د. علي زين العابدين الحسيني

يستوجب على الباحث الأكاديميّ في كثير من الجامعات الغربية أن يراجع رسالته العلمية أحد اللغويين المتمكنين، ولا يمكن أن تسلم رسالته لإدارة الجامعة من أجل إجازتها إلّا بعد إقراره بأنها خالية من الأخطاء، وهذا الأمر في اللغتين العربية والإنجليزية على حدٍ سواء، حتى لو عرف عن كاتبها تمكنه في علوم اللغة...
تعرفت عليه منذ فترة ليست بالبعيدة، لفت انتباهي برقي حديثه، وعظيم وفائه، وفائق تصميمه، ونأيه بنفسه عن مهاترات المساجلات على مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت أحد أهم الوسائل لعرض الإنتاج الفكري والأدبي يؤكد ذلك حينما يذكر نفسه: لقد وصفتُ بأنني أكتب "كتابة آمنة" بعيدة عن الدخول في أيّ معارك...
أشدّ الناس حزناً حزين لا يعرف سبب حزنه، وأشدهم هماً مهموم لا يدري ما أهمه. ما هذه الحياة التي تسعدنا يوماً وتحزننا أياماً؟ وما هذه السعادة التي تحيينا يوماً وتميتنا دهراً؟ ليس الحزن الذي يحدثه الهم كالحزن الذي يوجده الألم. ما تعاظمت همتك وتاقت نفسك إلى المعالي إلا وهانت كلّ صعوبات الحياة من أجل...
لا تضف عدداً من الأيام إلى حياتك، وإنما أضف أعمالاً جليلة في أيامك إلى حياتك. لا تتذكر أيام الشدائد التي مررت بها فإنّها تطيل من سهرك بالليل، فالمرء حيث يصنع بوقته. مما عرفناه عن الكبار: ستبقى سهام الحقد مصوبة إليك أبداً ما حييت، فإذا ما متَ اقتنع الناس ساعتها بجدية أقوالك، هكذا قضت العادة...
لا يقتصر فن تراجم الأشخاص على توفير معلومات أولية؛ كالمولد والنشأة والوفاة عن صورة الشخص المترجم له، لأن التراجم الحية الباقية هي التي تؤثر في العقول أولًا قبل الإلمام بمجموعة من الإفادات التي يسهل جمعها، تلك التراجم التي تعمل على إيجاد صور ملهمة لغيرها في شتى التخصصات، ولن يكون الأمر على ما...
إلى أستاذي الأديب والعلامة اللغوي ربيع بن أحمد الرملاوي في عالمه الرحيب: أتذكر تلك الساعة المباركة التي كنت أصادفه فيها في إحدى طرقات مدينة "سمنود" العامرة، يسير مهرولًا وسط الزحام، ضائعاً بين الباعة وزائري هذه المدينة لغرض التسوق، محنى الهامة، لا يلتفت كثيراً، منشغلًا بالذكر وقراءة الأوراد، لا...
هو نادرة الأمة وفرد الزمان وعميد الفقهاء وأحد عباقرة الإسلام وقبة تاج الفقه وفارس ميدان الأصول وصاحب "الرسالة" ورابطة العقد بين فقهاء عصره وساحر الألفاظ والمعاني ورائد الحجج والفقيه الذي قعد القواعد وأحد المطوفين في الأرض وشيخ طائفة "أهل الحديث" وأفصح العرب في عصره وأسلمهم نطقاً وأبلغهم بياناً...
مَن يكتب عن الشعراء والأدباء بعد رحيلهم إلى دار البقاء إن لم يكتب عنهم الأدباء؟! من يبرز مكانتهم في المجتمع ودورهم في التثقيف إن لم يسطرها الأدباء أنفسهم؟! أسئلة موجعة ما كنت لأكتبها وأحملها في قلبي في ألم جارح دائم لو لم أشعر بهذا الألم المتكرر في النفوس. لعل من أبرز الصداقات العميقة عند أدباء...
ليس من شك في أن ثقافتنا المحدثة التي تبوأت في مصر مكانة مرموقة ومنزلة شريفة قد استفادت من التراث الأزهريّ وعلمائه استفادة عظيمة، وليس تتلمذ كثير من روّاد العصر على علماء الأزهر وكتبهم إلا صدى لنوعٍ من التقدير العام ونوعٍ من إثبات التأثر والتأثير، حيث كانت شبيبة الأدباء والمفكرين من أدباء القرن...
أنا وهو إنسانٌ أضاع عمره في بحر الصمت، فلا يجاوز كلامه لسانه؛ فإن أظهره ندم، وإن أخفاه تعب وتألم. فهل هناك وجع أكثر من وجعه؟! فتشت عن الراحة والأمن النفسي فلم أجدهما إلا في لزوم أمرين: الصمت والعزلة، ومن لم يكن الصمت وطنه .. كانت الحسرة سبيله. "الصمت" هذه هي الكلمة التي لا يقابلها في حياتك إلا...
في حياته ثلاثة جوانب عظيمة لا يمكن التغافل عنها هي: حياته العلمية بدار العلوم، واتصاله بمدرسة العقاد وتلميذه أبي همام عبد اللطيف عبد الحليم، وعمله الصحفي، فإذا أدركنا هذا الثالوث في حياته استطعنا أن نعرف ملامح شخصيته، وسرّ اللمسات الرائعة في كتاباته. لم تتح لي فرصة الالتقاء بالأستاذ...
هم يعرفونه وإن لم يلتقوا به، عرفوه مما قرأوا له، فأحاديثه في كتبه لذة من غير تعنت، وأسلوب من غير تكلف، وإدراك من غير تحديد! لقد حدثتني نفسي حين دخلت علينا السنة الميلادية الجديدة أن أخص أستاذنا الأكبر "محمد رجب البيومي" بمقال شهريّ أتحدث فيه عن بعض مظاهر العظمة والإجلال في شخصيته ومنجزه العلمي...
أسجل في هذه الخطرات بعض ما مرّ بنفسي من إمعانٍ في بعض الأحداث، وأخضع في ذلك إلى ما يوحيه الخاطر عبر الأيام مِن غير حرصٍ على ما يحرص عليه الواصفون، أو عنايةٍ بما هو معروفٌ عند المؤرخين، فما يسجله القلم هنا هو ضربٌ من التصوير لبعض خطرات النفس حينما تحاول تذكر ما كان، وتسمو بها إلى عالمٍ آخر من...
ابتسم لي ابتسامةً رقيقةً مُـعبِّرةً وهو على سرير المرض في المستشفى موصولاً بالأجهزة، وسُـرَّ حين عرف أنني من بلد شيخه الذي تعلَّم عليه الفقه الشافعي، وجدت بيني وبينه مَشابه في أسلوب الحياة؛ فكلانا اشتغل بمهنة الفلاحة ردحًا من الزمان، ولعلَّ هذه المشابه هي التي جذبتني إليه حين رأيته على تلك...
كانت الكتب فيما مضى متوفرة بكثرة على الأرصفة في مختلف المجالات، وحياة العلم في الجامعات والمجالس الخاصة على طول السنة ممتدة، وفي الآباء حرصٌ على تزويد أولادهم بشتى المعارف، لا رغبة في تحصيل شهادة، بل من أجل العلم نفسه؛ إذ كانوا يدركون قيمة العلم والعلماء، وبيوتُ الأساتذة والعلماء آنذاك زاخرةٌ...

هذا الملف

نصوص
32
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى