الذكرى المئوية لميلاد د. شريف حتاتة أبى ولست من دمه
13 سبتمبر 1923 - 22 مايو 2017
فى مثل اليوم منذ مائة عام ، فى انجلترا فى برايتون ، وضعت " دوريس " ابنها الأول وأسمته
شريف ، الذى كبر ليصبح أبى غير البيولوجى ، وعشت معه كل عمرى . وعندما ذهبت أمى نوال ، الى أمريكا للحصول على الماجيستير فى أمريكا ، عشت معه بمفردنا فى البيت لمدى عام ونصف . منحنى الحب غير المشروط ، والاهتمام بكل تفاصيل حياتى ، وكان يعطينى منذ صغرى دروسا فى اللغة الانجليزية ، وكان ينظم وقت مذاكرتى ، ووقت راحتى ووقت اللعب . علمنى الدقة والنظام ( الانجليزى " وكل ميزات الانجليز . ولهذا السبب تعودت على التفوق فى كل مراحل حياتى . كما شجعنى على لعب الرياضة بانتظام وجعلها جزءا من الروتين اليومى . تفوقت فى التنس والسباحة على وجه الخصوص ، بفضل اهتمامه . وكنا نناديه فى البيت كلنا " أمى نوال وأخى عاطف " باسم " شرف " . كنت أتناقش معه فى السياسة والفن والحب ، وكل شئ أحتاج الى التعمق فيه . وحكى لى عن أمه دوريس ، وأبيه يوسف فتح الله حتاتة ، وكيف التقى بالأم وهو يدرس الاقتصاد فى انجلترا . كان الأب المثالى فى حنانه وحبه والاهتمام . كان حقا جنتلمان . وكل منْ عرفوه أحبوه ، حتى الذين يختلفون معه فى الرؤية السياسية والفكرية
والثقافية والأدبية . كان شرف رجلا رومانسيا جدا ، يحلم بالمستحيل ، وتغيير العالم المستغل القاهر الفاسد . ونتيجة لعواطفه التى تنشد العدل والحرية ، تم اعتقاله لمدة 13 سنة . وخرج من المعتقل مرفوع الرأس ، قوى الارادة ، مصرا على الحلم المستحيل . وعندما تفكك الاتحاد السوفيتى فى 26 ديسمبر 1991 ، وانفصال اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية ، لم يحيد عن ايمانه بالاشتراكية ولم يكفر بالشيوعية ، كما فعل غيره المنتمون الى الأفكار نفسها . وكانوا يكتبون عن عدم صلاحية الحلم الاشتراكى ، وفشل الشيوعية . بل رأى أن تفكك الاتحاد السوفيتى ، لا يعنى فساد الحلم . بل تكمن المشكلة فى الحزب الشيوعى ، وقياداته الفاسدة والفاشية . كما رأى أن نظرية ماركس ولينين ، فيها قصور فى بعض القضايا ، يجب معالجتها حتى يصبح تطبيقها . وعبر عن ذلك فى أحد كتبه وهو " تجديد الفكر الماركسى " . وهذا الكتاب لم يعجب اليسار المصرى ، والذين يقدسون ماركس ولينين .
شرف له 25 مؤلفا ، منهم 20 رواية أدبية . وكان الفنان نور الشريف ، يريد تحويل روايته
" الشبكة " الى فيلم سينمائى ، ولكنه رحل قبل أن يتحقق المشروع .
ظل شرف حتى آخر أيامه ، له نشاطه السياسى والأدبى . وكان شرف مخلصا فى مبادئه ، فلم يصبح من هؤلاء الذين تحولوا ،لترضى عنه الأنظمة المتعاقبة . فبقى نظيفا حرا حتى رحل ، مرتاح الضمير ، لأنه لم يقدم التنازلات الرخيصة لكى يعين فى مواقع هامة فى البلد . ما كان يميز شرف ، أنه كان يحول قناعاته السياسية والفكرية ، الى واقع يعيشه . لم يعرف الازداوجية البشعة التى تصف ما يسمون بالمثقفين ، وأهل التنوير والحداثة والأدب والثقافة .
لم يحترم أحد ، بسبب نفوذه أو سلطته ، أو ثرائه . ولكنه يحترم الانسان بسبب انسانيته ، وأحلامه النبيلة ، وايمانه بالعدل وتشبثه بالحرية .
" النوافذ المفتوحة " هو اسم سيرته الذاتية فى أجزائها الثلاثة . وهى من أروع السير الذاتية التى كتبت . وعندما سألته عن مغزى العنوان ، قال لى : " يا نونا ، مهما كانت الظروف قاسية ومحبطة ودافعة لليأس ، تقتل فينا الشغف و الاصرار على الحلم ، لابد أن نستمر فى فتح النوافذ ، حتى لوكانت نافذة صغيرة ، فانها مفيدة وضرورية .. المهم ألا نقف فى مكاننا ، وأن نظل نبحث عن فتح أفق جديد ، يمنحنا الشعور بذواتنا ".
هذا درس عظيم من دروس شرف ، أحاول أن أتشبث به .
وفعلا ، كان شرف النموذج الواقعى المثالى لهذا الدأب الذى لا ينال شئ منه . وقد ورث الدأب من أمه الانجليزية " دوريس " . فالانجليز معروفون بالدأب ، وطولة البال ، ولا يتعجلون قطف الثمار Slowly But Surely .
فى ذكرى ميلاده المئوية ، أقدم لشرف باقة ورد ، لن يذبل عبيرها ، فى القلب . وعلى جدران الكون ، حفر اسمه ، وبصمته النبيلة .
وحشتنى يا شروفا ، وأتذكرك كل يوم ، فأشعر بالألم ، وكم هى قاسية وعبثية الحياة . لكننى لن أتوقف عن " فتح النوافذ ".
13 سبتمبر 1923 - 22 مايو 2017
فى مثل اليوم منذ مائة عام ، فى انجلترا فى برايتون ، وضعت " دوريس " ابنها الأول وأسمته
شريف ، الذى كبر ليصبح أبى غير البيولوجى ، وعشت معه كل عمرى . وعندما ذهبت أمى نوال ، الى أمريكا للحصول على الماجيستير فى أمريكا ، عشت معه بمفردنا فى البيت لمدى عام ونصف . منحنى الحب غير المشروط ، والاهتمام بكل تفاصيل حياتى ، وكان يعطينى منذ صغرى دروسا فى اللغة الانجليزية ، وكان ينظم وقت مذاكرتى ، ووقت راحتى ووقت اللعب . علمنى الدقة والنظام ( الانجليزى " وكل ميزات الانجليز . ولهذا السبب تعودت على التفوق فى كل مراحل حياتى . كما شجعنى على لعب الرياضة بانتظام وجعلها جزءا من الروتين اليومى . تفوقت فى التنس والسباحة على وجه الخصوص ، بفضل اهتمامه . وكنا نناديه فى البيت كلنا " أمى نوال وأخى عاطف " باسم " شرف " . كنت أتناقش معه فى السياسة والفن والحب ، وكل شئ أحتاج الى التعمق فيه . وحكى لى عن أمه دوريس ، وأبيه يوسف فتح الله حتاتة ، وكيف التقى بالأم وهو يدرس الاقتصاد فى انجلترا . كان الأب المثالى فى حنانه وحبه والاهتمام . كان حقا جنتلمان . وكل منْ عرفوه أحبوه ، حتى الذين يختلفون معه فى الرؤية السياسية والفكرية
والثقافية والأدبية . كان شرف رجلا رومانسيا جدا ، يحلم بالمستحيل ، وتغيير العالم المستغل القاهر الفاسد . ونتيجة لعواطفه التى تنشد العدل والحرية ، تم اعتقاله لمدة 13 سنة . وخرج من المعتقل مرفوع الرأس ، قوى الارادة ، مصرا على الحلم المستحيل . وعندما تفكك الاتحاد السوفيتى فى 26 ديسمبر 1991 ، وانفصال اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية ، لم يحيد عن ايمانه بالاشتراكية ولم يكفر بالشيوعية ، كما فعل غيره المنتمون الى الأفكار نفسها . وكانوا يكتبون عن عدم صلاحية الحلم الاشتراكى ، وفشل الشيوعية . بل رأى أن تفكك الاتحاد السوفيتى ، لا يعنى فساد الحلم . بل تكمن المشكلة فى الحزب الشيوعى ، وقياداته الفاسدة والفاشية . كما رأى أن نظرية ماركس ولينين ، فيها قصور فى بعض القضايا ، يجب معالجتها حتى يصبح تطبيقها . وعبر عن ذلك فى أحد كتبه وهو " تجديد الفكر الماركسى " . وهذا الكتاب لم يعجب اليسار المصرى ، والذين يقدسون ماركس ولينين .
شرف له 25 مؤلفا ، منهم 20 رواية أدبية . وكان الفنان نور الشريف ، يريد تحويل روايته
" الشبكة " الى فيلم سينمائى ، ولكنه رحل قبل أن يتحقق المشروع .
ظل شرف حتى آخر أيامه ، له نشاطه السياسى والأدبى . وكان شرف مخلصا فى مبادئه ، فلم يصبح من هؤلاء الذين تحولوا ،لترضى عنه الأنظمة المتعاقبة . فبقى نظيفا حرا حتى رحل ، مرتاح الضمير ، لأنه لم يقدم التنازلات الرخيصة لكى يعين فى مواقع هامة فى البلد . ما كان يميز شرف ، أنه كان يحول قناعاته السياسية والفكرية ، الى واقع يعيشه . لم يعرف الازداوجية البشعة التى تصف ما يسمون بالمثقفين ، وأهل التنوير والحداثة والأدب والثقافة .
لم يحترم أحد ، بسبب نفوذه أو سلطته ، أو ثرائه . ولكنه يحترم الانسان بسبب انسانيته ، وأحلامه النبيلة ، وايمانه بالعدل وتشبثه بالحرية .
" النوافذ المفتوحة " هو اسم سيرته الذاتية فى أجزائها الثلاثة . وهى من أروع السير الذاتية التى كتبت . وعندما سألته عن مغزى العنوان ، قال لى : " يا نونا ، مهما كانت الظروف قاسية ومحبطة ودافعة لليأس ، تقتل فينا الشغف و الاصرار على الحلم ، لابد أن نستمر فى فتح النوافذ ، حتى لوكانت نافذة صغيرة ، فانها مفيدة وضرورية .. المهم ألا نقف فى مكاننا ، وأن نظل نبحث عن فتح أفق جديد ، يمنحنا الشعور بذواتنا ".
هذا درس عظيم من دروس شرف ، أحاول أن أتشبث به .
وفعلا ، كان شرف النموذج الواقعى المثالى لهذا الدأب الذى لا ينال شئ منه . وقد ورث الدأب من أمه الانجليزية " دوريس " . فالانجليز معروفون بالدأب ، وطولة البال ، ولا يتعجلون قطف الثمار Slowly But Surely .
فى ذكرى ميلاده المئوية ، أقدم لشرف باقة ورد ، لن يذبل عبيرها ، فى القلب . وعلى جدران الكون ، حفر اسمه ، وبصمته النبيلة .
وحشتنى يا شروفا ، وأتذكرك كل يوم ، فأشعر بالألم ، وكم هى قاسية وعبثية الحياة . لكننى لن أتوقف عن " فتح النوافذ ".
منى نوال حلمى - مئوية ميلاد د . شريف حتاتة
منى نوال حلمى - مئوية ميلاد د . شريف حتاتة
www.ahewar.org