عادل المعيزي - أبهؤلاء...

مهداة إلى الحكّام العرب


عَصْرٌ من الظلماتِ نحياهُ وما جاءَ الرسولُ
ولمْ يَرَ اللّهُ من الأمراءِ والزعماءِ والرؤَساءِ
ما أوْصى به التاريخ. لم نَرَ مَا به ندعو لكم بالخُلْدِ
نحن نُحبّكم! اللّحْمُ في أجسادنا من خيركُم
والضوْءُ في أبصارنا من نورِكُمْ. وهواؤنا
ممّا تنفّستُم وما نقتاتُ منه منْ أراضيكم
خذوا ما طابَ من أبنائِنا ونِسائِنَا
وخذوا قصورا تحتمونَ بها، خُذوا آبارَ نَفْطٍ
سوف تحرقكُم. خذوا غَصْبًا قيامتنا وما شئتُم
من الخمْر المُعتّقِ والجواري
ثمّ صلّوا كي تفوزوا بالجنانِ وننتهي نحو الجحيمِ
خُذوا أغانينَا، خذوا شهداءنا لكنْ دعونا
ننتهي سُحُبًا على الصّحراءِ
نحن نُحّبكمْ! أطيافُكم صُوَرٌ مُعلّقةٌ على جدراننا
وأكُفّنا مجروحةٌ من شدّة التصفيقِ في أعيادِكُم
في السلم أو في الحربِ نهتفُ باسمِكُمْ، ونلوكُ في صَمْتٍ
بياناتٍ تبشّرُ دائما بخلودكم في العرْشِ
نحن نحبّكُم! لكنْ دعونا يا ملوكَ حياتِِنَا..
إنَّا نُناشدُكُم بحقّ نسائكم وبحقّ ما ملكَتْ أيَاديكُمْ
نُناديكُمْ كَمَا منْ قبلنا الشعراءُ نَادُوكُمْ
ولم تفْلحْ قدامتُهم ولمْ تفْلحْ حداثتنا
لكيْ تُلقوا رداءَ المُلْكِ عنْ أجسادِكُم أو تخلعوا..
نعْلَ القداسةِ منْ أمَانيكُم نُناديكُمّْ !..
دعوا أَرواحنا لِتَفكّ عنْها ما تمادى منْ حِصَارٍ
قدْ أخذْنا حقّنا في العيش رغم مُوَاتِنا
والآنَ نحلُمُ- مثل فيلٍ يائسٍ -بالموت كيْ نحيَا
ليحْيَا ما سيحْيَا منْ كرامتِنَا..
نُنَاديكُمْْ ! دَعونا نحن أدرى بالسفوحِ وبالأعالي
نَحْنُ أدْرى بانتصارِ الروحِ في عُمْقِ الجحيمِ
ونحنُ أدرى بالجحيمِ
دعوا الخلافَ على الخلافةِ بينكُم
سنعود منْ منفى الخطاب إلى صهيلٍ مُتْعبٍ،
سننوحُ تحت نوافذِ الأسوارِ حتّى تستغيث شواهِدُ الأسلافِ
مُنتحبًا سيأتي صوتنا..
إنَّا نُناديكُم لآخر مرّةٍ لكنَّكُم وَا حسْرَتَا..
كأنينِ إكليلٍ ستتركه المصائرُ
وهو يرحلُ عائما في النهرِ
مُتّجِهًا إلى جُثثٍ تُرابطُ في انتظارِ الموتِ
لا تصغون –كالدَّيْجُورِ في لحظاتِ إشراق الدنى-
إلاّ إلى أنّاتِ هذا الليلِِِ..
والظلماتُ تيجَانٌ على رأسِ الخليقَةِ قبلكم
أنتم مدائحُ رزمة الشعراءِ
إنْ ضَحكَت وإنْ ضحكوا على أذقانكُمْ
لا تسْمعونَ سوى مديحِ دموعنا
أنتم رُعاةُ الملْحِ، ظِلُّ الله في أرْضِ القيامةِ
وهو ظِلُّ ظِلالكم وضَلالكم في عرشه خلف السماء
أَبِهَؤُلاَءْ..
أَتُريدُنا يا ربُّ أنْ نَبْنِي...
ملاذًا آمنًا
أتُريدُنا أنْ نفتَدي
ونطيعَ أُولي أمْرنَا ونُجلّهم
هل نحن شعْبٌ...
أم قرابينٌ لحفلةِ عيدهم
أَبهؤلاءْ..
أبِِهَؤلاء تُريدنا يا ربّ أن نُعلي
مشاعل نَصْرِنَا
أبِهَؤُلاَء تُريدنا يا ربّ أن نمضي
إلى..
أَبهؤُلاَء تريدُ أنْ نرثَ الترابَ، كما ترى دَوْمًا،
ونُبعثَ منْ جديدٍ أنبياءْ
أبهؤُلاَءْ..
أبهؤُلاَءْ..
أبهؤُلاَءْ..


تونس سبتمبر 2000

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى