عادل المعيزي

المرأة... تلك المرأة بمعطفها السميك وشعرها الذهبي تقف في المحطة هذا الصباح منتظرة حافلة قد لا تأتي... المرأة... تلك المرأة التي سافرت إلى جهة البحر وتركت قلبي يقضم أظافره حزنا على... المرأة... تلك المرأة التي نهضت باكرا وأشعلت التنور بعد عناء البحث عن الحطب من أجل خبز ساخن للأطفال ثم انطلقت...
حينَ وقفتُ أمشّطُ أحجيةً في الشرفةِ قربَ غيابِ البحرِ سمعتُ حنينًا يصرخُ: بيني باندو! لمْ أدركْ مصدرَ ذاك الصوت بدَا لي مُحْتَدِمًا وأصَخْتُ مَلِيًّا، جاءَ الصوتُ رَخيمًا: بِينِي باندُو!.. فكَّرْتُ طويلاً في معنى الصوتِ ومعنَى اللفظِ.. وقلتُ لعلَّ شعارًا ثوريًّا مازالَ صداهُ يَحُومُ قريبًا من...
الوقتُ مكنسَةٌ تُُزيحُ دَمَ الضَّحَايَا والضَّحَايَا...جَمَّعَتْ أَوْزَارَها صَفْصَافَةٌ إحْدَى جِهَاتي غَمْغمَتْ : قُلْ بعضَ ما خَلَّفْتَهُ في آخراتِ الليلِ للصّمتِ الذي نَثَرُوا أَسَافِلَهُ على لُجَجِ الرؤى قلْ ما تُريدْ واقصُصْ علينا ما استطعتَ من الحَكَايَا والحكايا... كائناتٌ نبضُها مِزَقُ...
□ خَطَاطِيفُ عُمْرِي تُحَلّقُ فِي بَاحَةِ الدّارِ عِنْدَ الخَرِيف أَرَاهَا فَأَرْمُقُ لَوْنَ السَّمَاءِ الرَّمَادِي خَلْفَ الغُرُوب وَسِرَّ البِلاَدِ البَعِيدَه أَرَاهَا فَتَأْتِي القَصِيدَةُ مُثْقَلَةً بَالهُمُوم وتَأْتِي الخَطَاطِيفُ فَوقَ يَدَيَّ وتَبْسطُ لِي صَهْوَةً مِنْ جَنَاحِ الرَّحِيل...
أمْس منذ .. ألف عام قَـيَـّدُوني بالعويلِ المترامي في ذُهُولي كي تتيهَ البَوْصَلة كان موتي - عندَها - وسط الصيحات نصر الله دون المقصلَهْ يَوْمَها، أخَذُوني من ضِياءِ العَيْنِ، حتّى الشّارعِ الممْتَدِّ .. في حنظلةٍ زائغةٍ عنْ جَسَدي، كُلُّ أسْرابِ العَشيره هلّلت - من تحْتِ طُورِي...
الذينَ يَخُونونَ الثورَةَ باسمِ الوَفَاءْ ويُتَرْجِمونَ الحريَّةَ إلى لُغَةِ الفُقَهاءْ ويُحوّلونَ البطونَ الفارغةَ حيثُ آلاف العصافير التي تُزقْزقُ الذينَ يُخرجونَ منْ صندوق الاقتراع الخرفانَ والأوراق النقديّةَ البالية ويُغيّرونَ الأحلامَ إلى كوابيس ويَنْثُرونَ الدموعَ على الوَسائد...
أنْ تَحْيَا في هذا العَالَمِ كعُودِ ثِقَابٍ في الظلمة يَتَأَرْجَحُ لا يَسْتَعِرُ لا يَخبو في برّيّة أحزانه أو آلامه مبهورًا! أنْ تَحيَا وكأنَّ وحوشًا سائبةً تطارده بقانون انساني منخور صرتُ أركلُ...
لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ.. عِنْدَما افْتَرَشُوا في المَلاجِئ أحْزانَهُمْ هل نَجَوْتُ من المَجْزَرَةْ؟ كانت الطفْلَةُ الأبْجَديَةُ تَأكُل شَيْئًا مِن الخُبْزِ وكان العَشَاءُ ثقيلا كَصَوْتِ القَذائفِ كان الهواءُ رَصاصًا وكانَ الزّحَامْ وبِرَغْوَةِ قُنْبُلَةٍ غَسَلَتْ نِسْوَةٌ ما نَجَا مِنْ أواني...
مهداة إلى الحكّام العرب عَصْرٌ من الظلماتِ نحياهُ وما جاءَ الرسولُ ولمْ يَرَ اللّهُ من الأمراءِ والزعماءِ والرؤَساءِ ما أوْصى به التاريخ. لم نَرَ مَا به ندعو لكم بالخُلْدِ نحن نُحبّكم! اللّحْمُ في أجسادنا من خيركُم والضوْءُ في أبصارنا من نورِكُمْ. وهواؤنا ممّا تنفّستُم وما نقتاتُ منه منْ...
عبقُ الليلِ يجيءُ وأنتِ بعطرٍ سِرِّيٍّ في نُقْطَةِ جْرَافِنْبِرْغْ حينَ أُدَاعِبُها وطيورٌ فاتِنَةٌ في نَهْدَيكِ وأقمارٌ تَرشُفُ خِصْرَكِ فَتَّشْتُ هُنَا في قَلبي عنْ لونِ الحُبِّ هُنَا في قَلبي، العالَمُ في لَوْنِ الرغبةِ كوني يا روحي في لون الرقصِ وكوني في لونِ العطرِ السريِّ وفي لونِ الشرفَةِ...
-1- وضع احد الصيادلة في احدى الضواحي لافتة أعلى باب الصيدلية كتب عليها «صيدلية الفنون... !" لا شك ان هذه اللافتة التي تزينها الاضواء في الليل ينقصها الكثير مما لم يقع الاعلان عنه. ولا شك أنّ الفنون تجد استعمالا لها في جميع الظروف وفي كثير من المواطن.. ولذلك فسيكون من المسموح لي إذن أن أنزع...
وأنا أراجع مقدمة عبد الرحمان ابن خلدون في ما يتعلق بمسألة الأقاليم في تكملة المقدمة الثانية من الفصل الأول من الكتاب الأوّل لاحظت في فقرة "تفصيل الكلام على هذه الجغرافيا" أنّه يشير إلى الجزء الشمالي من قارة أمريكا بل إنّه يشير إلى دوران الأرض وكرويتها بوضوح ممّا جعلني أنسى حكاية الأقاليم وأغرق...
رذاذ يُبلّلهُ الشعرُ والطَلُّ حطَّ على الروحِ واغتسلَ الفَجْرُ بالماء بحْرٌ تُغازلهُ الأشرعه وظلّي يُشيرُ إلى عَتْمَةٍ في سفوح القُدامى ستهبطُ غيما حزينا على المرحله إلى أين تمضي.. يُبعثرك الحزن والأسئله تُسافرُ في صخب الروح بين الحقيقة - تعوي من الوهمِ- والارتباك وتستيقظُ الآن من رحلةٍ غامضه...
باسم الحقيقة المطلقة ! عزيزي أبو القاسم، دعيت هذا الصباح الجنوبي المشمس لأتمشّى في بلدتك التي عرفتها في صباك ... أرنو إلى الواحات والى قلبك الطيب وقوتك وعظمتك رغم الهشاشة التي تبدو على الشعراء العظام ... ها إنّني أقف هذا الصباح على أطراف البلدة محتفيا بميلادك المائة، أشعر كأنّني في يوم عيد...
الزقزقاتُ دواءُ أرواحٍ مُعلّقَةٍ على قضبانِ هذاك القفصْ الزقزقاتُ.. بِرَغْمِ سُونِيتَاتِها السيرُ صارَ إلى الوراء صُورٌ ككثبان القصصْ الزقزقاتُ.. رنينُ ذاكرةٍ مطابقةٍ لأطيافِ العَسَسْ الزقزقاتُ.. لأنّها مثل الدليلِ على الحقائقِ تَخْتَفي قدْ تَخْتَفي من عالمٍ لا يحتفي إلاّ بِمَا خلفَ الجَرَسْ...

هذا الملف

نصوص
45
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى