الوشم في اللغة هو الأثر أو العلاقة بالشيء الذي وقع عليه الوشم، أما الوشي فكلمة تدل على تحسين شيء وتزيينه. والمعنى الاصطلاحي للوشم هو غرز العضو الجسدي من الانسان ومن ثم حشره بمادة خاصة كالنيل أو الكحل فيأخذ لوناً خاصاً به. أما الوشي فمعناه يشمل كثيراً من الأعمال التي تستخدم لتزيين الأشياء وتحسينها.
وعن الأساس الانتروبولوجي للوشم والوشي تحدث المؤلف عن الجوانب الفكرية والانسانية، وخلص الى أن الوظيفتين السحرية والدينية كانتا من أهم الجوانب التي مارسها الانسان بمعتقداته وسلوكه، لذلك كان لا بد من ربط مثل هذه الجوانب بمجال فني آخر من مجالات الفنون وهو الشعر.
ان عمل الوشم في العصر الجاهلي كان يخص المرأة دون غيرها كما يشير الى ذلك الشعر الجاهلي. واستخدم العرب في جاهليتهم للوشم أداة خاصة كرؤوس الشوك والابر والمسلة، وكذلك مواد خاصة منها النؤد والإغد. وكان الوشم على نوعين: ثابتاً وقابلاً للامحاء، وله أشكال ورسوم مختلفة. واهتم الشعراء بالوشم الواقع على جسد المرأة بشكل خاص، والجسد الانساني بشكل عام. اما المواقع الموشومة من جسد الانسان فنجدها محصورة في موقعين: الأول الجزء الممتد من ذراع الانسان الى بنانه، والآخر اللثة أو الثغر.
وتناولت عمليات الوشم الجسد الحيواني أيضاً، وكان يتم بالتلوين الطبيعي الخلقي. واهتم الشعراء بعدد من أنواع الحيوان ونعتوها بالموشومة وهي: الثور الوحشي، الناقة، البقرة الوحشية، الضبع والفرس. أما مواقع الوشم عند الحيوان فكانت تختلف باختلاف نوعه.
وللوشم توابع هي: الوسم والخضاب. اما الوسم فإن النار هي الوسيلة الأولى المستخدمة في عمله وكانت أداة الوسم هي الميسم أو المكواة، وكان يقع على جسدي الانسان والحيوان. أما الخضاب فقد دخل عمل الوشم عن طريق النقش والتلوين غير الثابتين، وتناول المرأة والرجل على السواء وكذلك الحيوان.
وكانت أشكال الوشي متنوعة يمكن وضعها في اطارين عامين هما: الوشي المصور، والوشي المخطط. اما الأشياء التي وقع عليها الوشي فهي: الحياة اليومية أدوات الحروب، السيف، الكتاب، الثياب، المتاع، الحصير، الوسائد، الجلود، الهودج.
ويدرس المؤلف في أحد الفصول دلالات الوشم والوشي وترابطاتهما في النصوص الشعرية، ذلك ان وجود الوشم والوشي في الشعر الجاهلي بما يحمله من علاقات فكرية وعقدية يجعل النص الشعري متأثراً بهذه الأفكار فيصبح له معنى عميق يؤدي وظيفة خاصة في الشعر ويوجهها توجيهاً خاصاً لأن الشعر قادر على ان يكشف عن الأبعاد الفكرية للانسان الجاهلي.
ويخلص بالنتيجة الى دراسة العلاقات التي تكونها موضوعات الوشم والوشي في العقيدة الجاهلية وأسسها الفكرية وذلك من ناحيتين: الأولى ادراك نوعية هذه العلاقات، والثانية ادراك قدرتها الشعرية في النص الشعري وربطها بالرؤيا أو الرؤى الشعرية. وتبين بعد دراسته للنصوص انها ترتبط بموقفين كبيرين كان الانسان الجاهلي يعاني منهما هما: موقف الحياة والموت، وموقف الوجود الذاتي للانسان الجاهلي.
ويكشف الدكتور القرعان عن التشكيل البلاغي لصورة الوشم والوشي والذي يقوم على تشكيل اللغة الشعرية من صورها البسيطة الى صورها الأكثر عمقاً وتعقيداً. ويخلص الى أن الاشكالات البلاغية التي تشكلت فيها صورة الوشم والوشي في الشعر الجاهلي تنوعت لتشمل: التشبيه والوصف والاستعارة والمجاز المرسل والكناية.
ويقول المؤلف ان أهمية الوشم والوشي في العقلية الجاهلية جعلت لهما قدرة على الانتشار داخل النصوص الشعرية، وكان من أهم ملامح هذا الانتشار انها توزعت في الموضوعات الأساسية في الشعر فشملت: الفخر والمديح والهجاء والعتاب والشكوى.
ويتحدث عن النمط الذي تتكامل فيه العلاقات في نص شعري كامل، مشكلة بذلك العلاقات الكلية. ويختار لذلك ثلاث قصائد تقع صورة الوشم في الأولى قصيدة لزهير بن أبي سلمى، وصورة الوشي في الثانية قصيدة لطرفه بن العبد وصورتا الوشم والوشي معاً في الثالثة قصيدة للمتنخل.
عباس صفا
الكتاب: الوشم والوشي في الشعر الجاهلي.
المؤلف: فايز عارف القرعان.
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بيروت.
نشر في الحياة يوم 04 - 12 - 1998
وعن الأساس الانتروبولوجي للوشم والوشي تحدث المؤلف عن الجوانب الفكرية والانسانية، وخلص الى أن الوظيفتين السحرية والدينية كانتا من أهم الجوانب التي مارسها الانسان بمعتقداته وسلوكه، لذلك كان لا بد من ربط مثل هذه الجوانب بمجال فني آخر من مجالات الفنون وهو الشعر.
ان عمل الوشم في العصر الجاهلي كان يخص المرأة دون غيرها كما يشير الى ذلك الشعر الجاهلي. واستخدم العرب في جاهليتهم للوشم أداة خاصة كرؤوس الشوك والابر والمسلة، وكذلك مواد خاصة منها النؤد والإغد. وكان الوشم على نوعين: ثابتاً وقابلاً للامحاء، وله أشكال ورسوم مختلفة. واهتم الشعراء بالوشم الواقع على جسد المرأة بشكل خاص، والجسد الانساني بشكل عام. اما المواقع الموشومة من جسد الانسان فنجدها محصورة في موقعين: الأول الجزء الممتد من ذراع الانسان الى بنانه، والآخر اللثة أو الثغر.
وتناولت عمليات الوشم الجسد الحيواني أيضاً، وكان يتم بالتلوين الطبيعي الخلقي. واهتم الشعراء بعدد من أنواع الحيوان ونعتوها بالموشومة وهي: الثور الوحشي، الناقة، البقرة الوحشية، الضبع والفرس. أما مواقع الوشم عند الحيوان فكانت تختلف باختلاف نوعه.
وللوشم توابع هي: الوسم والخضاب. اما الوسم فإن النار هي الوسيلة الأولى المستخدمة في عمله وكانت أداة الوسم هي الميسم أو المكواة، وكان يقع على جسدي الانسان والحيوان. أما الخضاب فقد دخل عمل الوشم عن طريق النقش والتلوين غير الثابتين، وتناول المرأة والرجل على السواء وكذلك الحيوان.
وكانت أشكال الوشي متنوعة يمكن وضعها في اطارين عامين هما: الوشي المصور، والوشي المخطط. اما الأشياء التي وقع عليها الوشي فهي: الحياة اليومية أدوات الحروب، السيف، الكتاب، الثياب، المتاع، الحصير، الوسائد، الجلود، الهودج.
ويدرس المؤلف في أحد الفصول دلالات الوشم والوشي وترابطاتهما في النصوص الشعرية، ذلك ان وجود الوشم والوشي في الشعر الجاهلي بما يحمله من علاقات فكرية وعقدية يجعل النص الشعري متأثراً بهذه الأفكار فيصبح له معنى عميق يؤدي وظيفة خاصة في الشعر ويوجهها توجيهاً خاصاً لأن الشعر قادر على ان يكشف عن الأبعاد الفكرية للانسان الجاهلي.
ويخلص بالنتيجة الى دراسة العلاقات التي تكونها موضوعات الوشم والوشي في العقيدة الجاهلية وأسسها الفكرية وذلك من ناحيتين: الأولى ادراك نوعية هذه العلاقات، والثانية ادراك قدرتها الشعرية في النص الشعري وربطها بالرؤيا أو الرؤى الشعرية. وتبين بعد دراسته للنصوص انها ترتبط بموقفين كبيرين كان الانسان الجاهلي يعاني منهما هما: موقف الحياة والموت، وموقف الوجود الذاتي للانسان الجاهلي.
ويكشف الدكتور القرعان عن التشكيل البلاغي لصورة الوشم والوشي والذي يقوم على تشكيل اللغة الشعرية من صورها البسيطة الى صورها الأكثر عمقاً وتعقيداً. ويخلص الى أن الاشكالات البلاغية التي تشكلت فيها صورة الوشم والوشي في الشعر الجاهلي تنوعت لتشمل: التشبيه والوصف والاستعارة والمجاز المرسل والكناية.
ويقول المؤلف ان أهمية الوشم والوشي في العقلية الجاهلية جعلت لهما قدرة على الانتشار داخل النصوص الشعرية، وكان من أهم ملامح هذا الانتشار انها توزعت في الموضوعات الأساسية في الشعر فشملت: الفخر والمديح والهجاء والعتاب والشكوى.
ويتحدث عن النمط الذي تتكامل فيه العلاقات في نص شعري كامل، مشكلة بذلك العلاقات الكلية. ويختار لذلك ثلاث قصائد تقع صورة الوشم في الأولى قصيدة لزهير بن أبي سلمى، وصورة الوشي في الثانية قصيدة لطرفه بن العبد وصورتا الوشم والوشي معاً في الثالثة قصيدة للمتنخل.
عباس صفا
الكتاب: الوشم والوشي في الشعر الجاهلي.
المؤلف: فايز عارف القرعان.
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بيروت.
نشر في الحياة يوم 04 - 12 - 1998