نوستالجيا الحكاية - د. أيمن دراوشة - آمال المازوري

سوق واقف ... موطن الثقافة

د. أيمن دراوشة – ناقد أدبي أردني

يعد سوق واقف التراثي موطنًا للثقافة والفنون، وهو المكان الذي طالما ألهم الشعراء والكتاب فكتبوا فيه أجمل الكلمات، وأروع القصائد.

وقد استوقفتني إحدى الخواطر عن سوق واقف، فآثرت الكتابة عنه حيث مزجت كاتبته الحكواتية آمال المازوري بين الشعر والفن الحكائي والوصف المتقن بأسلوب سردي يأسر الخيال، حيث يأخذك النص في رحلة فنية ثقافية إلى سوق دبرا.

بلغة شاعرية متقنة، ووصف مفصل ينقل الأجواء بشكل واقعي ويبرز تألق النص بإشباع التفاصيل الثقافية والتراثية، مع استخدام الوصف الحسي الذي يجعل القارئ يعيش تجربة السوق وكأنه حاضر فيه.

"في نقطة يتوقف فيها الزّمان، بل يكاد خفقان القّلب يشتّد وتتعالى دقّاته مُعلنا عن شيء غير عادي"

الاستعارات الموجودة، مثل "شانك شان" و"كم أنت جميلة أيتها السّاحة"، تضيف لمسة فنية وجمالية إلى النص. كما تبرز التفاصيل الشخصية والذكريات الشخصية، مثل لحظات الشاي الأخضر وزقاقات خان الخليلي، ما يزيد من إحساس الانتماء والنوستالجيا.

"ويأخذني الشَّوق بسُرعة دون تريّث أو استشارة رأي، إلى حلاوة كؤوس الشّاي الأخضر المُنعنع"

كما يُلاحظ في النص استخدامًا رائعًا للوصف والعبارات الشاعرية، مما يعزز جاذبية السرد إذ يظهر التركيز على الجوانب الثقافية والتراثية، وتوجيه الانتباه للتفاصيل الصغيرة يُضيف طابعًا فريدًا للسرد.

إضافة لاستخدام الصور البصرية واختيار كلمات تصف الألوان والروائح والأصوات بشكل مفصَّل مما يساعد على تشكيل لوحة ذهنية غنية التعبير عن المشاعر بشكل أكثر عاطفية: وتسليط الضوء على الاندماج بين الزمان والمكان بشكل يعكس العواطف والنوستالجيا.

وتبرز الصور البصرية مثل "الشجرتان المتلاحمتان" و"الجدائل تزينها" و"اللون الأحمر المخطط بالأبيض"، ما يضفي جمالًا بصريًا على النص ويُظهر التفرغ للتفاصيل الصغيرة مثل الحياة الملونة في السوق ويعكس تفاعل الكاتبة الشغف والحنين تجاه هذا المكان

كما تبرز العبارات الشاعرية مثل "شانك شان" و"أه ثم أه" جمال اللغة وتضفي لمسة فنية على النص. الاستخدام الفعّال للميتافور والتناقض يضيف بُعدًا فنيًا وعاطفيًا.

إن التوازن الرائع بين الوصف التقني والتعابير الشاعرية قد عزز جاذبية النص وجعله تحفة أدبية تحمل رونق الفن وجمال الذاكرة.

تظهر قدرة الكاتبة على استخدام ظاهرة الإشباع بشكل فعّال، مع التركيز على تفاصيل الحياة اليومية واللحظات البسيطة التي تضفي عمقًا إلى النص، وكذلك الاهتمام بالعبارات الفنية الذي أضفى تأثيراً خاصًا، وكأن النص يتراقص بين السطور بأنغام موسيقية.

التفاعل الشخصي مع المكان واللحظات يضفي طابعًا فريدًا ونابضًا بالحياة. يظهر الحس الفني في اختيار الكلمات وتناغمها، وكأن الكاتبة ترسم لوحة فنية تحكي حكاية المكان وتختزن الذكريات الجميلة.


"أو داخل سوق مطرح بحوانيته المميّزة تحت رائحة اللّبان ودشاديش أهلها النّاصعة البياض كصفاء ونقاء وبياض قلوبهم، او سوق الشرق، وما أدراك بسوق خورفكان القديم"

في الختام، يبرز النص كقطعة أدبية تنقلنا إلى عالم آخر مليء بالجمال والفن، حيث تخلق الكلمات لوحة تجسد جمال الحياة وروعة التراث الأصيل متمثلا بسوق واقف.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى