كانَ بُلبُلٌ في قَفَصٍ مُعلَّقٍ في مَدخَلِ أحدِ القُصُور ، جاءَهُ بُلبلٌ آخَرُ ، وسَلَّمَ عليهِ ، فَسألَهُ البُلبلُ الأوَّلُ الَّذي في القَفص :
_ كيفَ حالُك ؟!
فقالَ البُلبُل الثَّاني :
_ نَحيلٌ ، كَما تَراني ؛ نِصفُ جائِعٍ ، وربْعُ عطشانَ ، لكنَّني كامِلُ الحُريَّة ، والحمدُ لله !
فقالَ البلبل الأوَّل _ بِحسرةٍ _ :
_ وأنا سَمِينٌ ، كما تَراني ؛ كامِلُ الشِّبع ، تامُّ الارتواء ، لكنَّني ناقِصُ الحُريَّة !
سَكَتَ البُلبُل الأَوَّلُ قليلًا ، مُتأمِّلًا ، ثُمَّ استأنَفَ _ بِنبرةِ عَرضٍ حَذِرةٍ _ :
_ هل تُبادُلَني فَضاءَكَ الرَّحْبَ ذاكَ بِهذا القَفص المُزوَّدِ بِكُلِّ أسباب السُّمنة ؟!
فَرفرفَ البُلبلُ الثَّاني بِجَناحيهِ ، وطارَ عالِيًا ، وهو يُنشِدُ :
أَرَى حُريَّتي أَولى بِحُبِّي !
وَأقرَبَ ما تَكُونُ هَوًى لِقلبي !
أرى حُريَّتي ، في كُلِّ وَقتٍ ،
أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ ( ماءٍ ) و( حَبِّ ) !
وَمَنْ ذا يَشتَري حَبْسًا بِأَكْلٍ ؟!
وَمَنْ ذَا يَشتَري سِجْنًا بِشُرْبِ ؟!
وَلا أَشدُو مَعَ الأَقفاصِ ، لكِنْ
أُقَضِّي العَيشَ في نَوْحٍ وَنَدْبِ !
فَلِيْ جُنحانِ قَد رَفَّا بِشَوْقٍ
إِلى الآفاقِ ، مِنْ صَوْبٍ لِصَوْبِ !
أَنا بِهِما أَطُوفُ بِكُلِّ أُفْقٍ
أَلفُّ الأَرضَ مِنْ شَرقٍ لِغَرْبِ !
أَطيرُ ، أَطيرُ ، مُنفَرِدًا ، وحِينًا
أَطيرُ ، أَطيرُ ، مَصحُوبًا بِسِرْبِ !
أَطِيرُ ، مُغَرِّدًا جَذِلًا ، ولَحْني
يَجوبُ الكونَ مِنْ قُطبٍ لِقُطبِ !
وَلَستُ أموتُ ، مِن عَطَشِ وَجُوعٍ ،
فَرزِقي _ مِثلُ نَفسي _ عِندَ رَبِّي !!
_ كيفَ حالُك ؟!
فقالَ البُلبُل الثَّاني :
_ نَحيلٌ ، كَما تَراني ؛ نِصفُ جائِعٍ ، وربْعُ عطشانَ ، لكنَّني كامِلُ الحُريَّة ، والحمدُ لله !
فقالَ البلبل الأوَّل _ بِحسرةٍ _ :
_ وأنا سَمِينٌ ، كما تَراني ؛ كامِلُ الشِّبع ، تامُّ الارتواء ، لكنَّني ناقِصُ الحُريَّة !
سَكَتَ البُلبُل الأَوَّلُ قليلًا ، مُتأمِّلًا ، ثُمَّ استأنَفَ _ بِنبرةِ عَرضٍ حَذِرةٍ _ :
_ هل تُبادُلَني فَضاءَكَ الرَّحْبَ ذاكَ بِهذا القَفص المُزوَّدِ بِكُلِّ أسباب السُّمنة ؟!
فَرفرفَ البُلبلُ الثَّاني بِجَناحيهِ ، وطارَ عالِيًا ، وهو يُنشِدُ :
أَرَى حُريَّتي أَولى بِحُبِّي !
وَأقرَبَ ما تَكُونُ هَوًى لِقلبي !
أرى حُريَّتي ، في كُلِّ وَقتٍ ،
أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ ( ماءٍ ) و( حَبِّ ) !
وَمَنْ ذا يَشتَري حَبْسًا بِأَكْلٍ ؟!
وَمَنْ ذَا يَشتَري سِجْنًا بِشُرْبِ ؟!
وَلا أَشدُو مَعَ الأَقفاصِ ، لكِنْ
أُقَضِّي العَيشَ في نَوْحٍ وَنَدْبِ !
فَلِيْ جُنحانِ قَد رَفَّا بِشَوْقٍ
إِلى الآفاقِ ، مِنْ صَوْبٍ لِصَوْبِ !
أَنا بِهِما أَطُوفُ بِكُلِّ أُفْقٍ
أَلفُّ الأَرضَ مِنْ شَرقٍ لِغَرْبِ !
أَطيرُ ، أَطيرُ ، مُنفَرِدًا ، وحِينًا
أَطيرُ ، أَطيرُ ، مَصحُوبًا بِسِرْبِ !
أَطِيرُ ، مُغَرِّدًا جَذِلًا ، ولَحْني
يَجوبُ الكونَ مِنْ قُطبٍ لِقُطبِ !
وَلَستُ أموتُ ، مِن عَطَشِ وَجُوعٍ ،
فَرزِقي _ مِثلُ نَفسي _ عِندَ رَبِّي !!