المحامي علي ابوحبله - تضخم المديونية للحكومة الفلسطينية وسياسة "تلبيس الطواقي" لم تعد مجديه

المتتبع لسياسة الحكومة الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة، حيث دأبت على تطبيق سياسة "تلبيس الطواقي" في التعامل مع قضية الديون الخارجية وتفاقمها، وهي واحدة من أخطر القضايا التي تواجه الاقتصاد الفلسطيني وتعرقل التنمية ألاقتصاديه وتصادر القرار السيادي الفلسطيني المستقل

هذه السياسة تعني "تلبيس" قرض مستحق على الحكومة بقرض آخر جديد، فعندما يحل موعد سداد قرض خارجي تقوم الحكومة باستدانة قرض جديد لسداد أصل الدين مضافاً إليه الأعباء المستحقة عليه من سعر فائدة وعمولات وربما غرامات تأخير.

وترجمة نتائج الإفراط في الاقتراض وعدم الفرملة أو وضع سقف له، هو ما يحدث حالياً و يخشى كثيرون أن نشهد سيناريو ما يحصل في لبنان ودول أخرى

فلسطين ليست دوله ذات سيادة وهي لا تملك مقومات اقتصاديه يمكن البناء عليها وتعتاش على المساعدات الخارجية ومواردها محصورة في جباية الضرائب على السكان والتي تقدر بما يزيد على 30 % من موارد الدخل وضريبة المقاصة ، وباتت الضرائب المباشرة وغير المباشرة التي تفرضها الحكومة لسد العجز الذي تعاني منه وثقل حجم المديونية اكبر من أن يتحملها المواطن الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال ويتطلب الامر تدعيم صموده وثباته على أرضه

تواجه السلطة الفلسطينية عجز مالي وثقل مديونية ، وقد بلغت قيمة عجز الموازنة الفلسطينية المقدر حتى نهاية عام 2021 بـ 960 مليون دولار، ويعود سبب ارتفاع حجم الإنفاق الحكومي ، بسبب ارتفاع قيمة فاتورة الرواتب، إذ أشار وزير المالية شكري بشارة إلى أنها قفزت في العام 2021 لتصبح حوالي 300 مليون دولار بارتفاع نسبته 10% جراء إعادة ما لا يقل عن 6 آلاف موظف وإعادة صرف علاواتهم وبدلاتهم، إضافة إلى تكلفة التعيينات والترقيات والعلاوات الجديدة.

رغم التحسن في الإيرادات ألمتحصله ، اضطرت السلطة الوطنية للاقتراض على مدار العامين الماضيين تحديدا بوتيرة أعلى من المعتاد لسد النقص الناجم عن زيادة النفقات، لكنها أولت أهمية كبرى لدفع رواتب موظفي القطاع العام البالغ عددهم نحو 141 ألف موظف على حساب التزامات أخرى مثل مستحقات القطاع الخاص.

وشهرا بعد آخر، ارتفعت وتيرة دين الحكومة لصالح البنوك العاملة في فلسطين ليصل إلى نحو 2.4 مليار دولار مؤخرا بعدما كان فقط 1.47 مليار دولار مع نهاية العام 2017، أما الدين الخارجي فيبلغ قرابة 1.3 مليار دولار، ليصل مجموع الدين العام إلى قرابة 3.7 مليار دولار.

لكن حجم الديون الأخرى على السلطة الوطنية تزيد عن ذلك، فقد قدر وزير المالية شكري بشارة حجم متأخرات القطاع الخاص بنحو 646 مليون دولار حتى نهاية تشرين الأول الماضي 2021 ، منها 90% (584 مليون دولار) لمقدمي الخدمات الصحية، بواقع 369 مليون دولار للمستشفيات الخاصة، و210 ملايين دولار لموردي الأدوية حتى نهاية 2021

وقدر الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة مؤخرا إجمالي الديون المترتبة على الحكومة لصالح صندوق التقاعد بنحو 9 مليارات شيقل أي نحو 2.8 مليار دولار. وبالمجمل تصل حجم الديون المتراكمة على الحكومة إلى نحو 7 مليارات دولار.

إلى ذلك، لم يعد القطاع المصرفي قادرا على منح الحكومة أية قروض جديدة، ما دفع السلطة الوطنية إلى الاعتماد على ما توفر في خزينتها من إيرادات مالية مكنها من دفع 75% فقط من فاتورة الرواتب.

وإدراكاً لواقع أن ضعف "السلطة الفلسطينية" يشكل خطراً أمنياً، فقد تحايلت الحكومة الإسرائيلية السابقة برئاسة لابيد على قانون عام 2018 من خلال تقديم "قروض" طارئة لـ "السلطة الفلسطينية" لسد الفجوة. ففي آب/أغسطس 2021، حولت مبلغ 500 مليون شيكل (155 مليون دولار) إلى "السلطة الفلسطينية" بعد اجتماع عُقد بين الرئيس محمود عباس ووزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس، مشيرةً إلى أنها ستستردّ أموالها بحلول حزيران/يونيو القادم باستخدام جزء من مبلغ قيمته 600 مليون شيكل (186 مليون دولار) كانت قد حجبته في وقتٍ سابقٍ من الصيف وأودعته في حساب الضمان. وقدّمت الحكومة قرضاً آخر بقيمة 100 مليون شيكل (31 مليون دولار) في كانون الأول/ديسمبر. وبينما اتبعت حكومة لابيد يائير سياسة تقوية "السلطة الفلسطينية"، إلّا أن رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو يسير باتجاه مغاير ويرفض إتباع مثل هذه الحلول

هناك صعوبة أمام الحكومة الحالية في سداد الدين العام نتيجة الخلل في سياستها ألاقتصاديه وإدارتها للازمه المالية وعدم اتخاذ إجراءات اصطلاحيه في بنيوتها وتركيبتها وعدم اتخاذ قرارات وإجراءات حاسمه لترشيد الإنفاق على كافة الصعد ، وهو ما يشكل خطورة على السلطة الفلسطينية واستمرارها ، و يخشى أن ترتد على الوضع العام والسلم الاجتماعي وقد باتت المؤسسات بحالة شلل وترهل بفعل الإضرابات وهذا ناجم عن العجز وعدم قدرة الحكومة الإيفاء بالتزاماتها وتعهداتها وهذا من شانه أن يشل قدرة الحكومة في إحداث تنميه اقتصاديه مستدامة والخروج من ألازمه التي تعاني منها في حال استمرارها

إن سياسة تلبيس الطواقي لم تعد مجديه وتزيد من تفاقم الأوضاع ألاقتصاديه وتنعكس بمردود على الوضع الداخلي ومعالجتها تتطلب خطة ترقى لمستوى المخاطر التي تتهدد وجود السلطة كسلطة قائمه ، مما يتطلب رؤيا وطنيه ترقى لمستوى المخاطر المحدقة بالوضع الفلسطيني والقضية الفلسطينية ومحاربة الفساد المستشري بكافة أشكاله وألوانه وسرعة تشكيل حكومة إنقاذ وطني من التكنوقراط وذوي الخبرات للخروج من مأزق سياسة تلبيس الطواقي التي أوصلت السلطة الفلسطينية لحافة الانهيار ويخشى من تداعياتها

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى