- الشهر السادس (تابع)
-ج2-
171 - ( ١٧١ ) غزة : "ووقفتم تسترقون السمع ، وراء الأبواب، لصرخات بكارتها"
اليوم وأمس تدوولت أشرطة فيديو وأخبار عن اغتصاب فلسطينيات في مجمع الشفاء الطبي في غزة.
اعتمد كثيرون على ما قالته المواطنة النشيطة جميلة الهسي المقيمة بالقرب من المجمع ، وأنا أصغيت إلى صوتها.
اغتصبت امرأة حامل أمام زوجها ثم تم قتلها وجنينها .
في قصيدة مظفر النواب " تل الزعتر " قال إن الحقد وصل إلى الأرحام ، لأنها تنجب فدائيين ومقاتلين ، وهم - أي أعداء الفلسطينيين - يريدون إزالة فلسطين من الأرحام .
قبل أيام ، عندما كتبت عن حالات اغتصاب بين السجينات الجديدات من غزة ، اعترض قاريء طالبا أن لا نردد مثل هذا الكلام ، فهو يسهم في بث الرعب بين أبناء شعبنا ويعحل من رحيلهم ، وهذا ما تسعى إليه إسرائيل ، وهو ما فعلته في العام ١٩٤٨ حيث روحت شائعات عن اغتصاب نسوة.
هل الاغتصاب فعل مستبعد لجيش فعل منذ ٧ أكتوبر ما فعل ؟
وهل اغتصاب الفلسطينيات سلوك لا يرتكبه الجيش الإسرائيلي الذي تتناقل عنه أحيانا أخبار عن اغتصاب مجندات إسرائيليات ؟
وأكثر مما سبق ألم يسجن بعض القادة الإسرائيليين بتهمة التحرش بسكرتيراتهم ؟
والاغتصاب والتحرش عموما سلوكان لا يخلو منهما شعب من شعوب الأرض ، فحتى الرئيس الأمريكي ( بيل كلينتون ) غازل سكرتيرته الشابة ( مونيكا لوينسكي ) .
الآن أدرس رواية عدنية شبلي " تفصيل ثانوي " ( ٢٠١٧ ) لأكتب عن لازمة الاغتصاب فيها ، ويعود زمنها الروائي إلى ٩ آب ١٩٤٩ .
عندما قرأ الحكيم جورج حبش رواية الكاتبة الإيرلندية ( ايثيل مانين ) " الطريق إلى بئر سبع " قال إن مؤلفتها وصفت الخروج من اللد كما لو أنها كانت مع اللاجئين .
في الرواية المذكورة تكتب الروائية عن اغتصاب رجال العصابات الصهيونية امرأة فلسطينية في اللد ، وأسفر الاغتصاب عن حمل تم لاحقا إجهاضه .
عما قريب ستجهض الدولة وأما صرخة مظفر النواب في " وتريات ليلية " فقد سمعتها في المقتلة الحالية من امرأة غزاوية كانت تنشدها عن ظهر قلب .
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٢٤ / ٣ / ٢٠٢٤ / ٢٥ / ٣ / ٢٠٢٤
***
172 - غزة ( ١٧٢ ) : "في نابلس أمس، بعيدا عن غزة"
أمس مارست عادتي اليومية . تركت منزلي غير عابيء بالعسس الذين يدخلون إليه في غيابي يبحثون عن عظام ، مكلفين من المقاطعة أو من خماس أو بدافع الفضول أو ... أو ... وصارت هذه عادة يومية لإغارتهم صائمين أو مفطرين ؛ نعم صارت عادة مثل عادة الجيش الإسرائيلي في حربه اليومية على غزة ، مع فارق أنهم لا يدمرون ولا يخربون الأثاث ، فأكثر ما يمكن أن يفعلوه هو وضع المزيد من البهار في القهوة أو غش الزيت أو ... لماذا صرت أشتري قهوة الأصابع ؟
أمس مارست عادتي اليومية وتسكعت في شوارع وسط نابلس أذرعها جيئة وذهابا حتى يتحرك الدم في جسمي وتتلين مفاصلي فلا تصدأ وتعاني من صعوبة الحركة .
أمس كنت أتساءل إن كان أحد من عشرات آلاف المتسوقين والبائعين ، من الغادين والرائحين ، يفكر بعيدا عما يبحث عنه : طعام يومه من خضرة ولحمة وفاكهة ، وما ينقص بيته من أدوات منزلية يحتاج إليها ، وملابس له أو لأطفاله للعيد القادم ، وسحب نقود من الصراف الآلي أو من الصندوق مباشرة ؛ من هذا المصرف أو ذاك ، أو ... أو .. أو .. أو لقاء مع قريب عائد من سفر أو تلبية دعوة طعام الإفطار ... إلخ .. إلخ . أمس كانت نابلس عامرة مزدهرة كما هي منذ بداية الشهر الفضيل الذي تخوف من قدومه كثيرون فحثوا إسرائيل على وقف عملياتها الحربية فيه ، خوفا من ردة فعل العالمين ؛ العربي والإسلامي ، وحل الشهر وواصل الجيش الإسرائيلي مهماته ، فقتل وقصف ودمر وحاصر و ... و ... .
أمس التقيت بصديق كان من رفاق فصيل يساري ولما سألني عن رأيي فيما يجري أجبته :
- الآراء كثيرة ومتناقضة ومتباينة و ... ولا أحد يعرف إلا ...
وأمس كانت غزة تدمر كما هو الحال منذ ٧ أكتوبر ، وأمس مساء بلغ السيل الزبى في شوارع عمان العاصمة الأردنية ، فخرج الناس إلى الشوارع تجاه السفارة الإسرائيلية يهتفون :
- يا حكومات عربية جبانة ،
أهلنا في غزة جوعانة .
وأمس تساءلت :
- لماذا لا توجد على دوار مدينة نابلس خيمة اعتصام متواصلة كعلامة احتجاج وتعاطف مع شعبنا الجائع المشرد اللاجيء المقيم في الخيام وفي أنقاض البيوت والملقاة جثث أبنائه في الشوارع ؟
هل اشتريت أمس الفراولة ؟
وأمس استرجعت بعض كتابات ابن غزة المقيم في القاهرة وأهله في غزة يتحسر فيها على أيامه في مدينته قبل ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ ، وحسرته إن اقترب من مكتبة تبيع ألعاب الأطفال ، إذ حفيدته الآن في الخيمة لا يستطيع أن يهديها لعبة . Riyad Awad و ... ومثله الكاتب Shafiq Taluli والشاعر Nasser Atallah وغيرهما من أبناء غزة الذين وجدوا أنفسهم في الحرب خارج مدينتهم .
وأمس حين قرأت عبارة للصديق الفيسبوكي Jamil Al Said يستغرب فيها من مفارقة حياة قسم منا في النهار والليل وجدتني أعلق مبديا رأيي بأن الحياة تسير هكذا ، فنحن نعاني من ويلات الاحتلال ونعيش حياتنا أيضا و .. و .. وكان صدره واسعا .
وأمس فكرت في قادم أيامنا هنا : هل سنكون الثور الأحمر أم الثور الأسود ، وفي المساء شاهدت شريط فيديو يقول إن فكرة إنشاء الميناء في غزة هي فكرة ( أبو يائير ) - أي بنيامين نتنياهو ، وأمس مساء كان الجو في نابلس باردا وكان الله في عون أهلنا في غزة !!
( صباح هذا اليوم : اقتحام مخيم بلاطة ومخيم جنين واشتباكات وجرحى )
صباح الخير يا غزة
خربشات Adel Osta
٢٦ / ٣ / ٢٠٢٤
***
173 -غزة ( ١٧٣ ) : الموت غرقا:
سبعة مواطنين قضوا في غزة غرقا وهم يحاولون الحصول على الطعام الذي أنزل إليهم من سماء أمريكا . ما السؤال الذي كان غسان كنفاني سيثيره لو كان حيا يرزق ؟
حوصر أهل غزة سبعة عشر عاما ثم دقوا الجدار وهدموه و ... .
في لقاء أجرته مذيعة أجنبية باللغة الإنجليزية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي سألته السؤال الآتي :
- لماذا لا ترسلون المزيد من شاحنات المساعدات لأهل شمال قطاع غزة ؟
أجابها السيد:
- ليست المشكلة في إرسال المزيد من شاحنات المساعدات . المشكلة أننا كلما أرسلنا المساعدات سيطرت عليها خماس؟
- ولكنكم تقولون إنكم قضيتم على خماس هناك !
أمس أعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أن عدد الجرحى بلغ في ال ٤٨ ساعة الماضية ٣١ جنديا.
وأول أمس أصغيت إلى مراسلي الفضائيات يتحدثون عن اشتداد المعارك في الأيام القليلة الماضية وعودتها قوية كما كانت في بداية الحرب .
في الأردن وفي مصر مظاهرات ومبايعات لحركة خماس وقائديها يحيى السسنوار ومحمد ضيييف ، وفي الجنوب اللبناني غارات إسرائيلية على مراكز الإغاثة و ... والقطارات الكهربائية التي كتب عنها ( ثيودور هرتسل ) في روايته " أرض قديمة جديدة " في العام ١٩٠٢ وبشر بأنها ستصل إلى بيروت وغيرها ليست خرافة " إذا أردتم فإنها ليست خرافة " كتب على صفحة الغلاف إلى جانب العنوان الرئيس ، وفي دعاية " أبو يائير " لانتخابات البرلمان الإسرائيلي ( الكنيست ) خاطب المواطنين العرب في المناطق المحتلة في العام ١٩٤٨ ، بأنه إذا انتخب فسيحقق لهم أمرين اثنين ؛ الأول هو خط طيران مباشر من تل أبيب إلى مكة ، ليؤدوا فريضة الحج ومناسك العمرة ، والثاني القضاء على الجريمة في المحتمع العربي في إسرائيل ( ؟ ) .
أفسد السسنوار وأبو خالد ضيف الوعد الأول ، ونجح أبو يائير في تحقيق الوعد الثاني ، فهناك الآن مهام للجيش الإسرائيلي وجهازي الشاباك والموساد أهم بكثير من تشجيع الجريمة بين العرب . منذ بداية الحرب لم نعد نسمع عن جرائم قتل في المجتمع الفلسطيني ، ما يثير أسئلة كثيرة عمن يقف وراءها . " إيد في الخفاء " .
هل أكرر قول المتنبي :
" ولو أن الحياة تبقى لحي
لعددنا أضلنا الشجعانا "
أم أكرر قول الشاعر :
" ومن كانت منيته بأرض فليس يموت في أرض سواها "
وبحر غزة جزء من أرضها ، و :
" من كانت منيته ببحر فليس يموت في بحر سواه "
وفي سنوات الحصار مات غزيون كثر على شواطيء الجزائر واليونان وتركيا وإيطاليا و ... و ... :
- لماذا لم تدقوا جدران المياه؟
أم إنكم لم تثقوا بها ؟
صابر حسينعلي
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٢٧ / ٣ / ٢٠٢٤
***
174- غزة ( ١٧٤ ): "لسا"
أرسل إلي صديق مقالا كتبه أشرف عقل يعدد فيه مخازي قسم من أهلنا في غزة لم يحل الوضع الكارثي هناك دون ظهورها ، وكان كاتب المقال كلما ذكر واحدة من سلبيات أبناء شعبنا يعقب : لسا - يعني ما دمنا نمارس سلوكات مثل هذه فتحقيق انتصار ننشده ونتطلع إليه أو بلوغ وضع مجتمعي مطمئن لا يبدو قريبا .
والسلبيات التي يعددها عديدة : الاستغلال والأثرة والفوضى وحب الذات وتفضيل المعارف والانتماء الفصيلي لا الوطني وسرقات البيوت المهحورة وتفكيك أدوات حماماتها و ... .
لم يكن المقال هو المرجع الوحيد الذي أعتمد عليه في الكتابة ، فقبل قراءته شاهدت شريط فيديو لأشخاص ينهبون مخزن شركة استيراد إطارات سيارات غير عابئين بنداء الحارس وطلبه منهم إن يعيدوا ما يسرقون إلى مكانه .
وبعد قراءته شاهدت مقاطع من أشرطة فيديو أدرجتها الناشطة أسماء الغول في حيز الصور تظهر امرأة تشكو مما فعله نفر ببيت أمها ، إذ استغلوا خلو البيت من سكانه وعبثوا بأعراضه يفتشونها بحثا عن مال أو ذهب .
هل نحن ملائكة ؟
في بداية الحرب كتبت عن إحدى قصص غسان كنفاني التي أتى فيها على الفضيلة في زمن الاشتباك . الفضيلة الأولى هي أن نبقى على قيد الحياة ، وليس غريبا بعدها أن تتراجع القيم وتنحل الأخلاق .
عندما ألقت شرطة حماس القبض على مثل هؤلاء اللصوص وعرضت صورهم مكبلين مقيدين يشتمون أنفسهم لم يرق هذا لقسم منا . هل لأن بعض عناصر من حماس متورطون أيضا في الفساد والأثرة والانتهازية كتب أشرف عقل ما كتب ؟ وليس هو الوحيد الذي كتب عموما ، فأنا أتابع صفحة الدكتور خضر محجز وأقرأ نقدا ذاتيا لبعض المسؤولين أيضا ، وفوق ذلك أشاهد في حياتنا اليومية نماذج بشر لا يراعون في الآخرين والحقوق والمواطنة إلا ولا ذمة .
وماذا عن أفراد الجيش الإسرائيلي في غزة ؟
ما دور البيوت التي يدمرونها في أحداث ٧ أكتوبر ؟
ما صلة مليوني مواطن غزاوي بما جرى ؟ هل شاركوا في الهجوم ؟ و ... و ... و ... وألف سؤال وسؤال عن ممارسات القيادة الإسرائيلية وهمجية جنودها .
أمس شاهدت شريط فيديو تتحدث فيه امرأة فتشها الجنود وفتشوا كنتها أيضا ، فصادروا منهما الذهب ومبلغ ٧ آلاف دينار ولم يبقوا معهما ثمن ربطة خبز . لقد سرق الإسرائيليون وطنا كاملا ودمروا المجتمع الفلسطيني ، ليس في هذه الحرب وحسب ، بل منذ أن أسسوا دولتهم .
وماذا عن بريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا والولايات المتحدة الأمريكية و ... و ... .
هل نحن ملائكة ؟ إننا بشر أيها البشر !!
لا أدافع عن " خريناتنا " ، وما أكثرها ، وعلينا أن نتصدى لها ، ولكن علينا ألا نرى الصورة السلبية فقط ونغض الطرف عما يجري من إبادة وقتل وتهجير وتدمير تبدو " خرياناتنا " أمامه مجرد نقطة في بحر .
غزة تمسح عن وجه الأرض يا سادة ، وهذا ما تريه أشرطة الفيديو التي يصورها من بقي هناك في شمال القطاع ووسطه .
مساء الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٢٨ / ٣ / ٢٠٢٤
***
175- غزة ( ١٧٥ ) : بائعة السمك في المسرحية وطابخة الخبيزة الفلسطينية الغزاوية:
عندما ذهبت بائعة السمك في مسرحية ( برتولد بربخت ) " محاكمة لوكللوس " إلى الميناء لاستقبال ابنها بين أفراد الجيش العائدين من الجبهة جرى حوار بينها وبين القائد ( لوكللوس ) الغانم كرسيا لافتا .
لم يعد ابن البائعة التي أبدت رأيا في لوكللوس والحرب لم يرق له ، فسألها مستغربا كيف تبدي رأيها في الحرب ، هي بائعة السمك ، وتستكثر مظاهر الاحتفال وغنائمه ، فهل خاض الحرب ليعود بالكرسي لبائعة سمك ؟
- ولكنك أخذت ابني !
في أحد أشرطة الفيديو التي تبثها قناة الجزيرة شريط لامرأة غزية تنقب ورق الخبيزة وتتحدث عنها . لم يكن للخبيزة التي تنمو في البر ، قبل الحرب ، حضور يومي على مائدتها ، فقد كانت تطبخها مرة أو مرتين في العام ، ولكنها منذ أشهر الحرب التي شحت فيها المواد الغذائية صارت تطبخها يوميا . العبارة اللافتة التي قالتها المرأة وخزقت طبل الأذن هي :
- هذه الخبيزة نفعتنا أكثر من الجيوش العربية كلها .
هل تؤخذ الحكمة من القائد لوكللوس ومن قادة الجيوش العربية وحكامهم أم من المرأة الغزاوية التي تطبخ الخبيزة ؟
الصديق محمد لافي Mohammad Lafi ذكرني بتعليق شبيه لطفل غزاوي يقود عربة يجرها حمار ، وأظن أن كتابتي لم تغفله .
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٢٩ / ٣ / ٢٠٢٤
***
176- غزة ( ١٧٦ ) : أمس كان الصيد وفيرا
لمحمود درويش سطر شعري نصه " كلما قالوا انتهى فاجأتهم أني ابتدأت " .
في ٢ / ٣ / ٢٠٢٤ كنت في عمان . مررت على كشك بيع كتب فرأيت الأستاذ عبد الرؤوف الروابدة جالسا . سلمت وسألت عن كتاب عماد الطراونة عن محمود درويش " كلام من ذهب " ثم عرفني صاحب الكشك بالحضور ، وجر الكلام كلاما ولأول مرة سمعت أن الحرب في غزة انتهت ، وكما فهمت انتهت لصالح الإسرائيليين .
مر على اللقاء ٢٨ يوما وأمس كان صيد الدببة في غزة وفيرا ، ولم تنته الحرب .
في هذا الصباح ؛ صباح اليوم ( ١٧٦ ) للمقتلة والمهلكة وحرب الإبادة قلت : حتى لو انتصر الإسرائيليون عسكريا ، فإن هذا النصر يصح فيه قول الشاعر توفيق زياد عن انتصار الجيش نفسه في حرب حزيران ١٩٦٦ :
" لا تقولوا لي : انتصرنا
إن هذا النصر
شر من هزيمة
نحن لا ننظر للسطح
ولكنا
نرى عمق الجريمة "
وما يجري في غزة هو جريمة بالمقاييس كلها .
انتهت حرب حزيران بانتصار وانظروا إلى أين وصلنا !؟
هل انتهت الحرب وعم السلم ؟
أمس كان الصيد وفيرا ، وما لم يتحقق في حينه من توقعات توفيق زياد ، وهو ما قاله بقية المقطع ، سيتحقق ذات يوم :
" لا تقولوا لي : انتصرنا
إننا نعرفها
هذي الشطارة
إننا نعرفه الحاوي الذي
يعطي الإشارة
إنه - سيدكم - يلهث
في النزع الأخير
إننا نسحبه - من أنفه
سحبا ..
إلى القبر الأخير " .
ويبدو أن ما قاله الشاعر نفسه في مقطع آخر يتحقق :
" عن جدنا الأول / قد جاء في الأمثال : / واوي بلع منجل .. !! /
كل ما تحلبه الريح / ستذروه العواصف / والذي يغتصب الغير / يعيش العمر خائف " .
هل سيحيي فلسطينيو ١٩٤٨ مناسبة يوم الأرض أم ... ؟
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٣٠ / ٣ / ٢٠٢٤
***
177- غزة ( ١٧٧ ) : حرب كونية على قارة غزة
" حرب كونية على قارة غزة " . هذا ما خلص إليه مواطن غزاوي ، ولعله أراد أن يسخر من جيش الدفاع الإسرائيلي ومن الولايات المتحدة والدول الغربية التي دعمت الاحتلال .
ومع أن الحرب حرب كونية بالفعل ، إذ فتحت الولايات المتحدة الأمريكية ترسانة أسلحتها للدولة العبرية ، إلا أن السخرية تكمن في استخدام دال " قارة " لنعت غزة به ، فهي محدودة المساحة ولا تزيد عن ٣٦٥ كم مربع ، والجيش الذي لا يقهر حشد ٤٠٠ ألف جندي وضابط لأربعين ألف مقاتل لا يملكون من السلاح واحدا بالمائة مما يمتلك .
وأنا أسير في شوارع نابلس أمس ، وكانت الحياة تسير كما تسير منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ ، تساءلت أيضا إن كان هناك شيء يجري في غزة . هل هناك حرب في غزة ؟ وهل غزة ونابلس تقعان في الكوكب نفسه في الوطن العربي الكبير نفسه في الوطن الصغير فلسطين نفسها ؟
أمس كانت الأسعار في غزة تبدو عادية ، ولذلك بدا بعض المواطنين هناك فرحين ، وأكثرهم فرحا ، ممن شاهدت وجوههم في أشرطة الفيديو ، طفلة تمسك بيديها دجاجتين مجمدتين ، فأخيرا وبعد ١٧٦ يوما تمكنت من الحصول على الدجاج .
هل ستبدأ حرب رفح بعد العيد أم في شهر أيار ؟
الخبر اللافت هو أن هيئة قيادة أمريكية إسرائيلية مشتركة ستدرس مخطط الاقتحام . ألم يكتب المواطن الغزاوي جادا وساخرا في الوقت نفسه :
" حرب كونية على قارة غزة " ؟ .
وفي ساعات المساء اندلعت المظاهرات في مدن الضفة الغربية . لقد أفطر الصائمون وحان وقت صلاة التراويح ، وقد أدوها وهم يهتفون :
" حط النار قبال النار
وحنا رجالك يا سنوااااار "
ومن قبل هتفوا :
" حط السيف قبال السيف
وحنا رجال محمد ضيييف "
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٣١ / ٣ / ٢٠٢٤
***
178-أ- غزة ( ١٥٨ ) : خبز الفلسطينيين المغمس بالدم :
إن كان محمد ضيييف ( أبو خالد ) أطلق على هجوم ٧ أكتوبر وصف " طووووفان الأقصى " ، وهو وصف قريب من انتفاضة الأقصى ٢٨ / ٩ / ٢٠٠٠ ، فإن وزير الحرب الإسرائيلي ( يوآف غالانت ) في خطابه الأول بعد بدء العملية قال لاءاته الأربعة : لا ماء . لا كهرباء . لا طعام ولا وقود ، ولقد أرادها حرب تجويع ، وهو ما كان .
لا أعرف إن كان هناك من رصد عدد حالات الفلسطينيين الذين ماتوا ، في هذه المهلكة ، جوعا .
غير مرة كتبت عن السفر برلك والخبز وكيس الطحين .
أمس تذكرت بيت راشد حسين من قصيدته " الله أصبح لاجئا يا سيدي " :
" أنا لو عصرت رغيف خبزك في يدي
لرأيت منه دمي يسيل على يدي " .
وكما حضرت أحداث كثيرة مشابهة ماضية استدعتها المقتلة وحرب الإبادة هذه ، فإن الخبز وكيس الطحين والموت جوعا استحضر شبيهه في تغريبتنا الفلسطينية الممتدة منذ العام ١٩٤٨ .
لعل مقالي الأحد القادم لدفاتر الأيام الفلسطينية يركز على كيس الطحين ورغيف الخبز المغمس بالدم في حياة الشعب الفلسطيني ، كما ظهرت في نصوص أدبية فلسطينية .
اليوم هو الأول من نيسان ، وكما تساءلت الطفلة الغزاوية التي نجت من الموت :" عمو أنا في حلم ولا عن جد " فإنني أتمنى أن يكون ما نعيشه كابوس ليل حدث بعد وجبة عشاء دسمة .
اليوم هو الأول من نيسان أقسى الشهور ، فهل سيكون كذلك؟
الجيش الإسرائيلي أعلن في هذا الصباح أن عدد قتلاه بلغ "600 ".
صباح الخير يا غزة !
خربشات عادل الاسطة
١ / ٤ / ٢٠٢٤
***
178-ب- غزة ( ١٧٨ ): أطفال غزة بلا طفولة وبلا عائلة ؛ جرحى وموتى تحت الأرض وفوقها
ما أكثر أشرطة الفيديو التي يظهر فيها أطفال غزة ، وما أكثر ما يقولونه وما تقوله الأشرطة أيضا .
كانت قصة هدى أبو غالية التي خلدها محمود درويش بإحدى يوميات " أثر الفراشة " ( ٢٠٠٦ ) حدثا تكرر ربما عشر مرات عشرين مرة ثلاثين مرة . كان استثناء ، والآن صار شبه قاعدة .
و :
" على شاطيء البحر بنت ، وللبنت أهل
وللأهل بيت ، وللبيت نافذتان وباب ..
وفي البحر بارجة تتسلى
بصيد المشاة على شاطيء البحر
أربعة خمسة سبعة
يسقطون على الرمل ، والبنت تنجو قليلا
لأن يدا من ضباب
يدا ما إلهية أسعفتها ، فنادت أبي
يا أبي ! قم نرجع ، فالبحر ليس لامثالنا !
لم يجبها أبوها المسجى على ظله
في مهب الغياب
دم في النخيل ، دم في السحاب
يطير بها الصوت أعلى وأبعد من
شاطيء البحر ، تصرخ في ليل برية ،
لا صدى للصدى
فتصير هي الصرخة الأبدية في خبر
عاجل لم يعد خبرا عاجلا
عندما
عادت الطائرات لتقصف بيتا بنافذتين وباب ! "
حوالي ثلاثة وثلاثين ألف قتيل في غزة ، بينهم سبعة آلاف طفل ، وحوالي ثمانين ألف جريح قسم منهم أعيق بعاهة أبدية ، وما زالت المقتلة والمهلكة مستمرة ، وما زال العداد شغالا واللجوء متواصلا والخيام قائمة ولا عودة للشمال ، فالموسم موسم هجرة للجنوب ، وريح الجنوب تنبيء بالعواصف الرملية وفيعان الأفاعي وهدير المدافع واستباحة الزنانات والمسيرات ، وغرفة عمليات مشتركة لأمريكا ودولة شعب الله المختار و ... .
هل أخطأ الغزاوي الساخر حين نعت الحرب الدائرة حاليا بأنها حرب كونية على قارة غزة ؟
إسرائيل واصلت أمس عربدتها فأغارت على القنصلية الإيرانية في دمشق . دمرت وقتلت وجرحت و ... و ...وإيران تهدد برد قاس . هل ستندلع حرب إقليمية ؟ هل سندخل في المجهول ؟.
ليس في إسرائيل شارل ديغول وليس فيها من يشعر ، جراء ما يجري ، منذ ٧٦ عاما ، بالضجر ، وحين أراد رئيس وزرائهم الأسبق ( إسحق رابين ) أن يكون ديغول إسرائيلي اغتالوه .
في إسرائيل ملك جديد اسمه ( بنيامين نتنياهو ) وله خليفتان هما بن غفير وسموتريتش ، ويا دولة يهودية ما بدنا أي عربي ! يا دار ما دخلك شر !! والله المستعان !!
مساء الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
١. / ٤ / ٢٠٢٤
***
179- غزة ( ١٧٩ ) : " ورقة من غزة " غسان كنفاني
في نابلس سارت الحياة اليوم كالمعتاد . الناس يتبضعون استعدادا لعيد الفطر باحثين عما يحتاجون إليه من غذاء وكساء ، وكعك العيد بدأ يعد ويجهز ، والأيام العشرة الأخيرة من الشهر الفضيل لها أجواؤها الخاصة .
تراجعت أخبار غزة ولم يعد أصحاب بعض المحلات يصغون إلى آخر الأخبار من بعض الفضائيات كالجزيرة والعربية ، وفي الحافلات بالكاد تستمع إلى صوت مذيع يقرأ الأخبار أو يقدم برنامجا حواريا حول آخر المستجدات .
فقط في وسائل التواصل الاجتماعي تقرأ آخر أخبار الحرب وتشاهد بعض أشرطة فيديو تصور ما ألم بمجمع الشفاء الطبي ، فتحزن وتتساءل إن كان أصل الفوهرر الألماني ( أدولف هتلر ) فلسطينيا لاجئا غزاويا اتخذ من مجمع الشفاء مقرا له . ربما ! ربما !
صارت الطفلة ، بعد ارتقاء أمها ، أما . تشاهد شريط فيديو لطفلة تتحدث عن أمها وقيامها هي الآن بدورها . تحتضن أخاها الصغير وترعاه ، وهي غير مهيأة لهذا الدور . تمدح الطفلة أمها وتحكي عن حنانها وحبها لها ولأخواتها وإخوانها وتقول إنها أدركت ما معنى القول :" الدنيا أم " .
جرأة في الحكي وفصاحة تفوق الفصاحة وثقة بالذات عجيبة لا يسبغها الأطفال على الحكام العرب ، ولذلك صاروا يحفظون قصائد جلد الذات عن ظهر قلب . " سنبيعكم .. لكن : لمن !؟ " تقرأ طفلة قصيدة لشاعر يمني انتشرت انتشار النار في الهشيم ، انتشار قصيدة مظفر النواب " وتريات ليلية " . تتحرك دكة غسل الموتى ، أما أنتم !؟" .
في قصة غسان كنفاني " ثلاث أوراق من فلسطين " في " ورقة من غزة " ( ١٩٥٦ ) نقرأ :
" لقد خرجت إلى شوارع غزة ، شوارع يملؤها ضوء الشمس الساطع . لقد قالوا لي إن ناديا فقدت ساقها عندما ألقت بنفسها فوق إخوتها الصغار تحميهم من القنابل واللهب وقد أنشبا أظفارهما في الدار . كان يمكن لناديا أن تنجو بنفسها .. أن تهرب .. أن تنقذ نفسها ، لكنها لم تفعل .
لماذا ؟"
وكان يمكن لغزة أن تنجو بنفسها .. أن تظل تنتظر تصاريح العمل وحقيبة العمادي .. أن ..
ويبدو أن قدر غزة هو ما جرى فيها ... .
هل صار الواحد منا قدريا ؟
مشهد الدمار لا يحتمل وعلينا أن نفتش عن جينات ( أدولف هتلر ) فينا ؟
كل الحق على المفتي !
مساء الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٢ / ٤ / ٢٠٢٤
***
180-أ- غزة (١٨٠): أكاد أجزم أن لسان حال أهل غزة في هذه الأيام هو قول الشاعر الفلسطيني العروبي ابن دورا الخليل يوسف الخطيب:
" أكاد أقسم من شك ومن ريب هذي الجماهير ليست أمة العرب "
وليس بعيدا عنه قول مظفر النواب في " وتريات ليلية " :
هل عرب أنتم ؟!
مساء الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
Adel Osta
٣ / ٤ / ٢٠٢٤ .
***
180 -ب- المكتب الإعلامي الحكومي: تحديث لأهم إحصائيات حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة لليوم 180:
(180) يوماً على حرب الإبادة الجماعية.
(2,922) مجزرة ارتكبها جيش الاحتلال.
(39,975) شهيداً ومفقوداً.
(32,975) شهيداً ممن وصلوا إلى المستشفيات.
(14,500) شهيداً من الأطفال.
(30) طفلاً استشهدوا نتيجة المجاعة.
(9,560) شهيدة من النساء.
(484) شهيداً من الطواقم الطبية.
(65) شهيداً من الدفاع المدني.
(140) شهيداً من الصحفيين.
(7,000) مفقودٍ.
(75,577) مصاباً.
(73%) من الضحايا هم من الأطفال والنساء.
(17,000) طفل يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما.
(11,000) جريح بحاجة للسفر للعلاج "إنقاذ حياة وخطيرة".
(10,000) مريض سرطان يواجهون الموت وبحاجة إلى علاج.
(1,088,764) مصاباً بالأمراض المعدية نتيجة النزوح.
(8,000) حالة عدوى التهابات الكبد الوبائي الفيروسي بسبب النزوح.
(60,000) سيدة حامل مُعرّضة للخطر لعدم توفر الرعاية الصحية.
(350,000) مريض مزمن معرضون للخطر بسبب عدم إدخال الأدوية.
(310) حالة اعتقال من الكوادر الصحية.
(12) حالة اعتقال صحفيين ممن عرفت أسماؤهم.
(2) مليون نازح في قطاع غزة.
(171) مقراً حكومياً دمرها الاحتلال.
(100) مدرسة وجامعة دمرها الاحتلال بشكل كلي.
(305) مدارس وجامعة دمرها الاحتلال بشكل جزئي.
(229) مسجداً دمرها الاحتلال بشكل كلي.
(297) مسجداً دمرها الاحتلال بشكل جزئي.
(3) كنائس استهدفها ودمرها الاحتلال.
(70,000) وحدة سكنية دمرها الاحتلال كلياً.
(290,000) وحدة سكنية دمرها الاحتلال جزئياً غير صالحة للسكن.
(70,000) طن من المتفجرات ألقاها الاحتلال على غزة.
(32) مستشفى أخرجها الاحتلال عن الخدمة.
(53) مركزاً صحياً أخرجه الاحتلال عن الخدمة.
(159) مؤسسة صحية استهدفها الاحتلال.
(126) سيارة إسعاف استهدفها جيش الاحتلال.
(200) موقع أثري وتراثي دمرها الاحتلال.
***
181 -أ- غزة ( ١٨١ ) : "خبز معفن"
انتظر أهل غزة ، في أشهر الحرب الأولى ، المساعدات فجاءتهم الأكفان ، وتذكروها مؤخرا فعقبوا ساخرين سخرية مرة تعبر عن ألم عميق :
- كانوا يعرفون أن عدد القتلى سيكون مرتفعا ، فأرسلوا الأكفان ، وبألوان تناسب العمر والجنس ، فلا بارك الله فيهم وفي مساعداتهم . هذا ما يتمناه لنا بعض العرب .
ومرت الأيام فصارت المساعدات ، لحظة وصولها برا ، طعما لاصطياد طالبيها . هكذا اصطاد القناصة والمسيرات والمدفعية الساعين إلى المساعدات ، وصرنا ، نحن متابعي الحرب ، نسمع بأسماء جديدة ، مثل الدوار الكويتي ودوار النابلسي . مات كثيرون وجرح آخرون واختلط الدم بالطحين والطحين بالتراب .
وجاء وقت ألقيت فيه المساعدات ، جوا ، في البحر ، فسبح الغزيون ، للحصول عليها ، وغرق قسم منهم . ماتوا هذه المرة في البحر غرقا ، لا في خزان غسان كنفاني اختتاقا ، وكم غزاوي مات قبل ٧ أكتوبر ، أيضا غرقا ، وهو ينشد الهجرة ، هربا من جحيم الحصار .
أمس كان الفتى الغزاوي اليافع يفتح صناديق المساعدات وينظر فيها ويحكي وهو يعرض ما حوته :
- شوفوا ! شوفوا ! إنها ربطات خبز معفن .
وكان يلقيها في القمامة .
في العام ٢٠٠١ شاركت في مؤتمر ، في الجامعة الأردنية ، عن العلاقات الآسيوية العربية وكتبت عن صورة الأتراك في رواية بلاد الشام ، ودفعني الشغف بالموضوع إلى البحث عن روايات جديدة لم أدرسها ، فاقتنيت رواية الكاتب السوري ممدوح عدوان " أعدائي " ، لأنها تأتي على واقع بلاد الشام في الحرب العالمية الأولى ، وكانت تحت الحكم العثماني . لفت نظري في الرواية شخصية يهودي اسمه ( ألتر ليفي ) كان ، في بداية الحرب ، يظهر دعمه للجيش العثماني ، فيتبرع له ، وكان مما تبرع به مواد زراعية وملابس نسائية لجيش لا نساء تحارب فيه . وكان يفعل ذلك متكئا على غباء الأتراك وتذاكيه ويفخر بذلك .
يعلم الله أن بعض ما تبرع به ، لأهل غزة ، ليس سوى بضاعة فاسدة أو انتهى مفعولها أو تاريخ صلاحيتها ، وهي فائض وعبء ، على أصحابها ، ينبغي التخلص منه ، ولو في مكبات النفايات .
- لا نريد مساعداتكم .
قال مواطن ، وأضاف :
- نريد أن نعود إلى بيوتنا ونعمل في أرضنا و " الله لا يخلف عليكم " .
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٤ / ٤ / ٢٠٢٤
***
181 -ب- غزة ( ١٨١ ): "مع لاجئة في العيد"( ١ ) فدوى طوقان من ديوان "وحدي مع الأيام" (١٩٥١)
" أختاه ، هذا العيد رف سناه في روح الوجود
وأشاع في قلب الحياة بشاشة الفجر البعيد
وأراك ما بين الخيام قبعت تمثالا شقيا
متهالكا ، يطوي وراء جموده ألما عتيا
يرنو إلى اللاشيء .. منسرحا مع الأفق البعيد "
ما شكل عيدنا في هذا العام ؟
ما شكل العيد في غزة ؟
إن أهل غزة يرنو أكثرهم إلى الماصي أو إلى الهجرة .
الشهر السادس يكاد ينقضي وما زال الاحتلال الإسرائيلي قائما ، وما زالت المقاومة عنيفة ، ولا أفق ؛ لا قريب ولا بعيد !!
خابت توقعاتي بأنهم سيكنسون خلال ستة أشهر كما حدث في ١٩٥٦ ، ومع ذلك فإن تحقيق الهاتريك الغزاوي ما زال ممكنا .
١٩٥٦
٢٠٠٥
٢٠٢٤
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٤ / ٤ / ٢٠٢٤
***
182- غزة ( ١٨٢ ): "مع لاجئة في العيد" ٢ فدوى طوقان من ديوان "وحدي مع الأيام" (١٩٥١)
" أختاه ، مالك إن نظرت إلى جموع العابرين
ولمحت أسراب الصبايا من بنات المترفين ..
من كل راقصة الخطى كادت بنشوتها تطير
العيد يضحك في محياها ويلتمع السرور
أطرقت واجمة كأنك صورة الألم الدفين "
في غزة تساوى الجميع . لم تعد هناك أسراب صبايا مترفات يرقصن ويكدن يطرن من النشوة ، وليس هناك عيد يضحك في محيا أحد ولا سرور يلتمع . صار الألم الدفين شعورا جمعيا ، ف ( شايلوك ) الجديد لا يريد سوى رطل اللحم . نعم رطل اللحم ، وليس له قلب .
تجلس الطفلة على الرصيف بيدها كيس نايلون لعلها تجمع بعض شواكل لتشتري طعاما لأهلها ويكاد البؤس يطل من ملامحها كلها .
غزة الآن كلها منكوبة ، وأغنياؤها الذين كانوا فيها في العام ١٩٤٨ ، ولم يعانوا ما عانى منه اللاجئون ، صاروا أيضا لاجئين وها هم يعيشون التجربة .
كلام كثير يمكن أن تسترجعه الذاكرة هنا ولكنها تخجل !!
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٥ / ٤ / ٢٠٢٤
***
183 -أ- غزة ( ١٨٣ ): "مع لاجئة في العيد" ٣ فدوى طوقان من ديوان "وحدي مع الأيام" (١٩٥١)
أختاه ، أي الذكريات طغت عليك بفيضها
وتدفعت صورا تثيرك في تلاحق نبضها
حتى طفا منها سحاب مظلم في مقلتيك
يهمي دموعا أومضت وتزحزحت في وجنتيك
يا للدموع البيض ! ماذا خلف رعشة ومضها ؟
قبل قليل أرسل إلي الشاعر راضي عبد الجواد شريط فيديو لفتاة فلسطينية من غزة بدا الحزن عليها واضحا تسأل عن أمنيتها ، فقد فقدت أمها في الحرب ، وواضح أن من سألها استثار فيها صور أمها ، فطغى عليها فيض الذكريات التي تدفعت صورا تثيرها في تلاحق نبضها . لقد طفا على عينيها سحاب مظلم همى دموعا تزاحمت في مقلتيها .
- ما هي أمنية الطفلة إن انتهت الحرب ؟
- أن تموت شهيدة ، فليس للحياة طعم بعد فقدان الأم .
ومثل الطفلة مائة ألف طفل وطفلة وأكثر ، كلهم يعانون من فقد فرد من أفراد الأهل أو أكثر ، أو يعانون من فقد طرف من أطرافهم ، وهناك مليونا مواطن يعانون من فقدان البيت . صار البيت أيضا شهيدا ، فمن لا بيت له يشعر أيضا بفقدان جزء حميم من حياته ، وقد كتب كتاب غزة في يومياتهم عن هذا ، معبرين عن ألم عميق دفين .
ليس لليهودي الصهيوني الإسرائيلي قلب !!
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٦ / ٤ / ٢٠٢٤
***
183 -ب- غزة ( ١٨٣ ): مجرة غزة المستقلة
لم أتمش في شوارع نابلس في هذا النهار طويلا ، وبسبب إغلاق المقاهي بمناسبة الشهر الفضيل ، أجدني أشتري ما أحتاج إليه وأعود إلى شقتي ، وربما يدفعني إلى ذلك أن شعور التقدم بالسن صار يلازمني ، فأنا بعد شهرين أدخل العقد الثامن من العمر - يعني العقد الأخير من حياة كتبت علينا خطاها فمشيناها ، والله أعلم بأي أرض تكون منيتنا .
في نصف الساعة التي تمشيت فيها ، واشتريت كيلو فاصوليا خضراء ونصف كيلو فراولة في أثنائها ، سمعت عبارة واحدة نطقت بها امرأة لأخرى كانت تسير معها :
- كأنو ما في إشي بغزة .
وفي نصف الساعة هذه كان الآلاف من أبناء المدينة ومخيماتها وريفها يتبضعون لمناسبة عيد الفطر المبارك . الكل يبيع والكل يشتري والشوارع مكتظة بالبشر والسيارات و ...
عندما توقفت مع أحد معارفي وأتينا على ذكر ما يجري في غزة وما تشهده شوارع المدينة التي استبيح فجرا أحد مخيمانها قلت له :
- إنها قوة الحياة . الناس تريد أن تواصل حياتها .
والصحيح أن أوضاعنا لا نحسد عليها ، فما يجري في غزة يؤلمنا ويشعرنا بعجزنا وليس باليد حيلة.
هل غزة غاضبة منا ومن أهل القدس الذين كانوا يستنجدون بها ؟
أخبار المعارك عصر هذا اليوم تعيدنا إلى البداية . شرق خان يونس اشتعل من جديد .
عيد فطر بالصلاة على النبي .
صباما مقبولا وافطارا شهيا .
مساء الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٦ / ٤ / ٢٠٢٤
***
-----------------
171 - ( ١٧١ ) غزة: "ووقفتم تسترقون السمع ، وراء الأبواب، لصرخات بكارتها"
172 - غزة ( ١٧٢ ): "في نابلس أمس، بعيدا عن غزة"
173 -غزة ( ١٧٣ ) : الموت غرقا
174- غزة ( ١٧٤ ): "لسا"
175- غزة ( ١٧٥ ) : بائعة السمك في المسرحية وطابخة الخبيزة الفلسطينية الغزاوية
176- غزة ( ١٧٦ ) : أمس كان الصيد وفيرا
177- غزة ( ١٧٧ ) : حرب كونية على قارة غزة
178-أ- غزة ( ١٥٨ ) : خبز الفلسطينيين المغمس بالدم
178-ب- غزة ( ١٧٨ ): أطفال غزة بلا طفولة وبلا عائلة ؛ جرحى وموتى تحت الأرض وفوقها
179- غزة ( ١٧٩ ) : " ورقة من غزة " غسان كنفاني
180 -أ- غزة (١٨٠): أكاد أجزم أن لسان حال أهل غزة في هذه الأيام هو قول الشاعر الفلسطيني العروبي ابن دورا الخليل يوسف الخطيب:
180 -ب- المكتب الإعلامي الحكومي: تحديث لأهم إحصائيات حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة لليوم 180:
181 -أ- غزة ( ١٨١ ) : "خبز معفن"
181-ب- غزة ( ١٨١ ): "مع لاجئة في العيد"( ١ ) فدوى طوقان من ديوان "وحدي مع الأيام" (١٩٥١)
182- غزة ( ١٨٢ ) : "مع لاجئة في العيد" ٢ فدوى طوقان من ديوان "وحدي مع الأيام" (١٩٥١)
183 -أ- غزة ( ١٨٣ ) : " مع لاجئة في العيد " ٣ فدوى طوقان من ديوان "وحدي مع الأيام" (١٩٥١)
183 -ب- غزة ( ١٨٣ ) : مجرة غزة المستقلة
.
.
-ج2-
171 - ( ١٧١ ) غزة : "ووقفتم تسترقون السمع ، وراء الأبواب، لصرخات بكارتها"
اليوم وأمس تدوولت أشرطة فيديو وأخبار عن اغتصاب فلسطينيات في مجمع الشفاء الطبي في غزة.
اعتمد كثيرون على ما قالته المواطنة النشيطة جميلة الهسي المقيمة بالقرب من المجمع ، وأنا أصغيت إلى صوتها.
اغتصبت امرأة حامل أمام زوجها ثم تم قتلها وجنينها .
في قصيدة مظفر النواب " تل الزعتر " قال إن الحقد وصل إلى الأرحام ، لأنها تنجب فدائيين ومقاتلين ، وهم - أي أعداء الفلسطينيين - يريدون إزالة فلسطين من الأرحام .
قبل أيام ، عندما كتبت عن حالات اغتصاب بين السجينات الجديدات من غزة ، اعترض قاريء طالبا أن لا نردد مثل هذا الكلام ، فهو يسهم في بث الرعب بين أبناء شعبنا ويعحل من رحيلهم ، وهذا ما تسعى إليه إسرائيل ، وهو ما فعلته في العام ١٩٤٨ حيث روحت شائعات عن اغتصاب نسوة.
هل الاغتصاب فعل مستبعد لجيش فعل منذ ٧ أكتوبر ما فعل ؟
وهل اغتصاب الفلسطينيات سلوك لا يرتكبه الجيش الإسرائيلي الذي تتناقل عنه أحيانا أخبار عن اغتصاب مجندات إسرائيليات ؟
وأكثر مما سبق ألم يسجن بعض القادة الإسرائيليين بتهمة التحرش بسكرتيراتهم ؟
والاغتصاب والتحرش عموما سلوكان لا يخلو منهما شعب من شعوب الأرض ، فحتى الرئيس الأمريكي ( بيل كلينتون ) غازل سكرتيرته الشابة ( مونيكا لوينسكي ) .
الآن أدرس رواية عدنية شبلي " تفصيل ثانوي " ( ٢٠١٧ ) لأكتب عن لازمة الاغتصاب فيها ، ويعود زمنها الروائي إلى ٩ آب ١٩٤٩ .
عندما قرأ الحكيم جورج حبش رواية الكاتبة الإيرلندية ( ايثيل مانين ) " الطريق إلى بئر سبع " قال إن مؤلفتها وصفت الخروج من اللد كما لو أنها كانت مع اللاجئين .
في الرواية المذكورة تكتب الروائية عن اغتصاب رجال العصابات الصهيونية امرأة فلسطينية في اللد ، وأسفر الاغتصاب عن حمل تم لاحقا إجهاضه .
عما قريب ستجهض الدولة وأما صرخة مظفر النواب في " وتريات ليلية " فقد سمعتها في المقتلة الحالية من امرأة غزاوية كانت تنشدها عن ظهر قلب .
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٢٤ / ٣ / ٢٠٢٤ / ٢٥ / ٣ / ٢٠٢٤
***
172 - غزة ( ١٧٢ ) : "في نابلس أمس، بعيدا عن غزة"
أمس مارست عادتي اليومية . تركت منزلي غير عابيء بالعسس الذين يدخلون إليه في غيابي يبحثون عن عظام ، مكلفين من المقاطعة أو من خماس أو بدافع الفضول أو ... أو ... وصارت هذه عادة يومية لإغارتهم صائمين أو مفطرين ؛ نعم صارت عادة مثل عادة الجيش الإسرائيلي في حربه اليومية على غزة ، مع فارق أنهم لا يدمرون ولا يخربون الأثاث ، فأكثر ما يمكن أن يفعلوه هو وضع المزيد من البهار في القهوة أو غش الزيت أو ... لماذا صرت أشتري قهوة الأصابع ؟
أمس مارست عادتي اليومية وتسكعت في شوارع وسط نابلس أذرعها جيئة وذهابا حتى يتحرك الدم في جسمي وتتلين مفاصلي فلا تصدأ وتعاني من صعوبة الحركة .
أمس كنت أتساءل إن كان أحد من عشرات آلاف المتسوقين والبائعين ، من الغادين والرائحين ، يفكر بعيدا عما يبحث عنه : طعام يومه من خضرة ولحمة وفاكهة ، وما ينقص بيته من أدوات منزلية يحتاج إليها ، وملابس له أو لأطفاله للعيد القادم ، وسحب نقود من الصراف الآلي أو من الصندوق مباشرة ؛ من هذا المصرف أو ذاك ، أو ... أو .. أو .. أو لقاء مع قريب عائد من سفر أو تلبية دعوة طعام الإفطار ... إلخ .. إلخ . أمس كانت نابلس عامرة مزدهرة كما هي منذ بداية الشهر الفضيل الذي تخوف من قدومه كثيرون فحثوا إسرائيل على وقف عملياتها الحربية فيه ، خوفا من ردة فعل العالمين ؛ العربي والإسلامي ، وحل الشهر وواصل الجيش الإسرائيلي مهماته ، فقتل وقصف ودمر وحاصر و ... و ... .
أمس التقيت بصديق كان من رفاق فصيل يساري ولما سألني عن رأيي فيما يجري أجبته :
- الآراء كثيرة ومتناقضة ومتباينة و ... ولا أحد يعرف إلا ...
وأمس كانت غزة تدمر كما هو الحال منذ ٧ أكتوبر ، وأمس مساء بلغ السيل الزبى في شوارع عمان العاصمة الأردنية ، فخرج الناس إلى الشوارع تجاه السفارة الإسرائيلية يهتفون :
- يا حكومات عربية جبانة ،
أهلنا في غزة جوعانة .
وأمس تساءلت :
- لماذا لا توجد على دوار مدينة نابلس خيمة اعتصام متواصلة كعلامة احتجاج وتعاطف مع شعبنا الجائع المشرد اللاجيء المقيم في الخيام وفي أنقاض البيوت والملقاة جثث أبنائه في الشوارع ؟
هل اشتريت أمس الفراولة ؟
وأمس استرجعت بعض كتابات ابن غزة المقيم في القاهرة وأهله في غزة يتحسر فيها على أيامه في مدينته قبل ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ ، وحسرته إن اقترب من مكتبة تبيع ألعاب الأطفال ، إذ حفيدته الآن في الخيمة لا يستطيع أن يهديها لعبة . Riyad Awad و ... ومثله الكاتب Shafiq Taluli والشاعر Nasser Atallah وغيرهما من أبناء غزة الذين وجدوا أنفسهم في الحرب خارج مدينتهم .
وأمس حين قرأت عبارة للصديق الفيسبوكي Jamil Al Said يستغرب فيها من مفارقة حياة قسم منا في النهار والليل وجدتني أعلق مبديا رأيي بأن الحياة تسير هكذا ، فنحن نعاني من ويلات الاحتلال ونعيش حياتنا أيضا و .. و .. وكان صدره واسعا .
وأمس فكرت في قادم أيامنا هنا : هل سنكون الثور الأحمر أم الثور الأسود ، وفي المساء شاهدت شريط فيديو يقول إن فكرة إنشاء الميناء في غزة هي فكرة ( أبو يائير ) - أي بنيامين نتنياهو ، وأمس مساء كان الجو في نابلس باردا وكان الله في عون أهلنا في غزة !!
( صباح هذا اليوم : اقتحام مخيم بلاطة ومخيم جنين واشتباكات وجرحى )
صباح الخير يا غزة
خربشات Adel Osta
٢٦ / ٣ / ٢٠٢٤
***
173 -غزة ( ١٧٣ ) : الموت غرقا:
سبعة مواطنين قضوا في غزة غرقا وهم يحاولون الحصول على الطعام الذي أنزل إليهم من سماء أمريكا . ما السؤال الذي كان غسان كنفاني سيثيره لو كان حيا يرزق ؟
حوصر أهل غزة سبعة عشر عاما ثم دقوا الجدار وهدموه و ... .
في لقاء أجرته مذيعة أجنبية باللغة الإنجليزية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي سألته السؤال الآتي :
- لماذا لا ترسلون المزيد من شاحنات المساعدات لأهل شمال قطاع غزة ؟
أجابها السيد:
- ليست المشكلة في إرسال المزيد من شاحنات المساعدات . المشكلة أننا كلما أرسلنا المساعدات سيطرت عليها خماس؟
- ولكنكم تقولون إنكم قضيتم على خماس هناك !
أمس أعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أن عدد الجرحى بلغ في ال ٤٨ ساعة الماضية ٣١ جنديا.
وأول أمس أصغيت إلى مراسلي الفضائيات يتحدثون عن اشتداد المعارك في الأيام القليلة الماضية وعودتها قوية كما كانت في بداية الحرب .
في الأردن وفي مصر مظاهرات ومبايعات لحركة خماس وقائديها يحيى السسنوار ومحمد ضيييف ، وفي الجنوب اللبناني غارات إسرائيلية على مراكز الإغاثة و ... والقطارات الكهربائية التي كتب عنها ( ثيودور هرتسل ) في روايته " أرض قديمة جديدة " في العام ١٩٠٢ وبشر بأنها ستصل إلى بيروت وغيرها ليست خرافة " إذا أردتم فإنها ليست خرافة " كتب على صفحة الغلاف إلى جانب العنوان الرئيس ، وفي دعاية " أبو يائير " لانتخابات البرلمان الإسرائيلي ( الكنيست ) خاطب المواطنين العرب في المناطق المحتلة في العام ١٩٤٨ ، بأنه إذا انتخب فسيحقق لهم أمرين اثنين ؛ الأول هو خط طيران مباشر من تل أبيب إلى مكة ، ليؤدوا فريضة الحج ومناسك العمرة ، والثاني القضاء على الجريمة في المحتمع العربي في إسرائيل ( ؟ ) .
أفسد السسنوار وأبو خالد ضيف الوعد الأول ، ونجح أبو يائير في تحقيق الوعد الثاني ، فهناك الآن مهام للجيش الإسرائيلي وجهازي الشاباك والموساد أهم بكثير من تشجيع الجريمة بين العرب . منذ بداية الحرب لم نعد نسمع عن جرائم قتل في المجتمع الفلسطيني ، ما يثير أسئلة كثيرة عمن يقف وراءها . " إيد في الخفاء " .
هل أكرر قول المتنبي :
" ولو أن الحياة تبقى لحي
لعددنا أضلنا الشجعانا "
أم أكرر قول الشاعر :
" ومن كانت منيته بأرض فليس يموت في أرض سواها "
وبحر غزة جزء من أرضها ، و :
" من كانت منيته ببحر فليس يموت في بحر سواه "
وفي سنوات الحصار مات غزيون كثر على شواطيء الجزائر واليونان وتركيا وإيطاليا و ... و ... :
- لماذا لم تدقوا جدران المياه؟
أم إنكم لم تثقوا بها ؟
صابر حسينعلي
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٢٧ / ٣ / ٢٠٢٤
***
174- غزة ( ١٧٤ ): "لسا"
أرسل إلي صديق مقالا كتبه أشرف عقل يعدد فيه مخازي قسم من أهلنا في غزة لم يحل الوضع الكارثي هناك دون ظهورها ، وكان كاتب المقال كلما ذكر واحدة من سلبيات أبناء شعبنا يعقب : لسا - يعني ما دمنا نمارس سلوكات مثل هذه فتحقيق انتصار ننشده ونتطلع إليه أو بلوغ وضع مجتمعي مطمئن لا يبدو قريبا .
والسلبيات التي يعددها عديدة : الاستغلال والأثرة والفوضى وحب الذات وتفضيل المعارف والانتماء الفصيلي لا الوطني وسرقات البيوت المهحورة وتفكيك أدوات حماماتها و ... .
لم يكن المقال هو المرجع الوحيد الذي أعتمد عليه في الكتابة ، فقبل قراءته شاهدت شريط فيديو لأشخاص ينهبون مخزن شركة استيراد إطارات سيارات غير عابئين بنداء الحارس وطلبه منهم إن يعيدوا ما يسرقون إلى مكانه .
وبعد قراءته شاهدت مقاطع من أشرطة فيديو أدرجتها الناشطة أسماء الغول في حيز الصور تظهر امرأة تشكو مما فعله نفر ببيت أمها ، إذ استغلوا خلو البيت من سكانه وعبثوا بأعراضه يفتشونها بحثا عن مال أو ذهب .
هل نحن ملائكة ؟
في بداية الحرب كتبت عن إحدى قصص غسان كنفاني التي أتى فيها على الفضيلة في زمن الاشتباك . الفضيلة الأولى هي أن نبقى على قيد الحياة ، وليس غريبا بعدها أن تتراجع القيم وتنحل الأخلاق .
عندما ألقت شرطة حماس القبض على مثل هؤلاء اللصوص وعرضت صورهم مكبلين مقيدين يشتمون أنفسهم لم يرق هذا لقسم منا . هل لأن بعض عناصر من حماس متورطون أيضا في الفساد والأثرة والانتهازية كتب أشرف عقل ما كتب ؟ وليس هو الوحيد الذي كتب عموما ، فأنا أتابع صفحة الدكتور خضر محجز وأقرأ نقدا ذاتيا لبعض المسؤولين أيضا ، وفوق ذلك أشاهد في حياتنا اليومية نماذج بشر لا يراعون في الآخرين والحقوق والمواطنة إلا ولا ذمة .
وماذا عن أفراد الجيش الإسرائيلي في غزة ؟
ما دور البيوت التي يدمرونها في أحداث ٧ أكتوبر ؟
ما صلة مليوني مواطن غزاوي بما جرى ؟ هل شاركوا في الهجوم ؟ و ... و ... و ... وألف سؤال وسؤال عن ممارسات القيادة الإسرائيلية وهمجية جنودها .
أمس شاهدت شريط فيديو تتحدث فيه امرأة فتشها الجنود وفتشوا كنتها أيضا ، فصادروا منهما الذهب ومبلغ ٧ آلاف دينار ولم يبقوا معهما ثمن ربطة خبز . لقد سرق الإسرائيليون وطنا كاملا ودمروا المجتمع الفلسطيني ، ليس في هذه الحرب وحسب ، بل منذ أن أسسوا دولتهم .
وماذا عن بريطانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا والولايات المتحدة الأمريكية و ... و ... .
هل نحن ملائكة ؟ إننا بشر أيها البشر !!
لا أدافع عن " خريناتنا " ، وما أكثرها ، وعلينا أن نتصدى لها ، ولكن علينا ألا نرى الصورة السلبية فقط ونغض الطرف عما يجري من إبادة وقتل وتهجير وتدمير تبدو " خرياناتنا " أمامه مجرد نقطة في بحر .
غزة تمسح عن وجه الأرض يا سادة ، وهذا ما تريه أشرطة الفيديو التي يصورها من بقي هناك في شمال القطاع ووسطه .
مساء الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٢٨ / ٣ / ٢٠٢٤
***
175- غزة ( ١٧٥ ) : بائعة السمك في المسرحية وطابخة الخبيزة الفلسطينية الغزاوية:
عندما ذهبت بائعة السمك في مسرحية ( برتولد بربخت ) " محاكمة لوكللوس " إلى الميناء لاستقبال ابنها بين أفراد الجيش العائدين من الجبهة جرى حوار بينها وبين القائد ( لوكللوس ) الغانم كرسيا لافتا .
لم يعد ابن البائعة التي أبدت رأيا في لوكللوس والحرب لم يرق له ، فسألها مستغربا كيف تبدي رأيها في الحرب ، هي بائعة السمك ، وتستكثر مظاهر الاحتفال وغنائمه ، فهل خاض الحرب ليعود بالكرسي لبائعة سمك ؟
- ولكنك أخذت ابني !
في أحد أشرطة الفيديو التي تبثها قناة الجزيرة شريط لامرأة غزية تنقب ورق الخبيزة وتتحدث عنها . لم يكن للخبيزة التي تنمو في البر ، قبل الحرب ، حضور يومي على مائدتها ، فقد كانت تطبخها مرة أو مرتين في العام ، ولكنها منذ أشهر الحرب التي شحت فيها المواد الغذائية صارت تطبخها يوميا . العبارة اللافتة التي قالتها المرأة وخزقت طبل الأذن هي :
- هذه الخبيزة نفعتنا أكثر من الجيوش العربية كلها .
هل تؤخذ الحكمة من القائد لوكللوس ومن قادة الجيوش العربية وحكامهم أم من المرأة الغزاوية التي تطبخ الخبيزة ؟
الصديق محمد لافي Mohammad Lafi ذكرني بتعليق شبيه لطفل غزاوي يقود عربة يجرها حمار ، وأظن أن كتابتي لم تغفله .
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٢٩ / ٣ / ٢٠٢٤
***
176- غزة ( ١٧٦ ) : أمس كان الصيد وفيرا
لمحمود درويش سطر شعري نصه " كلما قالوا انتهى فاجأتهم أني ابتدأت " .
في ٢ / ٣ / ٢٠٢٤ كنت في عمان . مررت على كشك بيع كتب فرأيت الأستاذ عبد الرؤوف الروابدة جالسا . سلمت وسألت عن كتاب عماد الطراونة عن محمود درويش " كلام من ذهب " ثم عرفني صاحب الكشك بالحضور ، وجر الكلام كلاما ولأول مرة سمعت أن الحرب في غزة انتهت ، وكما فهمت انتهت لصالح الإسرائيليين .
مر على اللقاء ٢٨ يوما وأمس كان صيد الدببة في غزة وفيرا ، ولم تنته الحرب .
في هذا الصباح ؛ صباح اليوم ( ١٧٦ ) للمقتلة والمهلكة وحرب الإبادة قلت : حتى لو انتصر الإسرائيليون عسكريا ، فإن هذا النصر يصح فيه قول الشاعر توفيق زياد عن انتصار الجيش نفسه في حرب حزيران ١٩٦٦ :
" لا تقولوا لي : انتصرنا
إن هذا النصر
شر من هزيمة
نحن لا ننظر للسطح
ولكنا
نرى عمق الجريمة "
وما يجري في غزة هو جريمة بالمقاييس كلها .
انتهت حرب حزيران بانتصار وانظروا إلى أين وصلنا !؟
هل انتهت الحرب وعم السلم ؟
أمس كان الصيد وفيرا ، وما لم يتحقق في حينه من توقعات توفيق زياد ، وهو ما قاله بقية المقطع ، سيتحقق ذات يوم :
" لا تقولوا لي : انتصرنا
إننا نعرفها
هذي الشطارة
إننا نعرفه الحاوي الذي
يعطي الإشارة
إنه - سيدكم - يلهث
في النزع الأخير
إننا نسحبه - من أنفه
سحبا ..
إلى القبر الأخير " .
ويبدو أن ما قاله الشاعر نفسه في مقطع آخر يتحقق :
" عن جدنا الأول / قد جاء في الأمثال : / واوي بلع منجل .. !! /
كل ما تحلبه الريح / ستذروه العواصف / والذي يغتصب الغير / يعيش العمر خائف " .
هل سيحيي فلسطينيو ١٩٤٨ مناسبة يوم الأرض أم ... ؟
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٣٠ / ٣ / ٢٠٢٤
***
177- غزة ( ١٧٧ ) : حرب كونية على قارة غزة
" حرب كونية على قارة غزة " . هذا ما خلص إليه مواطن غزاوي ، ولعله أراد أن يسخر من جيش الدفاع الإسرائيلي ومن الولايات المتحدة والدول الغربية التي دعمت الاحتلال .
ومع أن الحرب حرب كونية بالفعل ، إذ فتحت الولايات المتحدة الأمريكية ترسانة أسلحتها للدولة العبرية ، إلا أن السخرية تكمن في استخدام دال " قارة " لنعت غزة به ، فهي محدودة المساحة ولا تزيد عن ٣٦٥ كم مربع ، والجيش الذي لا يقهر حشد ٤٠٠ ألف جندي وضابط لأربعين ألف مقاتل لا يملكون من السلاح واحدا بالمائة مما يمتلك .
وأنا أسير في شوارع نابلس أمس ، وكانت الحياة تسير كما تسير منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ ، تساءلت أيضا إن كان هناك شيء يجري في غزة . هل هناك حرب في غزة ؟ وهل غزة ونابلس تقعان في الكوكب نفسه في الوطن العربي الكبير نفسه في الوطن الصغير فلسطين نفسها ؟
أمس كانت الأسعار في غزة تبدو عادية ، ولذلك بدا بعض المواطنين هناك فرحين ، وأكثرهم فرحا ، ممن شاهدت وجوههم في أشرطة الفيديو ، طفلة تمسك بيديها دجاجتين مجمدتين ، فأخيرا وبعد ١٧٦ يوما تمكنت من الحصول على الدجاج .
هل ستبدأ حرب رفح بعد العيد أم في شهر أيار ؟
الخبر اللافت هو أن هيئة قيادة أمريكية إسرائيلية مشتركة ستدرس مخطط الاقتحام . ألم يكتب المواطن الغزاوي جادا وساخرا في الوقت نفسه :
" حرب كونية على قارة غزة " ؟ .
وفي ساعات المساء اندلعت المظاهرات في مدن الضفة الغربية . لقد أفطر الصائمون وحان وقت صلاة التراويح ، وقد أدوها وهم يهتفون :
" حط النار قبال النار
وحنا رجالك يا سنوااااار "
ومن قبل هتفوا :
" حط السيف قبال السيف
وحنا رجال محمد ضيييف "
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٣١ / ٣ / ٢٠٢٤
***
178-أ- غزة ( ١٥٨ ) : خبز الفلسطينيين المغمس بالدم :
إن كان محمد ضيييف ( أبو خالد ) أطلق على هجوم ٧ أكتوبر وصف " طووووفان الأقصى " ، وهو وصف قريب من انتفاضة الأقصى ٢٨ / ٩ / ٢٠٠٠ ، فإن وزير الحرب الإسرائيلي ( يوآف غالانت ) في خطابه الأول بعد بدء العملية قال لاءاته الأربعة : لا ماء . لا كهرباء . لا طعام ولا وقود ، ولقد أرادها حرب تجويع ، وهو ما كان .
لا أعرف إن كان هناك من رصد عدد حالات الفلسطينيين الذين ماتوا ، في هذه المهلكة ، جوعا .
غير مرة كتبت عن السفر برلك والخبز وكيس الطحين .
أمس تذكرت بيت راشد حسين من قصيدته " الله أصبح لاجئا يا سيدي " :
" أنا لو عصرت رغيف خبزك في يدي
لرأيت منه دمي يسيل على يدي " .
وكما حضرت أحداث كثيرة مشابهة ماضية استدعتها المقتلة وحرب الإبادة هذه ، فإن الخبز وكيس الطحين والموت جوعا استحضر شبيهه في تغريبتنا الفلسطينية الممتدة منذ العام ١٩٤٨ .
لعل مقالي الأحد القادم لدفاتر الأيام الفلسطينية يركز على كيس الطحين ورغيف الخبز المغمس بالدم في حياة الشعب الفلسطيني ، كما ظهرت في نصوص أدبية فلسطينية .
اليوم هو الأول من نيسان ، وكما تساءلت الطفلة الغزاوية التي نجت من الموت :" عمو أنا في حلم ولا عن جد " فإنني أتمنى أن يكون ما نعيشه كابوس ليل حدث بعد وجبة عشاء دسمة .
اليوم هو الأول من نيسان أقسى الشهور ، فهل سيكون كذلك؟
الجيش الإسرائيلي أعلن في هذا الصباح أن عدد قتلاه بلغ "600 ".
صباح الخير يا غزة !
خربشات عادل الاسطة
١ / ٤ / ٢٠٢٤
***
178-ب- غزة ( ١٧٨ ): أطفال غزة بلا طفولة وبلا عائلة ؛ جرحى وموتى تحت الأرض وفوقها
ما أكثر أشرطة الفيديو التي يظهر فيها أطفال غزة ، وما أكثر ما يقولونه وما تقوله الأشرطة أيضا .
كانت قصة هدى أبو غالية التي خلدها محمود درويش بإحدى يوميات " أثر الفراشة " ( ٢٠٠٦ ) حدثا تكرر ربما عشر مرات عشرين مرة ثلاثين مرة . كان استثناء ، والآن صار شبه قاعدة .
و :
" على شاطيء البحر بنت ، وللبنت أهل
وللأهل بيت ، وللبيت نافذتان وباب ..
وفي البحر بارجة تتسلى
بصيد المشاة على شاطيء البحر
أربعة خمسة سبعة
يسقطون على الرمل ، والبنت تنجو قليلا
لأن يدا من ضباب
يدا ما إلهية أسعفتها ، فنادت أبي
يا أبي ! قم نرجع ، فالبحر ليس لامثالنا !
لم يجبها أبوها المسجى على ظله
في مهب الغياب
دم في النخيل ، دم في السحاب
يطير بها الصوت أعلى وأبعد من
شاطيء البحر ، تصرخ في ليل برية ،
لا صدى للصدى
فتصير هي الصرخة الأبدية في خبر
عاجل لم يعد خبرا عاجلا
عندما
عادت الطائرات لتقصف بيتا بنافذتين وباب ! "
حوالي ثلاثة وثلاثين ألف قتيل في غزة ، بينهم سبعة آلاف طفل ، وحوالي ثمانين ألف جريح قسم منهم أعيق بعاهة أبدية ، وما زالت المقتلة والمهلكة مستمرة ، وما زال العداد شغالا واللجوء متواصلا والخيام قائمة ولا عودة للشمال ، فالموسم موسم هجرة للجنوب ، وريح الجنوب تنبيء بالعواصف الرملية وفيعان الأفاعي وهدير المدافع واستباحة الزنانات والمسيرات ، وغرفة عمليات مشتركة لأمريكا ودولة شعب الله المختار و ... .
هل أخطأ الغزاوي الساخر حين نعت الحرب الدائرة حاليا بأنها حرب كونية على قارة غزة ؟
إسرائيل واصلت أمس عربدتها فأغارت على القنصلية الإيرانية في دمشق . دمرت وقتلت وجرحت و ... و ...وإيران تهدد برد قاس . هل ستندلع حرب إقليمية ؟ هل سندخل في المجهول ؟.
ليس في إسرائيل شارل ديغول وليس فيها من يشعر ، جراء ما يجري ، منذ ٧٦ عاما ، بالضجر ، وحين أراد رئيس وزرائهم الأسبق ( إسحق رابين ) أن يكون ديغول إسرائيلي اغتالوه .
في إسرائيل ملك جديد اسمه ( بنيامين نتنياهو ) وله خليفتان هما بن غفير وسموتريتش ، ويا دولة يهودية ما بدنا أي عربي ! يا دار ما دخلك شر !! والله المستعان !!
مساء الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
١. / ٤ / ٢٠٢٤
***
179- غزة ( ١٧٩ ) : " ورقة من غزة " غسان كنفاني
في نابلس سارت الحياة اليوم كالمعتاد . الناس يتبضعون استعدادا لعيد الفطر باحثين عما يحتاجون إليه من غذاء وكساء ، وكعك العيد بدأ يعد ويجهز ، والأيام العشرة الأخيرة من الشهر الفضيل لها أجواؤها الخاصة .
تراجعت أخبار غزة ولم يعد أصحاب بعض المحلات يصغون إلى آخر الأخبار من بعض الفضائيات كالجزيرة والعربية ، وفي الحافلات بالكاد تستمع إلى صوت مذيع يقرأ الأخبار أو يقدم برنامجا حواريا حول آخر المستجدات .
فقط في وسائل التواصل الاجتماعي تقرأ آخر أخبار الحرب وتشاهد بعض أشرطة فيديو تصور ما ألم بمجمع الشفاء الطبي ، فتحزن وتتساءل إن كان أصل الفوهرر الألماني ( أدولف هتلر ) فلسطينيا لاجئا غزاويا اتخذ من مجمع الشفاء مقرا له . ربما ! ربما !
صارت الطفلة ، بعد ارتقاء أمها ، أما . تشاهد شريط فيديو لطفلة تتحدث عن أمها وقيامها هي الآن بدورها . تحتضن أخاها الصغير وترعاه ، وهي غير مهيأة لهذا الدور . تمدح الطفلة أمها وتحكي عن حنانها وحبها لها ولأخواتها وإخوانها وتقول إنها أدركت ما معنى القول :" الدنيا أم " .
جرأة في الحكي وفصاحة تفوق الفصاحة وثقة بالذات عجيبة لا يسبغها الأطفال على الحكام العرب ، ولذلك صاروا يحفظون قصائد جلد الذات عن ظهر قلب . " سنبيعكم .. لكن : لمن !؟ " تقرأ طفلة قصيدة لشاعر يمني انتشرت انتشار النار في الهشيم ، انتشار قصيدة مظفر النواب " وتريات ليلية " . تتحرك دكة غسل الموتى ، أما أنتم !؟" .
في قصة غسان كنفاني " ثلاث أوراق من فلسطين " في " ورقة من غزة " ( ١٩٥٦ ) نقرأ :
" لقد خرجت إلى شوارع غزة ، شوارع يملؤها ضوء الشمس الساطع . لقد قالوا لي إن ناديا فقدت ساقها عندما ألقت بنفسها فوق إخوتها الصغار تحميهم من القنابل واللهب وقد أنشبا أظفارهما في الدار . كان يمكن لناديا أن تنجو بنفسها .. أن تهرب .. أن تنقذ نفسها ، لكنها لم تفعل .
لماذا ؟"
وكان يمكن لغزة أن تنجو بنفسها .. أن تظل تنتظر تصاريح العمل وحقيبة العمادي .. أن ..
ويبدو أن قدر غزة هو ما جرى فيها ... .
هل صار الواحد منا قدريا ؟
مشهد الدمار لا يحتمل وعلينا أن نفتش عن جينات ( أدولف هتلر ) فينا ؟
كل الحق على المفتي !
مساء الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٢ / ٤ / ٢٠٢٤
***
180-أ- غزة (١٨٠): أكاد أجزم أن لسان حال أهل غزة في هذه الأيام هو قول الشاعر الفلسطيني العروبي ابن دورا الخليل يوسف الخطيب:
" أكاد أقسم من شك ومن ريب هذي الجماهير ليست أمة العرب "
وليس بعيدا عنه قول مظفر النواب في " وتريات ليلية " :
هل عرب أنتم ؟!
مساء الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
Adel Osta
٣ / ٤ / ٢٠٢٤ .
***
180 -ب- المكتب الإعلامي الحكومي: تحديث لأهم إحصائيات حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة لليوم 180:
(180) يوماً على حرب الإبادة الجماعية.
(2,922) مجزرة ارتكبها جيش الاحتلال.
(39,975) شهيداً ومفقوداً.
(32,975) شهيداً ممن وصلوا إلى المستشفيات.
(14,500) شهيداً من الأطفال.
(30) طفلاً استشهدوا نتيجة المجاعة.
(9,560) شهيدة من النساء.
(484) شهيداً من الطواقم الطبية.
(65) شهيداً من الدفاع المدني.
(140) شهيداً من الصحفيين.
(7,000) مفقودٍ.
(75,577) مصاباً.
(73%) من الضحايا هم من الأطفال والنساء.
(17,000) طفل يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما.
(11,000) جريح بحاجة للسفر للعلاج "إنقاذ حياة وخطيرة".
(10,000) مريض سرطان يواجهون الموت وبحاجة إلى علاج.
(1,088,764) مصاباً بالأمراض المعدية نتيجة النزوح.
(8,000) حالة عدوى التهابات الكبد الوبائي الفيروسي بسبب النزوح.
(60,000) سيدة حامل مُعرّضة للخطر لعدم توفر الرعاية الصحية.
(350,000) مريض مزمن معرضون للخطر بسبب عدم إدخال الأدوية.
(310) حالة اعتقال من الكوادر الصحية.
(12) حالة اعتقال صحفيين ممن عرفت أسماؤهم.
(2) مليون نازح في قطاع غزة.
(171) مقراً حكومياً دمرها الاحتلال.
(100) مدرسة وجامعة دمرها الاحتلال بشكل كلي.
(305) مدارس وجامعة دمرها الاحتلال بشكل جزئي.
(229) مسجداً دمرها الاحتلال بشكل كلي.
(297) مسجداً دمرها الاحتلال بشكل جزئي.
(3) كنائس استهدفها ودمرها الاحتلال.
(70,000) وحدة سكنية دمرها الاحتلال كلياً.
(290,000) وحدة سكنية دمرها الاحتلال جزئياً غير صالحة للسكن.
(70,000) طن من المتفجرات ألقاها الاحتلال على غزة.
(32) مستشفى أخرجها الاحتلال عن الخدمة.
(53) مركزاً صحياً أخرجه الاحتلال عن الخدمة.
(159) مؤسسة صحية استهدفها الاحتلال.
(126) سيارة إسعاف استهدفها جيش الاحتلال.
(200) موقع أثري وتراثي دمرها الاحتلال.
***
181 -أ- غزة ( ١٨١ ) : "خبز معفن"
انتظر أهل غزة ، في أشهر الحرب الأولى ، المساعدات فجاءتهم الأكفان ، وتذكروها مؤخرا فعقبوا ساخرين سخرية مرة تعبر عن ألم عميق :
- كانوا يعرفون أن عدد القتلى سيكون مرتفعا ، فأرسلوا الأكفان ، وبألوان تناسب العمر والجنس ، فلا بارك الله فيهم وفي مساعداتهم . هذا ما يتمناه لنا بعض العرب .
ومرت الأيام فصارت المساعدات ، لحظة وصولها برا ، طعما لاصطياد طالبيها . هكذا اصطاد القناصة والمسيرات والمدفعية الساعين إلى المساعدات ، وصرنا ، نحن متابعي الحرب ، نسمع بأسماء جديدة ، مثل الدوار الكويتي ودوار النابلسي . مات كثيرون وجرح آخرون واختلط الدم بالطحين والطحين بالتراب .
وجاء وقت ألقيت فيه المساعدات ، جوا ، في البحر ، فسبح الغزيون ، للحصول عليها ، وغرق قسم منهم . ماتوا هذه المرة في البحر غرقا ، لا في خزان غسان كنفاني اختتاقا ، وكم غزاوي مات قبل ٧ أكتوبر ، أيضا غرقا ، وهو ينشد الهجرة ، هربا من جحيم الحصار .
أمس كان الفتى الغزاوي اليافع يفتح صناديق المساعدات وينظر فيها ويحكي وهو يعرض ما حوته :
- شوفوا ! شوفوا ! إنها ربطات خبز معفن .
وكان يلقيها في القمامة .
في العام ٢٠٠١ شاركت في مؤتمر ، في الجامعة الأردنية ، عن العلاقات الآسيوية العربية وكتبت عن صورة الأتراك في رواية بلاد الشام ، ودفعني الشغف بالموضوع إلى البحث عن روايات جديدة لم أدرسها ، فاقتنيت رواية الكاتب السوري ممدوح عدوان " أعدائي " ، لأنها تأتي على واقع بلاد الشام في الحرب العالمية الأولى ، وكانت تحت الحكم العثماني . لفت نظري في الرواية شخصية يهودي اسمه ( ألتر ليفي ) كان ، في بداية الحرب ، يظهر دعمه للجيش العثماني ، فيتبرع له ، وكان مما تبرع به مواد زراعية وملابس نسائية لجيش لا نساء تحارب فيه . وكان يفعل ذلك متكئا على غباء الأتراك وتذاكيه ويفخر بذلك .
يعلم الله أن بعض ما تبرع به ، لأهل غزة ، ليس سوى بضاعة فاسدة أو انتهى مفعولها أو تاريخ صلاحيتها ، وهي فائض وعبء ، على أصحابها ، ينبغي التخلص منه ، ولو في مكبات النفايات .
- لا نريد مساعداتكم .
قال مواطن ، وأضاف :
- نريد أن نعود إلى بيوتنا ونعمل في أرضنا و " الله لا يخلف عليكم " .
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٤ / ٤ / ٢٠٢٤
***
181 -ب- غزة ( ١٨١ ): "مع لاجئة في العيد"( ١ ) فدوى طوقان من ديوان "وحدي مع الأيام" (١٩٥١)
" أختاه ، هذا العيد رف سناه في روح الوجود
وأشاع في قلب الحياة بشاشة الفجر البعيد
وأراك ما بين الخيام قبعت تمثالا شقيا
متهالكا ، يطوي وراء جموده ألما عتيا
يرنو إلى اللاشيء .. منسرحا مع الأفق البعيد "
ما شكل عيدنا في هذا العام ؟
ما شكل العيد في غزة ؟
إن أهل غزة يرنو أكثرهم إلى الماصي أو إلى الهجرة .
الشهر السادس يكاد ينقضي وما زال الاحتلال الإسرائيلي قائما ، وما زالت المقاومة عنيفة ، ولا أفق ؛ لا قريب ولا بعيد !!
خابت توقعاتي بأنهم سيكنسون خلال ستة أشهر كما حدث في ١٩٥٦ ، ومع ذلك فإن تحقيق الهاتريك الغزاوي ما زال ممكنا .
١٩٥٦
٢٠٠٥
٢٠٢٤
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٤ / ٤ / ٢٠٢٤
***
182- غزة ( ١٨٢ ): "مع لاجئة في العيد" ٢ فدوى طوقان من ديوان "وحدي مع الأيام" (١٩٥١)
" أختاه ، مالك إن نظرت إلى جموع العابرين
ولمحت أسراب الصبايا من بنات المترفين ..
من كل راقصة الخطى كادت بنشوتها تطير
العيد يضحك في محياها ويلتمع السرور
أطرقت واجمة كأنك صورة الألم الدفين "
في غزة تساوى الجميع . لم تعد هناك أسراب صبايا مترفات يرقصن ويكدن يطرن من النشوة ، وليس هناك عيد يضحك في محيا أحد ولا سرور يلتمع . صار الألم الدفين شعورا جمعيا ، ف ( شايلوك ) الجديد لا يريد سوى رطل اللحم . نعم رطل اللحم ، وليس له قلب .
تجلس الطفلة على الرصيف بيدها كيس نايلون لعلها تجمع بعض شواكل لتشتري طعاما لأهلها ويكاد البؤس يطل من ملامحها كلها .
غزة الآن كلها منكوبة ، وأغنياؤها الذين كانوا فيها في العام ١٩٤٨ ، ولم يعانوا ما عانى منه اللاجئون ، صاروا أيضا لاجئين وها هم يعيشون التجربة .
كلام كثير يمكن أن تسترجعه الذاكرة هنا ولكنها تخجل !!
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٥ / ٤ / ٢٠٢٤
***
183 -أ- غزة ( ١٨٣ ): "مع لاجئة في العيد" ٣ فدوى طوقان من ديوان "وحدي مع الأيام" (١٩٥١)
أختاه ، أي الذكريات طغت عليك بفيضها
وتدفعت صورا تثيرك في تلاحق نبضها
حتى طفا منها سحاب مظلم في مقلتيك
يهمي دموعا أومضت وتزحزحت في وجنتيك
يا للدموع البيض ! ماذا خلف رعشة ومضها ؟
قبل قليل أرسل إلي الشاعر راضي عبد الجواد شريط فيديو لفتاة فلسطينية من غزة بدا الحزن عليها واضحا تسأل عن أمنيتها ، فقد فقدت أمها في الحرب ، وواضح أن من سألها استثار فيها صور أمها ، فطغى عليها فيض الذكريات التي تدفعت صورا تثيرها في تلاحق نبضها . لقد طفا على عينيها سحاب مظلم همى دموعا تزاحمت في مقلتيها .
- ما هي أمنية الطفلة إن انتهت الحرب ؟
- أن تموت شهيدة ، فليس للحياة طعم بعد فقدان الأم .
ومثل الطفلة مائة ألف طفل وطفلة وأكثر ، كلهم يعانون من فقد فرد من أفراد الأهل أو أكثر ، أو يعانون من فقد طرف من أطرافهم ، وهناك مليونا مواطن يعانون من فقدان البيت . صار البيت أيضا شهيدا ، فمن لا بيت له يشعر أيضا بفقدان جزء حميم من حياته ، وقد كتب كتاب غزة في يومياتهم عن هذا ، معبرين عن ألم عميق دفين .
ليس لليهودي الصهيوني الإسرائيلي قلب !!
صباح الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٦ / ٤ / ٢٠٢٤
***
183 -ب- غزة ( ١٨٣ ): مجرة غزة المستقلة
لم أتمش في شوارع نابلس في هذا النهار طويلا ، وبسبب إغلاق المقاهي بمناسبة الشهر الفضيل ، أجدني أشتري ما أحتاج إليه وأعود إلى شقتي ، وربما يدفعني إلى ذلك أن شعور التقدم بالسن صار يلازمني ، فأنا بعد شهرين أدخل العقد الثامن من العمر - يعني العقد الأخير من حياة كتبت علينا خطاها فمشيناها ، والله أعلم بأي أرض تكون منيتنا .
في نصف الساعة التي تمشيت فيها ، واشتريت كيلو فاصوليا خضراء ونصف كيلو فراولة في أثنائها ، سمعت عبارة واحدة نطقت بها امرأة لأخرى كانت تسير معها :
- كأنو ما في إشي بغزة .
وفي نصف الساعة هذه كان الآلاف من أبناء المدينة ومخيماتها وريفها يتبضعون لمناسبة عيد الفطر المبارك . الكل يبيع والكل يشتري والشوارع مكتظة بالبشر والسيارات و ...
عندما توقفت مع أحد معارفي وأتينا على ذكر ما يجري في غزة وما تشهده شوارع المدينة التي استبيح فجرا أحد مخيمانها قلت له :
- إنها قوة الحياة . الناس تريد أن تواصل حياتها .
والصحيح أن أوضاعنا لا نحسد عليها ، فما يجري في غزة يؤلمنا ويشعرنا بعجزنا وليس باليد حيلة.
هل غزة غاضبة منا ومن أهل القدس الذين كانوا يستنجدون بها ؟
أخبار المعارك عصر هذا اليوم تعيدنا إلى البداية . شرق خان يونس اشتعل من جديد .
عيد فطر بالصلاة على النبي .
صباما مقبولا وافطارا شهيا .
مساء الخير يا غزة
خربشات عادل الاسطة
٦ / ٤ / ٢٠٢٤
***
-----------------
171 - ( ١٧١ ) غزة: "ووقفتم تسترقون السمع ، وراء الأبواب، لصرخات بكارتها"
172 - غزة ( ١٧٢ ): "في نابلس أمس، بعيدا عن غزة"
173 -غزة ( ١٧٣ ) : الموت غرقا
174- غزة ( ١٧٤ ): "لسا"
175- غزة ( ١٧٥ ) : بائعة السمك في المسرحية وطابخة الخبيزة الفلسطينية الغزاوية
176- غزة ( ١٧٦ ) : أمس كان الصيد وفيرا
177- غزة ( ١٧٧ ) : حرب كونية على قارة غزة
178-أ- غزة ( ١٥٨ ) : خبز الفلسطينيين المغمس بالدم
178-ب- غزة ( ١٧٨ ): أطفال غزة بلا طفولة وبلا عائلة ؛ جرحى وموتى تحت الأرض وفوقها
179- غزة ( ١٧٩ ) : " ورقة من غزة " غسان كنفاني
180 -أ- غزة (١٨٠): أكاد أجزم أن لسان حال أهل غزة في هذه الأيام هو قول الشاعر الفلسطيني العروبي ابن دورا الخليل يوسف الخطيب:
180 -ب- المكتب الإعلامي الحكومي: تحديث لأهم إحصائيات حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة لليوم 180:
181 -أ- غزة ( ١٨١ ) : "خبز معفن"
181-ب- غزة ( ١٨١ ): "مع لاجئة في العيد"( ١ ) فدوى طوقان من ديوان "وحدي مع الأيام" (١٩٥١)
182- غزة ( ١٨٢ ) : "مع لاجئة في العيد" ٢ فدوى طوقان من ديوان "وحدي مع الأيام" (١٩٥١)
183 -أ- غزة ( ١٨٣ ) : " مع لاجئة في العيد " ٣ فدوى طوقان من ديوان "وحدي مع الأيام" (١٩٥١)
183 -ب- غزة ( ١٨٣ ) : مجرة غزة المستقلة
.
.