خلال لقائه مع وفد فلسطيني عربي - أميركي أخيراً، قبيل مغادرته إلى المنطقة.
وتحاول أميركا إقناع الرئيس محمود عباس بأن عليه التجاوب مع ما يطرح وإلا فان الفوضى ستعم الإقليم بأكمله وليس مدن الضفة فقط، وإقناعه بالتمهل في نقل الملف الفلسطيني للواجهة الدولية، وإلى الجمعية العامة بالدرجة الأولى، وليس إلى مجلس الأمن، ووقف تمدد السلطة الفلسطينية دولياً مما قد يعقد الأمور أكثر، ولهذا أيضاً سعى وزير الخارجية الأميركي بلينكن إلى تأكيد وجود الراعي الأميركي.
سيعمل الراعي الأميركي على خطة أمنية ودبلوماسية، والوعد بتقديم تسهيلات لسكان الضفة الغربية، والضغط على الحكومة الإسرائيلية لتقديم قائمة تحفيزية ليس للضفة فقط، وإنما أيضاً للقطاع مع التأكيد أن الولايات المتحدة ستحاول السيطرة عبر اتصالاتها الرئيسة على السلوك الإسرائيلي، وخصوصاً الحكومي، وأن الأجواء التي سبقت تشكيل الحكومة وبعدها كان التركيز على التحذير من مغبة أي مخطط إسرائيلي في الاقتراب من ملف المقدسات مع عدم المساس بالوضع الراهن.
كما سيعمل على إعادة الخطاب الأميركي الرافض لاستئناف سياسة الاستيطان رسمياً، وتأجيل بعض القرارات التي يتحرك في دوائرها وزراء الحكومة ممثلو اليمين المتطرف، ومنها قرار ضم الأراضي العربية والأغوار كمخطط يمكن أن يطرح في حال استمرار توجه الرئيس محمود عباس لتدويل ما يجري، ومحاولته إحراج الحكومة الإسرائيلية التي ستعاني مزيداً من العزلة في حال إعادة فتح الملف الفلسطيني من الواجهة الدولية، في توقيت يقوم فيه مسؤولو تل أبيب بمحاولة تبييض وجه السياسة الإسرائيلية في العالم، وفي توقيت احتفالات الدولة العبرية بعيد الهولوكوست، وزيارة رئيس إسرائيل هرتسوغ إلى بلجيكا، وقيام المنظمات الصهيونية بتسويق وضع الحكومة في العالم.
ولعل هذا يشير إلى التحرك الإسرائيلي تجاه الأردن ، وإتمام زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لعمان، وبما يخدم مسارات التحرك التي تتم بمشاركات مصرية أردنية في الأساس مع التركيز لاحقاً على حركة دول السلام الإقليمي، وفي المقابل فإن الجانب الفلسطيني، ممثلاً في السلطة، سيقدم على خيار التهدئة، لكن الأخطار المحتملة ستكون مرتبطة بأمور عدة.
وبالختام فان زيارة بلينكن لم تأتي بجديد ما لم تمارس إدارة بإيدن بالفعل دوراً حقيقياً وفاعلاً ومباشراً تجاه إسرائيل في المقام الأول، ومحاولة الضغط الحقيقي على توجهاتها العدائية والتصعيدية، فإن الأطراف العربية وعلى رأسها الطرف الفلسطيني ستتعامل من منطلق الأمر الواقع، خصوصاً أن ما يجري في الضفة معرض للانفجار الحقيقي والمباشر، الأمر الذي قد يذهب بالوضع الراهن إلى اتجاهات أخرى قد يكون لها سيناريوهات متعددة على ضوء تصاعد التوتر بين طهران والكيان الصهيوني بعد اتهامات موجهة لإسرائيل مشاركتها بقصف منشأه عسكريه في أصفهان
في المجمل، فإن نتائج زيارة الوزير الأميركي ستؤكد الإجابة المباشرة عن سؤال رئيس: هل يدير رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الائتلاف الحكومي أم أن الائتلاف هو الذي يديره ويوجه مساره للعمل في ظل استمرار المشهد الراهن على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي معاً وتداعيات استمرار اليمين الفاشي والمستوطنين باعتداءاتهما على الفلسطينيين بحماية قوات الاحتلال الصهيوني وبالمختصر أن زيارة بلينكن لم تحمل جديد وأعادت تصنيع مواقفها وفق مفهوم يتماها مع الموقف الإسرائيلي الاقتصاد مقابل الأمن
وانتهت بزيارة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن ، والجامع المشترك بين الزيارات للمسئولين الأمريكيين وفي جعبتهم ملفان مهمان، الأول هو الملف النووي الإيراني والملف الثاني هو الملف الفلسطيني والجامع المشترك في تصريحات المسئولين الأمريكيين مساندة ودعم الكيان الصهيوني وتحقيق أمن إسرائيل على حساب أمن وحقوق الفلسطينيين المشروعة
ولقد بدأ مسلسل التأييد الأعمى للكيان الصهيوني من الرئيس الأمريكي جو بايدن شخصياً، الذي لم يتردد في اللجوء إلى المفردات الأكثر ابتذالاً في قاموس حروب الحضارات البائد، معتبراً أن استهداف مستوطنين في القدس هو «هجوم على العالم المتحضر» مفترضاً ضمناً أنّ شهداء جنين العشرة وبينهم امرأة مسنة، ممن سقطوا خلال اقتحام قوات الاحتلال مدينة جنين ومخيمها ، لا ينتمون إلا للعالم الهمجي، والذين لا تُقارن إراقة دمائهم بأي ممارسة فاشية وبربرية. وهذه في تصنيفاته هي أيضاً حال 35 فلسطينياً بينهم 8 أطفال استُشهدوا برصاص الاحتلال منذ بداية العام، بينهم 20 من جنين تحديداً.
زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، وقبله مدير المخابرات المركزية ومستشار الأمن القومي، تأتي تحت عنوان خادع هو السعي للتهدئة بين الفلسطينيين وحكومة الاحتلال الأكثر تطرفا ( تحت عنوان الاقتصاد مقابل الأمن ) رغم أن مواقف التأييد الأمريكية لا يمكن أن تقود إلى مستويات أخرى سوى تشجيع التصعيد في عمليات قوات الاحتلال والمستوطنين ، وتوفير الغطاء للإجراءات العقابية الجماعية التي اتخذتها حكومة الائتلاف اليميني الأصولي الأكثر تطرفاً وعنصرية وفاشية في تاريخ الكيان الصهيوني، وإضفاء الشرعية على سياسات التوسع الاستيطاني وهدم بيوت الفلسطينيين وسياسة التطهير العرقي في القدس ، والإجهاز على ما تبقى من أوهام حلّ الدولتين الذي تعلن الإدارة الأمريكية التشبث به.
وهذا يعيدنا إلى السياسات الامريكيه في عهد اوباما وخطة جون كيري 2014 الاقتصاد مقابل الأمن ، حيث تبدو واشنطن في حالة ضعف في هذه اللحظة تجاه إسرائيل، وقد توافقت مع المطلب الإسرائيلي بتقديم الجانب الأمني على الجانب السياسي في المفاوضات، وبالتالي الحديث عن اتفاق إطار امني دون التطرق للبحث عن مخارج للعودة إلى طاولة المفاوضات .
السلطة تتحفظ على خطة أمنية أميركية لاستعادة سيطرتها على شمال الضفة ، وقد أعدت ألخطه من قبل منسق الأمن الأميركي مايك فنزل تقوم على تدريب قوات خاصة للتعامل مع المسلحين وتحفظت السلطة الفلسطينية عليها على أساس أن الخطة لا تأخذ بعين الاعتبار طريقة عمل الأجهزة الأمنية في الضفة التي تقوم على خلق حاضنة شعبية لها وليس الدخول في مواجهة مع المسلحين الفلسطينيين، كما أنها لا تتضمن وقف إسرائيل اقتحام المناطق الفلسطينية.
وطرح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأمر خلال اجتماعه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله يوم الثلاثاء، وضغط عليه لقبول الخطة، حسبما قال مسئولان أميركي وفلسطيني، بحسب تقرير نشر في موقع «واللا» الإسرائيلي وموقع «أكسيوس» الأميركي.
وتقوم الخطة الأميركية على تدريب فرق من القوات الخاصة التابعة للسلطة الفلسطينية ونشرها في مناطق الشمال وتحديداً في جنين ونابلس، من أجل إعادة سيطرة السلطة الفلسطينية على المنطقة.
ويقترح الأميركيون إنشاء هذه القوة كشرطة مدنية بدلاً من الأجهزة الأخرى من أجل تقليل الاحتكاك مع المدنيين الفلسطينيين قدر الإمكان (عدم التعامل بحساسية مع القوات الجديدة).
وقال مسئولون أميركيون وفلسطينيون إن منسق الأمن الأميركي في القدس مايك فنزل هو من صاغ الخطة التي وافق عليها الإسرائيليون، لكن الفلسطينيين أبدوا تحفظات كثيرة عليها، أبرزها أنها لا تتضمن أي مطالب من إسرائيل بوقف اقتحامات المدن الفلسطينية أو حتى تقليص عمل القوات الإسرائيلية في الضفة، ولا تأخذ بعين الاعتبار حاجة السلطة الفلسطينية لبناء دعم شعبي لمثل هذه العملية ، ورد الفلسطينيون على الأميركيين بقولهم إنهم لا يمكن لهم أبداً العمل في النهار الذي يلي ليلة يقتل فيها الجيش الإسرائيلي الناس.
وأبدت قيادات أمنيه استياء من الخطة أيضاً لأنها لا تتماشى مع طريقة عملهم التي تقوم على أساس المفاوضات مع المجموعات المسلحة وليس فقط استخدام القوة. كما أن الجدول الزمني الذي حدده الأميركيون في إطار تنفيذ الخطة كان قصيراً جداً.
وتم التركيز على نابلس وجنين باعتبار أنهما مركز نشاط المسلحين الفلسطينيين الذين شكلوا العام الماضي مجموعات اكتسبت زخماً شعبياً كبيراً وراحت تشكل تهديداً مباشراً للقوات الإسرائيلية وتتصدى لها مع كل اقتحام.
وتقول إسرائيل إن السلطة الفلسطينية فقدت سيطرتها في تلك المناطق، وهذا هو السبب المركزي في التصعيد، متذرعة بضعف السلطة، وتضطر إلى إرسال قواتها إلى تلك المناطق، وهو ما يقود عادة إلى اشتباكات عنيفة بشكل متزايد مع المسلحين، وأيد الأميركيون الرواية الإسرائيلية واعتبروا أن السلطة تفقد سيطرتها فعلاً في شمال الضفة، وهو السبب الرئيسي لنشوء جماعات مسلحة وبالتالي توتر أمني وتصعيد، ويجب عليها استعادة مكانتها.
والأسبوع الماضي، قتلت إسرائيل في هجوم واحد على مخيم جنين شمال الضفة 10 فلسطينيين، ما أجج الغضب الرسمي والشعبي الفلسطيني قبل أن يقطع الرئيس محمود عباس التنسيق الأمني مع إسرائيل، ويرد فلسطيني في اليوم الثاني في القدس بقتل 7 إسرائيليين، ما أسس لمرحلة تصعيد جديدة، أدت إلى تغيير أولويات بلينكن في رحلته إلى المنطقة، التي اختتمت يوم الثلاثاء.
وأكد مسئولون أن الرئيس محمود عباس لم يقدم لبلينكن إجابة نهائية بشأن الاقتراح، لأنه لم يلقَ دعم مسئولي السلطة الفلسطينية الكبار حتى الآن.، وأضاف المسئولون أن التجنيد لمثل هذه القوة سيكون أيضاً صعباً، وسط تزايد الإحباط العام من السلطة الفلسطينية.
إلى جانب الضغط على الرئيس محمود عباس لقبول الخطة الأمنية الأميركية، ضغط بلينكن أيضاً لإعادة التنسيق الأمني مع الجانب الإسرائيلي، وهي رسائل حملها أيضاً رئيسا جهازي المخابرات في مصر الوزير عباس كامل وفي الأردن اللواء أحمد حسني
إن أفق الرعاية الأميركية في زيارات المسئولين الأمريكيين ، قد اتضح تماما وقد تحدد سقفه، في مواصلة التفاوض وفق اتفاقية إطار أمني دون أن يلوح في الأفق تحريك لمسار المفاوضات ، بهدف التوصل لحل انتقالي، الجانب الفلسطيني، في كل الأحوال ليس مضطرا أبدا أن يقبل نتيجة "التفاوض" بين الإسرائيليين والأميركيين، وليس معقولا أيضا أن يدفع ثمن أولوية الصراع حول الملف الإيراني، ولا حتى أن يدفع ثمن المخاوف الإسرائيلية، حتى لو كانت محقة، من امتلاك إيران لقنبلة نووية،
ووفق كل التحليلات لم يكن جديداً هذا الانحياز الأمريكي الفاضح لصالح الكيان الصهيوني على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وأبسط مقررات الأمم المتحدة وأعراف حقوق الإنسان والقانون الدولي، فلا جديد كذلك في سير الإدارة الأمريكية الراهنة على منوال إدارات سابقة لجهة مطالبة السلطة الوطنية الفلسطينية بحماية الاحتلال ضمن مفهوم الاقتصاد مقابل الأمن ، ووفق مفهوم أن من واجب الضحية حماية جلادها حتى حين يقتل ويصادر الأراضي ويهدم البيوت ويستوطن ويمارس أبشع أنساق التمييز العنصري على طراز لم يعد يُقارن حتى بأشدّ عهود الأبارتهايد سوادا .
لهذا لم يكن غريباً أن يهرع كبار المسئولين الأمريكيين لممارسة ضغط مباشر على الرئيس الفلسطيني محمود عباس كي يعيد التنسيق الأمني مع الاحتلال، أو الضغط بالإنابة عبر المرور من محطة القاهرة، أو إيفاد مديرَي المخابرات المصرية والأردنية لحضور اجتماع بلينكن مع محمود عباس في رام الله. خطأ فادح بالطبع أن تستجيب السلطة الفلسطينية لهذه الضغوط وتلقي طواعية واحداً من الأسلحة التي في حوزتها لمواجهة إجراءات وممارسات الاحتلال.
وما كانت تشهده منطقة جبل المبكر في القدس أثناء اجتماع عباس مع بلينكن من عصيان مدني ، لمواجهة قرارات وزير الأمن الداخلي العنصري يتمار بن غفير ، بهدم مئات المنازل تحت حجة عدم الترخيص وعمليات الهدم والتجريف في مختلف المناطق ضمن تهويد القدس وإفراغها من مواطنيها كما هو الحال مع مناطق ما يعرف ومصنفه مناطق جيم وهي تحت السيطرة الاسرائيليه ، والتضييق على الأسرى والأسيرات الفلسطينيات في سجن الدامون، وسوى ذلك من ممارسات الاحتلال، ليست رسائل إلى بلينكن وحده، بل إلى القيادة الفلسطينية قبله وبعده.
ووفق الفهم الإسرائيلي والرؤية لحكومة الاحتلال الفاشية قالت صحيفة هآرتس العبرية، الأربعاء الواقع في 1/2/2023 ، إن نتائج الاجتماع بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ووزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، انتهى بدون نتائج تذكر بالنسبة للفلسطينيين، وبلا أي أمل، وبلا أي مضمون.
وبحسب الصحيفة، فإن بلينكن تجنب الحديث أو حتى الإعلان عن موعد إعادة افتتاح القنصلية الأميركية في شرقي القدس، أو حتى إعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن.
وقالت الصحيفةـ، إن الرئيس عباس كان يأمل في أن يقدم بلينكن لفتة سياسية، إلا أن الأخير تحدث فقط عن مساعدات مالية للسلطة الفلسطينية، والإغاثة المدنية، ورفع مستوى الشبكة الخلوية للفلسطينيين، واعتبرها بأنها إجراءات لبناء الثقة، ولكنه لم يقدم أي خطوة فعالية ذات أهمية سياسية إستراتيجية كما هو متوقع من وزير خارجية دولة عظمى في الولايات المتحدة.
ووفقًا للصحيفة، فإن الرئيس عباس سمع من بلينكن تحفظًا على قرار وقف التنسيق الأمني وحول نية الاستمرار في الانضمام للمنظمات الدولية، لكن الرئيس الفلسطيني اعتبر أن ضبط النفس في هذه الأمور غير ممكن.
وترى الصحيفة أنه في ظل وجود حكومة اليمين المتطرف حاليًا، فإن أي أفق سياسي قد أغلق فعليًا، وسيتركز الحديث فقط عن منع مزيد من التصعيد.
والسؤال لماذا الآن؟ وما الذي يجري في تفاصيل العلاقات الأميركية الفلسطينية الإسرائيلية؟؟؟؟؟
هناك أهداف محددة من تحركات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط تأتي تخوفاً من اندلاع مواجهات جديدة بين قطاع غزة وإسرائيل، خصوصاً أن ما بين زيارة مستشار الأمن القومي ومدير الاستخبارات جرت وقائع جريمة مخيم جنين ، فكان الرد في عملية القدس.
عملية القدس أكدت أن الرد وارد في كل لحظة، والخطورة أنه يتم من عناصر غير محسوبة على تنظيمات فلسطينية، وهو ما يؤكد أن الأمر معرض لمزيد من التوتر الدائم.
في هذه الأجواء المتوترة يطرح المسئولون الأميركيون، كما يبدو من جولة أنتوني بلينكن التي بدأها من القاهرة، صيغة جديدة للتهدئة والتعامل انطلاقاً من مصر للعب دور مركزي حقيقي في ما يجري والعمل مع "حماس" والسلطة معاً، وتوجيه رسائل تطمينات حقيقية يمكن العمل من خلالها.
تدرك الولايات المتحدة أن الوسيط المصري قادر على لجم أي تمدد تصاعدي لحركة "حماس"، خصوصاً أن مسار تحركه ممتد إلى ممارسة دور في ملف الأسرى وتواصله مهم لإقناع حركة "حماس" بالمضي قدماً في هذا الطريق.
والتوقعات المحتملة على ضوء زيارة بلينكن تواصل الخارجية المصرية مع نظيرتها الإسرائيلية، ومن المتوقع أن تكثف القاهرة تحركاتها تجاه تل أبيب من جانب، وفي إطار مخطط للضغط على حكومة نتنياهو أولاً وإقناعها بإمكانية حسم بعض الملفات المعلقة، وهو ما يحدث بالفعل وبخاصة أن نتنياهو نفسه له حساباته السياسية في التحرك الإقليمي، ولعل زيارته للأردن جاءت في هذا السياق، كما أنه سيسعى إلى زيارة القاهرة، والتحرك في مسارات متعددة بهذا الإطار من الأردن إلى مصر ثم الإمارات والسودان والخليج.
يتم التحرك الإسرائيلي عبر الحكومة الراهنة ومن خلال مخطط محدد، وقد تتجاوب التحركات المصرية العربية في هذا المسار لتقوية مركز رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في مواجهة حكومة المستوطنين، التي تريد الزج بملف المسجد الأقصى والمقدسات، وإعادة نشر قوات الشرطة بمناطق "ج"، إضافة إلى العمل بإجراءات استثنائية استثماراً لمعركة القضاء والحكومة الحالية، وبما يحقق مكاسب حقيقية للمستوطنين ويسمح لهم بدخول الأقصى، وإعادة البحث والتنقيب تحت المسجد الأقصى.
يظل المتداول أن إدارة بايدن عازمة على رسم خطوط حمراء تقضي بعدم المساس بالوضع القائم في الأماكن المقدسة بالقدس، وبالتوقف عن توسيع الاستيطان، في حسابات الإدارة أن ذلك لو تحقق هو بحد ذاته إنجاز، باعتبار أن محدودية المعطيات القائمة لا تسمح بالتحرك الأميركي أكثر من ذلك، وهو ما نقله الوزير بلينكن خلال لقائه مع وفد فلسطيني عربي - أميركي أخيراً، قبيل مغادرته إلى المنطقة.
وتحاول أميركا إقناع الرئيس محمود عباس بأن عليه التجاوب مع ما يطرح وإلا فان الفوضى ستعم الإقليم بأكمله وليس مدن الضفة فقط، وإقناعه بالتمهل في نقل الملف الفلسطيني للواجهة الدولية، وإلى الجمعية العامة بالدرجة الأولى، وليس إلى مجلس الأمن، ووقف تمدد السلطة الفلسطينية دولياً مما قد يعقد الأمور أكثر، ولهذا أيضاً سعى وزير الخارجية الأميركي بلينكن إلى تأكيد وجود الراعي الأميركي.
سيعمل الراعي الأميركي على خطة أمنية ودبلوماسية، والوعد بتقديم تسهيلات لسكان الضفة الغربية، والضغط على الحكومة الإسرائيلية لتقديم قائمة تحفيزية ليس للضفة فقط، وإنما أيضاً للقطاع مع التأكيد أن الولايات المتحدة ستحاول السيطرة عبر اتصالاتها الرئيسة على السلوك الإسرائيلي، وخصوصاً الحكومي، وأن الأجواء التي سبقت تشكيل الحكومة وبعدها كان التركيز على التحذير من مغبة أي مخطط إسرائيلي في الاقتراب من ملف المقدسات مع عدم المساس بالوضع الراهن.
كما سيعمل على إعادة الخطاب الأميركي الرافض لاستئناف سياسة الاستيطان رسمياً، وتأجيل بعض القرارات التي يتحرك في دوائرها وزراء الحكومة ممثلو اليمين المتطرف، ومنها قرار ضم الأراضي العربية والأغوار كمخطط يمكن أن يطرح في حال استمرار توجه الرئيس محمود عباس لتدويل ما يجري، ومحاولته إحراج الحكومة الإسرائيلية التي ستعاني مزيداً من العزلة في حال إعادة فتح الملف الفلسطيني من الواجهة الدولية، في توقيت يقوم فيه مسؤولو تل أبيب بمحاولة تبييض وجه السياسة الإسرائيلية في العالم، وفي توقيت احتفالات الدولة العبرية بعيد الهولوكوست، وزيارة رئيس إسرائيل هرتسوغ إلى بلجيكا، وقيام المنظمات الصهيونية بتسويق وضع الحكومة في العالم.
ولعل هذا يشير إلى التحرك الإسرائيلي تجاه الأردن ، وإتمام زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لعمان، وبما يخدم مسارات التحرك التي تتم بمشاركات مصرية أردنية في الأساس مع التركيز لاحقاً على حركة دول السلام الإقليمي، وفي المقابل فإن الجانب الفلسطيني، ممثلاً في السلطة، سيقدم على خيار التهدئة، لكن الأخطار المحتملة ستكون مرتبطة بأمور عدة.
وبالختام فان زيارة بلينكن لم تأتي بجديد ما لم تمارس إدارة بإيدن بالفعل دوراً حقيقياً وفاعلاً ومباشراً تجاه إسرائيل في المقام الأول، ومحاولة الضغط الحقيقي على توجهاتها العدائية والتصعيدية، فإن الأطراف العربية وعلى رأسها الطرف الفلسطيني ستتعامل من منطلق الأمر الواقع، خصوصاً أن ما يجري في الضفة معرض للانفجار الحقيقي والمباشر، الأمر الذي قد يذهب بالوضع الراهن إلى اتجاهات أخرى قد يكون لها سيناريوهات متعددة على ضوء تصاعد التوتر بين طهران والكيان الصهيوني بعد اتهامات موجهة لإسرائيل مشاركتها بقصف منشأه عسكريه في أصفهان
في المجمل، فإن نتائج زيارة الوزير الأميركي ستؤكد الإجابة المباشرة عن سؤال رئيس: هل يدير رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الائتلاف الحكومي أم أن الائتلاف هو الذي يديره ويوجه مساره للعمل في ظل استمرار المشهد الراهن على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي معاً وتداعيات استمرار اليمين الفاشي والمستوطنين باعتداءاتهما على الفلسطينيين بحماية قوات الاحتلال الصهيوني وبالمختصر أن زيارة بلينكن لم تحمل جديد وأعادت تصنيع مواقفها وفق مفهوم يتماها مع الموقف الإسرائيلي الاقتصاد مقابل الأمن