المرأة... تلك المرأة بمعطفها السميك وشعرها الذهبي تقف في المحطة هذا الصباح منتظرة حافلة قد لا تأتي... المرأة... تلك المرأة التي سافرت إلى جهة البحر وتركت قلبي يقضم أظافره حزنا على...
المرأة... تلك المرأة التي نهضت باكرا وأشعلت التنور بعد عناء البحث عن الحطب من أجل خبز ساخن للأطفال ثم انطلقت مسرعة لتدرك زميلاتها اللواتي تحملهن شاحنة مثل قطيع الغنم الى الحقول البعيدة من أجل تدريب الأرض على الولادة مثلهن...
المرأة... تلك المرأة التي تعود في المساء متعبة بعد عناء يوم طويل في مصانع النسيج وهي تحلم بالانتصار الفجائي على العنوسة والشقاء، ترتب أحلام الغد وهي ترتب ملابسها في خزانتها الخشبية وتحلم أن يتزوج الأبطال بالأبطال في اخر حلقة من مسلسل تلفزي لا ينتهي...
المرأة... تلك المرأة التي تستقبل الأمومة بعد عناء المخاض تنعس في فراش الولادة كملاك شفيف وتحضن في دعة مستقبل امرأة سترث سيرتها وتكرر أحلامها...
المرأة... تلك المرأة كانت صغيرة بميدعة سماوية اللون يلسع برد الشتاء أرنبة أنفها وهي ذاهبة الى مدرسة النور ثم الى أول الصف تمضي وفي أول الصف تتألق في الحلم بأن تصير في يوم من الأيام مكان المعلمة فوق المسطبة بين أصابعها الطباشير وفي قلبها تباشير الربيع الأولى ثم تصعد مدرج الأمنيات قليلا قليلا فتصير مديرة المدرسة ثم أستاذة ثم طبيبة ثم مهندسة ثم محامية ثم مسؤولة رفيعة المستوى بنظارات طبية تتأرجح أسفل جفنيها ثم ملاكا يحلق بلا أجنحة الى أن يوقظها جرس الوقت وقد مر الى أنغامه الأبدية...
المرأة... تلك المرأة التي تجادل قذيفة حرَّرَتْها من بيتها الصغير وشرّدتها وتحاور ضميرا انسانيا هجّرها وأبناءها من وطن أم الى لا مكان...
المرأة... تلك المرأة التي تداوي جروح الغزال وجروحي وتسامح أبناءها الأشقياء وتستجدي ذكورة كي تؤوب الى خوفها في الهزيع الأخير ولا تعتدي بالضرب على لوز ذاك الجسد...
المرأة... عذاب تلك المرأة تُسيل دموعي فأبكي تحت نوافذها وتحت نوافذها أرتعد... وأطعن حمق الحضارات وحماقة ذكورتي البالية ...
المرأة... بكاء تلك المرأة وهي تريد الوصول الى ابنها من وراء الحواجز وقد دفعها الناموس لتسقط أرضا...
طيفها سيظل طويلا خافقا في صدري مثل الذل والعزلة الخانقة...
المرأة... تلك المرأة التي حملت سلاح العزة وذادت عن الوطن وقاتلت من أجل أرضها وتاريخها ومستقبلها وأخجلت العسكر الغازي بإصرارها على الصمود ولم تجد شيئا تذود به سوى الحجارة والبكاء...
المرأة... تلك المرأة التي عاشت عصورا من العبودية والاسترقاق والذلّ والهوان ولم تكن غير لعبة في يد خشنة مازلتُ أسمعُ سوط السياط على جسمها الغض منذ سبعة آلاف عام وأسمعها تناديني من وراء المواضي ولكنّني لا أستطيع الرجوع إليها لأنقذ روحها من أسرها...
المرأة... تلك المرأة التي تكتب عذاباتها بالحبر السري وتكتم صوتها بكاتم الصوت خوفا على لياقة رجل صارت تُكبّلني وتفضح عجزي وعنجهيتي ومرارة غروري وادعائي تلك التي ظلَّت شذى الآتي، زهرةً غيبيةً، ما سيهيم البحر في أهدابها وما سيقتله نهر جمال مفترس...
المرأة... تلك المرأة التي أهوى نهرها الفضيَّ حين ترتوي منه الصبايا وأهوى عطرها البريَّ حين يكتوي فيه السكارى وأهوى طيرها السحريَّ سحرا يتمادى في الغناء..
المرأة... تلك المرأة وهي ريعان الحدائق وبعضٌ من جنان الخلد للعصر الصغير وعين الله عندما تأتلقُ العيون وشرطُ الخلق كيما يستوي الخلقُ وخوف الموت إن جاءت وخوف السحر إن غابت وخوف الروح إن مرَّتْ على البحر يموتُ الماءُ فيه ثم يحيا ويموت، قلقُ السجَّانِ إنْ ذَابَتْ قيود، قَلَقُ العُمْرِ على العُمْرِ يَفُوتْ...
المرأةُ...
تلك المرأة...
آنَ لِي أنْ أسمّيها بلادي (...)
في 08 مارس 2009
المرأة... تلك المرأة التي نهضت باكرا وأشعلت التنور بعد عناء البحث عن الحطب من أجل خبز ساخن للأطفال ثم انطلقت مسرعة لتدرك زميلاتها اللواتي تحملهن شاحنة مثل قطيع الغنم الى الحقول البعيدة من أجل تدريب الأرض على الولادة مثلهن...
المرأة... تلك المرأة التي تعود في المساء متعبة بعد عناء يوم طويل في مصانع النسيج وهي تحلم بالانتصار الفجائي على العنوسة والشقاء، ترتب أحلام الغد وهي ترتب ملابسها في خزانتها الخشبية وتحلم أن يتزوج الأبطال بالأبطال في اخر حلقة من مسلسل تلفزي لا ينتهي...
المرأة... تلك المرأة التي تستقبل الأمومة بعد عناء المخاض تنعس في فراش الولادة كملاك شفيف وتحضن في دعة مستقبل امرأة سترث سيرتها وتكرر أحلامها...
المرأة... تلك المرأة كانت صغيرة بميدعة سماوية اللون يلسع برد الشتاء أرنبة أنفها وهي ذاهبة الى مدرسة النور ثم الى أول الصف تمضي وفي أول الصف تتألق في الحلم بأن تصير في يوم من الأيام مكان المعلمة فوق المسطبة بين أصابعها الطباشير وفي قلبها تباشير الربيع الأولى ثم تصعد مدرج الأمنيات قليلا قليلا فتصير مديرة المدرسة ثم أستاذة ثم طبيبة ثم مهندسة ثم محامية ثم مسؤولة رفيعة المستوى بنظارات طبية تتأرجح أسفل جفنيها ثم ملاكا يحلق بلا أجنحة الى أن يوقظها جرس الوقت وقد مر الى أنغامه الأبدية...
المرأة... تلك المرأة التي تجادل قذيفة حرَّرَتْها من بيتها الصغير وشرّدتها وتحاور ضميرا انسانيا هجّرها وأبناءها من وطن أم الى لا مكان...
المرأة... تلك المرأة التي تداوي جروح الغزال وجروحي وتسامح أبناءها الأشقياء وتستجدي ذكورة كي تؤوب الى خوفها في الهزيع الأخير ولا تعتدي بالضرب على لوز ذاك الجسد...
المرأة... عذاب تلك المرأة تُسيل دموعي فأبكي تحت نوافذها وتحت نوافذها أرتعد... وأطعن حمق الحضارات وحماقة ذكورتي البالية ...
المرأة... بكاء تلك المرأة وهي تريد الوصول الى ابنها من وراء الحواجز وقد دفعها الناموس لتسقط أرضا...
طيفها سيظل طويلا خافقا في صدري مثل الذل والعزلة الخانقة...
المرأة... تلك المرأة التي حملت سلاح العزة وذادت عن الوطن وقاتلت من أجل أرضها وتاريخها ومستقبلها وأخجلت العسكر الغازي بإصرارها على الصمود ولم تجد شيئا تذود به سوى الحجارة والبكاء...
المرأة... تلك المرأة التي عاشت عصورا من العبودية والاسترقاق والذلّ والهوان ولم تكن غير لعبة في يد خشنة مازلتُ أسمعُ سوط السياط على جسمها الغض منذ سبعة آلاف عام وأسمعها تناديني من وراء المواضي ولكنّني لا أستطيع الرجوع إليها لأنقذ روحها من أسرها...
المرأة... تلك المرأة التي تكتب عذاباتها بالحبر السري وتكتم صوتها بكاتم الصوت خوفا على لياقة رجل صارت تُكبّلني وتفضح عجزي وعنجهيتي ومرارة غروري وادعائي تلك التي ظلَّت شذى الآتي، زهرةً غيبيةً، ما سيهيم البحر في أهدابها وما سيقتله نهر جمال مفترس...
المرأة... تلك المرأة التي أهوى نهرها الفضيَّ حين ترتوي منه الصبايا وأهوى عطرها البريَّ حين يكتوي فيه السكارى وأهوى طيرها السحريَّ سحرا يتمادى في الغناء..
المرأة... تلك المرأة وهي ريعان الحدائق وبعضٌ من جنان الخلد للعصر الصغير وعين الله عندما تأتلقُ العيون وشرطُ الخلق كيما يستوي الخلقُ وخوف الموت إن جاءت وخوف السحر إن غابت وخوف الروح إن مرَّتْ على البحر يموتُ الماءُ فيه ثم يحيا ويموت، قلقُ السجَّانِ إنْ ذَابَتْ قيود، قَلَقُ العُمْرِ على العُمْرِ يَفُوتْ...
المرأةُ...
تلك المرأة...
آنَ لِي أنْ أسمّيها بلادي (...)
في 08 مارس 2009