الإقطاعي الماجن العربيد سي عمر الخببث واحد من الكثيرين من سلالة شياطين الإنس الملاعين من وسط كبار التجار والضباط المهيمنين على القفار إقترف عن عمد وسبق إصرار وترصد فاحشة الزنى باغتصابه أخت زوجته سالمة التي لم تتجاوز السادسة عشر ربيعا من عمرها عند بئر عتيق وألقى في رحمها بذرة بريئة لم يكن لها في تداعبات ما حدث ذنب ولا اختيار .
تاركا إياها غارقة في دمائها وهول صدمتها المفجعة.
تنجب سالمة إبنها مهدي بعد أن تكفل الحوات بائع السمك المولع بالحشيش والخمر والموسيقى جحا الملقب بسليمان الحيلة بستر الفضيحة وقبوله بتمثيل دور أبوة كاذبة بعد توقيعه على صفقة زواج شكلية .
مسرحية أتقن تمثيل أدوارها طوال عشرون سنة بتمامها إلى أن باحت الخالة مليكة لمهدي بسر أبيه البيولوجي سي عمر صاحب الشذوذ الصارخ وشطحات رذائله المشينة القذرة الذي اقترف جريمة شنعاء في حق امرأة حسناء بريئة وطفولة مؤودة وفر بعيدا حيث كان يحلو له التجوال عبر أرصفة الشوارع العريضة في العواصم الضخمة الفخمة دون أن تعثر الضحية لها على يد تسحبها من هذه المتاهة الرهيبة لتعيش حياتها وهي تتلوى تحت وطأة الأسى والألم متروكة وحيدة في حيرة عارمة ومأزق مربك يخيرها بين الرضوخ الأبدي لواقعها المرير أو التمرد البركاني وسط مجتمع تهيمن عليه سطوة الذكور مخنوقة برغبة انتقام مكبوتة إلى آخر يوم من أيام حياتها القاسية .
يكبر مهدي بعد أن عاش طفولة بائسة ويغدو أستاذا محاضرا في مادة الفلسفة بثانوية للبنات في العاصمة حيث تقع تلميذته سامية في حبه .
والد التلميذة سامية إقطاعي من عصبة ملاكي أشجار البرتقال .
جلب لها تعاطفها وتضامنها مع الفقراء الذين كان يستغلهم أبوها في قطف البرتقال إحتقارا أبويا ظالما وازدراء مهينا .
كان لها أن حققت إنتقامها إذ وصمت جبين أبيها الإقطاعي بوصمة العار والفضيحة وقطعت ماكان يربطها به من صلة رحم بقبولها افتضاض بكارتها قاطعة الخيط الذي كان يربطها بعصبة الأسلاف وكل ماكان يربطها بالشرف والشرفية في ضريح منعزل مهجور يجثو على شاطئ البحر حيث يطوقه الهدير من كل صوب تحت ضوء باهت لشمعة ناعسة .
إفتض مهدي بكارة عشيقته سامية دون شهود غير زنجي ناسك متلصص لايزال يحتفظ بتقاليد العشيرة الغابرة وطقوسها اللاهوتية البائدة رفقة ضيونه الأبيض وكان له أن صبغ وجه سامية بدماء قربانه المذبوح ونصحها بركوب البحر فكان أن ابتلعها البحر كعروس منذورة لأعماقه ومياهه المالحة .
وتحت شمس قائضة أصيب مهدي برعن رهيب ذهب بعقله فأوغل في هذيانه العجيب وأدخل مستشفى للمجانين في اليوم الذي فارقت فيه والدته الحياة غارقة في أحزانها دون أن تنقذها طقوس سحرية ولا ممارسات وثنية ولا ابتهالات دينية .
وظلت حالة مهدي الجنونية معادلة مستعصية على عقول القيمين على المشفى العامرة بتصوراتهم المتحجرة ومعاييرهم الآلية يتراكم النعاس في رأسه والغثيان في صدره بسحنة تآكلت من شدة الأرق وسط رفقة من المجانين ينامون مع قدوم الليل وعلى سحنهم يرتسم جنونهم الأبدي الذين أبهرهم مهدي رفقة شرذمة من الأطباء والممرضات بسرد قصة حبه المثيرة ورغم ماضربه من رعن شديد فقد ظل حكيما تحت ركامات الذاكرة حرا مبحرا عبر تعاريجها وبقدر ماكانت حادثة الشاطئ تسرح في تلافيف ذاكرته فقد كان مصطليا بنيران ممرضته نادية .
لم يجد بطل النص له من حيلة تقيه السقوط في فخاخ العادات البدائية ومصائد التقاليد الإجتماعية الرثة البالية غير الكتابة طوال لياليه ساردا أحداث حياته على كراس بال في قاعة جماعية بالمشفى تغص بمجانين لا يشعرون بوجودهم إلا في بوتقة الهذيان ليبلغوا بانبجاسهم عبر مسالك الجنون ذروة الوعي وأرقى صور افتعالات اكتمالاته المدهشة مع ماكان مهدي يصوغه لهم من خطابات تهكمية تحرضهم على الثورة والتمرد .
بينما ظل أبوه المزعوم جحا سليمان الحيلة مدججا بأفكاره الشيوعية يمارس تهويماته وقد ضربت السياسة أطنابها في عقله فحولته إلى مشوش من أكبر المشوشين حالما برحيل أرباب المال كما رحل الفرنسيون على إثر ثورة كونية تفجرها ملايين الجياع والبائسين وهو يقضي سحابة نهاره قارئا من القرآن ماتيسر ومن رأس المال ماتوافر .
إن ما كان يكتبه مهدي التائه في تلافيف ذاكرته الحلزونية لم يكن رعنا فجر في رأسه آلاف البنيات والكتل الضبابية وألاف الكلمات الغامضة المبهمة إنها الحقيقة المرة التي خطها على دفاتر الحزن الأليم وأوراق البكاء المر المرير متشاحبا تحت عذابات الأرق وكوابيس اليقظة منهوكا محموما مثقلا باليأس والأسى وحقد دفبن موغل في الحشى على واقع إجتماعي مرير صنع الإقطاعيون تفاصيل مأساته على طريقة الأبالسة والشياطين وهو يبث الورق سيرته الطفولية وأفكاره الثورية المناهضة للتقاليد البالية والعادات الرثة المندثرة .
خلف مهدي وراء الأجمة ميراثا مكونا من ثلاث كتب : القرآن الكريم . رأس المال . والرسالة المعرية .
كانت هذه الكتب الثلاث كل تركته .
في حين أن الملهم بوجدرة ترك لنا خاتمة مصير بطله مفتوحة على إحتمالات الإنتحار والفرار .
الرعن مرافعة قوية راقية عن المرأة المحكوم عليها في واقع إجتماعي بائس مأزوم بالتأبيد .
من سجون الآباء المعتمة إلى زنازين الأزواج المظلمة تحت سلطة ذكورية طاغية .
يظل بوجدرة وفيا في تعاطفه مع المراة المضطهدة باسم ماتوارثته المجتمعات من الخرافات والخطل
فيكون لها بذلك سندا في ظل محنتها ومأساتها .
إذا كان رعن البطل مهدي جنونا فياله من جنون حكيم .
جمعي شايبي
تاركا إياها غارقة في دمائها وهول صدمتها المفجعة.
تنجب سالمة إبنها مهدي بعد أن تكفل الحوات بائع السمك المولع بالحشيش والخمر والموسيقى جحا الملقب بسليمان الحيلة بستر الفضيحة وقبوله بتمثيل دور أبوة كاذبة بعد توقيعه على صفقة زواج شكلية .
مسرحية أتقن تمثيل أدوارها طوال عشرون سنة بتمامها إلى أن باحت الخالة مليكة لمهدي بسر أبيه البيولوجي سي عمر صاحب الشذوذ الصارخ وشطحات رذائله المشينة القذرة الذي اقترف جريمة شنعاء في حق امرأة حسناء بريئة وطفولة مؤودة وفر بعيدا حيث كان يحلو له التجوال عبر أرصفة الشوارع العريضة في العواصم الضخمة الفخمة دون أن تعثر الضحية لها على يد تسحبها من هذه المتاهة الرهيبة لتعيش حياتها وهي تتلوى تحت وطأة الأسى والألم متروكة وحيدة في حيرة عارمة ومأزق مربك يخيرها بين الرضوخ الأبدي لواقعها المرير أو التمرد البركاني وسط مجتمع تهيمن عليه سطوة الذكور مخنوقة برغبة انتقام مكبوتة إلى آخر يوم من أيام حياتها القاسية .
يكبر مهدي بعد أن عاش طفولة بائسة ويغدو أستاذا محاضرا في مادة الفلسفة بثانوية للبنات في العاصمة حيث تقع تلميذته سامية في حبه .
والد التلميذة سامية إقطاعي من عصبة ملاكي أشجار البرتقال .
جلب لها تعاطفها وتضامنها مع الفقراء الذين كان يستغلهم أبوها في قطف البرتقال إحتقارا أبويا ظالما وازدراء مهينا .
كان لها أن حققت إنتقامها إذ وصمت جبين أبيها الإقطاعي بوصمة العار والفضيحة وقطعت ماكان يربطها به من صلة رحم بقبولها افتضاض بكارتها قاطعة الخيط الذي كان يربطها بعصبة الأسلاف وكل ماكان يربطها بالشرف والشرفية في ضريح منعزل مهجور يجثو على شاطئ البحر حيث يطوقه الهدير من كل صوب تحت ضوء باهت لشمعة ناعسة .
إفتض مهدي بكارة عشيقته سامية دون شهود غير زنجي ناسك متلصص لايزال يحتفظ بتقاليد العشيرة الغابرة وطقوسها اللاهوتية البائدة رفقة ضيونه الأبيض وكان له أن صبغ وجه سامية بدماء قربانه المذبوح ونصحها بركوب البحر فكان أن ابتلعها البحر كعروس منذورة لأعماقه ومياهه المالحة .
وتحت شمس قائضة أصيب مهدي برعن رهيب ذهب بعقله فأوغل في هذيانه العجيب وأدخل مستشفى للمجانين في اليوم الذي فارقت فيه والدته الحياة غارقة في أحزانها دون أن تنقذها طقوس سحرية ولا ممارسات وثنية ولا ابتهالات دينية .
وظلت حالة مهدي الجنونية معادلة مستعصية على عقول القيمين على المشفى العامرة بتصوراتهم المتحجرة ومعاييرهم الآلية يتراكم النعاس في رأسه والغثيان في صدره بسحنة تآكلت من شدة الأرق وسط رفقة من المجانين ينامون مع قدوم الليل وعلى سحنهم يرتسم جنونهم الأبدي الذين أبهرهم مهدي رفقة شرذمة من الأطباء والممرضات بسرد قصة حبه المثيرة ورغم ماضربه من رعن شديد فقد ظل حكيما تحت ركامات الذاكرة حرا مبحرا عبر تعاريجها وبقدر ماكانت حادثة الشاطئ تسرح في تلافيف ذاكرته فقد كان مصطليا بنيران ممرضته نادية .
لم يجد بطل النص له من حيلة تقيه السقوط في فخاخ العادات البدائية ومصائد التقاليد الإجتماعية الرثة البالية غير الكتابة طوال لياليه ساردا أحداث حياته على كراس بال في قاعة جماعية بالمشفى تغص بمجانين لا يشعرون بوجودهم إلا في بوتقة الهذيان ليبلغوا بانبجاسهم عبر مسالك الجنون ذروة الوعي وأرقى صور افتعالات اكتمالاته المدهشة مع ماكان مهدي يصوغه لهم من خطابات تهكمية تحرضهم على الثورة والتمرد .
بينما ظل أبوه المزعوم جحا سليمان الحيلة مدججا بأفكاره الشيوعية يمارس تهويماته وقد ضربت السياسة أطنابها في عقله فحولته إلى مشوش من أكبر المشوشين حالما برحيل أرباب المال كما رحل الفرنسيون على إثر ثورة كونية تفجرها ملايين الجياع والبائسين وهو يقضي سحابة نهاره قارئا من القرآن ماتيسر ومن رأس المال ماتوافر .
إن ما كان يكتبه مهدي التائه في تلافيف ذاكرته الحلزونية لم يكن رعنا فجر في رأسه آلاف البنيات والكتل الضبابية وألاف الكلمات الغامضة المبهمة إنها الحقيقة المرة التي خطها على دفاتر الحزن الأليم وأوراق البكاء المر المرير متشاحبا تحت عذابات الأرق وكوابيس اليقظة منهوكا محموما مثقلا باليأس والأسى وحقد دفبن موغل في الحشى على واقع إجتماعي مرير صنع الإقطاعيون تفاصيل مأساته على طريقة الأبالسة والشياطين وهو يبث الورق سيرته الطفولية وأفكاره الثورية المناهضة للتقاليد البالية والعادات الرثة المندثرة .
خلف مهدي وراء الأجمة ميراثا مكونا من ثلاث كتب : القرآن الكريم . رأس المال . والرسالة المعرية .
كانت هذه الكتب الثلاث كل تركته .
في حين أن الملهم بوجدرة ترك لنا خاتمة مصير بطله مفتوحة على إحتمالات الإنتحار والفرار .
الرعن مرافعة قوية راقية عن المرأة المحكوم عليها في واقع إجتماعي بائس مأزوم بالتأبيد .
من سجون الآباء المعتمة إلى زنازين الأزواج المظلمة تحت سلطة ذكورية طاغية .
يظل بوجدرة وفيا في تعاطفه مع المراة المضطهدة باسم ماتوارثته المجتمعات من الخرافات والخطل
فيكون لها بذلك سندا في ظل محنتها ومأساتها .
إذا كان رعن البطل مهدي جنونا فياله من جنون حكيم .
جمعي شايبي