د. سليمة مسعودي

كخيبات العائدين بهزائمهم.. أرسم الليل وحيدا .. هذا الليل.. وخاليا منك.. ومني.. ومن روح اكتسحها مد الخراب ونجت بأعجوبة.. لم يعد مكان سوى للفراغ المهول.. أعيد فيه ترتيب ذاتي.. بتدرج مغر للأولويات.. أنا.. أنا... أنا.. لكن الأنت ترفض المغادرة.. أيها اللجوج.. كان الصمت ميثاقا بيننا.. لكنه تحول فجأة...
الخذلان.. طعنة غدر قاسية في الظهر.. أوجع من كل نزيف.. من كل جراحات الدنيا.. لا تقصم فينا ظهر الروح.. بل تغرس فينا سكين هزائمنا.. تنزف منا.. تنزف... نبقى شبه الأحياء.. لا موتى نحن .. فيوقف فينا الموت نزيف القلب.. و لا.. أحياء.. نبصر دون دموع غائرة فينا.. خطوات الدرب... الخذلان أن تحرق...
انتظرتك.. كان المكان يعج بالمارة.. و كنت أحتمي بك من صمتي.. أو ربما أحتمي بصمتي منك.. أو ربما أحتمي منكما معا.. .. بكما. . لقد صرتما واحدا مذ عرفتك.. تكسرت النوافذ كلها.. بنقر عصافيرالذكرى.. لم يكن ذنبها.. لكن زجاج قلبي كان هشا.. لدرجة لم يحتمل نقر العصافير.. كيف يمكن أن أصدق.. أننا التقينا...
ياحنيني المعتق من وردة الروح.. يا ولهي.. و احتراقي.. جنوني إذا لفني مهمه الاشتياق.. يقيني و شكي معا.. و جهري و سري... اعتقادي.. و كفري.. كيف تمضي إلى سدرة المشتهى دون قلبي.. و تنثرني في احتمال المجاز..؟! المجاز هباء .. و الهباء ظلال المحبين.. حين تنأى الطريق إلينا.. والهباء انكسار.. و تيتم...
الفراغ امتداد الأبيض فينا.. لغة العدم.. و ميتافيزياء الصمت.. الفراغ.. صدأ الوقت.. و موت التفاصيل.. و ضياع في زحام المسافة.. معركة خاسرة.. ضدنا.. نحن المترفين بما يجرح الذكرى.. و ما يومئ للغد.. أن التصويب جهة الوقت.. يقتل ما تبقى من عصافير .. و لا شجر يدفئها.. الفراغ غياب.. يعرش في النبض.. و ما...
الفراغ الذي عمق الجب ما بيننا.. و استحالت حقول البنفسج أرض اليباب الفراغ الذي.. حفنا بالنهايات.. واغتال فينا بهاء البدايات.. كم موغل في العذاب..! الفراغ الذي...عتق الصمت ما بيننا... عتق الموت ما بيننا... غادرتنا به هاجعات القصائد... أسراب أحلامنا.. و استبد بنا القفر و البرد.. و الجوع.. والظمأ...
ظلك هذا الذي يستريح اعتلالا .. كربح تهب.. على وجنتي.. دمعة.. كهطول السحاب.. ترى. ما ترى.. سر هذي المياه تجرّح فينا تآويلنا.. و تذخرنا..نهر شوق..يغالبنا حين يهتز فينا.. جموح الغياب.. و ينقش فينا المتاهات.. يرتد حقل يباب هي تعلم كم يتصحر نبع الذي بيننا.. حين يمتد مد الشروخ العميقة .. يا موعد...
لم يعد هنالك متسع لغناء. آخر و لحن جديد.. وقد أنهكنا انهمارنا في الفراغ.. و انهيارنا في الوقت ذي الزحام الكبير.. هناك.. حيث ننسانا تماما.. كينوتنا الممعنة في التلاشي شيئا.. فشيئا.. كينونتنا التي استعدنا فيها.. ما تسرب من عمر.. لحظة خارج الزمكانات والممكنات جميعا... و لم نعد نملك القدرة على...
ثمة لحن ما.. يجتذب قلبي إليه.. في هذا الرمادي. الصامت الكئيب.. . لحن أبيض.. يشبه قطرة المطر الأولى.. هادئ كجناحي حمام.. يعرف طريقه للرجوع.. شفاف.. كالنوافذ التي أطل بها علي..قبل أن يجرح زجاجها قلبي.. اصغ إليه..كتدفق ماء في صميم القلب.. كهسهسة اللغة في قلب الظلام.. كهمستك في أذني ..و إطراقتي...
يا صدى في موغلا في دمي.. أيها النهر.. يا لحظة ماضية.. لحظة آتية.. كلها اللحظات سواء.. غبش.. حلم.. كم نهوم فيه.. مدى للمدى..! مثل صوت الكمان الشجي.. أيها الهذيان... جريان المياه التي تتلألأ في لمعة الشمس.. تشعل رغبتنا بالحياة و نحن على ضفة من رؤاك.. مثلما نرتمي في هجوع المساء.. لحظة الحزن فينا...
أغانينا نداء الروح تعتقنا.. ينابيعا من الدفء... فراشات من الضوء.. عصافيرا من التوق.. و أزهارا وسال القلب أنهارا من الشوق وكان السيل مدرارا فأين تميمة الشعر ؟ و أين القمقم السحري يحوي مارد الوجدان يهدم فيه أسوارا من الصمت ويوقظ فيه أسرارا يبث بليلنا الساري حكايات وأقمارا ؟ وهذا الشوق يحدونا...
المعاني.. هي النحن* .. فينا.. نموت احتراقا.. و لا ننصهر.. نموت لنحيا.. وفي كل شمس.. وفي كل ضوء.. وفي كل ليل.. وفي كل درب.. وفي كل قلب.. نحِن إلينا.. نحِن.. نحِنّ.. و لا من خبر.. طريق بلا هدف.. لانهائية الخطوات.. و سيمياء شوق يجيش.. يجيش.. و لا ينكسر.. المعاني هباء.. و لا شيء غير الهباء...
و يجيش قلبي بالسؤال.... ترى متى.. تنزاح عن عيني الغشاوة أبرح الأشواق..كونا إرتجاليا.. يكوكب سيرتي في متنها..؟! .. و متى متى.. تتبدد الأوهام.. تنكسر الحقائق واضحات كاليقين على جباه الوقت.. تشرع غربتي أمداءها..؟! و يطير مرتحلا وراء الأفق هذا الكائن الإنسي لا أدري بما..؟!.. لا يمكن الأسماء و...
ترنو بعين الشمسِ للشمسِ الحقيقةُ.. تغمر الألوانَ لونا خارج الألوانِ.. تنتبذ المدى غيبا يسافر في ظلام الروح شطآنا من التيه المكابر في دمي.. يا رعشة تنمو بقلبي سوسنات من وجع.. و ترتل القداس من وحي السماوي الجريح الدافيء المكنون بين الروح و الروحِ انبهارا و انهمارا.. و انهيارا.. ويل هذا الماء...
إن انفتاح الشعر على الأسئلة الفلسفية الكبرى والآفاق المعرفية الشاسعة جعله في عودة دائمة إلى ذاته ليفكر فيها، عبر حركية التأمل والمحاورة وفتح الاستشكالات العميقة، لذا كانت التجارب الوجودية الكبرى تجسيدا رؤيويا وشعريا لارتحالات الذات عبر سؤال الحقيقة والمعرفة . وإذا كانت المعرفة تفكيرا يخضع للعقل...

هذا الملف

نصوص
65
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى