خيم الوجوم على وجوهنا، ونعق البوم في زوايا الدار. كنت وقتها يافعا ارقب وجوه اخوتي الكبار وهم يفترشون ارض الغرفة وقد انبطحت صور " الزعيم " امام اعيننا. وبصمت ملؤه الأسى كانت الرؤوس دائخة لا تدري ماذا تفعل والألم يعصر القلوب، بل يدميها. نظرات الى الصور واخرى تحلق بعيدا الى المستقبل الأسود الذي سيحل بالوطن. وبعد برهة قلقة استقام جسد اخي الأكبر ووقف قبالة خزانة الملابس. تريث برهة ثم فتح احد بابي " الكنتور " فبانت صورته في المرآة الكبيرة الملتصقة بباب الكنتور. ثم ارتفعت ذراعه الى الأعلى كذراع تمثال وهمس بنا: " علي بالمفك " هرعت انا لأناوله " الدرنفيس ".
هكذا، وبسرعة هائلة اختفت الصور خلف المرآة، ووجدت اخي يتنفس الصعداء، عندها انتقلت العدوى الى صدورنا ورحنا نزفر ما حشر في صدورنا المكلومة.
كنا ننتظر في أية لحظة ان يداهم المتوحشون دارنا، ولم يجرؤ اي منا على تمزيق الصور، وكأننا نحسب بتمزيقها تمزيق صدر صاحبها المغدور.
مرت سنوات عديدة تجرعنا فيها مرارة الأحباط القسري، وكنا خلال تلك السنوات العجاف قد تنقلنا في اكثر من دار، ثم تفرق الأبناء والبنات واستقر كل منهم في دار خاصة به، وكان اثاث الدار قد استبدل مرارا، إلا ان ذلك " الكنتور " بقي صامدا في وجه الزمن محفوظا في الدار الرئيسة.
وعندما انقشعت الغمامة، وفار التنور هرعت الى - الكنتور- ورفعت ذراعي في الهواء اعيد اللقطة التي فعلها اخي الأكبر قبل سنوات عديدة، وناديت على ولدي : " اعطني المفك " لم يكن ولدي الصغير قد علم شيئا عن تلك الحالة العصبية، بل لم يكن يعرف شيئا عن السياسة حيث كان للحيطان آذان. لكنه عندما وجدني اخرج الصور من خلف المرآة صاح بي منذهلا : ( من هذا ؟!) فابتسمت بوجهه قائلا: "لقد حان الآن الوقت لأبوح لك بكل شيء !
مجيد جاسم العلي
هكذا، وبسرعة هائلة اختفت الصور خلف المرآة، ووجدت اخي يتنفس الصعداء، عندها انتقلت العدوى الى صدورنا ورحنا نزفر ما حشر في صدورنا المكلومة.
كنا ننتظر في أية لحظة ان يداهم المتوحشون دارنا، ولم يجرؤ اي منا على تمزيق الصور، وكأننا نحسب بتمزيقها تمزيق صدر صاحبها المغدور.
مرت سنوات عديدة تجرعنا فيها مرارة الأحباط القسري، وكنا خلال تلك السنوات العجاف قد تنقلنا في اكثر من دار، ثم تفرق الأبناء والبنات واستقر كل منهم في دار خاصة به، وكان اثاث الدار قد استبدل مرارا، إلا ان ذلك " الكنتور " بقي صامدا في وجه الزمن محفوظا في الدار الرئيسة.
وعندما انقشعت الغمامة، وفار التنور هرعت الى - الكنتور- ورفعت ذراعي في الهواء اعيد اللقطة التي فعلها اخي الأكبر قبل سنوات عديدة، وناديت على ولدي : " اعطني المفك " لم يكن ولدي الصغير قد علم شيئا عن تلك الحالة العصبية، بل لم يكن يعرف شيئا عن السياسة حيث كان للحيطان آذان. لكنه عندما وجدني اخرج الصور من خلف المرآة صاح بي منذهلا : ( من هذا ؟!) فابتسمت بوجهه قائلا: "لقد حان الآن الوقت لأبوح لك بكل شيء !
مجيد جاسم العلي
