كان مقدراً أن تنشر هذه الكلمة بمجلة الثقافة، وكنت أعتبر هذا
من جانبي مراعاة للياقة، لأن المقال نقد لبعض آراء الأستاذ
الكبير أحمد أمين في الأدب، فأولى أن ينشر في مجلته.
ولكن (الثقافة) رأت غير هذا الرأي، فلعلي لا أكون مسئولاً
عما في نشر هذه الكلمة هنا من مجانبة المجاملة الواجبة.
سيد قطب
منذ أيام قابلني أحد المتأدبين فبادرني بقوله: (أين قصائدك في الحرب وأهوالها؟) فلم أرد أن أجيب الجواب الجدي على هذا السؤال، واكتفيت أن أقول: إنما يتكلم اليوم المدفع والدبابة، فلا حاجة إلى ألسنة الشعراء!
ومنذ سنوات، وأنا أقرأ في الصحف أو أسمع في المجالس، أن الشعر قد مات بموت شوقي وحافظ، لأن شعراء مصر الحاليين لا ينظمون في أحداث مصر ولا يسجلون مناسباتها الهامة في قصائدهم، ولا ينوبون عن الجماهير في تصوير عواطف الجماهير!
وأذكر أنني لم أحفل كثيراً بما قرأته وسمعته من هذا القبيل لأنه - لحسن الحظ - لم يكن يصدر من أناس لهم صفة الإمامة أو سلطة التوجيه، فلم يكن له من الخطر ما يحفز إلى دفعه أو تصحيح الرأي فيه.
وكنت مطمئناً إلى أن المدرسة الحديثة - وعلى رأسها الناقد الكبير الأستاذ العقاد - قد أفلحت في تصحيح الأفكار عن الشعر والشاعر في خلال ثلاثين عاماً لم تفتر فيها عن بذر بذور جديدة لتقدير الأدب والأدباء.
ولكني استمعت إلى كلمة الأستاذ الكبير أحمد أمين عميد كلية الآداب مساء الأمس في ذكرى المرحوم حافظ بك إبراهيم، فأحسست حقيقة بالخطر. وعلى رغم أنني في هذه الأي مريض مرضاً يقتضي الراحة التامة لم أجد أن خطر المضاعفات المرضية أشد من خطر الفكرة التي بدت في ثنايا كلمة الأستاذ، والدعوة الضمنية التي دعاها لشعراء الجيل، فجعلت أكتب هذه الكلمة على عجل!
ليست أمامي نصوص خطبة الأستاذ الكبير، وإنما أنا على ذكر من فحواها بعد السماع، وهي تتمنى فيما أعتقد أن يقوم بيننا من يخلف شوقي وحافظ في تسجيل أحداث مصر والهتاف بما في نفوس جمهورها، وبلورة أحاسيسه وصياغتها. ولم ينس الأستاذ أن يكون من هذه الأحداث التي لو رآها حافظ لقال فيها: توزيع البترول بالبطاقات. وبدا في كلام الأستاذ ونبرة الأسى على موت حافظ دون أن يخلفه أحد في منزلته هذه، أن هذه المزية تقتضي الأفضلية، وأنها أهم أدوات الشاعر وأفضل اتجاهاته، ولهذا تمنى أن يخلفه في مصر خلف من الشعراء.
وهذه دعوة خطرة. ومنشأ خطرها أن الهاتف بها هو الأستاذ أحمد أمين مؤرخ الأدب وعميد كلية الآداب ورئيس لجنة التأليف والترجمة والنشر وصاحب مجلة (الثقافة) وهو بهذه الصفات وبماضيه الأدبي وحاضره يملك سلطة التوجيه وله صفة القدوة.
ولا يمنعنا مقام الأستاذ الكبير واحترامنا العميق لشخصه وعلمه، أن نبدي الرأي الذي يقابل رأيه، وأن نرسل بهذا الرأي إلى مجلة الثقافة التي يشرف عليها!
ونحن نقول في جملة واحدة، وفي نفس واحد كذلك: إن هذه دعوة إلى نكسة من نكسات الشعر بعد ما تجاوز مرحلتها في مصر وفي العالم منذ أزمان، ونتمنى على الله ألا خلف شوقي ولا يخلف حافظ - مع احترامنا لذكراهما - خلف من الشعراء في خلة التعبير عن شعور الجماهير وبلورة هذا الشعور، ورصد الشعر للأحداث القومية والعالمية على طريقتهما وطريقة من يقلدونهما في هذا الزمان!
وأحب أن أبادر هنا بالتنبيه إلى أن شخص شوقي وشخص حافظ في ذمة التاريخ وبين يدي الله، أما شعرهما ففي ذمة النقد وبين أيدينا نحن! فليس من العقوق وليس من عدم اللياقة أن نتناول طريقتهما وشعرهما بالنقد، لأننا بحمد الله لا نؤمن بلياقة العوام! ولا بآداب الصالونات!
وعلى وجود الفرق بين حافظ وشوقي في تسجيلهما للأحداث إذا كان حافظ يسجلها لأنه واحد من الجماهير التي تحس بها، ولأن شعور الجماهير كان يتبلور في حسه فينطق به. أما شوقي فكان يسجلها تمشياً مع اتجاه الجماهير، وتوخياً لمهاب الرياح، وتيقظاً لما تتطلبه الأحاسيس العامة.
على وجود الفرق بينهما في هذا، وأفضلية حافظ ولا ريب بالقياس إلى بواعث القول في نفسيهما، وإن فضله شوقي في الأداء واتساع الآفاق في هذا المجال - على وجود هذا الفرق فان كليهما كان يمثل شاعر القبيلة على وضع من الأوضاع.
وشاعر القبيلة الهاتف بأحاسيسها العامة، المسجل لأحداثها الهامة، الذي تفزع إليه في الملمات ليقول، وتتطلع إلى شفتيه لتتلقف منهما ما تحس به ولا تطيق التعبير عنه.
هذا الشاعر على عظم فضله، وجلال (منفعته) لأمته ليس هو الشاعر المثالي الذي تتطلع إليه الآداب الرفيعة ويحفل به تاريخ الفنون.
وإنما هو حلقة بين الشاعر البدائي وشاعر الشخصية المستقلة هذا الذي يرى الكون من خلال نفسه الخاصة ويعرضه علينا فنتلقاه كأنه نموذج منفرد لكون جديد، ونعرضه في متحف الفنون مع زملائه؛ فإذا لدينا أكوان جديدة بعداد الفنانين الذين نستعرضهم، لا صوراً متشابهة من أحاسيس الجمهور في فترة من الفترات.
وشاعر الشخصية هذا قد يعرض لأحداث أمة أو لا يعرض، وقد يتلاقى إحساسه مرة مع إحساس الجماهير أو لا يتلاقى أبداً، ولكنه يبقى مع هذا شاعراً أصيلاً للحياة، في شاعريته غرض مقصود، وللفن في ديوانه نموذج من النماذج النفسية المرموقة. ويبقى في أسوأ حالاته أرفع وأخلد من شاعر القبيلة الذي تلتقي في نفسه وتتبلور أحاسيس الجمهور.
وقد لا ينتفع جيل هذا الشاعر به كما ينتفع بشاعر القبيلة ولكن يجب أن نفهم أن نظرية المنفعة ليست هي المحكمة في أقدار الفنون، وأن الشاعر ليس مطالباً أن (ينفع) جيلاً بذاته من الناس، وشاعر الشخصية لابد نافع ونافع في دائرة أسمى وأوسع وأبعد أثراً من شاعر القبيلة، بما يجلوه من نماذج رفيعة قد لا تطرق أي حدث واضح من الأحداث العامة.
ويجب أن لا ننسى أن شاعراً واحداً من شعراء الشخصية يعلم أمته حب الجمال في أنماطه العالية، إنما يعلمها من معاني الحرية والثورة على الاستعباد أضعاف ما يعلمها شاعر من شعراء القبيلة يناديها كل يوم بتحطيم القيود ورفض الاستعباد.
فالنفس الإنسانية لا تتسامى لحب الجمال الطليق، ولا تحس حقيقة هذا الإحساس الرفيع، ثم يبقى فيها ظل للاستعباد أو صبر على بقاء الأغلال، وهي وشيكة حينئذ أن تخلص من الاستعباد الخارجي ومن مساوئ الحكم والاجتماع الداخلي في آن لأنها تسامت بإحساسها وذوقها وكل عنصر داخلي فيها عن مهاوي الذل والفساد.
وقصارى ما يقال في شوقي أو في حافظ - يرحمهما الله - أنهما شاعران ممتازان بالقياس إلى عصرهما، وأنهما أديا الواجب عليهما في حلقات النهضة الأدبية لأنهما شاعران ممتازان بالقياس إلى الشعر في جميع الأزمان.
وإنك لتجردهما من زمانهما وظروفهما فتجردهما من خير ميزاتهما الفنية؛ وليس كذلك شعراء كالمتنبي وابن الرومي والمعري وإضرابهم في الشرق والغرب، لأن هؤلاء من شعراء الشخصية النموذجية، وهذان من شعراء القبيلة العامة.
وليس أدل عندي من اطراد النهضة الأدبية في مصر - مع قلة الأدلة على هذا مع الأسف - من أن أحداً لم يخلف شوقي ولم يخلف حافظ في طريقتهما، لأننا بهذا توقينا النكسة إلى شعراء القبيلة، وإن لم نرتق إلى شعراء الشخصية إلا في عدد نادر جداً من بين شعراء هذا الجيل.
(حلوان)
سيد قطب
مجلة الرسالة - العدد 376
بتاريخ: 16 - 09 - 1940
من جانبي مراعاة للياقة، لأن المقال نقد لبعض آراء الأستاذ
الكبير أحمد أمين في الأدب، فأولى أن ينشر في مجلته.
ولكن (الثقافة) رأت غير هذا الرأي، فلعلي لا أكون مسئولاً
عما في نشر هذه الكلمة هنا من مجانبة المجاملة الواجبة.
سيد قطب
منذ أيام قابلني أحد المتأدبين فبادرني بقوله: (أين قصائدك في الحرب وأهوالها؟) فلم أرد أن أجيب الجواب الجدي على هذا السؤال، واكتفيت أن أقول: إنما يتكلم اليوم المدفع والدبابة، فلا حاجة إلى ألسنة الشعراء!
ومنذ سنوات، وأنا أقرأ في الصحف أو أسمع في المجالس، أن الشعر قد مات بموت شوقي وحافظ، لأن شعراء مصر الحاليين لا ينظمون في أحداث مصر ولا يسجلون مناسباتها الهامة في قصائدهم، ولا ينوبون عن الجماهير في تصوير عواطف الجماهير!
وأذكر أنني لم أحفل كثيراً بما قرأته وسمعته من هذا القبيل لأنه - لحسن الحظ - لم يكن يصدر من أناس لهم صفة الإمامة أو سلطة التوجيه، فلم يكن له من الخطر ما يحفز إلى دفعه أو تصحيح الرأي فيه.
وكنت مطمئناً إلى أن المدرسة الحديثة - وعلى رأسها الناقد الكبير الأستاذ العقاد - قد أفلحت في تصحيح الأفكار عن الشعر والشاعر في خلال ثلاثين عاماً لم تفتر فيها عن بذر بذور جديدة لتقدير الأدب والأدباء.
ولكني استمعت إلى كلمة الأستاذ الكبير أحمد أمين عميد كلية الآداب مساء الأمس في ذكرى المرحوم حافظ بك إبراهيم، فأحسست حقيقة بالخطر. وعلى رغم أنني في هذه الأي مريض مرضاً يقتضي الراحة التامة لم أجد أن خطر المضاعفات المرضية أشد من خطر الفكرة التي بدت في ثنايا كلمة الأستاذ، والدعوة الضمنية التي دعاها لشعراء الجيل، فجعلت أكتب هذه الكلمة على عجل!
ليست أمامي نصوص خطبة الأستاذ الكبير، وإنما أنا على ذكر من فحواها بعد السماع، وهي تتمنى فيما أعتقد أن يقوم بيننا من يخلف شوقي وحافظ في تسجيل أحداث مصر والهتاف بما في نفوس جمهورها، وبلورة أحاسيسه وصياغتها. ولم ينس الأستاذ أن يكون من هذه الأحداث التي لو رآها حافظ لقال فيها: توزيع البترول بالبطاقات. وبدا في كلام الأستاذ ونبرة الأسى على موت حافظ دون أن يخلفه أحد في منزلته هذه، أن هذه المزية تقتضي الأفضلية، وأنها أهم أدوات الشاعر وأفضل اتجاهاته، ولهذا تمنى أن يخلفه في مصر خلف من الشعراء.
وهذه دعوة خطرة. ومنشأ خطرها أن الهاتف بها هو الأستاذ أحمد أمين مؤرخ الأدب وعميد كلية الآداب ورئيس لجنة التأليف والترجمة والنشر وصاحب مجلة (الثقافة) وهو بهذه الصفات وبماضيه الأدبي وحاضره يملك سلطة التوجيه وله صفة القدوة.
ولا يمنعنا مقام الأستاذ الكبير واحترامنا العميق لشخصه وعلمه، أن نبدي الرأي الذي يقابل رأيه، وأن نرسل بهذا الرأي إلى مجلة الثقافة التي يشرف عليها!
ونحن نقول في جملة واحدة، وفي نفس واحد كذلك: إن هذه دعوة إلى نكسة من نكسات الشعر بعد ما تجاوز مرحلتها في مصر وفي العالم منذ أزمان، ونتمنى على الله ألا خلف شوقي ولا يخلف حافظ - مع احترامنا لذكراهما - خلف من الشعراء في خلة التعبير عن شعور الجماهير وبلورة هذا الشعور، ورصد الشعر للأحداث القومية والعالمية على طريقتهما وطريقة من يقلدونهما في هذا الزمان!
وأحب أن أبادر هنا بالتنبيه إلى أن شخص شوقي وشخص حافظ في ذمة التاريخ وبين يدي الله، أما شعرهما ففي ذمة النقد وبين أيدينا نحن! فليس من العقوق وليس من عدم اللياقة أن نتناول طريقتهما وشعرهما بالنقد، لأننا بحمد الله لا نؤمن بلياقة العوام! ولا بآداب الصالونات!
وعلى وجود الفرق بين حافظ وشوقي في تسجيلهما للأحداث إذا كان حافظ يسجلها لأنه واحد من الجماهير التي تحس بها، ولأن شعور الجماهير كان يتبلور في حسه فينطق به. أما شوقي فكان يسجلها تمشياً مع اتجاه الجماهير، وتوخياً لمهاب الرياح، وتيقظاً لما تتطلبه الأحاسيس العامة.
على وجود الفرق بينهما في هذا، وأفضلية حافظ ولا ريب بالقياس إلى بواعث القول في نفسيهما، وإن فضله شوقي في الأداء واتساع الآفاق في هذا المجال - على وجود هذا الفرق فان كليهما كان يمثل شاعر القبيلة على وضع من الأوضاع.
وشاعر القبيلة الهاتف بأحاسيسها العامة، المسجل لأحداثها الهامة، الذي تفزع إليه في الملمات ليقول، وتتطلع إلى شفتيه لتتلقف منهما ما تحس به ولا تطيق التعبير عنه.
هذا الشاعر على عظم فضله، وجلال (منفعته) لأمته ليس هو الشاعر المثالي الذي تتطلع إليه الآداب الرفيعة ويحفل به تاريخ الفنون.
وإنما هو حلقة بين الشاعر البدائي وشاعر الشخصية المستقلة هذا الذي يرى الكون من خلال نفسه الخاصة ويعرضه علينا فنتلقاه كأنه نموذج منفرد لكون جديد، ونعرضه في متحف الفنون مع زملائه؛ فإذا لدينا أكوان جديدة بعداد الفنانين الذين نستعرضهم، لا صوراً متشابهة من أحاسيس الجمهور في فترة من الفترات.
وشاعر الشخصية هذا قد يعرض لأحداث أمة أو لا يعرض، وقد يتلاقى إحساسه مرة مع إحساس الجماهير أو لا يتلاقى أبداً، ولكنه يبقى مع هذا شاعراً أصيلاً للحياة، في شاعريته غرض مقصود، وللفن في ديوانه نموذج من النماذج النفسية المرموقة. ويبقى في أسوأ حالاته أرفع وأخلد من شاعر القبيلة الذي تلتقي في نفسه وتتبلور أحاسيس الجمهور.
وقد لا ينتفع جيل هذا الشاعر به كما ينتفع بشاعر القبيلة ولكن يجب أن نفهم أن نظرية المنفعة ليست هي المحكمة في أقدار الفنون، وأن الشاعر ليس مطالباً أن (ينفع) جيلاً بذاته من الناس، وشاعر الشخصية لابد نافع ونافع في دائرة أسمى وأوسع وأبعد أثراً من شاعر القبيلة، بما يجلوه من نماذج رفيعة قد لا تطرق أي حدث واضح من الأحداث العامة.
ويجب أن لا ننسى أن شاعراً واحداً من شعراء الشخصية يعلم أمته حب الجمال في أنماطه العالية، إنما يعلمها من معاني الحرية والثورة على الاستعباد أضعاف ما يعلمها شاعر من شعراء القبيلة يناديها كل يوم بتحطيم القيود ورفض الاستعباد.
فالنفس الإنسانية لا تتسامى لحب الجمال الطليق، ولا تحس حقيقة هذا الإحساس الرفيع، ثم يبقى فيها ظل للاستعباد أو صبر على بقاء الأغلال، وهي وشيكة حينئذ أن تخلص من الاستعباد الخارجي ومن مساوئ الحكم والاجتماع الداخلي في آن لأنها تسامت بإحساسها وذوقها وكل عنصر داخلي فيها عن مهاوي الذل والفساد.
وقصارى ما يقال في شوقي أو في حافظ - يرحمهما الله - أنهما شاعران ممتازان بالقياس إلى عصرهما، وأنهما أديا الواجب عليهما في حلقات النهضة الأدبية لأنهما شاعران ممتازان بالقياس إلى الشعر في جميع الأزمان.
وإنك لتجردهما من زمانهما وظروفهما فتجردهما من خير ميزاتهما الفنية؛ وليس كذلك شعراء كالمتنبي وابن الرومي والمعري وإضرابهم في الشرق والغرب، لأن هؤلاء من شعراء الشخصية النموذجية، وهذان من شعراء القبيلة العامة.
وليس أدل عندي من اطراد النهضة الأدبية في مصر - مع قلة الأدلة على هذا مع الأسف - من أن أحداً لم يخلف شوقي ولم يخلف حافظ في طريقتهما، لأننا بهذا توقينا النكسة إلى شعراء القبيلة، وإن لم نرتق إلى شعراء الشخصية إلا في عدد نادر جداً من بين شعراء هذا الجيل.
(حلوان)
سيد قطب
مجلة الرسالة - العدد 376
بتاريخ: 16 - 09 - 1940