د. سليمة مسعودي

العالم كله ذئب يا أبت.. والموت رمادي وكثير.. الموت غزير. و أنا..في قلب الموت أواجه ذئب العالم وحدي... الإخوة باعوا دمهم. .. والشرف العربي انتحر الآن على أبواب القدس.. وأوغل في صدري سكين الغدر... ولم يبق لنا غير الموت...ليرحمنا .. من قسوة وحش العالم يا أبت... ولذا سنسير .. وشهيدا خلف شهيد...
من أين أبدأ ليس لي غير الصدى متوترا.. مترنحا متبددا ؟! بعض الكلام استنزفته قصائدي لحنا يراوغ كنهه مترددا والبعض سر غامض مكنونه بحر من الأفكار يرغي مزيدا تلتف حولي هالة من حيرة ليلا يغادره النعاس مسهدا استوقفتني في المقام وأوغرت صدر الهدوء تساؤلا كم أجهدا..! أنأى عن الأفكار أخشى خلوتي وأفيض نهرا...
تغيم العيون إذا ما استبد بها في الرحيل ضباب الوداع.. تغيم طويلا.. غماما كثيفا ...كثيفا كقلب المساء... كما في سماء البراري.. نغرد خارج اسرابنا.. ونهيء أجنحة الشوق للطيران المفاجئ... ما بين أضلاعنا تتمطى الجراح... ويصاعد الوجد.شيئا فشيئا ليبلغ فينا مقام العياء... ونخفي وراء العيون .. جراح الوداع...
من أي مكان يبقى البحر هو البحر.. ونبقى..غرقى فيه نقيس تحولنا عبر الأعوام... حين نخبئ في صورته ألبوم الذكرى.. البحر سحابة صيف... لكن.. تترك فينا ذاكرة أشبه بالماء.. زرقاء...كلؤلؤة تلمع.. عبر رمال حقيقتها.. والبحر زوارقنا.. نحو الشطآن الجبلية .. تخفي جمالا خلابا خلف صخور شاهقة .. في عرض الموج...
وكثيرا ما أسأل نفسي.. ماذا.. لو كنا نرى ما يتجسد في نبض القلب .. على صفحة ماء الوجه... و نكشف عن أقنعة..زائفة.. زاغت فيها أبصار حقائقنا..؟! ماذا لو نبقى منتظرين على الشطآن. زوارق تحملنا للشمس.. و لا تأتي. ؟ ماذا لو.. تحملنا أحلام الليل بعيدا عن هذا الزمن الأسود.. تنقذنا من بطش كوابيس...
في القلب جمر .. في دمي جمر وآه ما أوجع الذنب الذي اقترفت يداه..! قد كان طفلا هادئا. .في يتمه لم يقترف إثما سوى.. ما قد جناه هي لحظة تخبو المشاعر كلها ندما تفجر جارفا روحي وراه ندما يجر الخطو يحبو خائبا عمر المسافة منذ بدء ..منتهاه كم ذا نداوي جرحنا بالنار .. كي نرتاح .. بعض الجرح في الكي...
تغافلنا الخيبات صمتا مواربا وتطعننا طعنا أشد مضاربا نداري بجوف القلب جرحا نازفا ويمنحنا الصبر الطويل مخالبا.. يؤرقنا ليل كأنا نجومه فنوقد للحزن الشموع نواصبا ونشرق في حلق المسافات غصة ونغرب في غمر الدموع مغاربا تسير الليالي ملء جرح قصيدتي تسيل بها النايات لحنا تجاوبا كأني اكتشفت الشمس بعد...
وحدي أحاور في الدجى مرآتي.. وأفك لغز الصمت في خلواتي جيش من الأفكار يزرع حيرتي .. فتضيع في قلب المساء أناتي وحدي ولست معي.. كأي غرببة عني..و لست قريبة من ذاتي تنأى وتبعد في قرار غائر وكأنها لا تنتمي لحياتي... ذات تلبسها سكون غامض ليست أنا..ليست هنا ..لحظاتي وهي التي كانت كمهرة قلبها وغزالة...
بكل مرارة الأشواق.. سال الماء في قلبي.. كنهر في اتجاه الريح.. وعكس عقارب الساعات والتوقيت... كمنفى في مدار التيه تسبقني إليك خطاي.. وتسبقني إليك رؤاي.. نباتا من ربيع القلب...منكسرا على ظمأ.. كطفلة عيدها النبوي ..أعيد إلي إيقاعي...أعطر فجري المجنون بماء الخفق سر الخطوة الأولى..إليك..إلي...
من داخل الطبيعة الإنسانية الأكثر حساسية وإرهافا، من قلب الشاعر يصاعد الشعر ليقدم للبشرية نوعا من المعرفة التي تتراوح بين عالم الإلهي وعالم الطبيعة، فتقدم لنا عوالم الكائن الإنساني الذي ينتمي إليهما معا، ليحقق خصوصيته ككائن مرهف الإحساس، عالي الشعور، متقدة البصيرة، قوي الإرادة، لذلك كان النص...
وهي تسرح بروحي.. في بحرك البعيد.. الليل مدجج بالظلمة.. و الغياب.. ووحدي أرتق للذكرى ثوبها الوحيد.. و الأشرعة كلها ممزقة.. والشواطئ لا تؤدي.. لا تنتظر مني أن أمتلئ بك.. يا زمن الشعر الفائض في.. فقلبي متصدع كثيرا.. لا يقوى على الإبحار.. في مدك الكبير.. وليس لي.. في ظمأ الوقت والمسافة.. غير أن...
تتمدد ذاكرتي في نبض الآن..و ما كان من الماضي..أو ما يحمله الآتي ..فأراه... ما أبعد ما نطلب ..نستجدي..من هبة النسيان..! يا مرآة النهر المتجمد..قد فاض بماء عذوبته...بردا وصقيعا قاسي القلب... يا ظمأ الروح إليك..و قد جفت خطوات الدرب... سأعود لأغسل قلبي ..من شوق ودم .. يغشى كالظلماء سماه.. ما...
يا روح الروح.....وملح الدمع يمزق كل خلايانا.. يا حزن الفرح الطفل الغائر سكينا في القلب. يا وجعا ما كان لنا أن نتحمل قسوته ... كم أنهكت حنايانا.. !! ماذا ترك الموت لنا..لنودع فيه ضحايانا...! يا روح الروح وقلب القلب...... وزهرة عمر وارفة في شجر الحب.. كم كانت تعبق أيامي...فرحا..و هياما...
عشاني الأخير... وتصاعد الروح في ملكوت الضياء .. تغادر ليل الوحوش البهيم... تغدر عالم أوثانهم..كذبهم، ..ظلمهم ، كيدهم... وكل حياة هنالك في كوكب الأرض.. رجس..وباء.. وعيش سقيم.. تغادر أرواحنا بعد هذا العشاء الأخير... إلى المستقر الأخير.. ولا نفس بعدها في حياة تبيد معاني الحياة.. وتكفر...
في خريف سبتمبر.. أنشودة تتلبس لحظاتنا.. مع كل لفحة شوق تصيبنا بارتعاش المسافات.. مستحيلا ممتدا في تشذر الروح.. وتمددها على قامة الهواء اهتزازا من أثر الحنين..... النص : سأغمض عيني.. و أمضي.. بعيدا.. بعيدا.. هناك.. ستأخذني أيها الناي فيك.. رذاذ المساءات في شجر الروح.. ذبذبة لحفيف الوريقات...

هذا الملف

نصوص
71
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى