عندما يكون الكاتب واقفاً على أرضية ثقافية راسخة ، يلوّن مداد قلمه بألوان تاريخية وأدبية واجتماعية ودينية وفلسفية وغيرها ، وعندما يكون قادراً على عبور طرق وعرة مسنّنة توخز الضمائر الغافية ، كالموج رسولاً للأعماق ، كالثلج ينبش الضحكات والأهازيج الساكنة في الأحداق، عندما يمد يده لقارئه ليرتاد به كل الفصول وكل الطقوس وكل الحياة ، عندها ينتج عملاً يروي به أرضاً قاحلة لكي تخضر وتزهر وتثمر من جديد .
أسلوب اتبعه " أحمد عبدالله إسماعيل " في كتاباته ، خاصة في روايته هذه التي اختار لها عنواناً يأخذك إلى الماضي البعيد ، إلى عالم الأساطير ، ليضع القارئ أمام واقع يغلفه بالرموز والدلالات ويترك لك الفهم والاستيعاب وأخذ العبرة وكشف الأسرار .
"سيسامنيس" وجه معلّق على جدار التاريخ ، اتخذه الكاتب عنوانًا لروايته وإشارة لبطلها "المستشار ماجد زاهر أبو المجد" ، الذي اشترى لوحة علّقها في قصره؛ لتذكره به وبمصيره المأساوي ، ليأخذ العبرة والدرس ، لكنه لم يفعل ؛ ولكي تذكرنا بقصته في ربط ترميزي باهر بين الماضي والحاضر ، ودمج بين الواقع والخيال ، لينبش أسرار تلك الشخصية والواقع المحيط بها والبيئة التي أثّرت وأثّر بها . "سيسامنيس" قاض فارسي عاش في عهد الملك "قمبيز الثاني" ، حُكم عليه بالموت إثر تلقيه رشوة للتأثير على الحكم ، فتمّ تقطيع جسده حيّاً وتمزيق جلده وتغطية كرسي القضاء به قبل جعل ابنه "أوتانيس" قاضيًا مكانه وجلوسه على ذاك الكرسيّ ليذكره دوما بمصير والده ؛ شخصية أعادها " أحمد عبدالله إسماعيل " في بطل روايته "ماجد زاهر أبو المجد" بحلّة جديدة مزركشة بكثير من التناقض والخيال والتفاصيل التي تحمل واقعا نجده في حياتنا المعاصرة، وبلغة سردية سلسة وأسلوب شيّق استخدم فيه الكاتب الترميز والإشارة والدلالة ، استطاع أن يدمج التاريخ بالحاضر في مكان واحد ، قصر "ماجد زاهر أبو المجد" ولوحة "سيسامنيس" على جداره .
وكما ساعة الحائط لاتحمل سوى ثقل الزمن ، هكذا كانت لوحة " سيسامنيس " على جدار قصر " ماجد زاهر أبو المجد " تنوء بحملها من الجحيم الذي طاله في يقظته وأحلامه وأحرقته بجمرات التشظي والضياع رغم كل محاولاته للتهرب وتغيير الواقع وإخفاء الحقيقة ؛ نقرأ مثلا:
☆ص 40......" هل أغفل أو أتلكأ حتى ألقى مصير "سيسامنيس" الذي تم سلخ جلده حيا قبل مئات السنين، ليكون عبرة مدوية لغيره من القضاة الفاسدين ، مجبر أخوك لا بطل ، لا بد من إنهاء اللعبة بالنقلة التي تنهي الدور لصالحي، المهم التخلص من زينة التي حفرت قبرها بيدها ، مثلها مثل غيرها من الألسن التي همدت، وسكتت، وفارقت الحياة دون صياح أو جلبة، قبل أن يسلخ جلدي حيا ."
__ في قصر "ماجد زاهر أبو المجد" نتعرف على زوجته "سميرة" التي أحبها لكنه خانها بحثا عن ولد يحمل اسمه ويرث ملكه ، وابنته الوحيدة المدللة "هناء" التي تشعر بالخذلان والعار بعد مصير والدها ؛ كذلك مربيته أم عمرو التي يكتشف بالنهاية أنها أمه وإن عمرو شقيقه خاصة بعد أن قرأ وصية من كان يفترض أنه والده ( زاهر بيك) ..ص 105 " خزينة البنك لا تُفتح إلا بعد وفاتي ، ولا يرثها إلا ولدك ، وإياك أن تخبر سميرة بسرها ، فقد تتحدث إلى أي شخص عنها ، فتنتهي إمبراطوريتنا، أخبر أم ولدك فحسب ، تزوج بالثانية والعاشرة حتى تحمل ابنك بين يديك . اهتم بأم عمرو وإياك أن تقول لها أفّ أو تنهرها ".
وكل الأحداث وتفاعلات الشخصيات معها تظهر حقيقة البطل أكثر فأكثر.. "ماجد زاهر أبو المجد" مجرم في ثوب مستشار ، يسخّر منصبه للسيطرة على الآخرين وتهديد من يخالفه ، خاصة في عملية الحفر والتنقيب عن الذهب ، وكذلك ثروته لتسخير الآخرين لخدمته وتنفيذ رغباته وشهواته مع النساء من جهة ، ومع الرجال لكي يخلصوه من آثار أفعاله وجرائمه قبل أن يتخلص هو منهم ، كما فعل مع جابر ( سائقه ) الذي أغراه بالمال ليرتكب جريمته ثم يقضي عليه ويتزوج زوجته "شمس" التي تحمل بابنه المنشود فيكشف لها عن بعض أسراره لتوجه له ضربتها القاضية .
__ أحداث كثيرة سردها الكاتب محبوكة في تسلسل زمني محكم ضمن حيز مكاني جمع التاريخ بالحاضر ؛ مستخدما لغة سردية شملت الحوارات الداخلية ( المنولوج ) والخارجية ، كذلك الاقتباس ،التصوير ، الخيال ، المحاكاة وغيرها ؛ ورغم أنه ذكر في مقدمته لهذه الرواية أنه لا يعرف أحدا من شخصياتها، قدمها بكل تفاصيلها وانفعالاتها وردود أفعالها، بتناقضاتها وواقعيتها التي نجدها في حياتنا وحمّلها رموزا ودلالات ذات أبعاد اجتماعية وثقافية وأخلاقية كانت ومازالت تدور في مدارات بيئتنا وواقعنا .
أسلوب اتبعه " أحمد عبدالله إسماعيل " في كتاباته ، خاصة في روايته هذه التي اختار لها عنواناً يأخذك إلى الماضي البعيد ، إلى عالم الأساطير ، ليضع القارئ أمام واقع يغلفه بالرموز والدلالات ويترك لك الفهم والاستيعاب وأخذ العبرة وكشف الأسرار .
"سيسامنيس" وجه معلّق على جدار التاريخ ، اتخذه الكاتب عنوانًا لروايته وإشارة لبطلها "المستشار ماجد زاهر أبو المجد" ، الذي اشترى لوحة علّقها في قصره؛ لتذكره به وبمصيره المأساوي ، ليأخذ العبرة والدرس ، لكنه لم يفعل ؛ ولكي تذكرنا بقصته في ربط ترميزي باهر بين الماضي والحاضر ، ودمج بين الواقع والخيال ، لينبش أسرار تلك الشخصية والواقع المحيط بها والبيئة التي أثّرت وأثّر بها . "سيسامنيس" قاض فارسي عاش في عهد الملك "قمبيز الثاني" ، حُكم عليه بالموت إثر تلقيه رشوة للتأثير على الحكم ، فتمّ تقطيع جسده حيّاً وتمزيق جلده وتغطية كرسي القضاء به قبل جعل ابنه "أوتانيس" قاضيًا مكانه وجلوسه على ذاك الكرسيّ ليذكره دوما بمصير والده ؛ شخصية أعادها " أحمد عبدالله إسماعيل " في بطل روايته "ماجد زاهر أبو المجد" بحلّة جديدة مزركشة بكثير من التناقض والخيال والتفاصيل التي تحمل واقعا نجده في حياتنا المعاصرة، وبلغة سردية سلسة وأسلوب شيّق استخدم فيه الكاتب الترميز والإشارة والدلالة ، استطاع أن يدمج التاريخ بالحاضر في مكان واحد ، قصر "ماجد زاهر أبو المجد" ولوحة "سيسامنيس" على جداره .
وكما ساعة الحائط لاتحمل سوى ثقل الزمن ، هكذا كانت لوحة " سيسامنيس " على جدار قصر " ماجد زاهر أبو المجد " تنوء بحملها من الجحيم الذي طاله في يقظته وأحلامه وأحرقته بجمرات التشظي والضياع رغم كل محاولاته للتهرب وتغيير الواقع وإخفاء الحقيقة ؛ نقرأ مثلا:
☆ص 40......" هل أغفل أو أتلكأ حتى ألقى مصير "سيسامنيس" الذي تم سلخ جلده حيا قبل مئات السنين، ليكون عبرة مدوية لغيره من القضاة الفاسدين ، مجبر أخوك لا بطل ، لا بد من إنهاء اللعبة بالنقلة التي تنهي الدور لصالحي، المهم التخلص من زينة التي حفرت قبرها بيدها ، مثلها مثل غيرها من الألسن التي همدت، وسكتت، وفارقت الحياة دون صياح أو جلبة، قبل أن يسلخ جلدي حيا ."
__ في قصر "ماجد زاهر أبو المجد" نتعرف على زوجته "سميرة" التي أحبها لكنه خانها بحثا عن ولد يحمل اسمه ويرث ملكه ، وابنته الوحيدة المدللة "هناء" التي تشعر بالخذلان والعار بعد مصير والدها ؛ كذلك مربيته أم عمرو التي يكتشف بالنهاية أنها أمه وإن عمرو شقيقه خاصة بعد أن قرأ وصية من كان يفترض أنه والده ( زاهر بيك) ..ص 105 " خزينة البنك لا تُفتح إلا بعد وفاتي ، ولا يرثها إلا ولدك ، وإياك أن تخبر سميرة بسرها ، فقد تتحدث إلى أي شخص عنها ، فتنتهي إمبراطوريتنا، أخبر أم ولدك فحسب ، تزوج بالثانية والعاشرة حتى تحمل ابنك بين يديك . اهتم بأم عمرو وإياك أن تقول لها أفّ أو تنهرها ".
وكل الأحداث وتفاعلات الشخصيات معها تظهر حقيقة البطل أكثر فأكثر.. "ماجد زاهر أبو المجد" مجرم في ثوب مستشار ، يسخّر منصبه للسيطرة على الآخرين وتهديد من يخالفه ، خاصة في عملية الحفر والتنقيب عن الذهب ، وكذلك ثروته لتسخير الآخرين لخدمته وتنفيذ رغباته وشهواته مع النساء من جهة ، ومع الرجال لكي يخلصوه من آثار أفعاله وجرائمه قبل أن يتخلص هو منهم ، كما فعل مع جابر ( سائقه ) الذي أغراه بالمال ليرتكب جريمته ثم يقضي عليه ويتزوج زوجته "شمس" التي تحمل بابنه المنشود فيكشف لها عن بعض أسراره لتوجه له ضربتها القاضية .
__ أحداث كثيرة سردها الكاتب محبوكة في تسلسل زمني محكم ضمن حيز مكاني جمع التاريخ بالحاضر ؛ مستخدما لغة سردية شملت الحوارات الداخلية ( المنولوج ) والخارجية ، كذلك الاقتباس ،التصوير ، الخيال ، المحاكاة وغيرها ؛ ورغم أنه ذكر في مقدمته لهذه الرواية أنه لا يعرف أحدا من شخصياتها، قدمها بكل تفاصيلها وانفعالاتها وردود أفعالها، بتناقضاتها وواقعيتها التي نجدها في حياتنا وحمّلها رموزا ودلالات ذات أبعاد اجتماعية وثقافية وأخلاقية كانت ومازالت تدور في مدارات بيئتنا وواقعنا .