في حياته ثلاثة جوانب عظيمة لا يمكن التغافل عنها هي: حياته العلمية بدار العلوم، واتصاله بمدرسة العقاد وتلميذه أبي همام عبد اللطيف عبد الحليم، وعمله الصحفي، فإذا أدركنا هذا الثالوث في حياته استطعنا أن نعرف ملامح شخصيته، وسرّ اللمسات الرائعة في كتاباته.
لم تتح لي فرصة الالتقاء بالأستاذ الكاتب الصحفي عبد الهادي عباس فغاية ما بيننا رسائل متبادلة في الشأن الثقافي، لكنّه من ضمن الأسماء الصحفية التي أحرص على قراءة كلّ ما يكتبونه، ويمكنني من خلال قراءة مقالاته أن ألخص بعض سمات شخصيته، فهو الباحث والناقد الطلعة، والإنسان الكريم السجايا، المشرق اللفظ، والمحبب إلى النفوس، والوطنيّ المخلص، وأبرز صفاته أنّه رجل حفيّ بأساتذته وأصحابه، سديد الرأي في تقدير المبدعين وأعمالهم، يحمل طابع العربية والإنسانية معاً، وعمق وإدراك النبهاء من كلية "دار العلوم"، وله قدرة على التحقيق في الأحداث، كما أنه واضح الشخصية، ليس في كلامه أيّ خفاء، فآراؤه صريحة لا التواء فيها.
قد أفاده في مجال العمل الصحفيّ قوة تعليمه، إذ يختلف اختلافاً واضحاً عن أبناء مهنته في معجمه اللغوي الغنيّ، وفي عمق طرحه الموضوعيّ، واختياره للموضوعات، وفهمه للواقع، وله اهتمام بإظهار كثير من الشباب المثقفين، محاوراً لهم تارة، وكاتباً عن بعض أطروحاتهم الأدبية تارة أخرى.
حصل الأستاذ "عبد الهادي" على ليسانس "دار العلوم"، ثم واصل دراسته فحصل على درجة "الماجستير" في الدراسات الأدبية بتقدير "ممتاز" من الكلية نفسها، وحرص على إكمال مسيرته العلمية، فأنهى تمهيدي "الدكتوراه"، وهو الآن بصدد العمل في البحث المكمل في قسم الدراسات الأدبية بدار العلوم بالقاهرة، وكانت لدراسته في كلية "دار العلوم" العامرة أثرها الكبير في الصورة العلمية والفكرية التي كونها، تظهر واضحة في مقالاته الغنية بالمفردات والموضوعات الجادة، وعمق فهمه للتراث واللغة وقضايا النحو والأدب.
منذ تخرج في "دار العلوم" أتيح له أن يعمل في مجال الصحافة، وهو الآن مساعد رئيس تحرير "جريدة الأخبار" بمؤسسة أخبار اليوم العريقة، ويمكن القول بأنه رائد بالصحافة في ميادين ثلاثة: الكتابة الأدبية، والحوارات مع أهل الفكر، والتحقيق المجتمعي في القضايا المختلفة، ويكتب من حين لآخر في تاريخ الثقافة المصرية.
ليس أدلّ على يقظته الأدبية والصحفية من أنّه قدم لنا مؤخراً مشروعاً أدبياً فريداً، حيث أتيح له في مجلة "آخر ساعة" بمعية رئيس تحريرها المثقف والمفكر الكبير الأستاذ عصام السباعي Essam ElSebaie أن يرسم برنامجاً جديداً حافلًا للاحتفاء باللغة العربية في يومها العالمي، فنشر عبر حلقات متواصلة في أسابيع مختلفة مجموعة حوارات مع شعراء الجيل الحالي، وقدمهم للمجتمع كصورة حية للشعراء الشباب في أسلوب أدبيّ مشرق الطابع، وصنيعه في نظري خدمة حية عملية للغة العربية ورجالاتها المخلصين، فهو يجتهد في تقديم نماذج شاعرة ومفكرة للجمهور، ويرى أنّ ذلك نوع من الإضافات المهمة للكتابة الصحفية؛ وأن واجبه المقدس تقديم الفرصة لنجباء الوطن المخلصين الذين لا يملكون إلا جهدهم الإبداعي.
وله مئات المقالات في الصحف والمجلات الأدبية المختلفة، فكتب في الأخبار، وآخر ساعة، وأخبار الأدب، وبوابة أخبار اليوم بمصر، وفي مجلة الدوحة، ودبي الثقافية، وغيرهما.
والواضح من مراجعة العمل الصحفي له يظهر أن عمله لم يكن موقوفاً على كتابة مقالات صحفية بعيدة عن الواقع، ففي نفس الوقت توجه بالدعوة إلى دعم قضايا الوطن في منشوراته، وبالعمل لأجل ذلك أجرى حوارات مهمة مع بعض رموز الفكر والدين، ولهذه الحوارات بعدها الحضاري، ومنهجها المرسوم، ونتائجها المتعددة، والمتابع لها يكتشف أن كل حوار إنّما يصدر عن فكرة واضحة، يكاد يكون مصدرها إيمانه العميق بقضايا الوطن والقيم المجتمعية العليا!
هكذا "عبد الهادي عباس" يفهم حاجة المجتمع إلى الثقافة والمثقفين، ويرى "أن الثقافة الحقيقية قادرة على تغيير الواقع المتردي بزيادة الوعي ودحض الأفكار المغلوطة عن تراثنا وديننا وقيمنا"، ولذا يحاول من خلال مقالاته العمل الجاد على تحقيق أهدافه، ولا شك أن إيمانه بهذه المعاني السامية يعطي لنا صورة أولية عنه، فهو رجل يؤمن بالقيم والتراث والوطن.
ولا يذكر "عبد الهادي عباس" إلا مرتبطاً بالعلامة أبي همام عبد اللطيف عبد الحليم، فقد ظلّ وفياً لأستاذه أبي همام ومشروعه الأدبي الحضاري، وقلّ أن تمر علينا أيام دون أن يتحفنا بموقف أو كلمات له، وعن طريقه التفت إلى كتبه ومقالاته، فوجدت فيها نفعاً عاماً، واستفدت منها كثيراً، وهو في حالته العامة وفيّ لدار العلوم وطلابها، فيسعي من خلال عمله إلى إبراز جهودهم المعرفية، ولا غرو في ذلك عندي، فالمرء ابن بيئته ومدرسته، لكن العجيب أن يستمر هذا الدعم للدارة ولا ينقطع، لأن كثيراً ممن تخرج منها قد يستمر انتماؤه فترة ثم على مر الأيام يخف.
غير أن الأستاذ "عبد الهادي عباس" لم يقف عند هذا الحدّ المعرفي، بل له جانب آخر برز فيه، وهو جانب مؤلفاته وأبحاثه في مجال الدراسات الأدبية، فقدّم في ميدان التأليف كتابين صدرا عن دار النابغة، وهما: "سراديب الدهشة: قراءات في الشعر والنثر"، و"الاتجاه القومي في الشعر المصري المعاصر".
حصل أيضاً على عدة جوائز تقديرية من مؤسساتٍ رسميةٍ، منها: جائزة عبد العزيز سعود البابطين لحفظ ودراسة الشعر العربي في دورتها الأولى بالقاهرة عام 2003، وجائزة مجمع اللغة العربية في مجال خدمة اللغة العربية في الإعلام 2019، وجائزة كلية دار العلوم جامعة القاهرة، وجائزة نقابة الصحفيين في الحوار الصحفي.
"عبد الهادي عباس" ذلك الصحافي الناقد الأديب الطلعة، علم من أعلام الصحافة المصرية الشابة، أعانه على النبوغ والتبريز دراسته الأصيلة في كلية "دار العلوم"، وصبرٌ في البحث والكتابة، وطبعٌ ملئ بالوفاء والتواضع، ومشاركةٌ ظاهرة في العلم، وحرصٌ على تقديم موضوعات ثقافية عميقة، وميلٌ إلى إبراز النماذج الشابة، واتصالٌ دائم بذوي المعرفة.
د. علي زين العابدين الحسيني - كاتب أزهري
لم تتح لي فرصة الالتقاء بالأستاذ الكاتب الصحفي عبد الهادي عباس فغاية ما بيننا رسائل متبادلة في الشأن الثقافي، لكنّه من ضمن الأسماء الصحفية التي أحرص على قراءة كلّ ما يكتبونه، ويمكنني من خلال قراءة مقالاته أن ألخص بعض سمات شخصيته، فهو الباحث والناقد الطلعة، والإنسان الكريم السجايا، المشرق اللفظ، والمحبب إلى النفوس، والوطنيّ المخلص، وأبرز صفاته أنّه رجل حفيّ بأساتذته وأصحابه، سديد الرأي في تقدير المبدعين وأعمالهم، يحمل طابع العربية والإنسانية معاً، وعمق وإدراك النبهاء من كلية "دار العلوم"، وله قدرة على التحقيق في الأحداث، كما أنه واضح الشخصية، ليس في كلامه أيّ خفاء، فآراؤه صريحة لا التواء فيها.
قد أفاده في مجال العمل الصحفيّ قوة تعليمه، إذ يختلف اختلافاً واضحاً عن أبناء مهنته في معجمه اللغوي الغنيّ، وفي عمق طرحه الموضوعيّ، واختياره للموضوعات، وفهمه للواقع، وله اهتمام بإظهار كثير من الشباب المثقفين، محاوراً لهم تارة، وكاتباً عن بعض أطروحاتهم الأدبية تارة أخرى.
حصل الأستاذ "عبد الهادي" على ليسانس "دار العلوم"، ثم واصل دراسته فحصل على درجة "الماجستير" في الدراسات الأدبية بتقدير "ممتاز" من الكلية نفسها، وحرص على إكمال مسيرته العلمية، فأنهى تمهيدي "الدكتوراه"، وهو الآن بصدد العمل في البحث المكمل في قسم الدراسات الأدبية بدار العلوم بالقاهرة، وكانت لدراسته في كلية "دار العلوم" العامرة أثرها الكبير في الصورة العلمية والفكرية التي كونها، تظهر واضحة في مقالاته الغنية بالمفردات والموضوعات الجادة، وعمق فهمه للتراث واللغة وقضايا النحو والأدب.
منذ تخرج في "دار العلوم" أتيح له أن يعمل في مجال الصحافة، وهو الآن مساعد رئيس تحرير "جريدة الأخبار" بمؤسسة أخبار اليوم العريقة، ويمكن القول بأنه رائد بالصحافة في ميادين ثلاثة: الكتابة الأدبية، والحوارات مع أهل الفكر، والتحقيق المجتمعي في القضايا المختلفة، ويكتب من حين لآخر في تاريخ الثقافة المصرية.
ليس أدلّ على يقظته الأدبية والصحفية من أنّه قدم لنا مؤخراً مشروعاً أدبياً فريداً، حيث أتيح له في مجلة "آخر ساعة" بمعية رئيس تحريرها المثقف والمفكر الكبير الأستاذ عصام السباعي Essam ElSebaie أن يرسم برنامجاً جديداً حافلًا للاحتفاء باللغة العربية في يومها العالمي، فنشر عبر حلقات متواصلة في أسابيع مختلفة مجموعة حوارات مع شعراء الجيل الحالي، وقدمهم للمجتمع كصورة حية للشعراء الشباب في أسلوب أدبيّ مشرق الطابع، وصنيعه في نظري خدمة حية عملية للغة العربية ورجالاتها المخلصين، فهو يجتهد في تقديم نماذج شاعرة ومفكرة للجمهور، ويرى أنّ ذلك نوع من الإضافات المهمة للكتابة الصحفية؛ وأن واجبه المقدس تقديم الفرصة لنجباء الوطن المخلصين الذين لا يملكون إلا جهدهم الإبداعي.
وله مئات المقالات في الصحف والمجلات الأدبية المختلفة، فكتب في الأخبار، وآخر ساعة، وأخبار الأدب، وبوابة أخبار اليوم بمصر، وفي مجلة الدوحة، ودبي الثقافية، وغيرهما.
والواضح من مراجعة العمل الصحفي له يظهر أن عمله لم يكن موقوفاً على كتابة مقالات صحفية بعيدة عن الواقع، ففي نفس الوقت توجه بالدعوة إلى دعم قضايا الوطن في منشوراته، وبالعمل لأجل ذلك أجرى حوارات مهمة مع بعض رموز الفكر والدين، ولهذه الحوارات بعدها الحضاري، ومنهجها المرسوم، ونتائجها المتعددة، والمتابع لها يكتشف أن كل حوار إنّما يصدر عن فكرة واضحة، يكاد يكون مصدرها إيمانه العميق بقضايا الوطن والقيم المجتمعية العليا!
هكذا "عبد الهادي عباس" يفهم حاجة المجتمع إلى الثقافة والمثقفين، ويرى "أن الثقافة الحقيقية قادرة على تغيير الواقع المتردي بزيادة الوعي ودحض الأفكار المغلوطة عن تراثنا وديننا وقيمنا"، ولذا يحاول من خلال مقالاته العمل الجاد على تحقيق أهدافه، ولا شك أن إيمانه بهذه المعاني السامية يعطي لنا صورة أولية عنه، فهو رجل يؤمن بالقيم والتراث والوطن.
ولا يذكر "عبد الهادي عباس" إلا مرتبطاً بالعلامة أبي همام عبد اللطيف عبد الحليم، فقد ظلّ وفياً لأستاذه أبي همام ومشروعه الأدبي الحضاري، وقلّ أن تمر علينا أيام دون أن يتحفنا بموقف أو كلمات له، وعن طريقه التفت إلى كتبه ومقالاته، فوجدت فيها نفعاً عاماً، واستفدت منها كثيراً، وهو في حالته العامة وفيّ لدار العلوم وطلابها، فيسعي من خلال عمله إلى إبراز جهودهم المعرفية، ولا غرو في ذلك عندي، فالمرء ابن بيئته ومدرسته، لكن العجيب أن يستمر هذا الدعم للدارة ولا ينقطع، لأن كثيراً ممن تخرج منها قد يستمر انتماؤه فترة ثم على مر الأيام يخف.
غير أن الأستاذ "عبد الهادي عباس" لم يقف عند هذا الحدّ المعرفي، بل له جانب آخر برز فيه، وهو جانب مؤلفاته وأبحاثه في مجال الدراسات الأدبية، فقدّم في ميدان التأليف كتابين صدرا عن دار النابغة، وهما: "سراديب الدهشة: قراءات في الشعر والنثر"، و"الاتجاه القومي في الشعر المصري المعاصر".
حصل أيضاً على عدة جوائز تقديرية من مؤسساتٍ رسميةٍ، منها: جائزة عبد العزيز سعود البابطين لحفظ ودراسة الشعر العربي في دورتها الأولى بالقاهرة عام 2003، وجائزة مجمع اللغة العربية في مجال خدمة اللغة العربية في الإعلام 2019، وجائزة كلية دار العلوم جامعة القاهرة، وجائزة نقابة الصحفيين في الحوار الصحفي.
"عبد الهادي عباس" ذلك الصحافي الناقد الأديب الطلعة، علم من أعلام الصحافة المصرية الشابة، أعانه على النبوغ والتبريز دراسته الأصيلة في كلية "دار العلوم"، وصبرٌ في البحث والكتابة، وطبعٌ ملئ بالوفاء والتواضع، ومشاركةٌ ظاهرة في العلم، وحرصٌ على تقديم موضوعات ثقافية عميقة، وميلٌ إلى إبراز النماذج الشابة، واتصالٌ دائم بذوي المعرفة.
د. علي زين العابدين الحسيني - كاتب أزهري
Log into Facebook
Log into Facebook to start sharing and connecting with your friends, family, and people you know.
www.facebook.com