عادل المعيزي - محرقة اليهودي الأخير..

أنْ تَحْيَا في هذا العَالَمِ
كعُودِ ثِقَابٍ في الظلمة
يَتَأَرْجَحُ
لا يَسْتَعِرُ
لا يَخبو
في برّيّة أحزانه أو آلامه
مبهورًا!
أنْ تَحيَا وكأنَّ وحوشًا سائبةً
تطارده بقانون انساني منخور
صرتُ أركلُ جثّته مثل يهوديٍّ محتلٍّ رأيتُ في شاشة الهاتف يركلُ جثّةً عَرْيَانةً
ترفُّ
حتّى أنّي رأيتُ
شهوةَ الملاك
تَتَدَلَّى
مُحْتَكَّةً بالموتِ
يعلو كنداءات غريق في مهوى بلا قاع
أن تحيا كعيارات طفولة
أو كأنين إمرأة
في هذا الوقت من العام
أكسره
أَرَقٌ حتّى سحابة من الدم
أَرَقٌ حتّى الفجر المُتوالي
حتّى الزبالة فالهاوية
أَرَقٌ حتّى النسيان
يُطلُّ على البحر
كَمَنْ تحرسه صرخات أرواح الرضّع
المقتولين
أَرَقٌ كأنّهُ كَفَنٌ مُغَمّسٌ
في ماء الموسيقى الباردةِ
مازال يُمَارِسُ تهريبَ تبغ الأحلام للذين لا يتوسّلون شيئا ويُفترضُ أنّهم موتى الأحياء
وتهريب بنزين خطانا وتهريب حبوبٍ لتخديرِ الساعة حين تضيق بالمدرج
في المَدْرَج كانَ دليلٌ يُرشدُني إلى غرفتي في نُزل صَنَوْبَرَةِ الكاف
وكنتُ طوالَ الأروقَةِ أصغي لخَديجٍ يَبكي قمرا
يَبكي حَجَرًا
يَبكي ضَمّادةً
يَبْكي بَهْبَرَةً
يَبْكِي قطار الأنفاقِ
يَبْكِي محاولةً واضحةً تُشعُّ في آخر هذا النصِّ
ودِمَاءً تخرج من تحت الأبواب الموصدة/
أبواب الغابةِ
حتّى في ذلك المطعم الصغير أسفلَ بهو الفندق في فطور الصباح
مع الكورواسون والبيض المخفوق
أخذتُ ابني وفي صَحنٍ
وَضَعتُ عليه قليلاً من الملحِ وبالفرشاة والسكين قطعتُ طَرْفًا من أصابعهِ وتَذَوّقتُ
كان الطّعمُ مُختلاًّ وبه بعضُ مرارة
نَسيتُ أنّي في الفُرْنِ تركتُ سَاقَيْهِ خارجَ الموْقد فأفسدتُ الأكلةَ
أحرَقتُ جنازتي في الطماطم
حاولتُ بالفرشاة والسكين مع الرأس
أكلتُ قليلاً من المخّ المفروم تَنْقُصُهُ البَهَارَات
لعقتُ دما طازجا ممزوجا بضمير الشوكولاطة
تسرّب طعم الفحم إلى لغتي
كنتُ أحاول أن أرفع رأسي إلى الشاشة:
طفلٌ أفسده الجزّار بقنبلةٍ،
نصف دماغ مخلوط بالامتعاظ الأحمر،
ثلث الأعضاء تالفة،
[آهٍ يا إلهي لقدْ كان العَجنُ حقيقيّا أكثر من خبز أمّي
نابضةً تحت حطام البيوت
قطعة اللحم]
لا شكَّ سيكونُ سعر سقيطة اللَّحم إيَّاها مناسبا لعشاء الليلة:
مُعَجَّنات بلحم الأطفال مستورد من غزّة



1.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى