يأتي الأول من أيار لهذا العام 2023 كما الأعوام السابقة والقيود الاسرائيليه بحق عمالنا وعاملاتنا تزداد صرامة وقمعا ، وتداعيات ممارسات الاحتلال وآثارها المدمرة على الطبقة العاملة الفلسطينية بفعل انعدام التنمية ألاقتصاديه مما مكن الاحتلال من استغلالها لتكون وقود لاقتصاد الاحتلال وتنميته على حساب الاقتصاد الفلسطيني وانكماشه
إن استغلال الأيدي العاملة الفلسطينية واحتياجاتها لتعمل في بناء المستوطنات غير الشرعية فوق الأرض الفلسطينية مخالف لأبسط قواعد القانون الدولي والاتفاقيات والمواثيق الدولية ، سلطات الاحتلال تستغل الأيدي العاملة الفلسطينية أبشع استغلال وقد كشفت تبعات الاقتصاد الفلسطيني ليدور في فلك الاقتصاد الصهيوني بفعل الاتفاقات المقيدة لعملية التنمية ألاقتصاديه وكشفت تلك الاتفاقيات الخلل البنيوي لبناء اقتصاد فلسطيني مستقل ، وان اتفاق باريس الاقتصادي يدلل لا بل يؤكد عن مدى ضعف السلطة الفلسطينية وعدم قدرتها على إحداث تنميه اقتصاديه مستدامة بفعل هذه الاتفاقيات المجحفة وتداعياتها على المستوى الصحي والاقتصادي وحتى الاجتماعي ، وهذا يؤكد هشاشة الاقتصاد الفلسطيني في ظل الاحتلال، وضعف إدارة الحكومة الفلسطينية في استيعاب الأيدي العاملة الفلسطينية أقلها في المستوطنات غير الشرعية ضمن خطة وسياسة تجفيف ينابيع المستوطنات وهذا يدلل على تردي السياساسه الحكوميه بمختلف جوانبها وخلل إدارة مواردها المتبقية مما زاد في حالة الفقر ويفاقم في تفجر الأوضاع الاجتماعية ويزيد من نسبة الجريمة .
إسرائيل التي تستغل الأيدي العاملة الفلسطينية لصالح اقتصادها ترفق ذلك في دعايــة ممنهجــة وحثيثــة، تقودهــا سلطات الإدارة المدنيــة الإسـرائيلية وهي أحد أذرع الاحتلال ، تعمـل علـى إظهـار الاحتلال بمظهـر الحريـص علـى سـلامة العمـال الفلسطينيين وحقوقهـم، وقدرتهـم علـى الحصــول علــى عمــل، وتقــدم نفســها كراعٍ وبديــل للســلطة الوطنية الفلســطينية، قــادر علــى الاســتجابة لاحتياجــات النــاس والاقتصــاد. إلا أنهــا لا تنســى دائمــاً الربــط بيــن شــرط اســتمرار الهــدوء، والخضــوع لســيطرة الاحتــلال، وبيــن قــدرة الفلسـطينيين علـى الدخـول للعمـل فـي داخل الكيان الصهيوني . كمـا أنهـا لا تتوانـى عـن التراجـع عـن أي مـن الخطـوات التـي تعلنهـا عندما يتعارض الامر مع مصالحها وادعاءاتها الامنيه ، كمـا حصـل مؤخـراً فـي حالـة تصاريـح قطـاع غـزة.
وبلغة الأرقام " شــهد العقــد الماضــي ارتفاعـاً مطّـرداً في عــدد العامليــن الفلســطينيين فــي داخل الكيان الصهيوني والمستوطنات ونســبتهم مــن إجمالــي العامليــن. وفقــاً لإحصائيــات الجهــاز المركــزي للإحصــاء الفلســطيني، " ارتفــع عــدد العامليــن فــي إســرائيل مــن 78 ألف عامل بنهايــة العـام 2010 (الجهـاز المركـزي للإحصـاء الفلسـطيني،2011) ليصـل إلى 173,400 فـي الربـع الأول مـن 2022، بالإضافـة إلى 31 ألفاً يعملــون فــي المســتوطنات الإســرائيلية (الجهــاز المركــزي للإحصــاء الفلســطيني، 2022 )
وقد شــهدت الســنوات الخمــس الأخيـرة الارتفـاع الأكبـر والأسـرع، وهـو ارتفـاع لـم يشـهده الاقتصـاد الفلسـطيني منـذ عقديـن، بـل يفـوق العــدد الإجمالــي اليــوم مــا وصــل إليــه فــي العام 1999، حيــن كان يعمــل قرابــة 140 ألف فلســطيني (مــن الضفــة الغربيــة وقطــاع غـزة) فـي الأسـواق الإسـرائيلية، شكلوا حينهـا 22.9% من إجمالـي العامليـن (الجهـاز المركـزي للإحصـاء الفلسـطيني، 2000). بينمـا شـكل دخـل العمالـة فـي إسـرائيل 6% من الدخـل القومـي الإجمالـي الفلسـطيني العـام 2011، زاد الاعتمـاد علـى هـذه العمالــة خــلال الســنوات الأخيــرة لتصــل نســبة دخــل العمــال فــي إســرائيل فــي العــام 2021 إلى 15% مــن الدخــل القومــي الفلسـطيني، وهـي نسـبة لـم نشـهدها منـذ تأسـيس السـلطة الوطنيـة الفلسـطينية (وتصل مـا يقـارب 3 مليـار دولار )
أمـا اليـوم، تشـير البيانات الربعية الصـادرة عـن جهاز الإحصاء، أن قيمـة تعويضات العاملين فـي إسـرائيل قد بلغت خـلال الربع الأول مـن العام نحو 945.9 مليون دولار، أي مـا نسـبته 16% من الدخل القومي الإجمالي. من المتوقع أن تصـل تعويضات العاملين من إسـرائيل هذا العام ما بين 3.4 و3.8 مليار دولار.
فــي 18 كانــون أول 2016، أصــدرت حكومــة نتنياهــو قــراراً حكومــياً رقــم 2174 بعنــوان "زيادة حجم توظيـف العمال الفلسطينيين في إسـرائيل مـن منطقـة ( يهـودا والسـامرة ) ، وتحسـين طريقـة إصـدار تصاريـح العمـل وضمـان ظروف عمل عادلة للعمال الفلسطينيين". بحسب قرار الحكومة " على الرغم من وجود عشرات القرارات الحكومية خلال العقد ونيف الأخيرين، بالإضافة إلى المداولات المستمرة في لجان الكنيست وداخل أجهزة الدولة المختلفة، يبدو أن هذا القـرار يؤسس لمرحلة تحاول إسرائيل مـن خلالها انتهاج سياسة جديـدة فيما يخص العمال الفلسطينيين، ويمكن تلخيص هذه السياسة في ثلاث أهداف :-
أولا :- يعاني الكيان الصهيوني من نقص في العمالة في قطاع البناء وهو يرغب في زيادة حجم العمال الفلسطينيين وخاصة للعمل في مشاريع البناء في المستوطنات وفتح الباب من 2022 للعمال الفلسطينيين من قطاع غزه لسد النقص
ثانيا :- تغييـر طريقـة إصـدار التصاريـح والتـي يلعـب السماسـرة فيهـا دوراً ملموسـاً فـي اسـتغلال العمــال، واقتطــاع جــزء مــن أجورهــم.
ثالثا:- تغييـر ظـروف العمـل مـن خـلال تطويـر نظـام دفـع أجـور العمـال بحيـث يتـم تدريجيـا اسـتبدال آليـات الدفـع النقـدي بآليـات دفـع بنكيـة عـن طريـق حوالات مـا بيـن البنـوك الإسـرائيلية والفلسـطينية.
هذه السياسة بهذه الغايات والأهداف بشكلها ألأولي وبمضمونها تأتي توافقا مع قـرار 2174، وهي السياسة التـي تبنـي الحكومـة الإسـرائيلية عليهـا سياسـاتها تجـاه العمـال الفلسـطينيين منـذ العـام 2016 حتـى يومنـا هـذا. فقـد تـم البنـاء علـى هـذا القـرار مـن خلال رزمـة قـرارات أخـرى لاحقة، بحيـث أن السياسـات الإسـرائيلية المتعلقـة بالعمـال الفلسـطينيين، ووفق المؤشرات تدلل على أنها تسـير وفق مفهوم ومضمون قـرار 2174 علـى الرغـم مـن تبـدل الحكومـات الإسـرائيلية منـذ العـام 2016.
فـي ظـل ارتفاع نسـبة عدد العمال الفلسطينيين العامليـن فـي داخل الكيان الصهيوني والمستوطنات بشـكل مطّـرد، لتصـل 24.5% مـن إجمالـي العامليـن فـي الضفـة الغربيـة، وفـي ظـل المعطيـات التـي توضــح نوايــا إســرائيل فــي توســيع دائــرة استغلالها للقــوى العاملــة الفلســطينية، ورفــع كفــاءة الإطار التنظيمــي لعمليــة الســيطرة والاستغلال الاستعمارية، يصبــح التســاؤل مشــروعا عمــا إذا كانــت إسـرائيل تمهـد الطريـق لإعادة العمـل بسـوق العمـل الموحـدة، وإن مـن خـلال آليـات مختلفـة، أكثـر صرامـةً وضبطـاً وتطـوراً على أرض الواقـع.
يظهـر هـذا التوجـه كجـزء مـن العمليـة السياسية المتبلورة والهادفة لترسيخ الاحتلال التي تمهد لسياسة ضم الضفة الغربيـة، حيـث أن التطـورات فـي محـور ألعماله الفلسطينية لا يمكن فصلها عن السياسات الاسرائيليه الأخرى وهي ضمن حلقه متكاملة ليسـت منعزلـة عـن سـياق أوسـع مـن الإجـراءات الإسـرائيلية التـي تهـدف إلـى تعميـق وإدامـة حالـة التبعيـة الاقتصاديـة الفلسـطينية، سـواء مـن خـلال علاقات التعاقـد مـن الباطـن، أو التبـادل السـلعي.
الزيـادة المطّـردة فـي أعـداد العامليـن الفلسطينيين فـي الكيان الصهيوني والمستوطنات ، تترافق مـع ظاهـرة الخلل فـي سـوق العمـل الفلسـطيني، حيـث نشهد معدلات بطالـة عاليـة، وفـي نفـس الوقـت يـدور الحديـث عـن شـح فـي العمالـة. مــرد ذلــك إلــى تركــز نســب البطالــة المرتفعــة فــي أوســاط خريجــي الجامعــات، وبشـكل أكبـر بالنسـبة للخريجـات. وهـي الفئـات التـي لا يمثـل العمـل فـي داخل الكيان الصهيوني بالنسـبة لهـا خيـاراً ممكنـاً. أمـا بالنسـبة للعمالــة غيــر الماهــرة، فــإن انتقــال جــزء كبيــر منهــا للعمــل فــي داخل الكيان الصهيوني بدافــع الفــرق فــي الأجــور، أدى إلــى نقصهــا فــي السـوق المحلـي، وإلـى ارتفـاع الأجور فـي قطاعـات معينـة.
وتساوقا بدأت سلطات الاحتلال ولأول مرة بتحويل أجور 7 آلاف عامل فلسطيني إلى بنوك فلسطينية كتجربة (pilot)، على أن يتم توسيع هذه العملية الجديدة لتطال لاحقاً معظم العمال الفلسطينيين، وأعلن مكتب منسق شؤون الحكومة الإسرائيلية بأنه يتوجب على كل العمال الحاصلين على تصاريح، والمندرجين ضمن نظام الحصص الفردية، أن يوقعوا (من خلال تطبيق المنسق) على إذن بالموافقة على أن يتم تحويل أجورهم إلى بنوك فلسطينية.
أشار الإعلان إلى أن العامل الذي يرفض التوقيع قد يخسر حصته الفردية، وقد لا يتمكن من المحافظة على تصريح عمله في إسرائيل. هذا الإعلان يشير إلى نية إسرائيل توسيع قضية التحويلات البنكية لتطال كل العمال الفلسطينيين.
تأتي هذه الترتيبات الجديدة في التحويلات المصرفية للعمال الفلسطينيين في سياق الرقمنة المالية المتسارعة في إسرائيل وانسجاماً مع الحدود القانونية للتداول النقدي بحسب قانون لوكر لعام 2018.
هذا الإجراء ضمن مفهوم (الإصلاح) الإسـرائيلي لمنظومـة السـيطرة والتحكـم الاسـتعماري الذي هدفه بالأساس ربط الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي وتوحيد سوق العمل الذي يمهد لمستقبل الضم ، بات يتقـدم سـنة بعـد سـنة بهدف واضـح وعمل فنـي وسياسـي مـن كافـة المؤسسات في داخل الكيان الصهيوني
في حين تفتقد الحكومة الفلسطينية إلـى الرؤيـة الإسـتراتيجية حـول العلاقة الاقتصاديـة مع إسرائيل وفـي مجـال العمالـة والأيدي العاملة الفلسطينية في داخل الكيان الصهيوني والمستوطنات ، إن فشل الحكومة الفلسطينية في استحداث تنميه اقتصاديه مستدامة وغياب الاسـتثمار العـام والخـاص المطلـوب لبنـاء القـدرة الإنتاجيـة المحليـة التـي مـن شـأنها فقـط تعزيـز فـرص الانفـكاك الاقتصادي والتحلل من اتفاق باريس الاقتصادي ، والتوظيـف المكثـف للطاقـات البشـرية الفلسـطينية المشـتتة.
ليـس هنـاك توجه فلســطيني متوافــق عليه، ولا أجنــدة تفــاوض منســقة ومتجانســة بيــن أقســامها الخاصــة بالتجــارة والعمالــة والنقـد والزراعـة والمـوارد الطبيعيـة والتوسـع العمرانـي. يجب فهم التوجـه الإسـرائيلي لفـرض حقائـق اقتصاديـة علـى الأرض تعـزز مـن الحقائـق الأمنيـة والسياسـية الاسـتعمارية التـي لا تضـع فـي الأفـق سـوى المزيـد مـن الاسـتيطان والتحكـم بمـوارد الشـعب الفلسـطيني كافـة، بمثابة خطوات للضـم الاقتصـادي ربمـا يمهد للضـم القانونـي والسياسـي الذي ربما تأجل لوقت ما ، لكن سلطات الكيان الإسرائيلي لم تتراجع أبداً عن نيتها تلك.
[/B]
إن استغلال الأيدي العاملة الفلسطينية واحتياجاتها لتعمل في بناء المستوطنات غير الشرعية فوق الأرض الفلسطينية مخالف لأبسط قواعد القانون الدولي والاتفاقيات والمواثيق الدولية ، سلطات الاحتلال تستغل الأيدي العاملة الفلسطينية أبشع استغلال وقد كشفت تبعات الاقتصاد الفلسطيني ليدور في فلك الاقتصاد الصهيوني بفعل الاتفاقات المقيدة لعملية التنمية ألاقتصاديه وكشفت تلك الاتفاقيات الخلل البنيوي لبناء اقتصاد فلسطيني مستقل ، وان اتفاق باريس الاقتصادي يدلل لا بل يؤكد عن مدى ضعف السلطة الفلسطينية وعدم قدرتها على إحداث تنميه اقتصاديه مستدامة بفعل هذه الاتفاقيات المجحفة وتداعياتها على المستوى الصحي والاقتصادي وحتى الاجتماعي ، وهذا يؤكد هشاشة الاقتصاد الفلسطيني في ظل الاحتلال، وضعف إدارة الحكومة الفلسطينية في استيعاب الأيدي العاملة الفلسطينية أقلها في المستوطنات غير الشرعية ضمن خطة وسياسة تجفيف ينابيع المستوطنات وهذا يدلل على تردي السياساسه الحكوميه بمختلف جوانبها وخلل إدارة مواردها المتبقية مما زاد في حالة الفقر ويفاقم في تفجر الأوضاع الاجتماعية ويزيد من نسبة الجريمة .
إسرائيل التي تستغل الأيدي العاملة الفلسطينية لصالح اقتصادها ترفق ذلك في دعايــة ممنهجــة وحثيثــة، تقودهــا سلطات الإدارة المدنيــة الإسـرائيلية وهي أحد أذرع الاحتلال ، تعمـل علـى إظهـار الاحتلال بمظهـر الحريـص علـى سـلامة العمـال الفلسطينيين وحقوقهـم، وقدرتهـم علـى الحصــول علــى عمــل، وتقــدم نفســها كراعٍ وبديــل للســلطة الوطنية الفلســطينية، قــادر علــى الاســتجابة لاحتياجــات النــاس والاقتصــاد. إلا أنهــا لا تنســى دائمــاً الربــط بيــن شــرط اســتمرار الهــدوء، والخضــوع لســيطرة الاحتــلال، وبيــن قــدرة الفلسـطينيين علـى الدخـول للعمـل فـي داخل الكيان الصهيوني . كمـا أنهـا لا تتوانـى عـن التراجـع عـن أي مـن الخطـوات التـي تعلنهـا عندما يتعارض الامر مع مصالحها وادعاءاتها الامنيه ، كمـا حصـل مؤخـراً فـي حالـة تصاريـح قطـاع غـزة.
وبلغة الأرقام " شــهد العقــد الماضــي ارتفاعـاً مطّـرداً في عــدد العامليــن الفلســطينيين فــي داخل الكيان الصهيوني والمستوطنات ونســبتهم مــن إجمالــي العامليــن. وفقــاً لإحصائيــات الجهــاز المركــزي للإحصــاء الفلســطيني، " ارتفــع عــدد العامليــن فــي إســرائيل مــن 78 ألف عامل بنهايــة العـام 2010 (الجهـاز المركـزي للإحصـاء الفلسـطيني،2011) ليصـل إلى 173,400 فـي الربـع الأول مـن 2022، بالإضافـة إلى 31 ألفاً يعملــون فــي المســتوطنات الإســرائيلية (الجهــاز المركــزي للإحصــاء الفلســطيني، 2022 )
وقد شــهدت الســنوات الخمــس الأخيـرة الارتفـاع الأكبـر والأسـرع، وهـو ارتفـاع لـم يشـهده الاقتصـاد الفلسـطيني منـذ عقديـن، بـل يفـوق العــدد الإجمالــي اليــوم مــا وصــل إليــه فــي العام 1999، حيــن كان يعمــل قرابــة 140 ألف فلســطيني (مــن الضفــة الغربيــة وقطــاع غـزة) فـي الأسـواق الإسـرائيلية، شكلوا حينهـا 22.9% من إجمالـي العامليـن (الجهـاز المركـزي للإحصـاء الفلسـطيني، 2000). بينمـا شـكل دخـل العمالـة فـي إسـرائيل 6% من الدخـل القومـي الإجمالـي الفلسـطيني العـام 2011، زاد الاعتمـاد علـى هـذه العمالــة خــلال الســنوات الأخيــرة لتصــل نســبة دخــل العمــال فــي إســرائيل فــي العــام 2021 إلى 15% مــن الدخــل القومــي الفلسـطيني، وهـي نسـبة لـم نشـهدها منـذ تأسـيس السـلطة الوطنيـة الفلسـطينية (وتصل مـا يقـارب 3 مليـار دولار )
أمـا اليـوم، تشـير البيانات الربعية الصـادرة عـن جهاز الإحصاء، أن قيمـة تعويضات العاملين فـي إسـرائيل قد بلغت خـلال الربع الأول مـن العام نحو 945.9 مليون دولار، أي مـا نسـبته 16% من الدخل القومي الإجمالي. من المتوقع أن تصـل تعويضات العاملين من إسـرائيل هذا العام ما بين 3.4 و3.8 مليار دولار.
فــي 18 كانــون أول 2016، أصــدرت حكومــة نتنياهــو قــراراً حكومــياً رقــم 2174 بعنــوان "زيادة حجم توظيـف العمال الفلسطينيين في إسـرائيل مـن منطقـة ( يهـودا والسـامرة ) ، وتحسـين طريقـة إصـدار تصاريـح العمـل وضمـان ظروف عمل عادلة للعمال الفلسطينيين". بحسب قرار الحكومة " على الرغم من وجود عشرات القرارات الحكومية خلال العقد ونيف الأخيرين، بالإضافة إلى المداولات المستمرة في لجان الكنيست وداخل أجهزة الدولة المختلفة، يبدو أن هذا القـرار يؤسس لمرحلة تحاول إسرائيل مـن خلالها انتهاج سياسة جديـدة فيما يخص العمال الفلسطينيين، ويمكن تلخيص هذه السياسة في ثلاث أهداف :-
أولا :- يعاني الكيان الصهيوني من نقص في العمالة في قطاع البناء وهو يرغب في زيادة حجم العمال الفلسطينيين وخاصة للعمل في مشاريع البناء في المستوطنات وفتح الباب من 2022 للعمال الفلسطينيين من قطاع غزه لسد النقص
ثانيا :- تغييـر طريقـة إصـدار التصاريـح والتـي يلعـب السماسـرة فيهـا دوراً ملموسـاً فـي اسـتغلال العمــال، واقتطــاع جــزء مــن أجورهــم.
ثالثا:- تغييـر ظـروف العمـل مـن خـلال تطويـر نظـام دفـع أجـور العمـال بحيـث يتـم تدريجيـا اسـتبدال آليـات الدفـع النقـدي بآليـات دفـع بنكيـة عـن طريـق حوالات مـا بيـن البنـوك الإسـرائيلية والفلسـطينية.
هذه السياسة بهذه الغايات والأهداف بشكلها ألأولي وبمضمونها تأتي توافقا مع قـرار 2174، وهي السياسة التـي تبنـي الحكومـة الإسـرائيلية عليهـا سياسـاتها تجـاه العمـال الفلسـطينيين منـذ العـام 2016 حتـى يومنـا هـذا. فقـد تـم البنـاء علـى هـذا القـرار مـن خلال رزمـة قـرارات أخـرى لاحقة، بحيـث أن السياسـات الإسـرائيلية المتعلقـة بالعمـال الفلسـطينيين، ووفق المؤشرات تدلل على أنها تسـير وفق مفهوم ومضمون قـرار 2174 علـى الرغـم مـن تبـدل الحكومـات الإسـرائيلية منـذ العـام 2016.
فـي ظـل ارتفاع نسـبة عدد العمال الفلسطينيين العامليـن فـي داخل الكيان الصهيوني والمستوطنات بشـكل مطّـرد، لتصـل 24.5% مـن إجمالـي العامليـن فـي الضفـة الغربيـة، وفـي ظـل المعطيـات التـي توضــح نوايــا إســرائيل فــي توســيع دائــرة استغلالها للقــوى العاملــة الفلســطينية، ورفــع كفــاءة الإطار التنظيمــي لعمليــة الســيطرة والاستغلال الاستعمارية، يصبــح التســاؤل مشــروعا عمــا إذا كانــت إسـرائيل تمهـد الطريـق لإعادة العمـل بسـوق العمـل الموحـدة، وإن مـن خـلال آليـات مختلفـة، أكثـر صرامـةً وضبطـاً وتطـوراً على أرض الواقـع.
يظهـر هـذا التوجـه كجـزء مـن العمليـة السياسية المتبلورة والهادفة لترسيخ الاحتلال التي تمهد لسياسة ضم الضفة الغربيـة، حيـث أن التطـورات فـي محـور ألعماله الفلسطينية لا يمكن فصلها عن السياسات الاسرائيليه الأخرى وهي ضمن حلقه متكاملة ليسـت منعزلـة عـن سـياق أوسـع مـن الإجـراءات الإسـرائيلية التـي تهـدف إلـى تعميـق وإدامـة حالـة التبعيـة الاقتصاديـة الفلسـطينية، سـواء مـن خـلال علاقات التعاقـد مـن الباطـن، أو التبـادل السـلعي.
الزيـادة المطّـردة فـي أعـداد العامليـن الفلسطينيين فـي الكيان الصهيوني والمستوطنات ، تترافق مـع ظاهـرة الخلل فـي سـوق العمـل الفلسـطيني، حيـث نشهد معدلات بطالـة عاليـة، وفـي نفـس الوقـت يـدور الحديـث عـن شـح فـي العمالـة. مــرد ذلــك إلــى تركــز نســب البطالــة المرتفعــة فــي أوســاط خريجــي الجامعــات، وبشـكل أكبـر بالنسـبة للخريجـات. وهـي الفئـات التـي لا يمثـل العمـل فـي داخل الكيان الصهيوني بالنسـبة لهـا خيـاراً ممكنـاً. أمـا بالنسـبة للعمالــة غيــر الماهــرة، فــإن انتقــال جــزء كبيــر منهــا للعمــل فــي داخل الكيان الصهيوني بدافــع الفــرق فــي الأجــور، أدى إلــى نقصهــا فــي السـوق المحلـي، وإلـى ارتفـاع الأجور فـي قطاعـات معينـة.
وتساوقا بدأت سلطات الاحتلال ولأول مرة بتحويل أجور 7 آلاف عامل فلسطيني إلى بنوك فلسطينية كتجربة (pilot)، على أن يتم توسيع هذه العملية الجديدة لتطال لاحقاً معظم العمال الفلسطينيين، وأعلن مكتب منسق شؤون الحكومة الإسرائيلية بأنه يتوجب على كل العمال الحاصلين على تصاريح، والمندرجين ضمن نظام الحصص الفردية، أن يوقعوا (من خلال تطبيق المنسق) على إذن بالموافقة على أن يتم تحويل أجورهم إلى بنوك فلسطينية.
أشار الإعلان إلى أن العامل الذي يرفض التوقيع قد يخسر حصته الفردية، وقد لا يتمكن من المحافظة على تصريح عمله في إسرائيل. هذا الإعلان يشير إلى نية إسرائيل توسيع قضية التحويلات البنكية لتطال كل العمال الفلسطينيين.
تأتي هذه الترتيبات الجديدة في التحويلات المصرفية للعمال الفلسطينيين في سياق الرقمنة المالية المتسارعة في إسرائيل وانسجاماً مع الحدود القانونية للتداول النقدي بحسب قانون لوكر لعام 2018.
هذا الإجراء ضمن مفهوم (الإصلاح) الإسـرائيلي لمنظومـة السـيطرة والتحكـم الاسـتعماري الذي هدفه بالأساس ربط الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي وتوحيد سوق العمل الذي يمهد لمستقبل الضم ، بات يتقـدم سـنة بعـد سـنة بهدف واضـح وعمل فنـي وسياسـي مـن كافـة المؤسسات في داخل الكيان الصهيوني
في حين تفتقد الحكومة الفلسطينية إلـى الرؤيـة الإسـتراتيجية حـول العلاقة الاقتصاديـة مع إسرائيل وفـي مجـال العمالـة والأيدي العاملة الفلسطينية في داخل الكيان الصهيوني والمستوطنات ، إن فشل الحكومة الفلسطينية في استحداث تنميه اقتصاديه مستدامة وغياب الاسـتثمار العـام والخـاص المطلـوب لبنـاء القـدرة الإنتاجيـة المحليـة التـي مـن شـأنها فقـط تعزيـز فـرص الانفـكاك الاقتصادي والتحلل من اتفاق باريس الاقتصادي ، والتوظيـف المكثـف للطاقـات البشـرية الفلسـطينية المشـتتة.
ليـس هنـاك توجه فلســطيني متوافــق عليه، ولا أجنــدة تفــاوض منســقة ومتجانســة بيــن أقســامها الخاصــة بالتجــارة والعمالــة والنقـد والزراعـة والمـوارد الطبيعيـة والتوسـع العمرانـي. يجب فهم التوجـه الإسـرائيلي لفـرض حقائـق اقتصاديـة علـى الأرض تعـزز مـن الحقائـق الأمنيـة والسياسـية الاسـتعمارية التـي لا تضـع فـي الأفـق سـوى المزيـد مـن الاسـتيطان والتحكـم بمـوارد الشـعب الفلسـطيني كافـة، بمثابة خطوات للضـم الاقتصـادي ربمـا يمهد للضـم القانونـي والسياسـي الذي ربما تأجل لوقت ما ، لكن سلطات الكيان الإسرائيلي لم تتراجع أبداً عن نيتها تلك.
[/B]