محمد عيد إبراهيم - آنا ديلجاديلو: الإحاطة بمولدي في فيراكروز

على يقينٍ أني سمعت هديرَ الطائرةِ من بطنِ أمي، صادماً أذنيّ المقلوبتَين رأساً على عقِبٍ. لوّحَ والداي بالوداعِ عبرَ نخيلِ جوزِ الهندِ في فيراكروز. كان عمي يطير شمالاً مع الإوزّ. أحياناً أحسّ برأسي خافقاً يرتجّ في قشرةِ حَوضِ أمي وهي تدلف إلى السيارةِ لمغادرةِ المطارِ. متشوّقة للعودةِ، للهربِ من الأدخنةِ. ارتددت في خِرَقٍ داخلَها، كحصاةٍ أثناء زلزالِ أوكسيكا، الذي ميّزَ يومَ مولدي. عبرَت السيارة حدّ المدينةِ متوجّهةً عبرَ الجسرِ حيث مصبّ نهر جامابا وهو يذوق ملحَ البحرِ، فتصل الطريقَ المظلّلةَ بشجرِ المانجو، من تيناجاس إلى تييرابلانكا. أوكسيكا على بعد ساعةٍ، لكن تظلّ بعيدةً عن البيتِ. قطّبَت أمي بالمِقعدِ الخلفيّ، وهي تحسّ برابطتنا، لؤلؤة ضمنَ محارةٍ في علبةٍ معدنيةٍ مدخّنة. شاحنةٌ حمراء مرّت جنبَ شاحنةٍ أخرى، جاوزتنا. فانفجرَت طلقاتٌ، منسابةً، كمدافعَ من الشاحنةِ، تصيب رجالاً فارّين. لمست ساقاي طرفَ أنفي، بينما دفع أبي رأسَ أمي ما بينَ ركبتيها، كلّ هذا لأن فقراءَ يسعون للفرار من أن يظلّوا فقراءَ.
تقول أمي إنها تحسّ بي، أفتّش عن كوّةٍ لأرى. وددت أن أرى. وددت أن أعرف. حشرت فيها رأسي، أفتح رحِمَها كنافذةٍ. لا تزال أمي تذكر الألمَ. هرولَ بنا أبي إلى أقربِ مستشفى، حيث أشهد بعدَ سبعةِ عشرَ عاماً جدّي يموت. تذكرني أرضية المستشفى. تذكر خطواتِ أبي القلقةَ، حذاءَه جلدَ الثعبانِ وهو يطأ بلاطَ المشمّعِ. تذكر هزّةَ الأرضِ.


* [من قصائد كتاب: مقدمة لقصيدة النثر، ترجمة]
أعلى