بِسْمِ الـلَّـهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَالَ تَعَالَى: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا) سورة النساء_الآية(9)
الْحَيَاةُ، مَا أَجْمَلَهَا، وَمَا أَبْهَاهَا بِمَظَاهِرِ الجَمَالِ مِنْ كَلِمَةٍ، مُتَزَيِّنَة كَالْوَرْدِ الْـمُتَفَتِّحِ فِي الْبَسَاتِين!
أَسْتَهِلُّ حَدِيثِي مَعَ حَضَرَاتِكُمْ فِي مُؤَلَّفِي هَذَا، لَا لِأَكُونَ مَحَلَّ إِعْجَابِكُمْ، أَوْ لِتُحَرِّكَ كَلِمَاتِي أَحَاسِيسَ وَمَشَاعِرَ كَادَتْ أَنْ تَنْدَثِرَ فِي عُمْقِ أَعْمَاقِكُمْ، أَوْ لِيُقَالَ كَاتِبَة، أَوْ شَاعِرَة أَوْ لِأَحْكِيَ رِوَايَةً خَالِيَةً مِنَ الْـمَعَانِي تُضَيِّعُ وَقْتِي وَوَقْتَكُمْ.
بَلْ سَأَكْتُبُ عَنِ الْـمَـاضِي وَمَدَى اتِّصَالِهِ بِالْـحَاضِرِ، لِنُضِيءَ الْـمُسْتَقْبَلَ بِمَشَاعِلَ أَلِفْنَاهَا فِي حَيَاتِنَا، وَسَتَظَلُّ تَلْتَفُّ أَيْدِينَا حَوْلَهَا حَتَّى لَا يَنْطَفِئَ نُورُهَا، فَتُظْلِمُ طُرُقَاتُنَا وَطُرُقَاتُ مَنْ بَعْدنَا. إِيمَانًا مِنَّا بِأَنَّ الْكَلِمَةَ هِيَ السِّلَاحُ الَّذِي لَا تَنْفَدُ ذَخِيرَتُهُ، بَلْ تُدَوِّي طَلَقَاتُهُ فِي أُذُنِ كُلِّ مَنْ أَصَابَهُ الْجَهْلُ فَصَارَ كَالْأَصَمِّ الَّذِي لَا يَسْمَعُ وَكَالْأَعْمَى الَّذِي لَا يَرَى.
أَكْتُبُ مِنْ مُنْطَلَقِ الْإِحْسَاسِ بِالْـمَسْؤُولِيَّةِ الَّذِي يَكَادُ يَقْتُلُنِي؛ فَكَيْفَ أَحْيَا وَهَذَا الْجَهْلُ مُسْتَلٌّ كَالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَي أَقْرَانِي يُبَارِزُنِي؟ فَلَا تَقْبَلُ كَلِمَاتِي أَنْ تَقِفَ بِلَا دَوِيٍّ يُزِيلُ رُكَامهُ، فَالصُّعُوبَاتُ جَمَّة، وَالْأَسْوَارُ أَعْلَى مِنْ سُورِ الصِّينِ فِي الِارْتِفَاعِ، أُهْدِيكُمْ كَلِمَاتِي مُمْتَزِجَةً بِمَشَاعِرِ الْحُبِّ لِأَقْرَانِي وَأَبْنَائِي وَأَحْفَادِي، مُتَسَلِّحَة بِالْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ وَالْهِمَّةِ، لِتَكُونَ عَصا يَتَّكِئُ عَلَيْهَا كُلُّ مَنْ أَصَابَهُ الْعَمَى، وَصَوْت الْحَقِّ، كَيْ تَفُكَّ طَلَاسِمَ الْجَهْلِ عَنْ رُؤُوسِ الَّذِينَ أَصَابَهُم الصَّمَمُ.
فَقَدْ تَرَكَ لَنَا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ الْمَثَلَ وَالْمِثَالَ فَهَا هُوَ إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-عِنْدَمَا أَمَرَهُ رَبُّهُ –سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-أَنْ يُنَادِيَ فِي الْحَجِّ، فَنَطَقَ صَوْتُ الْعَقْلِ: & كَيْفَ أُنَادِي، وَلَا يُوجَدُ أَحَدٌ يَسْمَعُنِي فِي تِلْكَ الصَّحْرَاءِ الْقَاحِلَةِ؟!& فَجَاءَهُ الْوَحْيُ بِأَن يَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْإِجَابَةُ قَالَ تَعَالَى: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) صَدَقْتَ يَا رَبِّي فَقَدْ أَدْرَكْتُ وَأَيْقَنْتُ شُعُورَ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-وَاسْتَجَبْتَ لِي.
سَأَكْتُبُ لِأَغْرِسَ الْأَمَلَ فِي الْقُلُوبِ الَّتِي أَصَابَهَا الْيَأْسُ، وَتَـمَلَّكَهَا الْأَلَمُ، لِأَسُوقَ الْخَيْرَ بَيْنَ دَفَّاتِ كَلِمَاتِي لِلْخَيِّرِينَ، وَنَهْدِم طُقُوسَ الْحِقْدِ وَالْحَسَدِ فِي قُلُوبِ الْكَارِهِينَ، وَلِيُولَد شعَار: & لَا يَأْسَ مَعَ الْحَيَاةِ مَا دَامَ هُنَاكَ أَمَلٌ&.
قَالَ تَوْفِيق الْحَكِيمُ: & إِنَّ مُهِمَّةَ الْكَاتِبِ لَيْسَتْ فِي مُجَرَّدِ إِقْنَاعِ الْقَارِئِ؛ بَلْ فِي التَّفْكِيرِ مَعَهُ! مَا أَرْخَصَ الْأَدَبَ لَوْ أَنَّهُ كَانَ وَسِيلَةً لِلَّهْوِ...لا، إِنَّ الْأَدَبَ طَرِيقٌ إِلَى إِيقَاظِ الرَّأْيِ. لَا أُرِيدُ مِنَ الْكاتبِ أَنْ يُرِيحَ قَارِئَهُ وَيُلْهِيه، إِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ يَطْوِيَ الْقَارِئُ الْكِتَابَ فَتَبْدَأُ مَتَاعِبُهُ!
أُرِيدُ مِنَ الْقَارِئِ أَنْ يَكُونَ مُكَمِّلاً لِلْكَاتِبِ، يَنْهَضُ لِيَبْحَثَ مَعَهُ، وَلَا يَكْتَفِي بِأَنْ يَتَلَقَّى، ثُمَّ يَتَثَاءَبُ فِكْرُهُ وَيَنَامُ! إِنَّ مُهِمَّةَ الْكَاتِبِ لَيْسَتْ فِي تَـحذير النُّفُوسِ، بَلْ فِي تَحْرِيكِ الرُّؤُوسِ. إِنَّ الْكَاتِبَ مِفْتَاحٌ لِلذِّهْنِ يُعِينُ النَّاسَ عَلَى اكْتِشَافِ الْحَقَائِقِ وَالْـمَعَارِفِ بِأَنْفُسِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ.
إِنَّ مُهِمَّةَ الْكَاتِبِ فِي نَظَرِي هِيَ تَرْبِيَةُ الرَّأْيِ وَكُلّ كَاتِبٍ لَا يُثِيرُ فِي النَّاسِ رَأْيًا أَوْ فِكْرًا أَوْ مَغْزًى، يَدْفَعُهُمْ إِلَى التَّطَوُّرِ أَوِ النُّهُوضِ أَوِ السُّمُوِّ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَلَا يُحَرِّكُ فِيهِمْ غَيْرَ الْـمَشَاعِرِ السَّطْحِيَّةِ الْعَابِثَةِ، وَلَا يُقِرُّ فِيهِمْ غَيْرَ الِاطْمِئْنَانِ الرَّخِيصِ وَلَا يُوحِي إِلَيْهِمْ إِلَّا الْإِحْسَاسَ الْـمُبْتَذَلَ، وَلَا يَمْنَحُهُمْ غَيْرَ الرَّاحَةِ الْفَارِغَةِ، وَلَا يَغْمُرُهُمْ إِلَّا بِالتَّسْلِيَةِ وَالْـمَلَذَّاتِ السَّخِيفَةِ الَّتِي لَا تُكَوِّنُ فِيهِمْ رَأْيًا، لَهُوَ كَاتِبٌ يَقْضِي عَلَى نُمُوِّ الشَّعْبِ وَتَطَوُّرِ الْـمُجْتَمَعِ!
إِنَّ وَاجِبَ الْكَاتِبِ يُحَتِّمُ عَلَيْهِ أَنْ يُـحْدِثَ أَثَرًا سَامِيَ الْهَدَفِ فِي النَّاسِ، وَخَيْر أَثَرٍ يمكن أن عَمَلٌ فِي النَّاسِ: هُوَ أَنْ يَجْعَلَهُمْ يُفَكِّرُونَ تَفْكِيرًا حُرًّا، أن يَدْفَعهُمْ إِلَى تَكْوِينِ رَأْيٍ مُسْتَقِلٍّ وَحُكْمٍ ذَاتِيٍّ!&
لَقَدْ مَاتَ الْحَكِيمُ وَبَقِيَتْ كَلِمَاتُهُ دُسْتُورًا أَبْنِي عَلَيْهِ حَيَاتِي، وَعَلَى الدَّرْبِ نَسِيرُ، فَيَا كَاتِبَ التَّارِيخِ دَوِّنْ بِالصَّفَحَاتِ أَنَّ هُنَاكَ قُلُوبًا ما زَالَتْ تَنْبِضُ بِحُبِّ الْخَيْرِ وَإِنْكَارًا لِلذَّاتِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا) سورة النساء_الآية(9)
الْحَيَاةُ، مَا أَجْمَلَهَا، وَمَا أَبْهَاهَا بِمَظَاهِرِ الجَمَالِ مِنْ كَلِمَةٍ، مُتَزَيِّنَة كَالْوَرْدِ الْـمُتَفَتِّحِ فِي الْبَسَاتِين!
أَسْتَهِلُّ حَدِيثِي مَعَ حَضَرَاتِكُمْ فِي مُؤَلَّفِي هَذَا، لَا لِأَكُونَ مَحَلَّ إِعْجَابِكُمْ، أَوْ لِتُحَرِّكَ كَلِمَاتِي أَحَاسِيسَ وَمَشَاعِرَ كَادَتْ أَنْ تَنْدَثِرَ فِي عُمْقِ أَعْمَاقِكُمْ، أَوْ لِيُقَالَ كَاتِبَة، أَوْ شَاعِرَة أَوْ لِأَحْكِيَ رِوَايَةً خَالِيَةً مِنَ الْـمَعَانِي تُضَيِّعُ وَقْتِي وَوَقْتَكُمْ.
بَلْ سَأَكْتُبُ عَنِ الْـمَـاضِي وَمَدَى اتِّصَالِهِ بِالْـحَاضِرِ، لِنُضِيءَ الْـمُسْتَقْبَلَ بِمَشَاعِلَ أَلِفْنَاهَا فِي حَيَاتِنَا، وَسَتَظَلُّ تَلْتَفُّ أَيْدِينَا حَوْلَهَا حَتَّى لَا يَنْطَفِئَ نُورُهَا، فَتُظْلِمُ طُرُقَاتُنَا وَطُرُقَاتُ مَنْ بَعْدنَا. إِيمَانًا مِنَّا بِأَنَّ الْكَلِمَةَ هِيَ السِّلَاحُ الَّذِي لَا تَنْفَدُ ذَخِيرَتُهُ، بَلْ تُدَوِّي طَلَقَاتُهُ فِي أُذُنِ كُلِّ مَنْ أَصَابَهُ الْجَهْلُ فَصَارَ كَالْأَصَمِّ الَّذِي لَا يَسْمَعُ وَكَالْأَعْمَى الَّذِي لَا يَرَى.
أَكْتُبُ مِنْ مُنْطَلَقِ الْإِحْسَاسِ بِالْـمَسْؤُولِيَّةِ الَّذِي يَكَادُ يَقْتُلُنِي؛ فَكَيْفَ أَحْيَا وَهَذَا الْجَهْلُ مُسْتَلٌّ كَالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَي أَقْرَانِي يُبَارِزُنِي؟ فَلَا تَقْبَلُ كَلِمَاتِي أَنْ تَقِفَ بِلَا دَوِيٍّ يُزِيلُ رُكَامهُ، فَالصُّعُوبَاتُ جَمَّة، وَالْأَسْوَارُ أَعْلَى مِنْ سُورِ الصِّينِ فِي الِارْتِفَاعِ، أُهْدِيكُمْ كَلِمَاتِي مُمْتَزِجَةً بِمَشَاعِرِ الْحُبِّ لِأَقْرَانِي وَأَبْنَائِي وَأَحْفَادِي، مُتَسَلِّحَة بِالْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ وَالْهِمَّةِ، لِتَكُونَ عَصا يَتَّكِئُ عَلَيْهَا كُلُّ مَنْ أَصَابَهُ الْعَمَى، وَصَوْت الْحَقِّ، كَيْ تَفُكَّ طَلَاسِمَ الْجَهْلِ عَنْ رُؤُوسِ الَّذِينَ أَصَابَهُم الصَّمَمُ.
فَقَدْ تَرَكَ لَنَا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ الْمَثَلَ وَالْمِثَالَ فَهَا هُوَ إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-عِنْدَمَا أَمَرَهُ رَبُّهُ –سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-أَنْ يُنَادِيَ فِي الْحَجِّ، فَنَطَقَ صَوْتُ الْعَقْلِ: & كَيْفَ أُنَادِي، وَلَا يُوجَدُ أَحَدٌ يَسْمَعُنِي فِي تِلْكَ الصَّحْرَاءِ الْقَاحِلَةِ؟!& فَجَاءَهُ الْوَحْيُ بِأَن يَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْإِجَابَةُ قَالَ تَعَالَى: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) صَدَقْتَ يَا رَبِّي فَقَدْ أَدْرَكْتُ وَأَيْقَنْتُ شُعُورَ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-وَاسْتَجَبْتَ لِي.
سَأَكْتُبُ لِأَغْرِسَ الْأَمَلَ فِي الْقُلُوبِ الَّتِي أَصَابَهَا الْيَأْسُ، وَتَـمَلَّكَهَا الْأَلَمُ، لِأَسُوقَ الْخَيْرَ بَيْنَ دَفَّاتِ كَلِمَاتِي لِلْخَيِّرِينَ، وَنَهْدِم طُقُوسَ الْحِقْدِ وَالْحَسَدِ فِي قُلُوبِ الْكَارِهِينَ، وَلِيُولَد شعَار: & لَا يَأْسَ مَعَ الْحَيَاةِ مَا دَامَ هُنَاكَ أَمَلٌ&.
قَالَ تَوْفِيق الْحَكِيمُ: & إِنَّ مُهِمَّةَ الْكَاتِبِ لَيْسَتْ فِي مُجَرَّدِ إِقْنَاعِ الْقَارِئِ؛ بَلْ فِي التَّفْكِيرِ مَعَهُ! مَا أَرْخَصَ الْأَدَبَ لَوْ أَنَّهُ كَانَ وَسِيلَةً لِلَّهْوِ...لا، إِنَّ الْأَدَبَ طَرِيقٌ إِلَى إِيقَاظِ الرَّأْيِ. لَا أُرِيدُ مِنَ الْكاتبِ أَنْ يُرِيحَ قَارِئَهُ وَيُلْهِيه، إِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ يَطْوِيَ الْقَارِئُ الْكِتَابَ فَتَبْدَأُ مَتَاعِبُهُ!
أُرِيدُ مِنَ الْقَارِئِ أَنْ يَكُونَ مُكَمِّلاً لِلْكَاتِبِ، يَنْهَضُ لِيَبْحَثَ مَعَهُ، وَلَا يَكْتَفِي بِأَنْ يَتَلَقَّى، ثُمَّ يَتَثَاءَبُ فِكْرُهُ وَيَنَامُ! إِنَّ مُهِمَّةَ الْكَاتِبِ لَيْسَتْ فِي تَـحذير النُّفُوسِ، بَلْ فِي تَحْرِيكِ الرُّؤُوسِ. إِنَّ الْكَاتِبَ مِفْتَاحٌ لِلذِّهْنِ يُعِينُ النَّاسَ عَلَى اكْتِشَافِ الْحَقَائِقِ وَالْـمَعَارِفِ بِأَنْفُسِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ.
إِنَّ مُهِمَّةَ الْكَاتِبِ فِي نَظَرِي هِيَ تَرْبِيَةُ الرَّأْيِ وَكُلّ كَاتِبٍ لَا يُثِيرُ فِي النَّاسِ رَأْيًا أَوْ فِكْرًا أَوْ مَغْزًى، يَدْفَعُهُمْ إِلَى التَّطَوُّرِ أَوِ النُّهُوضِ أَوِ السُّمُوِّ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَلَا يُحَرِّكُ فِيهِمْ غَيْرَ الْـمَشَاعِرِ السَّطْحِيَّةِ الْعَابِثَةِ، وَلَا يُقِرُّ فِيهِمْ غَيْرَ الِاطْمِئْنَانِ الرَّخِيصِ وَلَا يُوحِي إِلَيْهِمْ إِلَّا الْإِحْسَاسَ الْـمُبْتَذَلَ، وَلَا يَمْنَحُهُمْ غَيْرَ الرَّاحَةِ الْفَارِغَةِ، وَلَا يَغْمُرُهُمْ إِلَّا بِالتَّسْلِيَةِ وَالْـمَلَذَّاتِ السَّخِيفَةِ الَّتِي لَا تُكَوِّنُ فِيهِمْ رَأْيًا، لَهُوَ كَاتِبٌ يَقْضِي عَلَى نُمُوِّ الشَّعْبِ وَتَطَوُّرِ الْـمُجْتَمَعِ!
إِنَّ وَاجِبَ الْكَاتِبِ يُحَتِّمُ عَلَيْهِ أَنْ يُـحْدِثَ أَثَرًا سَامِيَ الْهَدَفِ فِي النَّاسِ، وَخَيْر أَثَرٍ يمكن أن عَمَلٌ فِي النَّاسِ: هُوَ أَنْ يَجْعَلَهُمْ يُفَكِّرُونَ تَفْكِيرًا حُرًّا، أن يَدْفَعهُمْ إِلَى تَكْوِينِ رَأْيٍ مُسْتَقِلٍّ وَحُكْمٍ ذَاتِيٍّ!&
لَقَدْ مَاتَ الْحَكِيمُ وَبَقِيَتْ كَلِمَاتُهُ دُسْتُورًا أَبْنِي عَلَيْهِ حَيَاتِي، وَعَلَى الدَّرْبِ نَسِيرُ، فَيَا كَاتِبَ التَّارِيخِ دَوِّنْ بِالصَّفَحَاتِ أَنَّ هُنَاكَ قُلُوبًا ما زَالَتْ تَنْبِضُ بِحُبِّ الْخَيْرِ وَإِنْكَارًا لِلذَّاتِ.