د. أيمن دراوشة - قراءة نقدية لتقنيات الشعر في قصيدة "حذاء" لرضا ديداني - قراءة فنية تحليلية: د.أيمن دراوشة

القصيدة:

حذاء!!

تتخطى الحذاء،

تماما مثل الحرباء وتبالي كثيرا بتربتها

تتخطى الحذاء

مثلها يفعل الريح،

وهي تتغنى مثلها،

كنت ارقص وأريح الريح

وأغطي السوسنات لتتعالى

بأرق الصباح،

على شرفة خالية

هب الريح،

تبعثرت كلماتها، وبيدها

غطت فضائحها الحناء

مثلنا يفعل الريح

كنت على الخطى

وكانت دون سواري

تلك اللحظة لم تعد تثيرني

ولم يعد الريح يثير رعشتها

أعلى من ورق الخريف مر

وهي دون أصابع الدوالي

تلك اللحظة غطت فضائح الياسمين

مررت أصابعي لحظتها،

مثلها تماما أو ما يزيد

مثلها تماما

تراجعت قليلا

حتى ترقص مثل الريح

والريح تعثر

الريح التي ترملت

المطر الذي سقط

ثلج متأخر الذي تساقط

لم يغسل جناحها

ولم يغط غيابها

رقصت، رقصت

حتى تعلق معطفها

مثل ورقة الخريف

قبل الشتاء الأخير

كانت تحلم

كانت تضلل غواياتها

كانت على عرشها

مرة أميرة، ومرات غانية

المرأة التي ضيعها الريح

الشتاء مثل اللوحة تمامًا

رسمت،

علقت،

ككل اللوحات

العارض الأخير،

علق معرضه وتفرق الزوار

وهي ترقص مع الريح،

مثل عصفور دون جناح

رضا ديداني

التحليل الفني:

التشبيه والتصوير الشعري: يتم استخدام التشبيهات بين الحذاء والريح والمواسم والأشياء الطبيعية مما عزز الرمزية في النص الشعري وأوجد صورًا شعرية فريدة.

التكرار: استخدم الشاعر أسلوب التكرار الذي لم يكن عبثًا فتكررت عبارة "تتخطى الحذاء" و"مثلها يفعل الريح" لإبراز استمرارية الحالة، وتوضيح سبب التكرار.

الرمزية: وببراعة الشاعر المتمكن يستخدم الشاعر الشتاء الأخير – العارض الأخير –– ورق الخريف - الحذاء - الريح - المواسم كرموز للحياة والتبدل والمرور الزمني.

التغير والتطور: يتلاعب الشاعر بالمشاهد وتتبدل المشاعر الموجودة في القصيدة من بداية القصيدة حتى نهايتها، مما يبرز تطور الحالة العاطفية المتأججة للشاعر.

الإيقاع والتوزيع: تتميز القصيدة بشكلها الهندسي المنظم، وبتوزيعها الدقيق للكلمات والإيقاع الجميل الذي يساعد في نقل الأحاسيس والمشاعر وكذلك الجمل الموسيقية التي أعطت للقصيدة هيكلًا وتنظيمًا مميزين.

التراكيب اللغوية: يستخدم الشاعر تراكيب لغوية مبتكرة ومتنوعة ومثال على ذلك التشبيهات والاستعارات والتراكيب اللغوية الرقيقة بهدف تطعيم المعنى ودفع القارئ نحو التفكير العميق في موضوعات النص المطروحة.



الرموز الثقافية: يبرز في النص الشعري رموزٌ ثقافية مثل السوسنات واللوحة والياسمين وورق الخريف... مما يعزز الجو الشعري والثقافي للقصيدة.

التناوب في الصور البصرية: استخدم الشاعر الأفعال الحركية لتكون ذات أثر وتأثير مما يضفي على القصيدة نوعًا من الرشاقة والليونة مثل هبت – رسمت - علقت – رقصت – علقت... حيث تتناوب القصيدة بين صور بصرية تشعر القارئ بالحركة والحيوية مثل "تتخطى الحذاء" و"ترقص مثل الريح"، وصور ثابتة تعبر عن الثبات والوقوف مثل "على شرفة خالية" و"كنت على الخطى".

الغوص في الطبيعة والبيئة: يتميز الشاعر بالغوص في تفاصيل الطبيعة والبيئة المحيطة به مما أضفى عمقًا وجاذبية إلى القصيدة.

اللحظات الحساسة والتفاصيل الصغيرة: يركز الشاعر على لحظات صغيرة وتفاصيل دقيقة مثل "تمامًا مثل الحرباء وتبالي كثيرا بتربتها"، "تلك اللحظة غطت فضائح الياسمين " مما يعكس قدرته على اصطياد اللحظات الحساسة وتحويلها إلى كلمات شاعرية بكل احترافية.

الاستخدام الفعال للألوان والأصوات: يستخدم الشاعر ألوانًا وأصواتًا تخلق جوًا ملموسًا وتعزز تجربة القارئ، مثل "الريح التي ترملت" و "الشتاء مثل اللوحة تماما".

هذه بعض العناصر الفنية التي لمسناها في القصيدة، والتي تساهم في إثراء تجربة القارئ وفهم الرسالة التي يحاول الشاعر توصيلها.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى