المحامي علي ابوحبله - "الحرس الوطني".. مليشيات مسلحة بقيادة بن غفير لقمع الفلسطينيين بالداخل والقدس

صادقت حكومة اليمين الأكثر تطرفا في تاريخ الكيان الصهيوني ، ظهر يوم الأحد على إقامة "الحرس الوطني"، والذي سيخضع مباشرة لوزير "الأمن القومي" المتطرف إيتمار بن غفير دون الرجوع للشرطة.

ويؤشر تشكيل وشرعنه ميلشيا مسلحه إلى جنوح قادة اليمين الصهيوني للتطرف وترسيخ لمفهوم العنصرية في مواجهة صمود الشعب الفلسطيني، ورفضه التخلي عن حقوقه المشروعة والتاريخية، فقد كان بن غفير، منذ شبابه، داعيةً، بل ومنظّماً عدة مجموعات مسلحة تحرّض المستوطنين على ترهيب الفلسطينيين والتنكيل بهم وقتلهم، لم يُخفِ قَطّ أجندته ولا شراسته وبإضفاء الشرعية على الميليشيا المسلحة " الحرس الوطني " بات يؤسس لمشروع كولونيا لي عنصري متطرّف هدفه مواجهة صمود الشعب الفلسطيني

بالنسبة إلى بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وحتى نتنياهو، الجيش والشرطة لا يكفيان لقمع كل أشكال المقاومة الفلسطينية، بما فيها المقاومة السلمية الشعبية . ولم يعد كافياً إطلاق يد المستوطنين لحرق مدنٍ كما حدث في بلدة حواره.

يأتي تشكيل مليشيا "مشروعة" ترتكب الجرائم تحت غطاء "القانون"، وتكون أكثر "حرية" وتوحّشاً من الجيش الإسرائيلي، أي دون أي ضوابط، حتى في أقصاها الحدود الدنيا، فمعروفٌ عن بن غفير تأييده الحكومات السابقة، وحتى ضغطه عليها، "بتحرير" الجيش من قواعد الاشتباك المعمول بها. ويبدو أن التحريض أكسبه شعبية بين الجيش وأفراد الشرطة، فخطابه لا يتضمّن التحريض المباشر، بل كلمات تضامن "طبقي" مع أفراد الجيش والشرطة، باعتبارهم من الفئات "المكافحة"، فحمايتهم من الفلسطينيين واجب ، ولا بد من إجراءات حاسمة ودموية لضمان أمن الجيش والشرطة وعائلاتهم، فالمجتمع الإسرائيلي يتّجه إلى التطرّف بشكل غير مسبوق، وتصوير الفلسطيني صاحب الأرض غريباً يجب اقتلاعه أصبح سهلاً وضرورياً لتحقيق المشروع الصهيوني وإنهاء الهوية الفلسطينية .

تحظى فكرة إقامة "الحرس الوطني" والمليشيات المسلحة بشبه إجماع إسرائيلي، حيث لا تقتصر الخطة على أجندة وفكر بن غفير وتحالف الصهيونية الدينية برئاسة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.

فقد سبق لحزب الليكود وزعيمه نتنياهو -عندما كان في المعارضة- بلورة خطة لإقامة مليشيات مسلحة تعمل داخل الخط الأخضر، وذلك بالتوازي مع قوات الأمن والشرطة داخل إسرائيل.

كما صادقت حكومة بينيت، في يونيو/حزيران 2022، على خطة "الحرس الإسرائيلي" كمليشيا مساندة لقوات حرس الحدود وذراع للشرطة، وهي الخطة التي حظيت في حينه بموافقة وزير الأمن الداخلي السابق عومر بار ليف، وبدعم المفتش العام للشرطة كوبي شبتاي، لكنها لم تخرج لحيز التنفيذ بسبب التوجه إلى انتخابات مبكرة.

ووضع حجر الأساس لـ "الحرس الوطني" خلال هبة الكرامة، فمع اشتداد المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين داخل اللد، اقتحمت المدينة مليشيا مسلحة من مستوطني الضفة الغربية بهدف قمع الفلسطينيين وردعهم، حيث استشهد موسى حسونة (31 عاما) برصاص عصابات المستوطنين ، وذات الدور لعبته مليشيا "الحرس الجديد" التي نشطت في منطقة النقب على غرار العصابات الصهيونية، وذلك لتوفير الدعم لما يسمى "الصندوق القومي اليهودي" لوضع اليد على أراضي بدو فلسطين في النقب وفرض ما يسمى "السيادة والنظام".

ولفرض سياسة الأمر الواقع، بادر أحد أعضاء حزب "عظمة يهودية" -الذي يترأسه بن غفير في مارس/آذار 2022- إلى تأسيس مليشيا مدنية مسلحة في منطقة بئر السبع اسم "مليشيا بارئيل" التي تمتلك معدات وأسلحة ودوريات خاصة بها، وتفتح أبوابها للمتطوعين اليهود لفرض الأمن والأمان بالنقب.

ووفقا للخطة، سيستجيب "الحرس الوطني" ليس فقط لقمع الاحتجاجات والمظاهرات، إنما سيعمل على المساعدة على مستوى الجبهة الداخلية في حالات الطوارئ، مثل هزة أرضية، كوراث طبيعية، سقوط صواريخ.

وسيوفر "الحرس الوطني" الردع على المستوى العام، في مواجهة الذين يخططون للاضطرابات العنيفة والإخلال بالنظام العام، كما سيمكن الشرطة من التركيز على مهامها الروتينية التقليدية، والتي كثيرا ما تتعطل بسبب تكرار حوادث الشغب وحالات الطوارئ.

يدرك قادة الكيان الصهيوني أن الترسانة العسكرية مهما بلغت من قوه لا تستطيع الانتصار من دون إجراءات غاية في الوحشية والإرهاب لإخضاع الشعب الفلسطيني للمشيئة الاسرائيليه حيث يخشى قادة الكيان الصهيوني من كل تحرّك يرونه خطراً على شرعيتها، سواء أكان ذهاب الفلسطينيين إلى محكمة الجنايات الدولية، أم الأمم المتحدة أم حركة مقاطعة إسرائيل (بي دي إس)، ولذا تتدخل أميركا دوماً لحمايتها وعرقلة أي قرار قضائي أو أممي، إضافة إلى السعي لتجريم مقاطعة إسرائيل.

بن غفير وسموتريتش الذي وضع "خطة الحسم"، في عام 2017، وملخصها أن "الأرض لا تتسع لغير اليهود"، يحقق رؤيته بإضفاء الشرعية على الميلشيا المسلحة " الحرس الوطني " ليحقق هدفه بترهيب الفلسطينيين وتروعيهم لترحيلهم عن أرض وطنهم وهذا يعود بنا إلى العصابات الصهيونية في أربعينات القرن الماضي التي كانت أحد أدوات نكبة فلسطين ، مما يتطلب موقف دولي رادع ورافض لهذا التوجه الذي من شأنه أن يزيد في حالة الاحتقان ويرسخ لنظام فصل عنصري يقوم على الإرهاب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى